قصة العالم الدكتور مصطفى محمود:

لكل إنسان بصمة يتميز بها ، وعمل يعرف به . ومن هؤلاء الذين تشهد أثارهم بأعمالهم العالم المصري الطبيب والفيلسوف والأديب الدكتور مصطفى محمود .وفي هذه السطور سنمر معظم محطات حياته ، نركز على إبداعاته ، وإسهاماته و ، فالرجل وقد صرح أنه بعد تقلبه بين الشرك والايمان، انتهى به الأمر إلى الإسلام وقد مات على ذلك رحمه الله .ولد الدكتور مصطفى محمود في عام 1921م وبدأ حياته متفوقاً في الدراسة محباً للعلم إلا أنه في المرحلة الإبتدائية ضربه مدرس اللغة العربية ، فحصل له اكتئاب ورفض الذهاب للمدرسة ثلاث سنوات حتى ترك ذلك المدرس المدرسة وبعدها عاد إلي المدرسة وواصل دراسته وبدأت تظهر عليه الموهبة وعلامات العبقرية ونهمه للعلم .
وفي منزل والده أنشأ معملاً صغيراً ، وأخذ يصنع فيه الصابون والمبيدات الحشرية لقتل الصراصير ، ثم يقوم بتشريحها وبعد إلتحاقه بكلية الطب أطلق عليه لقب ، ” المشرحجي ” ، نظراً لوقوفه الطويل أمام أجساد الموتى ، طارحاً التساؤلات حول سر الحياة والموت وما بعدها .من خلال نهمه الشديد للقراءة واطلاعه الواسع برع الدكتور مصطفى محمود في أبحاثه الدقيقة واستنتاجاته المذهلة في كشف الكثير من أسرار الطبيعة وغموض الفضاء والأبحاث السرية للغرب ، ومما زده توهجاً أسلوبه الرائع في عرض المعلومات والحقائق .وبالرغم من مؤلفاته الكثيرة ومهاراته الأدبية إلا أن شهرته الواسعة اكتسبها من خلال برنامجه الشهير العلم والإيمان الذي عرض عبر التلفيزيون المصري وامتد عرضة لثمانية عشر عام ووصلت حلقاته إلي 400 حلقة استطاع الدكتور من خلالها ربط المعاني الإيمانية بالحقائق العلمية صانعاً بذلك مادة علمية دسمة مزج من خلالها العلم بالتأمل وقد نتج عن ذلك البرنامج الضخم رفع لمستوى الوعي والإدراك لدى الشعوب العربية ومما زاد قيمة هذا البرنامج وذلك الجهد الفترة الحرجة التي عرض فيها وقد تكرر عرض برنامج العلم الإيمان في أكثر المحطات العربية الرسمية .له عدة مؤلفات نالت شهرة واسعة على مساحة الوطن العربي ، في اخر مؤلفاته بدى واضحاً تأثره بالفكر الصوفي و قد صرح عن ذلك بكل وضوح في كتابه " السر الاعظم " بأنه وجد ضالته و ماكان يسعى عليه في الفكر الاسلامي الصوفي و خاصة في مؤلفات الشيخ الاكبر " محي الدين بن عربي " .
ومن إسهاماته في دعم البحث العلمي إنشاء الجمعية الفلكية وهي جمعية غير ربحية ومن أنشطتها رصد الأجرام السماوية ومساعدة الراغبين في هذا المجال من الشباب حيث تحتوي هذه الجمعية على تلسكوب عملاق يحتوي على قبة سماوية وجهاز حاسب آلي وخزانة ذاكرة بوسعها تسجيل نحو 65 ألف جرم سماوي من مجرات وشموس وأقمار وكواكب وغير ذلك .
ومن مصطفى محمود العالم والباحث ، ننتقل لمصطفى محمود الإنسان والمحسن فقد أنشأ جمعية مصطفى محمود الخيرية وقد وصل حجم أصولها المالية 110 مليون جنيه مصري ويعمل بها أكثر من 1200 شخص ما بين أطباء وهيئة تمريض وعمالة فنية ، وقد وضع لها الدكتور مصطفى محمود نظام إداري رائع كعادته ، حيث أنه هذه المؤسسة لا تعتمد على التبرعات الخيرية فقط حيث تعمل هذه الجمعية بنظام إنتاجي بحيث يتم تحقيق إيرادات وتدويرها في مختلف الأنشطة المختلفة ، وأكبرها مستشفى الدكتور مصطفى محمود الذي يقدم خدمات الطبية المميزة للفقراء والمعدمين ، وأيضاً تهتم وتدير هذه المؤسسة مسجد الدكتور مصطفى محمود . إضافة لتقديمها للتبرعات المالية والعينية للفقراء والمعدمين .
وبعد أن تجاوز الدكتور مصطفى محمود الثمانون عام أصيب بالزهايمر واستمرت المعاناة لمدة خمس سنوات توفي بعدها رحمه الله في 2009م عن عمر يناهز 88 عاما. وصلي عليه في المسجد الذي أسسه مسجد مصطفى محمود وشيع وسط جموع غفيرة من تلاميذه ومحبوه وكثيراً والفقراء والمساكين الذي طالما غمره بإحسانه .