النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: العشر من ذي الحجة

  1. #1
    كلتاوي نشيط

    الحاله : كريم غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2007
    رقم العضوية: 26
    العمر: 35
    المشاركات: 183
    معدل تقييم المستوى : 124
    Array

    7 العشر من ذي الحجة

    [justify]
    العشر من ذي الحجة

    خطبة للشيخ محمد اليعقوبي

    أول ما نبتدئ به بيان فضل هذه الأيام، أيام عشر ذي الحجة، وهي أيام مباركة ينبغي للإنسان فيها المسارعة إلى العمل، المسارعة إلى الطاعة، صيام النهار وقيام الليل وتلاوة القرآن.. فالحجاج قد رحلوا أو أوشكوا على الرحيل، وهم يشتغلون بالطاعات، يتلبسون بثياب الإحرام، والإحرام وحده طاعة لله عز وجل، مجرد الإحرام طاعة لله عز وجل، وإن لم يقم الإنسان بطواف أو سعي مع الإحرام، فالإحرام إنما هو في الأصل النية مقترنة بالتجرد عن اللباس المخيط والمحيط بالبدن، والإحرام امتناع عن النساء وعن الطيب ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى وتقرباً إليه، فالحاج الذي يحرم قد تلبَّس بطاعة، فما هو حظ الذي بقي من الناس في بلده وموطنه ولم يكتب الله تعالى له الحج؟.. حظه هذه الأيام وهذه الليالي المباركة، حظه أن يرجع إلى الله تبارك وتعالى بالتوبة والإنابة.

    فالتوبة والإنابة والطاعة والعبادة لا تعرف مكاناً ولا زماناً، وإقبال الله تبارك وتعالى على العبد لا يحدد بمكان ولا بزمان، إذا قام في جوف الليل يدعو ربه ويتوب إليه، نقول له: يقول الله تبارك وتعالى: ] وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [ [الشورى،25] وإذا مد يديه إلى الله تبارك وتعالى وقد أسرف على نفسه تائباً مستغفراً مقبلاً على ربه في الصين أو المغرب أو مكة أو المدينة.. نقول له: يقول الله تبارك وتعالى: ] قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً[ [الزمر،53].

    نعم لبعض الأوقات فضائل، ولبعض البلاد فضائل، يستجاب الدعاء في بعض الأوقات أكثر مما يستجاب في غيرها، فوقت السحر له خصيصة معينة، ]وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ[ [آل عمران،17]، ووقت بعد العصر من صلاة الجمعة من يوم الجمعة إلى حين الغروب له خصيصة فيما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إن في يوم الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو ربه إلا استجيب له)، وكذلك شأن الأماكن والبقاع، فالدعاء عند الملتزم، والدعاء يوم عرفة على جبل عرفة وجبل الرحمة، والدعاء عند النظر إلى الكعبة.. لا شك أنه خاص بتلك البقاع وتلك الأماكن المشرفة.

    ولكن الله تبارك وتعالى يقبل عليك بقدر ما تقبل عليه سبحانه، ومعيار أو مفتاح معرفة إجابة الدعاء إنما هو الصدق والإخلاص الذي تقبل به على ربك، فلا ينبغي لأحد أن يحزن إذا فاته الحج هذا العام، لا ينبغي لأحد أن يأسى إن لم يُكتب له، إما لأنه لا يملك النفقة، وهذا قليل في مثل هذه الأحياء، وإما لأنه لم يُقدَّر له أن يحصل على الإذن والجواز الخاص بالحجاج، ولعل في ذلك حكمةٌ الله تعالى أعلم بها.

    وقد تنازع الناس قبل الحج في شأن جواز الحج أو وجوبه أو كراهيته بسبب انتشار هذا الوباء المسمى: (h1n1) تأدباً وتلطفاً، والمعروف باسم: (انفلوانزا الخنازير)، والكفار لأنهم يأكلون لحم الخنزير ما أرادوا ربط هذا المرض بلحم الخنزير، فاستنبطوا له هذا الاسم الآخر، والأولى تعريفه باسمه الذي انتشر منه، وهو الحيوان الذي ذكره الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم محرماً أكل لحمه، انظروا إلى الطريقة التي ذُكِر بها في القرآن الكريم، نظراً إلى أن الخنزير تشمئز منه النفس أشد اشمئزاز، فإن الله تبارك وتعالى لما أراد تحريمه مهد لذلك، (إنما حرم عليكم الميتة) تبدأ النفس بالاشمئزاز.. الميتة!.. إنسان يأكل الميتة؟!.. ثم قال: (والدم) بعد ذلك، فتشمئز النفس أكثر.. أحد يأكل الدم؟!.. ثم قال بعد ذلك: (ولحم الخنزير) ولم يقل: والخنزير، (إنما حرم عليكم الميتة) ما قال: لحم الميتة؛ لأن الميتة أخف وأهون، قال: ]إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ[ ثم قال: ]وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ[ [البقرة،173] تمهيداً، ما قال: إنما حرم عليكم لحم الخنزير، لأن النفس تشمئز أشد اشمئزاز من هذا اللفظ.

    بعض الناس رأى أن لا يحج هذا العام بسبب الوباء، وتفاوتت فتاوى المفتين، بعض البلاد أغلقت باب الحج على الحجاج، أقول: هذا لا يجوز، لعدة أمور..

    الأول: أن نسبة المصابين بهذا المرض نسبة قليلة، والنسبة القليلة هذه قد تكون واحد بالمائة أو اثنين بالمائة أو خمسة بالمائة.. نسبة لا تكفي لإثبات التحريم، فهو لم يصر وباء يصيب كل من يتعرض له، والعبد بفضل الله تبارك وتعالى قد رحلت بعد انتشار الوباء إلى بريطانيا وتركيا، عدة مرات إلى بريطانيا، والفضل لله تبارك وتعالى ونحن نجتمع بآلاف الناس في الدروس والخطب والمحاضرات هناك ولم يحدث شيء بفضل الله عز وجل، والفضل والمنة له سبحانه، وبعضكم أيضاً رحل وسافر واجتمع بالكثير من الناس، إذاً نسبة المرضى الذين يصابون بهذا المرض ما تزال نسبة لم ترتق إلى الأغلبية، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية لم تصل النسبة إلى عُشر السكان، أظن كانت الإحصائيات قبل جمعة نحو: عشرين مليون ممن أصيب بهذا المرض.

    والناحية الثانية: أن التضرر بهذا المرض -كالوفاة مثلاً- أيضاً نسبة ضئيلة، فمن يصاب بهذا المرض ينجو بإذن الله عز وجل، والذي يموت من الإصابة بهذا المرض إنما هو عدد يسير قليل من الناس بالنسبة لمن أصيب به، ففي الولايات المتحدة يقولون: أصيب به أكثر من عشرين مليون، والإحصائيات تقول أن الذين ماتوا من هذا المرض نحو خمسة آلاف، وهو أكثر بكثير -أيها الإخوة- من الذين يموتون بسبب الزكام والذين يموتون بأمراض السكري والذين يموتون بأمراض الجلطة والذين يموتون بأمراض السمنة والذين يموتون بالأمراض الأخرى..!

    فالتهويل للمنع من الطاعة والعبادة لا يجوز، التهويل لأخذ الاحتياط نعم لا مانع منه، لكن أن يصل بنا تهويل هذا المرض والمبالغة فيه إلى المنع من الطاعات والعبادات، هذا مما لا يجوز.

    ثم من بعد ذلك ننتقل إلى تلك البقاع المقدسة.. ألف بعض العلماء كتاباً في فضائل ماء زمزم، ذكر فيه أن من فضائل ماء زمزم ومما ينبغي أن يذكر أن الناس يفدون من كل البلاد ويشربون من ماء البئر، الآن البئر مغلق، لكن قبل بضعة عقود كان البئر مفتوحاً للناس، وكان الماء يُستقى بالدلو، وللاستقاء أصول وآداب لا يعرفها إلا من مارس ذلك، إلقاء الدلو في البئر يحتاج إلى خبرة، لكي يحمل الإنسان به أكبر قدر ممكن من الماء، هذا يسمى: (متحاً) في اللغة العربية، ومن شواهد العربية:

    يا أيها الماتح دلوي دونكا *** إني رأيت الناس يقصدونكا

    وقد يرمي الإنسان الدلو ويخرج بالقليل من الماء، وقد يرميه ويملؤه، لذلك يقول بعض الأدباء:

    وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألـقِ دلوك في الدلاء

    تجيء بملئـها طوراً وطوراً *** تجيء بحمـأة وقليل ماء

    نقول: هذا لمن جرب التجارة أو بعض الصفقات مرة وخسر، نقول له: لا تبتئس، هذه المرة جاء الدلو بقليل من الماء أو بشيء من الحمأة والطين، جرب مرة أخرى يأتي إن شاء الله مليئاً بالماء.

    فكان الناس يستقون ويتوضؤون عند بئر زمزم، ويشرب الواحد من فضلة الآخر، يقول العلماء: لم يذكر في التاريخ ولم يرو إطلاقاً ولم يحدث أبداً أن وباء انتشر فيما بين الحجاج!.. أربعة عشر قرناً مضت، لم يذكر إطلاقاً أن مرضاً أو وباء أو طاعوناً انتشر فيما بين الحجاج.. ولا تحسب أن المسلمين قد غفلوا عن مسألة الطاعون والوباء، فقد أرخ العلماء المسلمون قديماً للزلازل، كل زلزال حدث في مكان معين في بلد معين مؤرخ، وأرخ العلماء للطواعين والأوبئة التي انتشرت، بل ألف العلماء كتباً في الوقاية من الطواعين والأوبئة العامة، فالوعي الصحي كان واسعاً عند المسلمين، نعم، لم يكن عندهم طرق الوقاية من هذه الأوبئة كالجدري مثلاً بالتطعيم، لكن كانت عندهم طرق أخرى معروفة.

    إذاً مما يُذكر لماء زمزم، ومما يُذكر للبقاع المقدسة أن أحداً لم يصب إطلاقاً، وأن وباء لم ينتشر، مع أن مئات الآلاف كانوا يحجون ويعتمرون ويجتمعون في وقت واحد في الأيام القديمة.. هذا من بركة البقاع المقدسة، ومن بركة ماء زمزم، هذا من التجلي الرباني والحماية الإلهية التي يسبغها الله تبارك وتعالى على من يقصده مخلصاً لوجهه، قاصداً عبادته.. تقصد بيت الله عز وجل وتترك أهلك وولدك ومالك وتجارتك وتخرج إلى الحج، ثم تصاب بمرض من الحجاج؟!..

    أيها الإخوة.. حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (لا عدوى) يخطئ بعض الناس في فهمه، وقد شرحناه قديماً، أقول باختصار: حديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر) الذي أخرجه البخاري ومسلم، هذا حديث يتعلق بالاعتقاد لا بل العمل، لا شأن له في العمل، معنى ذلك أنه لا تأثير للمرض بذاته.. العمل: (فر من المجذوم فرارك من الأسد)، العمل: (إذا نزل الوباء بأرض، فلا تدخلوا إليها ولا تخرجوا منها).. هذا هو العمل، أما حديث: (لا عدوى) فهو حديث يتعلق بتصحيح الاعتقاد الذي كان عليه العرب في الجاهلية، من تأثير العدوى ومن خلق المرض -والخلق لله تبارك وتعالى- من التشاؤم في صفر.. والتشاؤم لا يجوز لوقت ولا لمكان ولا لزمان أو لأحد أو لشيء إطلاقاً.. وأمثال هذا.

    إذاً لا ينبغي أن يصدنا انتشار الوباء هذا عن الحج إلى بيت الله تبارك وتعالى، أو القصد إلى طاعة، بعض الناس ربما لا يقصد المسجد، بعض الناس بدأ يتخوف من قصد المسجد، قال: لأن في المسجد زحام شديد، وربما تنتقل العدوى!!.. نقول: هذا بيت الله عز وجل أيها الإخوة، نحن في ضيافة المولى سبحانه، نحن ضيوف الرحمن في بيت الرحمن سبحانه وتعالى، والمضيف رب البيت، إذا جاءك ضيف تسعى في خدمته، تسعى في راحته قدر المستطاع، نحن عيال على الحق سبحانه، متوكلون عليه في بيته، لا ينبغي أن يصدك المرض إطلاقاً، فضلاً عن أن يصدك عن أداء فرض هو الحج، أو أداء نافلة إن كنت قد حججت الفريضة.

    ذهب الحجاج أيها الإخوة، ونحن بالأشواق، لا شك أن القلب يحن لزيارة الحبيب الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لا شك أن الإنسان يشتاق للطواف في الكعبة المشرفة، لا شك ولا ريب أن الواحد منا يريد في كل عام أن يمشي في تلك البقاع التي مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبا، في تلك البقاع التي مشى فيها أصحابه، يريد أن يرى الكعبة بأم عينيه.. لكن، ما ثواب الذي بقي فيما بيننا يطيع الله تبارك وتعالى ويعبده ويقوم بما افترضه عليه بأدنى من ثواب الذي حج، إذا كان حجه نافلة.. ثوابك إذاً في هذا العشر -أيها الأخ المؤمن- إذا ما اتقيت الله تبارك وتعالى، وقمت بواجبك نحو أهلك نحو إخوانك في السعي في العمل في خدمة المسلمين، مع غض البصر وأكل الحلال والصلاة على وقتها وتلاوة القرآن وقيام الليل.. ليس ثوابك -إن شاء الله- بأدنى من ثواب الذي حج، نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب لنا ولكم الحج في القادمات من الأعوام بإذنه سبحانه، وأن يكتب لنا ولكم العمرة والزيارة في خلال هذا العام وأثنائه.

    الجمعة القادمة يوم عيد، وبيننا وبين العيد الآن سبعة أيام أيها الإخوة، معظم الناس يشتغل فيها بالطعام والشراب، معظم الناس يشتغل فيها بالدنيا والتجارة، فأهل التجارات تقبل عليهم الدنيا ويتفرغون لها ويقصرون في حقوق المولى سبحانه، فلا ينبغي لنا أن نقصر، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام العمل أحب إلى الله تعالى فيها من هذا العشر) وفي يوم عرفة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة، إني أحتسب عند الله تعالى أنه يكفر ذنوب السنة التي قبله) أي: يكفر ذنوب سنة ماضية، ويوم عرفة يوم اشتغال الناس بالتجارات والتسوق.. أي: اشتغال الناس بالدنيا، الناس يشتغلون بالدنيا وأنت مقبل على ربك سبحانه وتعالى، لا شك أن الثواب جزيل والفضل عميم.

    نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا وإياكم على اغتنام فضيلة هذه الأيام والليالي، وأن يبلغنا وإياكم هذه المواسم والأوقات، وأن يكتبنا وإياكم من حجاج بيته بالثواب والفضل، إنه سميع قريب مجيب، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه........[/justify]
    كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه

  2. #2
    المشرف العام
    الصورة الرمزية أبوأيمن

    الحاله : أبوأيمن غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2007
    رقم العضوية: 3
    الدولة: أبوظبي
    الهواية: القراءة والتصفح
    العمر: 44
    المشاركات: 5,392
    معدل تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي رد: العشر من ذي الحجة

    اللهم تقبل منا ما كان صالحاً وأصلح اللهم ماكان فاسداً

  3. #3
    المشرف العام
    الصورة الرمزية أبوأيمن

    الحاله : أبوأيمن غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2007
    رقم العضوية: 3
    الدولة: أبوظبي
    الهواية: القراءة والتصفح
    العمر: 44
    المشاركات: 5,392
    معدل تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي رد: العشر من ذي الحجة

    أذكر نفسي وإخواني بقراءة هذه الصفحة من جديد

المواضيع المتشابهه

  1. أكبر موقع إلكتروني عن القرآن الكريم
    بواسطة سيف الله المسلول في المنتدى القرآن الكريم وعلومه
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-Nov-2009, 08:40 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •