عندما كنت أتصفح رسائل شيخ الأدب والأدباء في زمانه أبي منصور الثعالبي
استوقفتني هذه الرسالة أو هذه (الخاطرة ) كما يسميها أدباء عصرنا
فأحببت أن نستفيد من بلاغتها وملامستها للواقع
فمخاطبة النفس البشرية هي قمة البلاغة وقد ترجم لرسالته هذا العنوان
(باب في كراهة الغربة)
" رسالة في حل قول الشاعر "
إذا ما ذكرت الدار فاضت مدامعي 000 وصار فؤادي نهبة للهماهم
حنينا إلى ارض بها اخضر شاربي 000 وحلت بها عني عقود التمائم
" وقول الآخر "
لقرب الدار في الافقار خير 000 من العيش الموسع في اغتراب
" وقول علي بن الجهم "
يا رحمتي للغريب بالبلد النا 000 زح ماذا بنفسه صنعا
فارق احبابه فما انتفعوا 000 بالعيش من بعده ولا انتفعا
كتبت اطال الله بقاء مولاي واذ تذكرت الوطن خنقتني العبرة.
واستولت علي الزفرة. حنينا إلى ارض انشأتني تربتها وغذاني هواءها.
ورباني نسيمها. وحلت عني التمائم فيها. وتأسفا على بلدة بها اخضرار شاربي.
واقتبال شبابي. وفيها مجمع اترابي. واخواني واحبابي.
وقد كانت الاقامة بها مع الاعسار. احب الي من استيطان سواها على اليسار.
ولكن قضاء الله لا دفاع دونه ولا احتجاز.
ولا امتناع منه ولا احتراز فيا رحمتي للغريب المبتلى بكربة الغربة. وحرقة الفرقة.
المقيم بالبلد البعيد من وطنه. النائي عن سكنه.
ويا لهفي على ما صنع بنفسه. وقطع من انسه.
حين فارق احبابه الاخصين واخوانة الاخلصين.
فلاهم ينتفعون بالعيش من بعده. ويستريحون من التألم لبعده.
ولا هو يستمتع بعدهم بحياته ويفرق بينهم وبين مماته وما على الله بعزيز أن يرد غربته.
وييسر إلى احبابه اوبته
الكتاب : رسائل الثعالبي
المفضلات