النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

  1. #1
    كلتاوي جديد

    الحاله : حمزة غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Sep 2007
    رقم العضوية: 294
    الدولة: حلب سوريا
    الهواية: المطالعة
    العمل: أعمال حرة
    العمر: 56
    المشاركات: 46
    معدل تقييم المستوى : 0
    Array

    افتراضي ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    --------------------------------------------------------------------------------

    لمحات في التعريف بفضيلة الأستاذ العلامة المحقق المحدث الشيخ محمد عوامة حفظه الله.

    ـ ولد فضيلته في حلب 14/12/1358 = 1/ 1/ 1940.

    ـ بدأ بطلب العلم عام 1373 = 1953 وكان قبلها يلازم دروس فضيلة الشيخ محمد السلقيني رحمه الله تعالى.

    ـ تتلمذ من أول أيامه في طلب العلم على فضيلة الشيخ عبد الله سراج الدين ولازمه، ثم بدأت صلته وصحبته للشيخ عبد الفتاح أبو غدة عام 1378 ولازمه أيضاً، فعرف بهذين الشيخين، وصار التلميذ الأول والخاص لكل منهما.

    ـ التحق بكلية الشريعة عام 1382 = 1962،وتخرج فيها سنة 1387=1967 وفي العام الذي التحق فيه بالكلية اختاره شيخه فضيلة الشيخ عبد الله سراج الدين مدرساً في مدرسته الشعبانية، فدرَّس فيها إلى عام 1400 = 1980 ـ حين خرج من سوريا ـ عدةَ علوم، مع كونه أمينا عاماً لمكتبتها، كما أنه تولى إدارة المدرسة لفترة من الزمن.

    ـ سافر إلى مصر في صفر عام 1379، والتقى بمجموعة من كبار العلماء آنذاك، منهم: الأخوان الشيخان أحمد وعبد الله ابنا الصديق الغماريان، والشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف والشيخ محمد أبو زهرة وغيرهم.

    ـ كان له نشاط علمي بارز مع نبوغ ظاهر في مدينته حلب حيث وضع في مصاف شيوخه، فاختير مدرساً وهو في سن الشباب في مسجد الروضة الذي كان يعد الجامعة العلمية الشرعية آنذاك.

    ـ قال عنه شيخه فضيلة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى: "تلميذ الأمس وزميل اليوم"، ووصفه بـ "الجهبذ المحقق".

    ـ قدم المدينة المنورة عام 1400هـ، والتحق بالجامعة الإسلامية حيث أسس لها مركز البحث العلمي، الذي سُمي فيما بعد: مركز خدمة السنة والسيرة النبوية، وبدأ فيه بتحقيق "إتحاف المهرة".

    ـ أسس عام 1406 مكتباً لتحقيق التراث الإسلامي، وكان تابعاً لدار القبلة للثقافة الإسلامية مدة 12 عاماً.

    ـ فضيلته صاحب فكر نيّر ومنهج وضاء اتضح في كتابيه أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء وأدب الاختلاف في مسائل العلم والدين.

    ـ منهج فضيلته في علم الجرح والتعديل مدرسة يحتذى بها في عصرنا الحاضر، دقة، وتمحيصاً، وبُعدَ نظر.

    ـ علم من أعلام التحقيق، ولذا قال عنه فضيلة الشيخ العلامة الموسوعي محمد سعيد الطنطاوي: لا أعلم على وجه الأرض أعلم منه في علم التحقيق.

    ـ له إصدارات علمية عديدة منها:

    1ـ أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة الفقهاء.

    2ـ أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين.

    وهذان الكتابان قد ترجما إلى بعض اللغات، وقُرِّرا في بعض الجامعات

    3ـ مسند عمر بن عبد العزيز للباغندي، تخريج وشرح لأحاديثه وتكملة لمروياته.

    4ـ الأنساب، للسمعاني، حقق قسماً منه.

    5ـ تقريب التهذيب، للحافظ ابن حجر، مع حاشيتي العلامة عبد الله البصري وتلميذه الميرغني، مقابلة بأصول مؤلفيها الثلاثة.

    6ـ الكاشف للذهبي، وعليه حاشية سبط ابن العجمي، عن أصل المؤلِّفَيْنِ، مع مقدمات وافية ودراسة نقدية لكثير من تراجمه.

    7ـ مجالس ابن ناصر الدين الدمشقي في تفسير قوله تعالى{لقد منَّ الله على المؤمنين...} مقابلة بأصل مؤلفها، مع تخريج نصوصها والتعليق عليها.

    8ـ من صحاح الأحاديث القدسية، مئة حديث قدسي مع شرحها.

    9ـ المختار من فرائد النقول والأخبار، قصص تربوية توجيهية لطالب العلم الناشئ، ثلاثة أقسام في مجلد لطيف واحد.

    10ـ القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع صلى الله عليه وسلم، للسخاوي، مقابلاً بأصل مؤلفه وأربعة أصول أخرى فجاء أكمل نص للكتاب.

    11ـ السنن، للإمام أبي داود، حققه وعلق عليه وقابله بأصل الحافظ ابن حجر وسبعة أصول أخرى.

    12ـ الشمائل المحمدية، للإمام الترمذي بشرح الباجوري.

    13ـ المصنف لابن أبي شيبة، حققه وقابله بعدة مخطوطات وخرج أحاديثه وقَوَّم نصوصه، وبقي في عمله ستة عشر عاماً.

    14ـ دراسة حديثية مقارنة لنصب الراية، وفتح القدير، ومنية الألمعي، مع مقابلة نصب الراية بمخطوطتين، وتصحيح لأكثر من ألف خطأ مطبعي فيه.

    وقد أعاد طباعة أكثر هذه الكتب وهو في كل طبعة يصقل عمله السابق، ولا يرى إعادة تصوير العمل الأول.

    ويحاول دائماً في كتبه المحققة أن يحصل على أصول مؤلفيها، وقد أكرمه الله بكثير من ذلك ليكون عمله متقناً مميزاً.

    اشتهر الشيخ بمقدماته أول الكتب التي يحققها، فمقدماته عادة: تكون دراسة علمية نقدية مركَّزة للكتاب الذي بين يديه.وقد كرم منذ عدة شهور في مدينة جده في ألأثنينيه التي يشرف عليها الشيخ عبد المقصود خوجه وقد حضر الحفل جمع من العلماء وطلبت العلم من كافة أنحاء العالم ألأسلامي حفظ الله الشيخ وجعله ذخرا للأسلام والمسلمين آمين حمزة جاكيري \ 20\9\2007 منقول
    التعديل الأخير تم بواسطة ابوالفتح ; 10-Sep-2007 الساعة 08:22 PM سبب آخر: التنسيق

  2. #2
    المشرف العام
    الصورة الرمزية ابوالفتح

    الحاله : ابوالفتح غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2007
    رقم العضوية: 2
    الدولة: الإمارات والقلب في حلب
    الهواية: الحديث وعلومه
    السيرة الذاتيه: طويلب علم
    العمر: 45
    المشاركات: 2,185
    معدل تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي رد: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    [align=center]شكرا أخي على هذا النقل

    وحفظ الله لنا هذا العلامة
    [/align]
    [align=center]قل آمنت بالله ثم استقم


    لست كاملا ولا أدعي الكمال لكنني إليه أسعى
    فإن رأيت في ّ اعوجاجا فقوّمني وإن رأيت فيك أقوّمك
    ليس منا إلا من رد و رُد عليه
    رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب


    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    [poem=font="Simplified Arabic,5,silver,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/38.gif" border="double,8,limegreen" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
    أموت ويبقى كل ماقـد كتبتـه=فياليت من يقرأ مقالي دعا ليا
    لعل إلهـي أن يمـن بلطفـه=و يرحم َ تقصيري وسوء فعاليا [/poem][/align]

  3. #3
    كلتاوي الماسي
    الصورة الرمزية فياض العبسو

    الحاله : فياض العبسو غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2007
    رقم العضوية: 119
    الدولة: حلب
    الهواية: دينية أدبية تاريخية
    السيرة الذاتيه: طالب علم
    العمل: مدرس
    المشاركات: 2,900
    معدل تقييم المستوى : 137
    Array

    افتراضي رد: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    العلامة الشيخ المحدث المحقق محمد محمد عوامة الحلبي ثم المدني ... حفظه الله وأمتعنا بحياته ... ونفعنا بعلومه ...

    هو من خلص تلاميذ الشيخ العلامة المحدث عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله ...

    وكذلك من تلاميذ العلامة الشيخ المحدث المفسر عبد الله سراج الدين الحسيني رحمه الله ...

    والشيخ العلامة الفقيه محمد إبراهيم السلقيني رحمهما الله تعالى ...

    وقد شهد له بالرسوخ في العلم والتحقيق ...

    شيخه أبو غدة رحمه الله ... وكذلك العلامة محمد سعيد الطنطاوي وغيرهما .

    وقد كرمه الشيخ الوجيه الأديب عبد المقصود خوجه حفظه الله ... في اثنينيته ... بحضور نخبة ممتازة من العلماء ...

    له مؤلفات وتحقيقات قيمة ... منها:

    أثر الحديث في اختلاف الأئمة الفقهاء ...

    أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين ...

    وهما كتابان رائعان ... أنصح كل طالب علم باقتنائهما وقراءتهما ...


    وشكراً للأخ حمزة على نقل هذه الترجمة من موقع الإسلام في سورية لصاحبه الشيخ الفاضل مجد مكي حفظه الله ...

  4. #4
    كلتاوي فضي

    الحاله : Omarofarabia غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Nov 2007
    رقم العضوية: 448
    المشاركات: 706
    معدل تقييم المستوى : 123
    Array

    افتراضي رد: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    http://www.islamsyria.com/library.ph...etails&LID=173


    الإجازة العلمية للشيخ يوسف القرضاوي
    تاريخ النشر: الاثنين 08 ربيع الثاني 1431هـ - 22 مارس 2010






    الإجازة العلمية نوع من أنواع التواصل العلمي وإذن بالرواية ، وممن اعتنى بهذا الفن مؤخرا فضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، وأخرج له الأخ الكريم أكرم الندوي ثبتا سماه : كفاية الراوي، وقد اقتصر على الرواية عن شيخيه : أحمد بن الصديق الغماري ، وعبد الفتاح أبوغدة


    ولم يكن الشيخ ممن يعتني بالإجازات، وقد أدرك نخبة من العلماء المحدثين ولم يستجزهم، منهم الشيخ أحمد البنا ، والشيخ أحمد شاكر ، والشيخ حبيب الرحمن الأعظمي وغيرهم كثير .
    ولما كثر عليه طلب الإجازة من تلامذته ومحبيه أحب أن يروي عن بعض المحدثين المتقنين المحققين فرغب من أستاذنا العلامة المحدث محمد عوامة ان يجيزه ،وقد تدبجا في الرواية عند زيارة شيخنا العوامة لقطر .وكنت بصحبته


    ثم رغب شيخنا القرضاوي بأن يكتب له الشيخ محمد عوامة إجازة خطية واتصل به وألح عليه، وأجاب الشيخ محمد عوامة طلبه بعد تردد واعتذار وكتب إليه الإجازة التي يسعدنا نشرها وتعميم النفع بها ليطلع طلبة العلم على نموذج من أدب العلماء وتواصلهم .
    ونسأل الله أن يبارك في عمريهما ويحقق آمالهما في خدمة العلم ونشره وينفع المسلمين بآثارهما إنه أكرم مسؤول وخير مأمول.




  5. #5
    كلتاوي فضي

    الحاله : Omarofarabia غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Nov 2007
    رقم العضوية: 448
    المشاركات: 706
    معدل تقييم المستوى : 123
    Array

    افتراضي رد: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    [color="blue"]الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد:
    فاللقاءُ بعلماءِ الأمةِ مُبْهجٌ للأرواحِ، ففيه الاستفادة العلمية، واكتساب الآداب، لذا حَرِصَ العُقَلاءُ قديماً وحديثاً على مجالسةِ العلماءِ والصالحين.
    وقد قامت (مجلة الشريعة بالمنارة) بالالتقاءِ بالشيخِ العلامةِ المحدث الناقد محمد عوامة (حفظه الله ونفع به).
    وهذه بعض فصول هذا اللقاء،وكان ذلك اللقاء بتاريخ 30/9/1427هـ) بمنزله الكائن بالمدينة النبوية المنورة، وسنتبعه بلقاءات أخرى وأسئلة متعددة متنوعة، بعون الله تعالى.
    كما سنقوم بإمداد هذا الموقع بكثير من اللقاءات العلمية الهامة لعلماء مبرزين في العلم والتحقيق والدعوة والتربية.

    ` المحور الأول: البطاقة الشخصية:
    فضيلة الشيخ عرفنا على البطاقة الشخصية لكم:
    س: اسمكم؟
    ج: محمد بن محمد عوامة.
    س: مكان الميلاد؟
    ج: من مواليد حلب من سوريا.
    س: تاريخ الميلاد؟
    ج: 14/ 12/ 1358هـ، الموافق 1/ 1/ 1940م.
    س: كم عدد الأبناء؟
    ج: ستة.
    س: عدد الزوجات؟
    ج: واحدة.

    ` ثاني المحاور: السيرة العلمية:
    س: لو تذكر لنا مشايخكم الذين درستم عليهم؟
    ج: المشايخ كُثُر والحمد لله، ولكن أجلُّهم يداً وفضلاً عليّ في طلب العلم: الأستاذ الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى وجزاه الله عنا كل خير، العالم العامل المحقق الحافظ للسنة النبوية باللقب العلمي، المفسر المتكلم الصوفي الذي يدعم كلامه من التصوف بالكتاب والسنة، ولسان حاله يقول: لا تأخذوا مني كلمة إلا بشاهديْ عدل من الكتاب والسنة.
    وكذلك الرجل الثاني: هو فضيلة الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى، وجزاه الله عنا وعن الإسلام كل خير، العالم المحقق المدقق في الفقه والأصول، والحديث الشريف وعلومه، واللغة العربية وآدابها.
    والرجل الثالث من أول نشأتي العلمية: هو فضيلة الأستاذ الشيخ محمد السلقيني رحمه الله تعالى.
    س: لو تذكر لنا بعض طلابكم الذين درسوا عليكم؟
    ج: بدأت التدريس منذ خمس وأربعين سنة، فالطلاب كُثُر، والحمد لله، ومن الذين تابعوا مسيرتهم العلمية، ولهم كتابات وأبحاث: الأستاذ الدكتور محمد عبد الله حياني، أستاذ الحديث الشريف في جامعة الملك فيصل بمدينة الأحساء، والأستاذ الدكتور سائد بكداش، أستاذ الفقه والأصول في جامعة طيبة بالمدينة المنورة، والأستاذ الباحث الشيخ مجد أحمد مكيّ في مدينة جدة، والدكتور عبد الحكيم الأنيس مدير تحرير مجلة الأحمدية، في دبيّ، والقاضي الشرعي والمفتي في طرابلس وعكار الدكتور أسامة الرفاعي، وغيرهم.
    س: الجامعات التي تخرجتم فيها؟
    ج: أول دراستي كانت في مدرسة بحلب اسمها المدرسة الشعبانية، ثم أُلغيت ونُقلنا في المراحل الأخيرة من الدراسة إلى الثانوية الشرعية، ثم أتممت في كلية الشريعة في جامعة دمشق، في هذه الفترة سافرت إلى مصر لفترة شهرين، ويسر الله تعالى اللقاء بعدد من المشايخ منهم الشيخ أحمد الصديق الغماري في بيته، وأخوه الشيخ عبد الله الصديق الغماري رحمهما الله تعالى، أيضاً في بيته، ولكن سرعان ما توفي الشيخ أحمد وسجن الشيخ عبد الله، وبعد أن أُفرج عنه كان بيني وبينه مراسلات علمية كثيرة، ثم صار يجيء إلى المدينة المنورة وألتقي به في العمرة كثيراً، وزارني في بيتي.
    س: لو ذكرتم لنا حفظكم الله شهاداتكم العلمية وإجازاتكم؟
    ج: الشهادات العلمية الرسمية من جامعة دمشق، وأما الإجازات فمن هذين الشيخين أولاً ثم من الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ثم من الشيخ عبد الله سراج الدين، ثم من غيرهم كثير، من أجلِّهم الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي من علماء الهند، والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني من علماء باكستان، والشيخ أبو الحسن الندوي، رحمهم الله، وذكرت أسماء أكثرهم في آخر الطبعة الثانية من "سنن أبي داود"، وأزيد عليهم هنا: السيد الشريف إدريس الكتاني حفظه الله، نجل السيد محمد جعفر الكتاني رحمه الله، والعلامة القاضي إسماعيل الأكوع من اليمن حفظه الله تعالى.


    ` ثالث المحاور: المسيرة التعليمية (والدعوية) :

    س: لو ذكرتم لنا كتبكم التي خرجت للساحة؟
    ج: أول كتاب أخرجته: هو مسند "عمر بن عبد العزيز" للباغندي من علماء القرن الثالث، ودخل الرابع، وعملت له تكملة، وكانت والحمد لله من حيث عدد الأحاديث أكثر من الأصل، ومعه كانت الطبعة الأولى من كتاب "أثر الحديث الشريف"، كلاهما تقريباً صدر في وقت واحد، وصدر معهما أيضاً قسم يسير من "الأنساب" للسمعاني عملت فيه من حرف الشين إلى قسم من حرف القاف.
    وبعد ذلك أكرمنا الله وجئنا إلى المدينة المنورة، وعملت في الجامعة الإسلامية في مركز البحث العلمي في تأسيسه وتقعيد أموره وبداية "إتحاف المهرة" للحافظ ابن حجر، ثم بدأت أعمل لنفسي فأول كتاب أخرجته في هذه المرحلة "تقريب التهذيب" للحافظ ابن حجر وطُبع عدة طبعات، وآخرها كان معه حاشيتان للإمام عبد الله بن سالم البصري، وتلميذه محمد أمين ميرغني، ثم أخرجت عدة كتب منها "الكاشف" للذهبي مع حاشية الإمام سبط ابن العجمي وكان من توفيق الله أن هذه الكتب التقريب والكاشف مع حواشيها كلها من خطوط مؤلفيها، وكذلك "القول البديع" للسخاوي، عن أصل مؤلفه أيضاً، ومجالس ابن ناصر الدين الدمشقي من أصل مؤلفه كذلك.
    وبعد ذلك أخرجت "سنن أبي داود "الأصل للحافظ ابن حجر، وأصول أخرى كذلك كان فيها أصل يعتبر أصل الأصول القديمة النفيسة جداً بخط أحمد بن السلطان صلاح الدين قرأه على ابن طبرزد الإمام المحدث المشهور، وأصول أخرى. ومنها كتاب "من صحيح الأحاديث القدسية"، وهو عمل خاص وليس تحقيقاً، وهو مئة حديث صحيح مع شرحها في مجلد.
    وأتبعت كتاب" "أثر الحديث الشريف"" ببحث يتعلق به، حيث إن "أثر الحديث الشريف" يتعلق بالاختلاف، فأتبعته ببحث فيه أدب الاختلاف، اسمه :"صفحات في أدب الرأي. أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين"، وفي الطبعة الثانية حذفت الجملة الأولى وأبقيت الثانية: "أدب الاختلاف في مسائل العلم والدين". وهما كتابان يتممان بعضهما البعض.

    س: هل لكم مخطوطات؟
    ج: كل ما أعمله أحرص على إتمام خدمته وإخراجه، إلا ثلاثة أبحاث:
    الأول منها: كتابة شرح على مقدمة النووي لشرحه على صحيح مسلم، وعلى مقدمة مسلم لصحيحه بشرح النووي عليها أيضاً، وكنت بدأت بكتابته عام 1391هـ، مع تدريسي لصحيح الإمام مسلم بشرحه للإمام النووي، وعرضته على فضيلة سيدي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة عام 1393، وكدت أنتهي منه، فأعجبه وشجعني على طبعه، وسماه لي.
    وبدأت بالثاني منها عام 1394هـ، وكان موضوعه الردّ على بحث الشيخ ناصر الألباني في الذهب المحلَّق، كتبت نحو نصفه، ولم أُتمّه.
    وثالثهما: خدمة كتاب لطيف الحجم، غزير العلم والفائدة: طُبع بمصر رسالة ابن بدر الموصلي رحمه الله: "المغني عن الحفظ والكتاب"، وهي من المؤلفات في الأحاديث الموضوعة، وعليها استدراكات كثيرة للعلماء، فطبع أستاذنا البحّاثة حسام الدين القدسي رحمه الله رداً عليها باسم "انتقاد المغني وبيان أنْ لا غَناء عن الحفظ والكتاب"، واستأذنته بطبعه وخدمته والتعليق عليه وتخريج نقوله، فأذن رحمه الله، وبدأت بهذا في عام 1403هـ، وخدمت نحو ثلثه، ثم توجهت لخدمة "تقريب التهذيب"، ولم أرجع إلى الثلاثة بعد.

    س: ما هي مشاريعكم المستقبلية؟
    ج: آخر عمل عملته وصدرت طبعته الأولى هو" "مصنف ابن ابي شيبة""، كان صدوره أول شهر رمضان المبارك في هذا العام 1427هـ في ستة وعشرين مجلداً، واحد وعشرين مجلداً أصل الكتاب، وخمسة مجلدات فهارس ومعها قرص مدمج (ليزر) للبحث الكلمي في الكتاب. وسنن أبي داود طبعت الطبعة الأولى والثانية ومعها القرص أيضاً.
    والآن بعد فراغي من المصنف أعزم على إعادة النظر في كتبي السابقة لأنها فقدت من السوق، فأريد أن أخدمها الآن، وإعادة طباعتها، وكانت وصية شيخنا الشيخ عبد الفتاح رحمه الله تعالى أن الكتاب لا يعاد طبعه كما هو، فلا ينبغي أن تكون الطبعة الثانية كالأولى، فلو كانت كالأولى كان معنى ذلك أن يد العالم ما عملت في الكتاب، والواجب أن يكون في الطبعة الثانية زيادات وتصحيحات، وهكذا، وأنا إن شاء الله على هذا النهج أعمل على تنقيح وزيادة في الكتب السابقة.

    س: هل من وصايا وتوجيهات لفهم بعض كتبكم؟
    ج: فيه نقاط كثيرة، كنت أكتب عنها جملة واحدة أشير إليها إشارة خفيفة لا أحب أن أكثر من الكلام فيها مثلاً، في "أثر الحديث الشريف" أنبه إلى ضرورة التزام ما عليه علماؤنا رضي الله عنهم في العلم والفكر والرأي والعمل، دائماً نسير على منهج الأئمة القدامى ولا نتأثر بالمعاصرين والطرق المتبعة، أذكر أنني قلت جملة في "أثر الحديث الشريف" عن بعض المعاصرين: إن ما عندهم من صواب هو من فتات موائد أئمتنا، وخطأهم من عندهم ولا حاجة لنا به، فأحرص دائماً على أن نأخذ من العلماء السابقين.
    حينما أقول: قال الإمام العراقي، قال ابن حجر، أو النووي، يكون هذا سند ودعم للقول الذي أريده وأدعمه بكلام هؤلاء الأئمة أكثر بكثير من أن أقول: الأمر الفلاني، الحكم الفلاني قال به فلان من المعاصرين، فألفت بها نظر طلاب العلم إلى السير وراء أئمتنا، وكلما علت الطبقة كان أفضل، وسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول: عليكم بالعتيق، فكما نرى حرص المحدثين على علو السند، وكلما نزل بهم السند تحاشوه، فكذلك في مسائل العلم كلما حرصنا على النقل من إمام متقدم فهو الأفضل.

    س: هل هناك أسباب دعتكم لتأليف بعض كتبكم؟
    ج: أهم كتاب كان له سبب هو "أثر الحديث الشريف"، كنا نعاني في بلدنا من هذه التشويشات في هذا المجال، وذكرت في مقدمة "أثر الحديث الشريف" قصة شاب عامل نسيج جاء يناظرني في أصل فرغ منه الأئمة رحمهم الله، وهو الوضوء من لحوم الإبل، ولا بدّ إلا أن يخضع الأمة كلها إلى إلزامها بالتوضئ من لحوم الإبل، وهو عندما يريد أن ينقل عن الإمام اللكنوي يقول: اللَكَنَوي، وعن ابن الهُمَام يقول: ابن الهَمّام، فلا يعلم كيف ينطق اسم عالم، ويناقش في أمور يرغمنا أن نقول بقوله هو، فهذه الفوضى في بلدنا جعلتني أكتب هذا البحث للشباب هناك، فأصله الأول كان محاضرة، ثم نما وازداد في المدينة المنورة.
    فعندما وجدت الفوضى في العلم وأن الصغار جعلوا أنفسهم كباراً، ويحكمون على من هو أكبر منهم، وصغار الصغار يتطاولون على الكبار، فهذه الظروف هي التي جعلت من أمثالي أن يكتب مثل هذه الكتابات.
    وهذا خاص في كتابي أثر الحديث وأدب الاختلاف. أما الكتب الأخرى فأمرها عام، وهو أن أصول السنة: الكتب الستة مثلاً حتى الآن ما حُقق منها كتاب واحد تحقيقاً علمياً يليق بها، فالطبعة البولاقية لصحيح البخاري متقنة جيدة ومؤصلة، ولكن أين سماعاتها وأين سندها، أنا الآن أريد توثيق طبعات كتب السنة لا أريد تحقيقها، وذكرت هذا في مقدمة سنن أبي داود، وسنن أبي داود هو الأصل الثالث عند أهل السنة، ومع ذلك ما حُقّق تحقيقاً علمياً موثقاً محققاً مدققاً، فأنا الذي شرفني الله به ووفقني إليه إنما هو نواة لهذا الأمر، إذ ينبغي أن يكون معه توثيق آخر أعلى، ليس الهدف الآن التحقيق بل التوثيق، والتوثيق له أصوله لا كما هو موجود على بعض الكتب، يكتب فلان: حققه ووثقه، وهو بعيد عن التوثيق العلمي، نريد تحقيق وتوثيق طبعات كتب السنة على أصول محققة موثقة مضبوطة حتى إذا قرأها المسلم أو غير المسلم ازدادت ثقته بكتب السنة، لما أقرأ في سنن أبي داود كلمة يضبطها السلطان أحمد بن السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى وقرأها على شيخه ابن طبرزد أجد هذه الكلمة مكونة مثلاً من أربعة حروف كل حروفها تضبط بوجه واحد وحرفٌ منها يضبط بوجهين، هذا الضبط بوجهين يزيدني ثقة أن هذه السُّنة نقلت نقلاً دقيقاً مضبوطاً مسموعاً على العلماء وليس عبثاً، وهذا الجانب فوق أنه علمي هو إيماني يزيدني إيماناً بكتب السنة، لا كما يُشيع جماعة ذكرتُ خبرهم في مقدمة سنن أبي داود دخلوا على أحد الحكام فصار يناقشهم: إنكم تقولون هذا الحديث في البخاري، ما أدراكم أنه في البخاري، لعل قارئاً من القراء قرأ في مخطوطة من مخطوطات صحيح البخاري، كُتب على الحاشية حديث وجاء ناسخ آخر فأدخل هذا الحديث على البخاري فصرتم تقولون: رواه البخاري!!.
    نعم هذا احتمال صحيح، ولكن لما نقرأ ونصحح ونطبع حديثاً على نسخة مقروءة بالحرف على الإمام فلان، عن الإمام فلان، كل ما يمر عشرين صفحة نجد بلاغات محققة وَصَفَتْه بالحرف، فإنه هذا الاحتمال يذهب أدراج الرياح كما يذهب كل افتراء وهَوَس.
    ومن نوادر ما وقفت عليه في سنن أبي داود كلمة واحدة ضُبطت في نسخة ابن طبرزد بضبطين غريبين "تشترى، وتُشَيّر" أي: لتنتقى وتستحسن، هكذا الرواية عن أبي داود، ورسمت في النسخة: تُشَْيَّراْ، ينظر رقم الحديث (3325 = 3332).
    ولأهمية الضبط في كتب السنّة أقصّ هنا وأسجل ما كنت كتبته في كتاب "أثر الحديث الشريف"، نقلاً عن شيخنا الشيخ عبد العزيز عيون السود رحمه الله تعالى، وسمعته من لسانه، كان الشيخ جالساً في مسجده الذي بناه ملاصقاً لبيته ينتظر صلاة الظهر، فدخل رجل ينتظر الصلاة أيضاً، فقال المؤذن: اللهُ أكبرَ اللهُ أكبرَ، بفتح الراء، فانتفض الرجل الداخل وقال: هذا خطأ، هذه بدعة، فقال له الشيخ رحمه الله: ما هو الخطأ، وما هي البدعة؟ فكرر المؤذن قوله: الله أكبرَ الله أكبرَ، فكرر الرجل كلامه: هذا خطأ، هذه بدعة، فكرر الشيخ السؤال، فقال هذا الرجل: هذا مخالف لما في صحيح مسلم، قال شيخنا: وماذا في صحيح مسلم؟ قال له: الله أكبرُ الله أكبرُ، فقال له شيخنا: تلقيتم صحيح مسلم عن شيوخكم عن شيوخهم إلى الإمام مسلم أن الرواية بالضم، أو هو ضبط المطبعة؟ فسكت الرجل، فقيل لشيخنا بعد انصرافهم من الصلاة: هذا هو الشيخ ناصر الدين الألباني!. هذا الرجل مع شهرته في العالم الإسلامي، وأنه الإمام المجتهد في علم الحديث الشريف يعتمد على ضبط المطبعة، ولا يدرك أمر الرواية وأهميتها، فما هو حال غيره وغيره من صغار مدرسته؟!.
    فحينما نحقق ونوثق صحيح البخاري ومسلم على نسخ موثوقة مقروءة على الأئمة يكون لنا حجة في أحكامنا، ودحض لافتراءات وشبهات الآخرين، لذا يجب إخراج كتب السنة على منهج التوثيق لا على التحقيق فقط، وعارٌ علينا أن تبقى كتبنا الأصول في السنة النبوية على هذا الوضع الموجود الآن، وأحسن ما بين أيدينا صحيح البخاري الطبعة البولاقية وينقصها هذه الخدمات الثانية، وأيضاً صحيح مسلم طبعة الدار العامرة الطبعة الإسطنبولية، ولكن لا نعرف أصلها، كما هو حال معرفتنا لطبعة البخاري البولاقية، وهذا عار علينا.



    س: ما هي نظرتكم لواقع الأمة؟
    ج: الحمد لله، نظرتي أني متفائل لها بالعاقبة الحسنة، وكل الذي نجده على الساحة من أمور: فوضى علمية، وفوضى فكرية، أو واقع سياسي مؤلم كلها مؤشر لخير عظيم لهذه الأمة إن شاء الله تعالى.
    فالأمر مرتبط بعلمائها، فإن كان خط علمائها سليماً في تحمّل هذا العلم الشرعي، ثم في أدائهم العلم والدين إلى الأمة بأمانة وصدق وإخلاص، فالأمة على خير، وهناك كلمة موجزة للإمام محمد بن سيرين يقول: "إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" هذه الكلمة العظيمة منهج للأمة في تعاملها مع من يقوم في مقام الدعوة، فواجب الأمة أن تتعامل مع العالم الذي ينطبق عليه هذا الوصف.
    س: ما هي نظرتكم لواقع الطلاب في هذا اليوم؟
    ج: طلاب العلم شريحة من شرائح هذه الأمة، وإذا كانت النصيحة للأمة: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، فهذه النصيحة تتوجه لهذه الشريحة بوجه أخص، يجب على كل طالب علم أن يتقي الله في دينه، ولا يُسلم قياده العلمي والديني والفكري إلا لمن يثق بعلمه ودينه تماماً ويتحرى ذلك، وقد كان السلف رضي الله عنهم يتحرون هذا جداً.
    الإمام مالك بن أنس من جملة أخباره أنه التقى بالإمام أيوب السختياني رضي الله عنهما مرات، وما كتب عنه، ولم يأخذ عنه الحديث إلا لما رآه في مكة المكرمة عند بئر زمزم قاعداً إذا ذُكر له النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فحينئذ أقدم الإمام مالك على الأخذ عنه.
    هذا الانتقاء دستور ومنهج لنا نحن طلاب العلم عمن نأخذ ديننا، وثمة ملاحظات قد تكون جزئية ولكني لا أعتبرها جزئية في العلم، وهي ـ التلقي والتدرج في التلقي ـ والبحث والمتابعة وراء النقول من مصادرها الأصلية، ولا أطمئن إلى شيء إلا بنفسي أراجعه في مصدره الأصلي، وأدقق في المعنى، لأرى هل تصرف الناقل أو لم يتصرف... إلى آخره، ومهما كانت إمامته فهو على الرأس والعين ولكن أريد أن أتثبت بنفسي.
    وهناك صفتان أركز عليهما كثيراً مع إخواني طلاب العلم: يجب أن تكون هاتان الصفتان مع كل طالب عالم متكافئتين متوازنتين لا تطغى إحداهما على الأخرى: هما النقد والأدب،فالنقد معناه: حينما أقرأ هذه العبارة لهذا الإمام أقرأها بتمعن وأستعمل في قراءتي لها علمي وفهمي وعقلي والثوابت التي عندي من قبل، لا آخذ هذا الكلام بالتسليم والانقياد وأنا مغمض عينيَّ وفكري وعلمي، بل يجب أن أكون يقظان، ويجب أن يكون معها أدب عند النقد: لعله سبقه قلمه؟ لعله خانته الذاكرة، لعل في نسخته التي ينقل منها تصحيفاً؟ ولا أتطاول على العالم ولا أنقص من مقامه، بل كل شيء محفوظ، ولكني أريد أن أتفهم الحقائق، فإن طغى النقد على الأدب زللت، وكذا العكس.
    وفي التاريخ لنا عبر، يوجد في علماء القرن الثامن من علماء دمشق عالم بلغ الخمسين من العمر ووصف بالإمامة، يقال له أبو الربيع الياسوفي، أدرك تلامذة الإمام النووي، وكان مُقدِّساً للنووي جداً جداً إلى حدّ أنه كان يكفّر من يقول: أخطأ النووي، فانقلبت به الأمور وصار يضلل فلاناً وفلاناً، وخرج عن الدائرة متأثراً بأحد العلماء الآخرين الذين كانوا في دمشق في زمنه، ما كان في نقده ولا أدبه اتزان، ولذلك اضطرب في حياته، فدائماً النقد نقد، والأدب أدب، ولا أنسى أحدهما مع الثاني.
    والوصية الأخرى: أن يكون العلم وسيلة لا غاية، فإن الغاية من العلم هي العمل، وقد ألَّف الإمام الخطيب البغدادي رسالته البديعة "اقتضاء العلم العمل"، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لفت نظرنا إلى هذا الدعاء الذي كان يدعو به صبيحة كل يوم بعد صلاة الفجر: "اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً"، وفي رواية "رزقاً واسعاً". وعلى طالب العلم أن لا يغتر بأنه طالب علم، وأنه جاوز القنطرة! فالفتن لطالب العلم قد تكون أكثر من غيره، لذلك أوصي إخواني طلاب العلم بالإضافة إلى دعاء النبي صلى الله عليه وسلم بعد الفجر بدعاء سيدنا الصديق رضي الله عنه، وذلك بعد قراءته للفاتحة في الركعة الثالثة من صلاة المغرب، كان يدعو: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب}، ثم يركع، ونقل هذا أيضاً عن سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه.
    وتوجيه ذلك أنه كان يرى أنه دعاء قنوت، لأن صلاة المغرب هي وتر لصلاة النهار، والوتر يحتاج إلى قنوت، فاختار الصديق هذا الدعاء من بين الأدعية القرآنية والنبوية لأهميته لكل مسلم وطالب علم، ونحن نجد بعض الطلاب كانوا على هدى واستقامة، ولكن تجاذبتهم الأهواء فضلّوا وأضلوا.
    س: ما هي نظرتكم لواقع العلماء في هذا الزمان؟
    ج: هي الجماعة التي يريد الله منها أن تكون حُججاً لله في دينه، وهي موجودة والحمد لله في كل زمان ومكان، يوجد علماء عاملون صالحون مخلصون، ولكنهم يقلُّون، وحتى لا تكون للعباد على الله حجة يوم القيامة يقولون لله: ما رأينا عالماً نستهدي به ونسأله عن ديننا، فإن الله يقيم في كل زمان ومكان عالماً حجة حتى تقوم الحجة لله على خلقه، فهم موجودون، ولكن صارت تظهر في الأيام المتأخرة ثلة على غير هذا الهدي، فواجب المسلم أن يكون بصيراً، وأن يلتزم الطائفة الأولى ويحذر الثانية.
    وأيضاً: الخير في هذه الأمة في علمائها ومتعلميها إن شاء الله لا ينقطع، فأوصي نفسي وغيري أن نخلص لله في تعليم هذه الأمة، وفي دعوتها إلى الله بصدق وأمانة وإخلاص مع تقديم الأولويات في دعوتهم وتعليمهم، فعلينا أن لا تفوتنا لحظة واحدة في غير الاشتغال في العلم لأنفسنا أو للأمة.
    وكان أحد مشايخنا ـ الشيخ محمد علي المراد ـ، وقد توفي من خمس سنوات ونصف ـ رحمه الله تعالى على كِبَر سنّه وشيخوخته وأمراضه، كان حريصاً على إيصال الفائدة والتعليم في أي لحظة، حتى إنه كان حين النوم يضع الهاتف بجانبه بالليل يقول: ربما احتاج إنسان إلى مسألة علمية دينية في وقت متأخر من الليل، يفعل ذلك ليجيبه ولا يبخل عليه، فنشر العلم واجب العلماء.
    ومن الطُرف في المذهب الحنفي: أنهم يعتبرون من أسباب الردة إذا دخل إنسان كافر ليسلِمَ على خطيب جمعة على المنبر، فقال له الخطيب: انتظر إلى ما بعد الخطبة، قالوا: هذا من أسباب الردة، يجب أن يعلّمه الإسلام فوراً، ولا يجوز لك أن تتأخر عن تعليم أحد أيَّ حكم من أحكام الإسلام.
    لكن، على العلماء أن يتقوا الله في الأمة، وذلك بتلقينهم العلم الصحيح الصافي الذي ورَّثه إلينا سلفنا وأئمتنا الأقدمون.
    س: ما هي نظرتكم لواقع المؤلفين؟
    ج: هم على أقسام، فمنهم من يكتب ما يتصل بواقع الأمة وتحتاجه عملياً أو عقدياً أو فكرياً، فهؤلاء موجودون والحمد لله، ومنهم من يكتب المكرور، وهذا إن شاء الله فيه خير، ولكن ليس كأصحاب الدرجة الأولى، وأما الثالثة فتكتب الغث والسمين، وتكتب ما فيه النفع، وما ليس فيه نفع، فهؤلاء لهم وجود في زماننا، ووسائل الطباعة والإعلام والإعلان لها دور في إشاعة هذا النوع من التأليف غير المفيد، يجب على العالم أن يتحين الفرص والمسائل والأبحاث الهامة التي تنهض بهذه الأمة علمياً وعملياً وفقهياً وفكرياً حتى نمشي خطوات إلى الأمام، وينبغي أن نُحذر إخواننا الآخرين أن يسيروا على طريقهم هذا فلا ينفعهم في دنياهم ولا في آخرتهم، والأمر ينكشف سريعاً.
    أما المحققون فصار بلاؤهم أكثر وأشد، يوجد من يكتب بصدق وإخلاص، ويتعب ويتحرى الصواب والحق، ويُمضي في تحقيق الكلمة والمسألة الواحدة الأيام الطوال، وقد قال لي الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله تعالى: إن هذه الكلمة صار لي ثلاثة أشهر وأنا أبحث وراءها، وهي كلمة (الإحالة أو الإخالة) من أجل نقطة، وسألت عنها من المشايخ فلاناً وفلاناً، وراجعت كذا وكذا، والآن انحلت معي!. فالمهم أن هناك طائفة تعمل هذا العمل والحمد لله، ولكن غيرهم يخرج تراثاً أسهرَ فيه أئمتنا لياليهم وأفنوا أعمارهم وقواهم في خدمة الكتاب الواحد، ويأتي من يعبث به ولا يتقي الله عز وجل، إما لأنه دخيل على العلم كله فهو صيدلي أو هو مهندس، وإما لأنه طالب علم في اللغة العربية، ضعيف الصلة بالعلوم الشرعية، وإما لأنه طالب فقه فيتطاول على كتب السنّة، وما شاكل ذلك.
    فعلى أصحاب هذه الأعمال أن يتقوا الله في دينهم، والإمام حماد بن سلمة رضي الله عنه يقول: "من طلب الحديث لغير الله مُكر به"، وبما أن الحديث الشريف هو العلم الرائج في تلك الأيام خصه حماد بن سلمة بالذكر، وإلا فمسائل التوحيد والفقه ليست دون ذلك، فمن طلب هذا للمتاجرة في الدين، ولأن هذا الكتاب سوقه رائجة، فأنا أبادر إلى طبعه كيفما كان، هذا حرام، لأنه متاجرة بدين الله.
    وملاحظة ثانية: هذا الزخم الكثير من الكتب في المكتبات وبطبعات متعددة وتيسير الكتاب الكبير لطالب العلم الصغير فيه ضرر على العلم وهو من أسباب فوضى العلم التي نعيشها.





    س: من ترى من العلماء من يكونون مشاعل للهدى في هذا الزمان مثلاً في الإقليم الهندي وإقليم الشام ومصر وتركيا والإقليم المغربي وليبيا وفي الخليج والمدينة المنورة واليمن؟
    ج: رحلتي في البلدان منعدمة، ومعرفتي بالناس خفيفة، ومع ذلك فإني أعرف جماعة مباركة من ذوي العلم والعمل والصلاح والدعوة إلى الله بحق، أذكر منهم من يحضرني ـ مع الاحتفاظ بكرامة مكانتهم وألقابهم، ومع اعتذاري إلى من فاتني ذكره، فإنه عند الله معلوم مذكور. ففي كراتشي من باكستان: فضيلة الدكتور الشيخ عبد الرزاق إسكندر مدير جامعة البنوري، وله جهود دعوية كبيرة في باكستان وغيرها، وفضيلة الشيخ محمد عبد الحليم الجشتي، وهو الأخ الشقيق لشيخنا محمد عبد الرشيد النعماني رحمه الله، وفضيلة الشيخ محمد تقي العثماني، وجهوده العلمية كبيرة في باكستان وغيرها، وشقيقه الأكبر الشيخ محمد رفيع، مدير جامعة دار العلوم ـ كراتشي، وآخرون.
    وفي الهند: علماء كبار أجلاء، ذوو جهد علمي ودعوي، ولاسيما من رجال الجامعتين العظيمتين دار العلوم ـ ديوبند، ومظاهر العلوم ـ سهارنفور، ومن رجال الجامعة الأولى: فضيلة الشيخ أرشد مدني، نجل شيخ الإسلام: حسين أحمد مدني، وقد أصدر حتى الآن سبع مجلدات ضخام من شرح الإمام العيني "نخب الأفكار" بشرح شرح معاني الآثار للطحاوي.
    ومن رجال الجامعة الثانية: فضيلة الشيخ محمد عاقل نجل العلامة المحقق المدقق الشيخ محمد أيوب السَّهارنفوري صاحب "تراجم الأحبار" في ترجمة رجال "شرح معاني الآثار"، ومن رجال هذه الجامعة أيضاً وكبارها: فضيلة الشيخ حبيب الله قربان، وهو مقيم معنا في المدينة المنورة، من تلامذة مولانا الشيخ محمد زكريا الكاندهلوي رحمه الله، وهو منقطع للإقراء والكتابة.
    وفي بنغلاديش: فضيلة الشيخ محمد عبد المالك، أحد من تخرج في هذا العلم ورسخ فيه على يد شيخنا الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ محمد عبد الرشيد النعماني رحمهما الله تعالى، وله جهود في التعليم والتأليف مشكورة.
    أما إقليم الشام، ففي حلب: فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ إبراهيم السلقيني، وهو مفتي حلب، وهو عالم ابن عالم ابن عالم، وله أثر عظيم طيب في حلب خاصة، وسوريا عامة، والأستاذ الدكتور نور الدين عتر أهل علم وفضل واستقامة ودعوة، وأولاد شيخنا الشيخ عبد الله سراج الدين أيضاً هم قائمون في المدرسة الشعبانية، وهم أهل علم وفضل، ومعهم نخبة صالحة كريمة من الأساتذة تربَّوا كلهم على يد شيخنا تغمده الله برحمته.
    وفيها: فضيلة الشيخ محمود حوت، حفظه الله، وله أثر مشكور عند الله وعباده في مقاومة بعض البدع الرائجة في البلاد.
    وفي دمشق: أصحاب الفضيلة من رجال الطبقة الأولى في العلم والعطاء: الشيخ مرشد عابدين، والشيخ عبد الرزاق الحلبي، والشيخ وهبي سليمان غاوجي، والشيخ أديب كلاس.
    ومن رجال العلم والدعوة والفضل: الشيخ أسامة الرفاعي، وأخوه الشيخ سارية الرفاعي على علم ودعوة وحكمة، والشيخ حسام الدين فرفور وأعوانه في معهد الفتح الإسلامي، كلهم رجال علم وخير، ومن الشيوخ القراء الشيخ محيي الدين الكردي، والشيخ محمد كريِّم راجح على علم وفضل، وفي مدينة حمص: الشيخ عدنان السقا، والشيخ محمد سعيد كحيل، وأبناء الشيخ محمود جنيد، من ذوي الفضل والعلم والأثر الطيب.
    وفي الأردن: الشيخ فضل حسن عباس من أهل العلم والفضل.
    وفي مصر: سماحة المفتي الدكتور الشيخ علي جمعة، والدكتور أحمد معبد عبد الكريم، والدكتور عبد المهدي عبد القادر، والشيخ الدكتور العجمي دمنهوري خليفة.
    والمسلمون فيهم خير عظيم، وإمداد الله تعالى للأمة الإسلامية بالرجال الصادقين، والعلماء العاملين لا ينقطع أبد الدهر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يزال الله عز وجل يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته".
    وفي لبنان جماعة الآن، منهم الدكتور الشيخ أسامة الرفاعي، وهو القاضي الشرعي، وأسند إليه الآن فتوى عكار، وله نشاط علمي مرموق، إلى جانب ثقل عمله الوظيفي، والشيخ حسن قاطرجي وله أثر دعوي كبير، عنده جمعية اسمها جمعية الإتحاد الإسلامي، ومن أنشطتها مجلة: منبر الداعيات، وافتتح عدة دور لتحفيظ القرآن الكريم، وافتتح داراً للحوار مع غير المسلمين، دخل بسببها في الإسلام عدة أشخاص يقارب عددهم الثلاثين.
    وفي تركيا: العالم الفاضل المجاهد الصامت: الشيخ محمد أمين سراج حفظه الله، وأنا لا أسميه إلا المجاهد الصامت، يعمل بحكمة وصمت، هو الآن الوجه العلمي الأصيل القديم الحديث في إسطنبول، ويستحق أن يُرحل إليه وإن كان لسانه لا يسعفه، وأعوانه معه في أعماله العلمية يكونون خلفاً صالحاً له إن شاء الله تعالى.
    وفي اسطنبول أيضاً: عالم فاضل صالح تفرغ لتربية أصحابه على السنة وتطبيقها، رجالاً ونساء وأطفالاً، هو فضيلة الشيخ محمود أفندي أوغلو، ورزقه الله القبول الكبير، بسبب إخلاصه في عمله ودعوته، سلمه الله تعالى وجمع قلوبهم على الخير.
    وفي المغرب: الشيخ عبد الله التليدي رجل علم وتربية وسلوك، وله مؤلفات كثيرة.
    وأخونا الأستاذ الدكتور فاروق حمادة، له مناصب ومكانة مرموقة جداً في المغرب، وأثر علمي وتوجيهي وفكري جيد جداً، ومؤلفاته وتحقيقاته كثيرة والحمد لله.
    وفي ليبيا: الدكتور صادق عبد الرحمن الغرياني، وعمل شهادتين دكتوراه في الحديث والأصول، وآل الغرياني عائلة عريقة جداً في العلم وخدمة القرآن خاصة قال لي: نحن في خدمة القرآن من مئتين وخمسين سنة أباً عن جدّ.
    ومن رجال العلم والدعوة والاستقامة في الكويت: شيخنا العلامة الأستاذ الدكتور مربي الأجيال الشيخ محمد فوزي فيض الله، وأخي الحميم الدكتور محمد أبو الفتح البيانوني، والدكتور عبد المجيد معاز، والدكتور أحمد الحجي الكردي، والأمين العام للوقف فيها الدكتور عبد الغفار الشريف.
    وفي قطر: فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي الله يحفظه، على ما عنده من شوارد في الفتاوى، لكنه رجل فاضل عالم داعية عاقل حكيم، وحكمي عليه أن له شوارد في الفتاوى هذا من زاويتي الضيقة التي أعيشها ضمن حدودي في المدينة المنورة، أما هو الذي يعيش في أمريكا وكندا ومنفتح على العالم كله، فنظرته للفتوى غير نظرتي، معذور في كثير من فتاواه، ولا يعذر في بعضها، لكن أهم ما فيه أنه لم يُشتر لا من سلطان ولا من وجيه، إنما هو حر الفكر والضمير، وهذا نادر في زماننا.
    وفيها أيضاً: فضيلة الشيخ عبد العظيم الديب، أحد المتخصصين في الفقه والأصول وفي دراسة إمام الحرمين الجويني رحمه الله خاصة، وقد فرغ الشيخ من تحقيق "نهاية المطلب" لإمام الحرمين، أحد أعظم كتب المذهب الشافعي، والحمد لله.
    وفي المدينة المنورة: أحد مشايخنا العلماء الأجلاء الفضلاء وهو من أصل فلسطيني، وهو الأستاذ الشيخ محمد نمر الخطيب حفظه الله وعافاه، والآن يبلغ من العمر مئة، وممتع بقواه، ومع دخوله على الملوك والأمراء لم يُشتر من أحد منهم، وما باع دينه لا لكبير ولا لصغير، لا لدنيا ولا لجاه، وهذا أمر نادر في زماننا، وله العديد من المؤلفات الدعوية، والأمل منعقد على ولده الأخ العزيز الدكتور الشيخ أحمد حفظه الله ونفع به.
    وفيها أيضاً: فضيلة الشيخ خليل ملا خاطر، أحد علماء الحديث الشريف، المتقنين المتفرغين لخدمته، ورَبَّى أجيالاً كثيرة فيها من طلاب العلم، وسبق أن درّس طويلاً في جامعة الإمام في الرياض، وهو مكثر من التأليف والحمد لله، وعدد منها يتعلق بجناب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وكان في المدينة المنورة عالمان جليلان لهما أثر علمي طيب وكبير، رحمهما الله تعالى، هما فضيلة الشيخ محمد المختار الشنقيطي، وهو والد الأخ الكريم العالم الداعية الدكتور محمد الشنقيطي، حفظه الله تعالى، والعالم الثاني: فضيلة الشيخ عطية محمد سالم، وكانا على استحضار جيد جداً للعلم، وكانت دروسهما في الحرم النبوي الشريف مقصودة الحضور.
    وفي مكة المكرمة عالمان محققان، فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ أحمد محمد نور سيف حفظه الله، وهو عالم متمكن في الحديث الشريف وعلومه، وله تحقيقات متخصصة بالإمام يحيى بن معين، وله جهود مشكورة في دبيّ.
    وفضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ عبد الوهاب أبو سليمان، أحد أعضاء هيئة كبار العلماء بالمملكة، ومؤلفاته ومشاركاته الفقهية عامة، وفي الفقه المالكي خاصة معروفة، حفظهما الله تعالى.
    وفي مدينة الإحساء: بقية السلف الصالح شيخنا العالم العامل القدوة المعمَّر الشيخ أحمد دوغان حفظه الله وعافاه، ربّى أجيالاً خلال عدة عقود، يُعتمد عليهم في الفتوى في الفقه الشافعي، أقرَّ الله عين الشيخ بهم.
    وفيها: فضيلة الأستاذ الشيخ السيد إبراهيم خليفة، المعلِّم المربي، وله أثر طيب في شباب البلد.
    وفيها من آل الملاّ ـ حاملي المذهب الحنفي ـ، وآل المبارك ـ حاملي الفقه المالكي ـ عدد كريم وفير، حفظ الله الجميع.
    وفي مدينة الرياض من علماء الحديث المتمكنين فيه وذوي الخبرة الممتازة، وربَّى الأجيال على التمكن فيه: فضيلة السيخ محمود أحمد ميرة، حفظه الله وعافاه، وهو مقلّ في الإنتاج، لكنه غزير العطاء والإفادة لطلابه، أقرَّ الله عينه بإنجاز تحقيقه للمستدرك.
    وفيها أيضاً: من العلماء العاملين، الدعاة عبر سنين متطاولة، فضيلة شيخنا الأستاذ الدكتور الشيخ محمد أديب الصالح، من الرعيل العلمي الأول بيننا، حفظه الله تعالى، وهو قدوة في فكره وسلوكه وصلابته في الحق، وقد وفقه الله تعالى لكتابة مؤلفات مباركة نفع الله بها.
    وفي اليمن: أخونا الدكتور الشيخ الشريف حسن الأهدل حفظه الله، وهو على استقامة ودعوة وتحرُّق للعلم والعمل والسلوك والتربية، وله صلات مع جامعات اليمن: صنعاء والإيمان وغيرهما.
    س: مَن من المحققين لكتب الحديث والرجال حاز على رضاكم؟
    ج: من المعاصرين الذين يعملون بأناة وروية وتثبت: فضيلة الأخ الدكتور أحمد محمد نور سيف، ويعمل الآن الدكتور أحمد معبد على تهذيب التهذيب، وهو من ذوي الخبرة والمراس في هذا المجال، وإخواننا الآخرون الذين يعملون في الحديث من أهل مصر جلُّ عملهم في شروح الحديث، وأما علوم الحديث والجرح والتعديل والرجال فلا أعرف منهم غيره.
    وجهود فضيلة الشيخ شعيب الأرناؤوط في خدمة كتب السنة ـ ومعه إخوانه وتلامذته ـ تذكر وتشكر، وإن كانت تنقصها بعض الخدمات.
    وكذلك مثله جهود زميله ـ مع أعوانه ـ الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف، وخاصة في المجلدات الأولى من "تهذيب الكمال" للمزي، ثم جهوده في "تحفة الأشراف" لولا أنه أضاع على القراء فوائد "النكت الظراف"، وعسى أن يوفقه الله تعالى إلى إخراجه مع "التحفة" في طبعة لاحقة


    س: ما هو موقفكم من السلفية؟
    ج: السلفية: انتساب إلى السلف الصالح عقيدة وفقهاً وعملاً وتطبيقاً وسلوكاً، وهذا انتساب محبَّب إلى نفوس المسلمين، كأيّ كلمة وشعار يرفع: الإصلاح، العدالة، الخير، المحبة، المساواة، لذلك أصبحت السلفية مبدأ تتجاذبه الأطراف، وينطبق على الجميع قول القائل:

    وكلٌّ يدعي وصلاً بليلىوليلى لا تقرُّ لهم بذاكا
    إذا اتصلت دموع في خدودتبيَّن من بكى ممن تباكا
    وكما أننا نحاسب دعاة الإصلاح على ما حققوه من إنجازات إصلاحية، ونحاسب دعاة العدالة على ما أوجدوه بينهم بين الأمة من العدالة، فهكذا نحاسب كل مدَّع للسلفية على مطابقة أقواله وأفعاله لما كان عليه السلف الصالح في أحواله كلها، وبقدر هذا التطابق يكون القرب من السلفية والبعد عنها، والله وليّ التوفيق.
    س: ما هو موقفكم من التصوف؟
    ج: التصوف كغيره من العلوم، فما كل من تعاطى التصوف صوفي، دخل عليه الدخلاء الكُثُر وخاصة من المتأخرين، فأما أصله ومنشؤه فهو روح الإسلام، لا ينكر هذا أحد، فابن تيمية رحمه الله صوفي كبير، واقرأ كتابه "العبودية"، وابن القيم صوفي كبير واقرأ "مدارج السالكين"، فعلماؤنا كلهم صوفية، لكن التصوف ثلاثة أقسام: تصوف هو الصحبة للشيخ، فالشيخ والمريد وآداب السلوك هذا قسم.
    والقسم الثاني: التصوف الأخلاقي، تهذيب النفوس، والتربية، كمنهج الإمام الغزالي في الإحياء، والشعراني في كتبه كلها.
    وقسم ثالث: يسمونه علم الحقائق والعرفان، هذا الذي كان عليه الشيخ محيي الدين بن العربي وعبد الكريم الجيلي وأمثالهما. وهذا القسم فيه الأخذ والرد الكثير، أما الأول والثاني فلا أحد من علمائنا ينكره، ولو قلت: إن كل علماء الإسلام على القسم الأول والثاني ما كنت مبالغاً ولا مخالفاً للحقيقة، فأنا أتحدى أن يثبتوا أن أحداً من علماء المسلمين كان على خلاف هذا الخط، أما القسم الثالث: فأنا معهم، فيه وفيه.
    س: ما هو موقفكم من الأحباش؟
    ج: الأحباش على شذوذ وانحراف، شيخهم أعرفه حق المعرفة: الشيخ عبد الله الحبشي، زرته مراراً في دمشق، وزارني في بيتي في حلب، ومكث شهراً كاملاً في حلب، وكنت أزوره، وفي المدينة المنورة أول ما جئت ما كنت أسمع عنه شيئاً، وزرته عند أحد طلابه هنا، وهو محدث وفقيه شافعي وأصولي، أعرفه جيداً، لكن همّ أصحابه واهتمامهم ويبذلون الأموال والأرواح والأوقات لتمزيق المسلمين، والذي فاتَ الألبانيَّ أن يمزقه جاء الأحباش ومزقوه وكملوا عليه، ففي البلاد الكافرة المسلمون يصلون في مسجدهم نحو هذا الاتجاه، وهم يصلون باتجاه معاكس، وفي مجالسهم تختلط فتياتهم وشبابهم في مجالس يزعمون أنها مجالس فقه وحديث.. إلخ.
    وهم غُلاة حتى في المسائل التي هم فيها على حقّ، فهم مأوِّلة ولكن بعنف وتكفير وتسلح، وقد رفعوا السلاح في بعض المساجد في لبنان، نسأل الله أن يجمع قلوب المسلمين على الخير.
    س: ما موقفكم من الضعف العلمي الذي دخل على الأزهر وأهله؟
    ج: سببه الحكام والسلطة.
    س: ما موقفكم ممن انتقدكم مثل المنتقد لكم على تحقيقكم لكتاب تقريب التهذيب لابن حجر؟
    ج: المنصف منهم منصف على الرأس والعين، والمغرض مغرض ولا كرامة، ولكن أنا أسأل سؤالاً واحداً: قبل طبعتي للتقريب كانت هناك طبعة الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف رحمه الله، وطُبع منها عشرات الآلاف، وفي طبعته أخطاء كثيرة، فلما خرجتِ الطبعةُ التي انتقدتني طبعة دار العاصمة قلت لولدي محيي الدين: أمسِكْ نسخة الشيخ عبد الوهاب من التقريب التي قابلتُها بنسخة المؤلف وصححتُ عليها بالقلم، وعُدَّ الأخطاء التي كتبتها على الجزء الأول، فوصل به العدد إلى ألف ومائتين وخمسة وثلاثين خطأ مطبعياً في المجلد الأول، ولنفترض أن الجزء الثاني كان بهذا القدر، وأنا أعتقد أن العدد أكثر، فمجموع الأخطاء في الكتاب ألفان وخمس مئة غلطة أو أكثر، فلماذا لم ينتقد هو وغيره طبعة الشيخ عبد الوهاب بحرف واحد؟! ومسَّني ومسَّ طبعتي بكل انتقاد، وهو أَخَذَ عليَّ مئةَ غلطة فقط، فلو سلَّمت له بكل ما يقول، فعندي مئة، والشيخ عبد الوهاب عنده ألفان وخمس مئة، فلماذا يكيل لي بالصاعين والثلاثة، والشيخ عبد الوهاب لم يذكره أبداً، أي إنصاف هذا! وأي خُلق! مع أن الأخطاء التي أخذها عليَّ منها الصحيح ومنها الخطأ، ولم يلتفتْ إلى ما تداركته في طبعات لاحقة، بل تعنَّت ووقف عند الطبعة الأولى التي أصدرتها سنة 1406هـ، وصدرت طبعته سنة 1416هـ!!، وقد صدر لطبعتي بين هذين التاريخين عدة طبعات!.
    وأنا أعرف لماذا تسليط الضوء عليَّ وترك الشيخ عبد الوهاب، السبب هو لأنني كتبت ثلاثة أرباع الصفحة دفاعاً عن الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، فجريمة محمد عوامة دفاعه عن أبي حنيفة فقط.

    وعيَّرني الواشون أني أحبُّهاوتلك شكاة ظاهرٌ عنك عارها
    وعند الله الملتقى.
    وبمناسبة حديثي عن "التقريب" أقول: ذُكر لي أن بعض الطلبة المشتغلين كتب في منتدىً حديثيّ مقالاً عن أخطاء صاحبي "تحرير تقريب التهذيب"، فبلغت 231 موضعاً، وكتب بجانب الأكثر الأغلب منها أنهما وقعا في ذلك الخطأ تقليداً لي، وبالضبط: إنه نَسَب إليهم تقليدي في 217 موضعاً، فيكون قد نَسَب إليّ الغلط في 217 موضعاً، في حين أنه لا يسلم له منها إلا ستة مواضع فقط، هي أسقاط مطبعية، وسائرها 211 موضعاً فأغلاط في دعاويه، ولاسيما فيما يوهم بدعواه أنه يعتمد في توهيمي على مراجعته لأصل الحافظ ابن حجر ولغير ذلك: (جميع النسخ الخطية والمطبوعة)، ولقد تقبَّلت هذه الملاحظات بقبول حسن، وبدأت أنظر فيها تنبيهاً تنبيهاً، وأرجع إلى أصل الحافظ رحمه الله بدقة، فلم أر ما يؤيد مدّعاه، وما أهون دعوى الإجماع عنده إذ كثيراً ما يقول: جميع النسخ الخطية والمطبوعة!! فأيّ دعوى عريضة أغلظ من هذه الدعوى!!.
    س: هل من وصية مختصرة للعلماء وطلبة العلم والمحققين؟
    ج: الوصية الموجزة المختصرة: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم، وإن هذا العلم أمانة تحمّلوها بصدق، وأدُّوها يا أيها الناس بصدق، وتقبَّلوها بصدق، وعلينا أن نحرص على أن نؤدي هذه الأمانة بصدق وسلامة نقيةً قبل أن تأكلنا المبتدعة، وعلينا أن نجتمع قبل أن تأكلنا المبتدعة، ونعي وندرك واقعنا وحياتنا وما حولنا.
    فالشيخ أحمدو الشنقيطي حفظه الله ـ مثلاً ـ يشقُّ الشعرة في العلم ـ هذه كناية عندنا للدقة المتناهية ـ لكنه ابن عصره من ثلاث مئة سنة، فهو معاصر للذين كانوا من ثلاث مئة سنة، وليس ابن عصره اليوم، هذا نستفيد منه إلى حد ما، أما علماؤنا المعاصرون فيجب أن يكونوا أبناء عصرهم واعين لما حولهم، يؤدون هذا الواجب بيقظة ووعي وتوعية أيضاً، ولا يقصرون في أداء هذا الواجب.
    وأقول لطلاب العلم: طالب العلم والكتاب مثل الجندي والسلاح في أرض المعركة، فطلاب العلم يعيشون في معركة مع الجهل وأعداء الإسلام، والجندي إذا رمى سلاحه في أرض المعركة، ما حكم هذا الجندي؟ حكمه مجرم حرب، يقام له محكمة عسكرية ويقتل، وكذلك طالب العلم إذا ألقى الكتاب من يده فهو مجرم معركة وحرب، يجب أن يكون الكتاب صاحبه ليل نهار، ولكن مع التلقي، لا الكتاب وحده، بل مع صحبة العلماء.
    فعلينا بالعلم، وتقوى الله فيه، وسلوك المنهج الصحيح السليم في تحصيله وطلبه، هذا أهم ما أقوله لنفسي ولإخواني طلاب العلم، والله هو حسبنا ومعيننا.
    اللهم صل وسلِّم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ونسأل الله علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً، والحمد لله رب العالمي
    __________________
    [/color


    http://www.islamsyria.com/article.ph...etails&AID=984
    التعديل الأخير تم بواسطة Omarofarabia ; 24-Mar-2010 الساعة 12:13 AM

  6. #6
    كلتاوي الماسي
    الصورة الرمزية أم عبد العزيز

    الحاله : أم عبد العزيز غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Dec 2008
    رقم العضوية: 3540
    المشاركات: 1,662
    معدل تقييم المستوى : 120
    Array

    افتراضي رد: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    ما شاء الله ، كلمات تستحق أن تكتب بماء الذهب .
    نفع الله به الأمة وبارك في عمره وعلمه .
    [poem=font="Simplified Arabic,4,black,bold,italic" bkcolor="transparent" bkimage="backgrounds/2.gif" border="groove,4,darkred" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
    وظن به خيراً وسامح نسيجه =بالاغضاء والحسنى وإن كان هلهلا
    وسلّم لإحدى الحسنيين : إصابة =والاخرى اجتهاد رام صوباً فأمحلا
    وإن كان خرق فادركه بفضلة =من العلم وليصلحه من جاد مقولا
    وقل صادقاً : لولا الوئامُ وروحه=لطاح الأنامُ الكل في الخُلفِ والقِلى
    وقل : رحم الرحمن،حياً وميتاً=فتى كان للإنصاف والحلم معقلا
    عسى الله يدني سعيه بجوازه=و إن كان زيفاً غير خاف مزللا
    فيا خير غفار ويا خير راحم = ويا خير مأمول جَداً وتفضلا
    أقل عثرتي وانفع بها وبقصدها =حنانيك يا الله يا رافع العلا [/poem]

  7. #7
    كلتاوي نشيط

    الحاله : فراج يعقوب غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Aug 2009
    رقم العضوية: 5407
    العمر: 64
    المشاركات: 176
    معدل تقييم المستوى : 107
    Array

    افتراضي رد: ترجمة الشيخ المحدث المجاور محمد العوامه حفظه الله

    اللهم صل على سيدنا محمد وآله وسلم
    جزاكم الله خيرا
    وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي الحبيب العالي القدر العظيم الجاه وعلى آله وسلم

المواضيع المتشابهه

  1. ترجمة الشيخ احمد فتح الله جامي
    بواسطة الحنفي1900 في المنتدى منتدى التراجم
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 10-May-2008, 09:19 AM
  2. كتاب البرهان المؤيد للامام الرفاعي
    بواسطة الحنفي1900 في المنتدى المكتبة العلمية
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 30-Aug-2007, 08:51 PM
  3. التبيان في آداب حملة القرآن
    بواسطة عبيدة في المنتدى القرآن الكريم وعلومه
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-Jul-2007, 05:33 AM
  4. لوصف الكامل لرسول الله
    بواسطة alubaid في المنتدى السنة النبوية وعلومها
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-Jun-2007, 09:57 PM
  5. يجب أن تقرأ...للفائدة
    بواسطة عدي في المنتدى عالم الأحكام الفقهية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07-May-2007, 07:21 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •