الجزائر الفرنسيه وجزائر ابن باديس العربيه الاسلاميه
طلبت فرنسا رسميا عن طريق قناصلها وسفرائها في أوروبا الغربية من الأوروبيين أن يهاجروا إلى الجزائر بدلا من أن يهاجروا إلى الولايات المتحدة الأميركية أو كندا، لأن الجزائر أقرب ولأن هواء الجزائر ألطف وأجمل، ولأن فرص العمل فيها متاحة أكثر وغير ذلك من الترغيبات.
وفتحت البنوك والشركات التي مكنت المستوطنين من بناء المستوطنات و استغلال الأراضي التي يحتاجونها للزراعة الاستراتيجية التجارية التي تحتاجها أوروبا هناك من صناعة خمور من زراعة حبوب من زراعة محاصيل متعددة، من تربية حيوانات وما إلى ذلك.
وبعد ان سرقوا الارض أصبحوا يعاملون الجزائرين معاملة الخدم فهم غرباء في بلادهم و أصبح هؤلاء المستوطنون يطالبون بأن تطبق عليهم نفس الحقوق ونفس الامتيازات التي للفرنسيين في فرنسا.
ولهذا سنلاحظ أن الجنسيات تعددت ووصل عددهم حوالي المليون مستوطن مقابل 10 مليون جزائري وقد استولوا على مليون وستمائة وثمان وأربعين ألف وستمائة وسبعة وسبعين هكتار حوالي 90 بالمئة من الأراضي الخصبة للجزائر وقد أصبح المستوطنون أو الجيل الرابع يتمتع بشخصية مميزة، باستقلالية مالية، باستقلالية نيابية، أصبحوا يسيطرون على السياسة والقرار في باريس نفسها، أصبحت هنا لهم صحافتهم الخاصة ولهم عملتهم الخاصة ولهم ثقافتهم الخاصة ولهم امتيازاتهم الخاصة، ولهم حكمهم الخاص ولهم تدبيرهم الخاص، هنا تفطن الجزائريون بعد ان وجدوا أن أركان Algérie française أو الجزائر الفرنسية قد توطدت بالقانون وبالمؤسسات الميدانية.
لم يشعر الجزائريون بخطر ماحق ومدمر في تاريخهم كهذه المرة، فأمام واقع استيطاني غير خارطة الأرض والإنسان وجدت النخبة القليلة من الجزائريين نفسها أمام ضرورة ملحة وعاجلة لمجابهة الوضع الخطير فتأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، كرد ايجابي سريع من طرف الشعب الجزائري ورفعت ثلاثية الشعار الجزائر وطننا اﻹسلام ديننا والعربية لغتنا، وهي أسلحة فتاكة كان أخشى ما يخشاها الاحتلال.
و قبل أن تؤسس هذه الجمعيه كانت قد بدات حركة إصلاحية دعا إليها ابن باديس وغيره ولكن ابن باديس هو الذي برمج للحركة اﻹصلاحية، فبدأها مثلا بالتعليم ثم بدأها بالصحافة ثم بدأها بإنشاء مطبعة ثم بدأها بإنشاء نوادي وقام بجولات في القطر الجزائري وتواصل مع كل النخب ومع كل العلماء ومشايخ الطرق الصوفية فقد راى ابن باديس وجماعته أن الهدف لا يمكن أن يتحقق في جيلهم ولذلك لا بد من العمل على تحضير جيل مستقبلي يأخذ على عاتقه تحرير الوطن ان الفضل الاول يعود الى جمعية العلماء للمسلمين الجزائريين في تغذيه الروح الوطنية والحفاظ على الهوية الجزائرية واللغة العربية والدين الإسلامي في الجزائر.