الأدعياء جمع مفردها دعىّ . وهى كلمة مشتقة من مادة الإدعاء وهو الزعم .
بمعنى أن يضم الرجل ولداً غير ولده ويعتبره إبناً له فيدّعى ويزعم أن من قام بضمه إليه هو إبنه وينسبه إلى نسبه وهو ليس من صلبه .
وهو ما يطلق عليه اسم " التبنى " .
كان الناس فى الجاهلية يتبنواْ أولاداً غير أولادهم ويتخذونهم أبناء لهم ولا ينسبونهم إلى آبائهم .
ويحرمون على أنفسهم أن يتزوجوا من زوجة من تبنوْهم إذا ما طلقها أو مات عنها ( قضى وطره منها ) . حيث كانوا يعدونها ويعتبرونها زوجة إبن لهم .
فحرّم الله تعالى ذلك ونهى عنه . { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ }
بيّن الله لعباده أن ما يقولون به ويدّعونه من أن أدعيائهم كأبنائهم ما هو إلا قول بأفواههم وترديد بألسنتهم لأنهم لاهم من نطفهم ولاهم قد أتواْ من أصلابهم .
وبيّن سبحانه وتعالى أنه من الجور والظلم أن يتبنى الرجل ولداً غير ولده وهو لم ينجبه وأنه من الظلم وعدم القسط والعدل أن يضمه وينسبه إلى نسبه
وهو لم يأت من نطفته ولا من صلبه . { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ }
.......
كان زيد بن حارثة رضى الله عنه مولى من موالى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
كان عبداً رقيقاً أنعم الله عليه بإسلامه وأنعم رسول الله عليه بإعتاقه
وكان أهل مكة يقولون عن زيد كما يقولون عن أدعيائهم وكما يرددونه بأفواههم وألسنتهم ويدّعون نسبته إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
وكانوا يعتبرون زوجة زيد محرمة على رسول الله باعتبارها زوجة إبن له كما يعتبرون ذلك لأنفسهم .
.......
قضى زيد وطره من زوجته وأراد أن يطلقها . نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثه على الإمساك بها وعدم طلاقها وأمره بتقوى الله . ولكن :
قضى الله أمراً كان مفعولا : وطلق زيد زوجته :
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم أنها حلٌ له ( إذا أراد الزواج منها ) لأنها ليست زوجة إبن له كما يعتقد أهل مكة
وكما يدّعونه بالنسبة لزوجات من تبنوهم . ولكنه : كان يُسِرّ ذلك ولا يُظهره .
كان صلى الله عليه وسلم يعلم أن الزواج منها مباحاً وأنها ليست محرمة عليه .. ولكنه :
كان يخفى ذلك فى نفسه ولايبوح به .. فأظهره الله وأبداه .. ونزل البيان والحكم من الله ..
{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ .. وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ }
نزل البيان على نبى الله ومصطفاه بأن الخشية يجب أن تكون من الله وأن لايخشى الناس فى كشف ودحض باطل ما يقولون بأفواههم وما يدّعونه بألسنتهم ..

وحتى لايحرم الناس ما أحل الله .. ويتأسوا بفعل رسول الله .. ولكى لايتحرجوا ويدركوا أن زوجات أدعيائهم لسْن كزوجات أبنائهم :
زوّجها له العزيز الحكيم رب العرش العظيم

{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً .. زَوَّجْنَاكَهَا .. لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ .. إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً }

صلى الله وسلم على نبينا الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
ورضى الله عن أم المؤمنين .

* الكاتب : سعيد شويل