الكلية الشريحة ثورة ستغزو العالم في العام 2017
الكلية الحيوية الاصطناعية تعمل مثلها مثل الكلية الطبيعية. فهي تزيل الأملاح والماء والفضلات من دم المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي ويعتمدون على أجهزة الغسيل.
* منقول عن ج العرب




'سيم كارد' ينقذ 13 إنسانا من الموت المحتوم يوميا


بوخارست - يعاني ما يقارب من 50 إلى 60 من كل مليون شخص في العالم من الفشل الكلوي النهائي الــذي يحتــاج إلى عملية الغسيل الكلوي أو عملية نقل الكلى، الأمر الذي يحتم عليهم إجراء غسيل دوري في المستشفيات، يكلّفهم عناء الذهاب إلى المراكز الكلوية، وقضاء ما لا يقل عن أربع ساعات كل مرة.


يتمنى كل مريض التخلص من هذا العناء، ولكن بهذه الطريقة يظل المريض على قيد الحياة لسنوات طوال وتختفي أعراض الفشل الكلوي جميعها تقريبا، فالعيب الأساسي في طريقة العلاج هذه هو ارتفاع تكلفتها بحيث لا يطيقه إلا عدد محدود من المرضى. وإذا لم تتحمل الدولة أو شركات التأمين جزءًا من تكاليف العلاج أو كلّها فلن يقدر عليه أحد. وقد عمدت بعض الهيئات والحكومات المختلفة في بادئ الأمر إلى انتقاء المرضى الذين يعالجون بما يسمى بـ”الديلزة” لارتفاع تكلفتها، ولكن نظراً للضغط الشعبي الكبير والمطالبات الواسعة باستمرار لوجوب إتاحة هذا النوع من العلاج فقد انتشر في جميع أنحاء العالم.




بداية العلاج


تاريخ علاج الفشل الكلوي يعود إلى عام 1942 عندما بدأ كولف وبرك، وهما عالمان أميركيان، باستخدام استصفاء الدم في هولندا. ثم لحق بهما العالم السويدي ألفال في السويد في العام 1947. ومن ثم انتشر استخدام الكلية الصناعية إلى بقية بلدان العالم.


كان استصفاء الدم يستخدم أساسا في إنقاذ حياة المرضى المصابين بالفشل الكلوي الحاد، وظل استخدام هذه الطريقة في هذا المرض حتى عام 1960 عندما ابتكر الطبيب الأميركي سكريبنر أنبوبة تفلون يتم تركيبها بين شريان ووريد في الساعد، ويمكن استعمالها بوصلها بجهاز الكلية الصناعية مئات المرات. ثم اخترع الجراح الأميركي سيمينو عملية يوصل بها شريان في الساعد مع الوريد، وبعد مدة حوالي ثلاثة أسابيع تتضخم أوردة الساعد لدرجة تسمح باختراقها بالإبرة التي تنقل الدم إلي جهاز الكلية الصناعية، وإبرة أخرى توضع في الوريد تسمح بعودة الدم من جهاز الكلية الصناعية. وهكذا يمكن استعمال الوصلة الشريانية الوريدية لديلزة الدم للآلاف من المرات، وبهذا أمكن استخدام طريقة الديلزة لعلاج الفشل الكلوي المزمن.




الديلزة الحل المؤقت


بدأ استخدام الديلزة على نطاق ضيّق للغاية بعد التمكن من الدخول إلى الدورة الدموية لحوالي عشر سنين من سنة 1960 إلى سنة 1969. وعندما تبين العالم فاعلية هذه الطريقة الأكيدة في إنقاذ مرضى الفشل الكلوي المزمن من الوفاة، واستعادتهم لنشاطهم وحيويتهم وتمكنهم من العودة إلى عملهم بعد أن أصبحوا أعضاء عاملين في المجتمع، اشتد الاهتمام بهذه الطريقة الجديدة في جميع أنحاء العالم ودخلت تقنية مستحدثة في عالم الطب، وهو علاج مرضى الفشل الكلوي بالديلزة بالكلية الصناعية.


الفشل الكلوي بصفة عامة هو حدوث قصور في عمل الكلية ووظائفها، مما يؤدي إلى اختلال عام في جسم الإنســان. ومن أهم الأسباب المؤدية له التهاب الكلى. ولا يعرف السبب الحقيقي لهذه الإصابة، إلا أن إصابة الجسم بالميكروبات تؤدي إلى اختلال في الجهاز المناعي للجسم، لتتكون مولّدات الأجسام المضادة. ونتيجة لذلك يقوم الجسم بتكوين مضادات الأجسام ليتسرب الناتج في أغشية الكبيبات الكلوية.


الخبراء يقولون إن الابتكار الأخير يتجسد في الشريحة المايكروية، والتي تستعمل تقنية السيليكون النانوية، فيما أوضح الدكتور وليام أتش فيسيل، قائد الفريق الذي طور الجهاز، أن هذه التقنية النانوية تستخدم نفس العمليات التي تطورت في صناعة الإلكترونيات الميكروية التي تعمل في الكومبيوتر
ومن الأسباب الأخرى للفشل الكلوي، انسداد المجاري البولية كوجود الحصوة في الحالب أو المثانة أو الإحليل وتضخم البروستات وارتفاع ضغط الدم ومرض السكّري بنسبة قليلة، كلها تنتهي بإصابة الكلى وتؤدي إلى الفشل الكلوي. حيث أن ارتفاع ضغط الدم أو السكّري يؤديان مع مرور الزمن إلى ضيق الشرايين المغذية للكلية، وبالتالي يحصل ضمور في منطقة القشرة للكلية مما يؤدي إلى إصابة الكليتين بالفشل الكلوي المزمن.


يتسبب بهذا أيضاً الاستخدام المفرط لبعـض الأدويــة، ذلك أن الإفــراط في استخدام الأدوية والمسكّنات بالذات لفترة طويلة وبجرعات عالية دون استشارة الطبيب، يعدّ من أهم الأسباب المؤدية إلى الفشل الكلوي، لأنهــا تصيب نخاع الكلية، الذي يصبّ في حوضها مما يؤدي إلى موتها.


أهم العقــاقير المسببة لإصابة الكليــة بالفشل هي المسكنات ومضادات الالتهاب. أما أعراض وعلامات المرض فقد لا يشعر بها الشخص لفتــرة طويلة، ولكن أهمها، الشعور بالتعب والإرهاق الجسدي والذهني وقلة الشهية للطعــام وصعوبة التنفس والضعف الجنسي والحكة، وكثرة التبول وخاصة في الليل.




الكلية الاصطناعية بمرحلتها الأولى


منذ العام 2009 فكر العلماء بإيجاد طرق بديلة أسهل لعملية الغسيل هذه تتمثل في ارتداء المريض لجهاز يشبه الحزام، أطلقوا عليه اسم الكلية الاصطناعية المحمولة، وقد جاء التصوّر لهذا الجهاز الفريد، من قبل فريق في مركز سيناي الطبّي في مدينة لوس أنجلوس الأميركية، حيث تتكون من آلة لغسيل الكلى ولكنّها مصغرة حيث يمكن ارتداؤها تماما مثل الحزام وتركب في جسمه عن طريق القسطرة، مما يمكّن المريض من ممارسة حياته من عمل أو ترفيه أو حتى الاسترخاء أثناء ارتدائها.


الكلية الصناعية تلك هي جهاز خارج الجسم يوصل بالدورة الدموية للمريض ويمرّر فيه الدم، ليقوم بإنشاء توازن لأملاح الدم والمواد الذائبة في الماء ويعيدها إلى مستواها الأصلي الطبيعي، ومزوّد بآلية تسمح بالترشيح المستدق لخروج الماء من الجسم، أهمّ مكونات دورة سائل الغسيل هي وحدة تجعله متناسبا على الدوام في تركيزه ودرجة حرارته مع وجود مقياس دقيق لسرعة مرور السائل وضغطه وتركيزه وآلية لوقف مرور السائل إذا اختلت أيّ من هذه المقاييس.




"الديلزة" ذات تكلفة مرتفعة
الجزء الأساسي في جهاز الكلية الصناعية هو المرشح، الذي ينبغي حساب قدرته الترشيحية بدقة قبل الاستعمال، يمرر الدم من جسم المريض بخروجه من شريان يوصل بالمرشح ويعود إلى المريض في وريد بعد ترشيحه ويدفع الدم داخل المرشح بمضخة الدم.


تتميّز هذه الكلية الاصطناعية (الخارجية) بخفّة وزنها مقارنة بأجهزة الغسيل التقليدية في المستشفيات. فهي تزن حوالي 5.4 من الكيلوغرامات فقط، ممّا يسهل ارتداءها من قبل المرضى. كما أنها تعمل بكفاءة في تصفية دم المريض من الفضلات، وتتألف من نوع جديد من المضخات التي تعمل على تنظيم تيارات الماء والدم وهي تتشابه في الوظيفة إلا أنّها توفر من كمية المياه المطلوبة في الغسيل فبدل من استهلاك 150 لترا، فإنها تستهلك نصف لتر فقط لإتمام هذه العملية في كل مرة، وسعى فريق البحث لمزيد من التجارب لهذا الجهاز الجديد على المرضى للتأكد من فعاليته في حل هذه المشكلة.




الكلية المعجزة


في سابقة علمية لا مثيل لها، اخترع علماء من جامعة فاندربيلت في الولايات المتحدة الأميركية، أول كلية اصطناعية قابلة للزرع في جسم الإنسان. تحتوي على شريحة فلتر مايكروية مع خلايا كلوية حية تستطيع العمل بواسطة قلب المريض.


هذه الكلية الحيوية الاصطناعية تعمل مثلها مثل الكلية الطبيعية. فهي تزيل الأملاح والماء والفضلات من دم المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي ويعتمدون على أجهزة الغسيل.


وآلية عمل الكلية الجديدة تتم من خلال احتوائها 15 طبقة من هذه الشرائح موضوعة فوق بعضها البعض، تعمل هذه الشرائح كفلتر وتتصرف كنظام إسناد لحاجات الخلايا الحية، هذه الخلايا الحية هي عبارة عن خلايا كلوية تمت تنميتها في المختبر لتكون كمفاعل حيوي للخلايا الحية، هذا الغشاء من الخلايا الحية سيفصل بين المواد الكيميائية النافعة والمواد الضارة.


الابتكار الجديد سوف يطيح بتجار أعضاء البشر الذين يجدون في شراء وبيع الكلى مهنة مربحة جدا، ويعتمدون عليها بشكل أساسي في عملهم، والكلية الجديدة التي يقال إن سعرها سوف يكون معقولا من الممكن أن تؤثر أيضا على حياة بعض فقراء العالم
ويقول الخبراء في هذا المجال إن الابتكار الأخير يتجسد في الشريحة المايكروية، والتي تستعمل تقنية السيليكون النانوية، فيما أوضح الدكتور وليام أتش فيسيل، قائد الفريق الذي طوّر الجهاز، أن هذه التقنية النانوية تستخدم نفس العمليات التي تطورت في صناعة الإلكترونيات الميكروية التي تعمل في الكومبيوتر، إلا أن الكلى الاصطناعية لا تتطلب أيّ مصدر خارجي للطاقة وتعمل على تدفق الدم فقط على عكس أجهزة الكمبيوتر.


لكن التحدي الذي واجه الباحثين هو كيفية الحصول على تدفق الدم ومروره خلال الجهاز من دون أيّ ضرر أو تخثر، وهو السبب الذي جعل فيسيل وفريقه يتعاونون مع المهندسة الطبية الأميركية أماندا بوك لمعرفة الأماكن داخل الجهاز، والتي يمكن أن يتخثر فيها الدم باستخدام قوانين جريان الموائع والنمذجة الحاسوبية، وكانت بوك قادرة على تحسين وتطوير شكل القنوات داخل الجهاز مما يسمح للدم بالجريان فيها بسلاسة، كما استخدمت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لفحص النماذج وتحليل أدائها.




أمل الفقراء


كانت شبكة شراء وزراعة الأعضاء الأميركية قد أعلنت أن هنالك 100 ألف مريض في أميركا ينتظرون شراء كلية مع حصول 15 مريضا منهم فقط على كلية في العام الماضي، ومن هنا قد يمنح هذا الجهاز الجديد الأمل لمن هم على قوائم الانتظار، ولكن قد يطول الانتظار قليلا خصوصا مع إعلان الفريق العلمي تاريخ بدء التجارب السريرية لهذه الكلى الاصطناعية، وهو نهاية عام 2017. وبالنظر إلى النقص في عدد مانحي الكلى، يقلل الجهاز من الطلب على زراعة الأعضاء لدى مرضى الفشل الكلوي، حيث تقدر مؤسسة الكلى الوطنية بأن هنالك ما يقارب 460 ألف مريض في المرحلة النهائية من فشل الكلى وأن 13 مريضا منهم يموتون يومياً بانتظار كلى ممنوحة للزرع.


الابتكار الجديد سوف يطيح بتجار أعضاء البشر الذين يجدون في شراء وبيع الكلى مهنة مربحة جدا، ويعتمدون عليها بشكل أساسي في عملهم، والكلية الجديدة التي يقال إن سعرها سوف يكون معقولا من الممكن أن تؤثر أيضا على حياة بعض فقراء العالم الذين يضطرون لبيع كلاهم طمعا بالمال الذي يعينهم في استمرار معيشتهم، خصوصا هؤلاء الذين يعيشون في بلدان العالم الثالث.