[justify]
مقالات ومشاركات حول مامرت وتمر به سورية
بقلم المفكر الإسلامي الدكتور محمد فاروق النبهان
صفحة الدكتور محمد فاروق النبهان
*أهم ما يجب علينا اليوم أن نقف إلى جانب شعبنا الأعزل في أحياء حلب بكل ما نملك , مدافعين عنه . منددين بمن يعتدي عليه , منكرين أشد الإنكار إذلالَه وترويعه وتهجيره .. نحن نقف مع شعبنا بكل طاقتنا ..ولن نتركه وحيداً .. وهذا هو واجبنا الديني والأخلاقي والوطني.. دعوا خلافاتكم الشخصية يا أبناء حلب وعلماءها وحكماءها , وأقيموا حلفاً أخلاقياً فيما بينكم للدفاع عن المظلومين والأبرياء والشيوخ والأطفال والنساء..
دافعوا عن مدينتكم وعن شرفكم وأعراضكم وأطفالكم.. لاوقت لدينا لإثارة النزاعات الشخصية .. وحدوا كلمتكم واعملوا لله ..والله إن هذا لأحب إلى الله من كل عبادتكم كونوا يداً واحدة ممدودة بشجاعة لأهلنا في الأحياء المنكوبة .. هذا فرض عين على كل القادرين , طعام وكساء وكلمات مشجعة وتعاطف إنساني وإشعارهم بأنكم معهم في محنتهم ,والتواصي بالحق والتواصي بالصبر..وأوقفوا مظاهر الترف والحفلات والسلوكيات التي تستفز مشاعر المفجوعين والمنكوبين..
وأقو ل لكل من يعتدي على الأبرياء :
اتقوا الله في الأطفال والنساء و الشيوخ
..اتقوا الله في هذا البلد..
لاعذر لكم عند الله..
وسوف تحاسبون عند الله عما تفعلون ..ومن يقتل الأبرياء سيذله الله ولو كان يملك أقوى سلاح وأكثره فتكاً.. اتقوا الله في دماء الأبرياء ..
وأقول لكل الصامتين : ارفعوا أصواتكم بالإنكار ولو بقلوبكم المنكسرة إلى الله.. ..وأخيفوا من يعتدي عليكم بنظرات الغضب والإنكار .. واحملوا المصاحف وارفعوها في وجه من يعتدي عليكم...
وأقول لكل العقلاء والحكماء :
قولوا الكلمة العاقلة والناصحة والقوية والحازمة ..لا للقتل .. لاللدمار والخراب .. أدينوا الظلم والقتل حيث كان..
حلب لاتستحق هذا الإذلال .. ولن يذل شعبنا بإذن الله.. اسحبوا السلاح المدمر من الأحياء.. أوقفوا الطائرات والصواريخ .. والله إنكم تفعلون ما يخجل ويندى له الجبين..و أي نصر هذا الذي تبحثون عنه..
اسمعوا صوت الشعب واستجيبوا لما يريد..
ثورة لا فتنة
الفتنة :هي الخلاف أو الصراع الذي يدور بين طرفين يملك كل منهما مايملكه الآخر من حقوق.. كالحرب أو القتال أو المشاجرات بين حيين متجاورين أو طائفتين أو عشيرتين نتيجة خلاف على حق متنازع عليه ولا يمكن لأي طرف أن يزيل الآخر ..ولا يمكنك معرفة من هو صاحب الحق فيه ..إن عرفت الحق وتبين لك صاحبه فكن مع الحق مؤيدا ونصيرا بالكلمة والنصيحة ولو بالمؤازرة المعنوية للمظلوم إلى أن يدفع العدوان عنه .وينتهي الخلاف بالتحكيم أو الاتفاق على توزيع الحقوق.. ولا يزول الخلاف إلا بحلول عادلة للطرفين...إن لم تكن عادلة سوف يتجدد الخلاف بعد حين..
إن لم يتبين لك الحق فاسع بالصلح بينهما ما استطعت.. ولا تتجاهل ما يجرى حولك.. افعل الخير مااستطعت و ودافع عن المظلوم والمستضعف إلى أن يسترد حقه والظلم يأتي من القوي دائماً ..وكلما قوي الإنسان زاد طغيانه..
وإذا قامت ثورة شعبية ضد حاكم جائر فالأمر يختلف كليا ..الشعب هو صاحب الشرعية المطلقة لا يشاركه أحد في هذا الحق.. والسلطة مفوضة ووكيلة ولا تملك ما يملكه الشعب من شرعية ذاتية.. وهى كالوكيل الذي ائتمنته على أرضك فاغتصبها منك واخذ يقاومك ولا يريد إعادة حقك إليك..وهو يملك القوة وأنت لا تملك القوة .. عندما تصل إلى درجة اليأس تثور عليه لكي تخرجه من أرضك وتستعيد سلطتك عليها .. ففي الحالة الأولى وهي الفتنة لا تستطيع أن تخرجه لأنه يملك ما تملكه أنت.. وإن أخرجته بالقوة سيعود إليها متى تمكن من ذلك لان صاحب الحق لايسقط حقه فيما يملك ولو كان خصمه قويا ..
الدين يأمرك أن تكون مع صاحب الحق تؤازره وتنصره.. ولولا ضعفه لما اغتصب حقه منه.. شعبك الأعزل المظلوم يطالب بحقوق مشروعة له ولايجوز أن يعاقب بسبب مطالبه, والشعب هو صاحب الحق ومانح الشرعية للحاكم , ولا شرعية لأي حاكم إذا ثار شعبه عليه ورفض حكمه.. والظلم يصدر ممن يملك القوة والسلاح, والشعب لا يملك القوة والسلاح..ولا يوصف من يطالب بحقه بالظلم أبدا .. والطرف الضعيف هو الذي يثور على الظلم والشعوب هي التي تثور لأنها مستضعفة ومستذلة , ولو تناصرت وتكافلت لما تجرأ ت السلطة على ظلمها...ومن ناصر الظالم بالسلاح أو التأييد أو التشجيع فهو آثم عند الله وهو شريك في الظلم ..
ومما يؤكد هذا المعنى أن المظلوم في الفتنة يسترد حقه ولو بعد حين..أما السلطة إذا ذهبت فلاتعود أبدا..الفتنة تنتهي بالتحكيم وإعطاء كل ذي حق حقه.. أما الثورة فلا تنتهي إلا برحيل السلطة القائمة واختيار سلطة بديلة تجلس في نفس المقاعد والمكاتب ..والسلطة لاتورث لأن ما يملكه الإنسان يورثه ومالا يملكه لايستطيع توريثه..
وكرام الرجال وأهل المروءة والشرف من كل طبقات المجتمع يقفون مع المظلوم ضد ظالمه, ومع الشعب إذا طالب بحقوقه..ومع ثورات الشعوب ضد حكامها ..وما شرع الجهاد إلا لتشجيع الأفراد والشعوب وكل المظلومين في الأرض على مقاومة من يعتدي عليهم..
هل الجواب واضح ومقنع ..والحوار مفتوح بشرط التزام الموضوعية .
* اعتداء على طلبة جامعة حلب
لم أشعر في حياتي بحزن مثل ذلك الحزن الذي شعرت به في تلك الليلة المظلمة الكئيبة..ما زلت اشعر بقسوتها وألمها ..كنت أسير أمام باب جامعة حلب .. رأيت مجموعة من السيارات تتوقف فجأة وينزل منها عشرات الرجال الأشداء القساة في ملامحهم يحملون العصي والبنادق والأسلحة الخفيفة .. اقتحموا الأبواب بقوة وقسوة .. بعد قليل بدأت أصوات استغاثة وصراخ .. بدأ صوت رصاص وانفجارات ..شعرت أن فلذات الأكباد من شبابنا الذين نعدهم للمستقبل يضربون ويذلون ويلاحقون في ممرات الجامعة وفى قاعاتها الدراسية ..تمنيت أن اصرخ في وجه هذه العصابة الآثمة ..كفى ..كفى .. هؤلاء أبناؤنا .. هؤلاء هم أغلى ما نملك ..ما زالت الأصوات في أذني أسمعها في كل ليلة ..
أدركت يومها أن الظلم لن يدوم .. وإن تلك الليلة المرعبة ستكون وقود الغضب الذي يحرك المشاعر لمقاومة الظلم والظالمين ..وإن الله سينصر هؤلاء الشباب الأبرياء الذين يحلمون بالحرية والكرامة كما يحلم كل الشباب في كل مكان..
*حكومة دينية أو مدنية ؟!
الحكومة الدينية كثرت في الفترة الأخيرة فكرة الحكومات الدينية , والتي ترفع شعار الدولة الدينية , وهي ملتزمة بتطبيق أحكام الدين , وهناك أحزابٌ إسلاميةٌ , وترفع شعار الإسلام , وتقدم مشروعها السياسي بما ينطبق مع التصور الإسلامي في الحكم ، وربما تحظى هذه الأحزاب بتأييدٍ واسعٍ في المجتمعات الإسلامية , تعبيراً عن يأس المجتمع من كلّ المشروعات السياسية الأخرى الاشتراكية والأحزاب اليمينية , ويتحمل الحزب الإسلامي مسؤوليةً كبيرةً وبخاصة إذا وصل إلى الحكم , ويكون أمام اختيارات صعبة , فلا يمكن تطبيق الإسلام كما يراه الحزب , ولا يمكن إقرار ما هو مخالف للإسلام , وإذا فشلت تجربته في الحكم فهل يتحمل الإسلام مسؤولية هذا الفشل . ومن الأفضل إنشاء أحزابٍ سياسيةٍ , تحت شعارات سياسية , وتكون مؤمنة بالإسلام , وتحرص على تطبيق ما تستطيعه من الأحكام الإسلامية , وبخاصة أنَّ الإسلام يملك اختيارات واسعة في المجال السياسي والاقتصادي , ومهما يكن من أمرٍ فإنَّ من الضروري إيجاد دولة عصرية , في قوانينها وأنظمتها , وأن تكون السيادة فيها لإرادة الأمة في اختيار دستورها , وليست هناك سلطةٌ دينيةٌ لأيّ أحد , وأن تكون هناك مؤسسات دستورية تباشر دورها في مجال التشريع والقضاء والإدارة والرقابة وتحترم إرادة الأمة فيما تختاره , وتحترم حريّة العبادة والحريّات الفكرية , ولا تمارس باسم الدين ممارسات أو تقرّ قوانين تضيق نطاق هذه الحرية , فلا يمكن تجاهل حقوق الأقليات الدينية ، وحرية العقيدة يجب أن تكون مصانة , ففي ظلّ الدولة تحترم حقوق كلّ مواطن , ولا يجوز أن يُظلَم أيّ مواطن باسم الدين , ولا أن تقيد حريته المشروعة باسم الدين , وأول شرط في أيّ حكومة ترفع شعار الإسلام أن تقدم نموذجاً للحكم معاصراً وراقياً , وأهمّها احترام حقوق الإنسان وحقوق المواطن في العقيدة والفكر والممارسة السياسية , وإقرار التعددية الحزبية , والاحتكام للانتخابات والإرادة الشعبية , ومحاربة الاستبداد والاحتكام للمؤسسات , وحريّة الرأي وحريّة الصحافة , وعدم ممارسة أيّ نوع من أنواع الدكتاتورية باسم الدين , ومحاربة الفساد الإداري والرشوة والانحلال الأخلاقي , وإقرار سياسات اجتماعية عادلة ووطنية 0 وبقدر ما تستطيع هذه الأحزاب الإسلامية أن تكون مرنة وواسعة الأفق وتتسع للرأي الآخر وتقدم نفسها من خلال سلوكها وقيمها ومواقفها الوطنية فإنها تستطيع أن تنجح في مهمتها ، وإذا سيطر فيها المتطرفون , وضيّقوا الخناق على الناس فيما يختارون فمن الصعب نجاح مثل هذه التجربة , والمجتمع لا يخشى من الإسلام وإنما يخشى من التطرق في المواقف باسم الإسلام , والتضييق على النّاس في حرياتهم الشخصية , وليس هناك رجال دين يحكمون , وإنما هناك سياسيون متدينون وحزبٌ سياسيٌ يؤمن بالإسلام أفضل من حزب ديني يحكم باسم بالإسلام , فما يريده الإسلام أن تحترم إرادة الأمة وأن يكون الحكم عادلاً ونظيفاً , وأن تعبر الأمة عن إرادتها وأن تصان الحريات والحقوق وأن يلتزم المجتمع بالسلوكيات الأخلاقية . ا. هــ
* في كل يوم أزداد ثقة بشعبنا وإعجاباً به ,وأكتشف الجديد من خصاله والعميق من إيمانه والأصيل من طباعه وتكوينه...
شبابنا وبناتنا هم حملة الأمانة وهم ورثة العهد .. هم من أثار إعجابي ومنحني الشعور بالثقة والأمل..يجب أن نثق بهم وأن نقف معهم .... إنهم يشعرون بالمسؤولية..إنهم أكثر فهماً لواقعهم وأكثر إقداما ..ولا خيار لهم إلا أن يحملوا أمانة عصرهم..
محنة شعبنا هي من أقسى محن الشعوب على امتداد التاريخ الحديث.. ومع ذلك فان شبابنا وبناتنا يملكون من الشجاعة والتحمل والأمل والثقة بالله والإيمان ما لا يمكن أن يملكه أي شعب آخر ..إنهم صامدون صابرون مؤمنون .. وضاقت بهم الظروف وما ضاقت آمال الحياة بهم..وتحملوا الجوع والبرد والخوف والظلم والغلاء وما ضعفت آمالهم بالله .. وعندما أتصفح ما يكتبونه في صفحاتهم المعبرة عن مشاعرهم الداخلية أشعر بالقوة والأمل والفرحة والثقة بالمستقبل.. واستمد من طاقتهم قوة وعزيمة, ويزداد إيماني بالله ويقيني بأن اللطف الإلهي يطوق مسيرة شعبنا في محنته ويهيئ له من أمره رشدا..
رمضان حلب.. ولحظة الانتصار
رمضان في حلب رائع .. رائع ..رائع ..
مواكب الرجال والنساء والأطفال إلى بيوت الله متلاحقة متزاحمة مستبشرة..
الكل يخرج من بيته وكأنه ذاهب إلى عرس جميل .. وموعد مع من يحب..
كنت أستمتع بما أرى ..وكأنني أكتشف شعباً مميزاً بإيمانه متعلقاً بدينه فرحاً بلقاء ربه..
في رمضان الماضي كتبت في أول يوم من رمضان :
افتحوا لمساجد والمدارس لكل النازحين من أهلنا ممن وفدوا إلى حلب من الريف..
افتحوا بيوتكم لهم وقلوبكم وأشركوهم في طعامكم..
أقيموا الموائد الجماعية في كل الأحياء..
لم أكن أظن أنني سأكتب بعد عام عن شعبنا وأهلنا في حلب..لم أتصور قط أن كل أهل حلب جائعون محاصرون مستذلون مستضعفون..
ماذا أكتب اليوم؟!
من كان حاملاً لغيره أصبح محمولاً ومثقلاً بأعبائه.
عندما أطلق أول صاروخ على حلب قلت بغضب :هذا عدوان على كرامة حلب..كنا نغضب لما يصيب حلب..حلب كبيرة بكبريائها ..عظيمة المكانة في قلوب أهلها..
لم أتصور أن النظام الظالم سيجرؤ على اقتحام حلب وجرح مشاعر أهلها..كتبت بغضب وكنت في حلب حينئذ...
اليوم تجاوز النظام كل الحدود..ما كنا لا نتوقعه قد وقع..وما كنا نستبعده أصبحنا نعيشه وتجاوزنا كل الحدود الحمراء والخضراء والصفراء..تهدمت المدينة ولم نكن نتوقع ذلك.. وسقطت المآذن التاريخية العظيمة واحترقت الأسواق التراثية..
إلى أين سنصل ؟!..
كل ما كان غير ممكن أصبح ممكناً..بل أصبح واقعاً..
انتهى التعايش مع هذا النظام إلى الأبد..إلى الابد.. لم يعد بالإمكان مهما كانت الظروف أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء..لا أظن أن حلاً ممكناً سيكون مع هذا النظام بالرغم من جنيف وكل المفاوضات الدولية..هذا أمر غير ممكن إنسانياً وأخلاقياً ووطنياً..
ما زال النظام يأمل أن يبقى وهذا قصور في الفهم..
محنة شعبنا كبيرة لأنه لا يجد من يقف معه ولا يثق بمن يمثله ولا بمن يدافع عنه..شعبنا مؤتمن على قراره وبلده ومستقبله .
شعبنا مطالب اليوم أن يقف صامداً بإباء وكرامة ، وأن يوحد كلمته وأن يقول رأيه أمام العالم ، غضب من غضب ورضي من رضي ..لا مبرر للمجاملات ولا للإملاءات ولا للخوف من أحد..
لحظة في حياة الإنسان يشعر فيها أنه هو الأقوى من كل الأقوياء عندما لا يجد طريقاً للأمل أمامه..هذه اللحظة هي لحظة النصر الذي وعد الله به المستضعفين والمظلومين والمستذلين..هذه اللحظة ينتصر المظلوم بالهيبة منه لأنه لا يهاب إلا الله..عندما لا تخاف من أحد فأنت ستنتصر حتماً ..
*الثورة تنتصر بأمرين:
الأول :ثقة الثورة بالإنتصار ومصدرهذه الثقة أمران :
الإيمان بنصر الله والإيمان أن الثورة على حق..
الثاني : استعداد الثورة للتضحية والاستشهاد والدفاع عن الثورة..
الثورة جهد منظم وعاقل ..والخطأ في الثورة مكلف وقاتل ..
*أدعو شعبنا لليقظة .
سورية المقبلة لن تكون كما كانت..دولة وسيادة وسياسة ..
المربع الثاني سيكون أكثر ألماً ..
سيتوفر الخبز أكثر مما كان..ولكن المواطن سيغيب وإن كان حاضراً ، والوطن سيكون تابعاً وإن كان مستقلاً..
أرجو أن يخيب الظن ..
وأدعو أن يتولانا الله برعايته وحفظه..
*أيها الثوار
الثورة ضد الظلم والطغيان جهاد مشروع ..
الجهاد في سبيل الله له أحكام وآداب وأخلاق.. من التزم بها فهو مجاهد ومن أخل بها فقد ابتعد عن الجهاد..
أيها الثوار كونوا مجاهدين ولا تكونوا منتقمين ..
كونوا مع شعبكم في محنته ولا تكونوا عليه..
امسحوا دموع المظلومين واليائسين والجائعين..
كونوا مبشرين ولا تكونوا منذرين..
إذا دخلتم أرضاً أوحياً أو سوقاً فكونوا الأمل والابتسامة والأمان..
أخيفوا خصومكم ولا تخيفوا من وضع ثقته بكم.. أنتم مؤتمنون عليه فأشعروه بالأمان..
لا تتجاوزوا حدود الله..
نصر الله مضمون لكم ما التزمتم بعهدكم مع الله..
نداء لعلماء حلب
أدعو علماء حلب وتجارها ومثقفيها ورموز الخير فيها إلى القيام بحملة إغاثية في سبيل الله لمساعدة المحتاجين والجائعين..أدعو إخواننا من علماء الكلتاوية النبهانية من خلال منابرهم إلى رفع شعار إغاثة المنكوبين والجائعين..لتكن حملة جماعية صادقة لله تعالى لدعم صمود أهلنا في حلب الذين يعانون من الفقر.. اجعلوا مساجدكم منارات للخير..كونوا في مقدمة الصفوف لكي تظل حلب صامدة في وجه الظلم والطغيان..
حلب ..ياكرام حلب هي أمكم والتي احتضنتكم وأحبتكم وموطن آبائكم وأجدادكم وهي مستودع ذكريات طفولتكم ..وهي اليوم أسيرة جريحة حزينة منكسرة ..حلب هي شرفكم وكرامتكم ..ادعموا صمود حلب بوقوفكم إلى جانب المنكوبين والجائعين..الشعوب إذا جاعت فلا حدود لغضبها ..
أنقذوا حلب قبل أن ينفلت الزمام من أيدي العقلاء..
أنتم أيها العلماء ..كونوا في مقدمة الصفوف للدفاع عن المواطن حيث كان..لامكان للعلماء في غير ضفة الوطن والمواطن المستضعف الأعزل.. كونوا معه في محنته ..دافعوا عن حياته وكرامته.. لا تفرقوا بين مواطن وآخر , فالكل مواطن , والكل يملك حق الحياة والكرامة..
ليكن شعاركم أيها العلماء.. الجهاد لأجل حياة المواطن وكرامة المواطن ولا للظلم والقتل والطغيان..
نداء إلى كرام الرجال في حلب
في أيام الأزمات والمحن نحتاج إلى اجتهادات فقهية تدخل ضمن فقه النوازل التي اشتهر به الفقه المالكي..وتراعى في فقه النوازل مصالح الناس ومطالبهم الضرورية , و كل ما ييسر أمورهم في ظر وفهم القاسية , وما جاءت الشريعة إلا لتحقيق هذه الأهداف الإنسانية....فرض الكفاية قد يصبح فرض عين عندما تتعلق به حياة الآخرين, ومن لم يقم به فهو آثم ومفرط..أن تقف إلى جانب المحتاجين إليك بكل جهد تملكه واجب ديني , إغاثة المرضى والجرحى عندما يتعين عليك ذلك واجب ديني ..
هناك محنة إنسانية وهناك خوف ومجاعة وتشرد وقتلى وجرحى ومنكوبون ومحتاجون ..
تذكرت جمعية النهضة الإسلامية المشهورة التي أنشاها الشيخ النبهان طيب الله ثراه في حلب لمساعدة الفقراء والأسر الفقيرة وتوفير الغذاء والدواء والعمل لهم ,,ونحن اليوم نحتاج إلى إحيائها وأخاطب أبناء أولئك الرجال لإحياء تراث آبائهم من عمل الخير..
اليوم ..
حلب تحتاج إلى جهد جماعي صادق يشارك فيه كل مواطن بماله أو بجهده أو بالكلمة الطيبة المشجعة أو الإسهام بأي عمل خيري لمساعدة الأسر الجائعة وبخاصة اسر الشهداء..
اليوم.. هذا هو الجهاد المطلوب .. وهذه هي العبادة الحقة.. وهذه هي أخلاقنا وهذا هو تراث أجدادنا.. حلب لن يذلها الجوع أبدا..حلب التاريخ العظيم مطالبة اليوم أن تتكافل وتتناصر ويحمل القوي الضعيف..
اجعلوا مساجدنا منارات للعمل الإنساني .. بيوت الله لا تضيء إلا بعمل الخير وإغاثة المحتاجين..افتحوا المساجد لكل المشردين والجائعين .. كل مسجد يتكفل بمنطقته ..وكل حي يحمل الحي المجاور له..اجعلوها مستودعات للأغذية والمساعدات ..
أحيوا مساجدنا بدورها الإنساني والعمل الصالح وفعل الخير..كلنا مسؤول أمام الله عن كل جائع ومحروم ..شبابنا وبناتنا هم جند الله لخدمة عيال الله..اقرضوا الله قرضا حسنا في هذه الأيام القاسية ..وسوف يحفظكم الله بأموالكم وأولادكم .. هذا هو جهادنا وهذا معنى التواصي بالصبر عن طريق المؤازرة..
يا كرام حلب ..أكرموا كرام الرجال من إخوانكم لكي يفرج الله الكرب عن شعبنا ويحفظ بلدنا من الأخطار المتوقعة..
حلب الكرامة والشهامة لن يضيق أقوياؤها بضعفائها .. ولن يعجز أغنياؤها عن إطعام ضعفائها.. لا عذر لمقصر ولا لمتخاذل فيما يقدر عليه..
لن ينصركم الله أبداً إن لم يشارك كل مواطن بجهده ولو كان متواضعاً في إغاثة المنكوبين وإطعام الجائعين ومساعدة المشردين..
رداً على دعوة الجهاد ضد الشعب
لم أصدق ما سمعته من قرار المجلس الأعلى للإفتاء في سوريا بدعوته للجهاد ضد الشعب السوري وتحريض الشعب على قتل الشعب تحت شعار الجها د واعتبار قتل المواطن الموالي للنظام للمواطن المعارض للنظام جهاداً مفروضا على كل مسلم..
هذا ما تدل عليه هذه الفتوى..
لم أتصور قط أن تصدر مثل هذه الفتوى من علماء وفقهاء ولو كانوا من علماء السلطة..مهما تجاهلوا ثوابت الدين وتلاعبوا بمفاهيمه وعبثوا بأحكامه....
هذه الفتوى هي مقدمة لأمر آخر هو المراد منها..
هكذا هم علماء السلطة في كل عصر .. ولكن لم يبلغ السابقون من هذا الصنف من العلماء ما بلغته هذه اللجنة من تحد للدين وتشويه لأحكامه..
أتمنى أن يعتذر هذه اللجنة عن هذه الفتوى لأجلهم ولأجل أولادهم ولأجل من وضع ثقته فيهم من أتباعهم....
كنت أتوقع في أسوأ الظروف من لجنة الفتوى أن تصدر نداء عاطفيا مؤثرا تحث فيه كل الأطراف على احترام حياة المواطن والتوقف عن سفك دماء الأبرياء..
توقعت أن تقدم لجنة الفتوى العليا كلمة طيبة وناصحة تحث فيه السلطة على احترام حياة الأبرياء وسحب السلاح من المدن والأحياء ومطالبة الجيش باحترام إرادة الشعب في تعبيره عن مطالبه المشروعة, وتخفيف المعاناة عن شعبنا واللجوء إلى خيارات إنسانية عادلة...
توقعت أن تعلن لجنة الفتوى أن دم المسلم على المسلم حرام ..وان قتل المواطن الأعزل جريمة في نظر الدين , وتهديم المساجد والأحياء والأسواق جريمة وطنية....
وفى أسوأ الاحتمالات توقعت أن تصدر عن هذه اللجنة التي تستظل بمظلة الدين بيانا يبين ثوابت الجهاد وأخلاقية الجهاد وأهداف الجهاد.. وإن القتال ضد الشعب مهما كانت الأسباب ليس جهاداًَ.
غاية الجهاد أن تكون كلمة الله هي العليا , والجهاد أداة لتحرير الإنسان من العبودية والمذلة واغتصاب الكرامة ..
تمنيت ألا تصدر هذه الفتوى من لجنة الفتوى الشرعية لكيلا يكون مصطلح الجهاد مطية للظلم والقتل والعدوان, وألا تصدم هذه الفتوى مشاعر المؤمنين والمستضعفين واسر الشهداء والمنكوبين..
كرام الرجال ..خيارهم الوحيد أن يكونوا مع شعبهم في المحن والأزمات مهما كانت الظروف والتضحيات..وليس من خلق الكرام من حرض ضد شعبه وشجع على قتل أهله..
*في منتصف القرن الماضي مرت على سوريا سنوات عجاف من الجفاف وانقطاع المطر .. رجل أشعث أغبر دخل على السيد النبهان في مجلسه المعتاد في الكلتاوية.. وقال وهو يجهش بالبكاء يا سيدي: ماتت الزروع واصفرت أوراق الأشجار ونفقت الأغنام وجاع كرام الرجال في البوادي والأرياف..واخذ الرجل يحكى ما آلت إليه أحوال البادية من آلام ومجاعة..
انهمرت الدموع من عيني الشيخ ..وقال لأصحابه: ليس من قيم الإسلام أن نأكل ويجوعون..لاخيرفينا إن لم نكن معهم في محنتهم..
وفي اليوم الثاني انطلقت قوافل الخير من المساعدات من القمح إلى البادية في حملة إنسانية شارك فيها تجار حلب ورموز الإحسان فيها.. وكان الشيخ الصالح عمر الملاحفجي يقود هذه القوافل إلى البادية..
واليوم تتعرض حلب إلى ما هو أقسى من الجفاف .. إنه الظلم و التجويع والإذلال والتخويف..فهل من أشعث أغبر يقف بين الأحياء المترفة يرفع يديه إلى السماء ويقول: حلب جائعة وأهلها لايجدون رغيف الخبز .. اللهم أغثهم .. اللهم كن معهم .. اللهم اشرح قلوب عبادك المحسنين لإغاثة الجائعين والمنكوبين والمظلومين..آمين يارب العالمين..
لن نكون أوفياء للسيد النبهان إذا لم نلتزم بمواقفه :
ليس من عادتي أن أقرأ التاريخ لكي أسعد بذكريات الماضي .. وإنما أقرأ التاريخ لكي نتعلم من دروسه دروساً لواقعنا ..لسنا أوفياء للسيد النبهان إذا لم نلتزم بمواقفه..اليوم نحن أمام واقعة أشد قسوة وألماً وأمام مجاعة ظالمة حلت بأهلنا وشعبنا و بلدنا..
أين أحفاد أولئك الرجال الذين نهضوا بالأمس لنجدة إخوانهم في البادية ؟! ..
في الأزمات لاتفرقوا بين صديق أوعدو ولابين مسلم وكافر ..كل جائع يجب أن يجد الطعام وكل مظلوم يجب أن يرفع الظلم عنه..
انسوا الأحقاد القديمة وكونوا صفاً واحداً متكافلاً لحماية الإنسان حيث كان.. إنني أدعو غرفة تجارة حلب وغرفة الصناعة وكل الرموز الخيرة من أبناء هذه المدينة أن تقوموا بتشكيل هيئة مركزية للإغاثة وتوفير حاجات السكان وتفرض على كل القادرين ممن يملكون المال مساهمة مجزية تؤخذ من القادرين وتوجه للمحتاجين..
حلب تملك المال وهي بلد الكرامة والنخوة والقيم الأصيلة ..وإن الله تعالى قد فرض في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء, وفقراؤنا ليسوا فقراء قلة في المال وإنما هم فقراء ظلم الظالمين واستهتار بحياة المواطنين .. وقد أمرنا الله تعالى بالتواصي بالصبر ولا يكون التواصي صادقاً إذا لم توفر للصابر ين متطلبات الحياة التي تمكنهم من الصبر..قال تعالى{مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}..
هذه دعوة أوجهها لكل المحسنين في حلب وخارج حلب وفي المهاجر وفي كل مكان وإن الله لا يمكن أن ينصرنا في هذه المواجهة الظالمة مع رموز الشر الذين يستبيحون حياة الشعوب إلا إذا تناصرنا وأخلصنا لله ودفعنا ثمن حريتنا من أنفسنا وأموالنا والله مع الصابرين
[/justify]
المفضلات