527 سنة مرت على سقوط الأندلس .
كتب الشاعر أبو البقاء الرندي مرثيته(مرثية الأندلس) التي تعد من روائع الشعر العربي .

1- لِكُـلِّ شَـيءٍ إذا مـا تـمَّ نُقصَـانُ
فـلا يغـرُّ بطِيـب العَـيـشِ إنـسـانُ

2 - هيَ الأمـورُ كمـا شاهدتُهـا دُولٌ
مـن سـره زمـنٌ سـاءتـهُ أزمــانُ

3 - وَهَذِهِ الـدَّارُ لا تبقِـي علـى أحـدٍ
ولا يـدُومُ عَلَـى حَـالٍ لَـهَـا شــانُ

4 - أين المُلُوكُ ذوي التُيجانِ مِن يمـنٍ
وأيــن منـهـم أكالـيـلٌ وتيـجـانُ

5 - وأيـن مـا شـادهُ شـدادُ فـي إرمٍ
وأين ما ساسـهُ فـي الفُـرسِ ساسـانُ

6 - وأين ما حازه قـارون مـن نهـبٍ
وأيــن عــادٌ وشــدادٌ وقحـطـانُ

7 - أتى على الكل أمـرٍ لا مـرد لـهُ
حتى قضـوا فكـأن القـوم مـا كانُـوا

8 - وصار ما كان من ملك و من ملـكٍ
كما حكى عن خيـال الطيـف وسنـانُ

9 - كأنما الصعب لم يسهل لـه سبـبٌ
يومـاً ولا مـلـك الدنـيـا سليـمـانُ

10 - فجائـع الدنيـا أنـواعٌ منـوعـةٌ
وللـزمـان مـســراتٌ وأحـــزانُ

11 - وللحـوادث سـلـوانُ يسهلـهـا
ومـا لمـا حـل بـالإسـلام سـلـوانُ

12 - وهى الجزيرة أمرٌ لا عـزاء لـهُ
هـوى لـه أحــدٌ وانـهـد شـهـلانُ

13 - أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتُ
حتـى خلـت منـه أقـطـارٌ وبـلـدانُ

14 - فاسأل بلنسية مـا شـأن مرسيـة
وأيــن شاطـبـة أم أيــن جـيـانُ

15 - وأيـن قرطبـةُ دار العلـوم فكـم
من عالـم قـد سمـا فيهـا لـه شـأنُ

16 - وأين حمصُ وما تحويه من نـزهٍ
ونهرهـا الـعـذب فـيـاض ومــلآنُ

17 – قواعد كـن أركـان البـلاد فمـا
عسـى البقـاء إذا لـم تبـق أركــانُ

18 - تبكي الحنفيةُ البيضاءُ مـن أسـفٍ
كمـا بكـى لفـراقِ الإلــف هيـمـانُ

19 – على ديارِ مـن الإسـلامِ خاليـةٌ
قـد أقفرت ولهـا بالكفـر عـمـرانُ

20 – حيث المساجدُ صـارت كنائـس
مافيـهـنَّ إلاّ نواقـيـسٌ وصـلـبـانُ

21 – حتى المحاريب تبكي وهي جامدةٌ
حتـى المنابـرُ تبكـي وهـي عـيـدانُ

22 – ياغافلاً وله في الدهـرِ موعظـةٌ
إن كنـت فـي سنـةٍ فالدهـرُ يقظـانُ

23 – وماشيـاً مرحـاً يلهيـه موطنـهُ
أبعـد حِمـصٍ تغـرُّ المـرءُ أوطــانُ

24 – تلك المُصيبـةُ أنسـت ماتقدمهـا
ومالهـا مـن طـوالِ الدهـرِ نسـيـانُ

25 – يا راكبين عتـاق الخيـل ضامـرة
كأنهـا فـي مجـال السبـقِ عقـبـانُ

26 -وحاملين سيـوف الهنـد مرهفـةً
كأنهـا فـي ظــلام النـقـع نـيـرانُ

27 – وَرَاتِعِين وراء البحر فـي دَعَـةٍ
لَـهُـم بأوطانـهـم عــزٌ وسلـطـانُ

28 – أعندكم نبـأٌ مـن أهـلِ أندلُـسٍ
فقـد سـرى بحديـثِ القـومِ ركـبـانُ

29 – كم يستغيثُ بنا المُستضعفُونَ وهـم
قتلـى وأسـرى فمـا يهتـزَّ إنـسـانُ

30 – ماذا التقاطع في الإسـلام بينكُـمُ
وأَنـتُـمُ يَـاعـبـادَ اللهِ إِخـــوَانُ؟!

31 – ألا نفـوس أبيـاتٌ لـهـا هِـمـمٌ
أَمَـا عَلـى الخيـرِ أَنصَـارٌ وَأَعـوَانُ

32 – يَا مَـن لِذِلَّـهِ قـومٍ بعـدَ عِزِّهـمُ
أَحَــالَ حالَـهُـمُُ كُـفـرٌ وطُغـيـانُ

33 – بالأَمسِ كَانُوا مُلُوكاً في مَنَازِلهـم
واليَومَ هُـم فـي بـلاَدِ الكُفـرِ عُبـدَانُ

34 – فَلَو تَرَاهُم حَيَارى لا دَليـلَ لهَـمُ
عَلَيهـمُ مِـن ثِـيَـابِ الــذُّلِ أَلــوَانُ

35 – وَلَو رَأَيـتَ بُكَاهُـم عِنـدَ بَيعِهُـمُ
لهَاَلَـكَ الأَمـرُ واستَهـوَتـك أَحَــزانُ

36 – يـارب أم وطفـل حيـل بينهمـا
كَـمَــا تَـفَــرَّقُ أَروَاحٌ وَأَبـــدَانُ

37 – وطفلةٍ مِثلِ حُسنِ الشّمسِ إِذا طَلَعَت
كَأَنـمَّـا هِــيَ يَـاقُـوتٌ وَمَـرجَـانُ

38 – يَقُودُهَا العِلـجُ لِلمَكـرُوهِ مُكرَهَـةً
وَالعَيـنُ باَكِـيَـهٌ والقَـلـبُ حَـيـراَنُ

39 – لمثلِ هذا يذوبُ القلبُ مـن كمـدٍ
إِن كـان فـي القلـبِ إسـلامٌ وإيمـانُ