( كلا ) في القرآن الكريم
حظى الحرف " كلا " بنصيب من الاهتمام لتعدد معانيه ، و تكرار و روده في القرآن الكريم فقد ورد في ثلاثة و ثلاثين آية " و قد ذكر " كلا " و معانيها أصحاب مؤلفات الوقف و الابتداء كابن الإنباري و النحاس ، و أصحاب كتب علوم القرآن كالزركشي في البرهان و السيوطي في الإتقان ، و اللغويون كالأزهري في تهذيب اللغة و المرتضى الزبيدي في تاج العروس ، و النحاة كسيبويه في الكتاب و الزمخشري في المفصل ، و أفرد لها البعض مصنفا خاصا كابن فارس ( ت 395هـ ) في رسالته ( مقالة كلا و ما جاء منها في كتاب الله ) و هي مطبوعة ، و ابن رستم الطبري في رسالته ( رسالة كلا في الكلام و القرآن ) و هي مطبوعة ، و مكي أبو طالب في رسالته ( الوقف على كلا و بلى في القرآن ) و هي مطبوعة .
و قد جاءت كلا في ثلاثة و ثلاثين موضعاً من القرآن تضمها خمس عشرة سورة تقع جميعها في النصف الثاني من القرآن .
أورد الزركشي في البرهان ، والسيوطي في الإتقان بيتاً من الشعر للديريني يدل على أن (كلا) لم تنزل في المدينة المنورة ، ولم ترد في النصف الأول أو الأعلى من القرآن الكريم ، وإنما وردت في النصف الثاني منه من سورة مريم، وهذا البيت هو :
وما نَزَلَتْ (كَلاّ) بيثربَ فاعْلَمَنْ * * * وما وَردَتْ في الذِّكْرِ في نِصْفهِ الأَعلى
وذكر عبدالعزيز الديريني (ت694هـ) في كتابه (التيسير في علم التفسير) وهي منظومة طويلة في التفسير ، تقع في ثلاثة آلاف بيت وخمسمائة تقريباً ، وقد تعرض الديريني في هذه الأرجوزة الطويلة لموضوع ( كلا )، فقال :
كلا لها وجهانِ ، معنى الزَّجْرِ * * * والرَّدعِ ، فالوقفُ عليها يَجري
والابتدا بها بمعنى حَقَّا * * * أثبت بها ما بعدها تُلقَّا
وهي ثلاثٌ وثلاثونَ استمعْ * * * والكُلُّ في النِّصفِ الأخيرِ فاتَّبِعْ
وكلُّها في السُّورِ المكيَّةْ * * * وقسمةُ القَيسيْ هيَ المَرْضِيَّةْ
والقيسي المذكور في البيت الأخير هو مكي بن أبي طالب القيسي رحمه الله ، وتقسيمه هذا ذكره في كتابه (كلا وبلى ونعم والوقف على كل واحدة منهن في كتاب الله عز وجل) الذي طبعته دار المأمون بتحقيق الدكتور أحمد حسن فرحات ، وقد لخص الزركشي محتواه في البرهان (1/522-524).
قال الشيخ سليمان بن عمر العجيلى المشهور بالجمل في كتابه الفتوحات الالهية بتوضيح تفسير الجلالين للدقائق الخفية 1\4: قد نظم بعضهم كلا الواردة في القراءن التي يجوز الوقف عليه والتي لا يجوز الوقف عليها فقال :
ثلاثون كلا أتبعت بثلاثةٍ
جَمعُ الذي في الذكرمنها تنزلا
ومجموعها في خمس عشرة سورة
ولا شئ منها جاء في النصف أولا
فخمسٌ عليها قف تماماً بمريمٍ
وفي الشعرا اعددهُ وفي سبإ جلا
وفي تسعةٍ خيرٌ قد افلح سائل
ومدثر بدءٌ وثالثه حلا
وأول حرف في القيامة قد أتى
ومطفف ثانٍ وفي الفجر أولا
وفي عمد حرف ولا وقف عندهم
على ما سوى هذا لمن قد تأملا
وعند إمام النحو في فرقة سموا
عليها يكون الوقف فيما تحصلا
وليس لها معنى سوى الردع عندهم
وإن أوهمت شيئا سواه ُتؤولا
وقال سواهم إنما الردع غالب
وتأتي لمعنى غير ذاك محصلا
كحقا ومعنى سوف في نادر أتت
ومثل نعم أيضا ومشبهة ألا
فقف إن أتت للردع وابدأ بها إذا
أتت لسوى هذا على ما تفصلا
**************
وهناك أرجوزة أخرى للشيخ محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن الأنصاري ، كنيته أبو بكر ، شهرته ابن المحلي نسبة إلى المحلة بمصر .
فياليت أحد الإخوة يتبرع فينقلها لنا مشكوراً.
المفضلات