آباء وأبناء من مشاهير الأعلام والعلماء
(20 ) زُرَيع بن يزيد وابنه ( يزيد )
إن حديثنا اليوم عن رجل لا يعرفه إلا أهل الاختصاص في علم الحديث والرجال ، إنه ( يزيد بن زريع العيشي ) .ويرجع بنسبه إلى بكر بن وائل ، وكان من سكان البصرة .
ويزيد بن زريع كان من بيت قيادة وزعامة فقد كان أبوه واليا للخلفاء العباسيين على الأُبـُلّة في البصرة .
ولكن يزيد بن زريع لم تشغله الدنيا ولا الأموال ، بل انقطع لطلب العلم والمدارسة وطلب الحديث والتحق بكبار المحدثين فروى عنهم وأخذ عنهم الحديث الشريف . كأمثال سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث ، وشعبة بن الحجاج الذي لا مثيل له في الدنيا ، ومحمد بن عمرو بن علقمة الليثي إمام الحديث في عصره ، وشيخ الإمام مالك بن أنس . مما بلغ من العلم ذروته وصار يشار إليه بالبنان حتى جاءه الطلبة من كل مكان يطلبون الحديث على يديه ، كأمثال (بشر الحافي ) إمام الزاهدين في عصره وعبد الله بن المبارك الإمام العلم المجاهد ، وعلي بن المديني وعبد الرحمن بن مهدي الإمامين في الجرح والتعديل .
حتى شهد له العلماء بالفضل والعلم ومنهم الإمام أحمد : حيث قال : إليه المنتهي في التثبت في البصرة ، وقال ابن معين (يزيد بن زريع : الصدوق الثقة المأمون ) ومر عبد الله بن المبارك على رجل بهمذان يحدث عن يزيد بن زريع فقال ابن المبارك : عن مثله فحدث. وقال أبو عوانة : صحبت يزيد بن زريع أربعين سنة يزداد في كل سنة خيراً لقد كان رحمه الله من أورع الناس وأزهدهم رغم أن أباه كان والياً للخلفاء . لكنه مال إلى الزهد والتقشف شأنه كشأن كثير من العلماء وكان آباؤهم ملوكاً أو وزراء أو ولاة .
ومما يزيدنا معرفة بقدر هذا الرجل وعظيم زهده ، أن أباه لما مات ترك مالاً كثيراً ومنهم من قال : لقد ترك خمسمائة ألف دينار ولما جمعت العائلة لتقسيم هذه الأموال ، قال يزيد بن زريع : أما أنا فلا آخذ درهماً واحداً خشية أن يكون مال أبيه فيه شبهة، وترك المال لإخوته وأخواته ، ولهذا الأمر ترحم عليه أحمد بن حنبل .
كان رحمه الله كثير الصلاة والعبادة لله وكان صاحب سنة واتباع , قال نصر بن علي : رأيت يزيد بن زريع في المنام فقلت ما فعل الله بك ؟ قال : أدخلني الجنة ، قلت : بماذا ؟ قال بكثرة الصلاة .
لقد كان إلى جانب أنه حافظ متقن ومحدث ثقة أنه كان مجوداً للقرآن الكريم ، حتى قال الذهبي ، كان محدثاً مجوداً محدث البصرة وكان فيها عشرة في عصره من المحدثين كان يزيد واحداً منهم . حتى قال أحمد : هو ريحانة أهل البصرة ، مما يمّيزه على غيره . لقد مات سنة 182هـ فرحمة الله عليه وجزاه عن أمة المسلمين خيراً.
بقلم : د0 محمد نور العلي
المصادر : سير أعلام الذهبي , تهذيب الكمال , الجرح والتعديل
ملاحظة :
بهذا الإمام العلم وهذه الشخصية الحديثية أنهي هذه السلسلة من " آباء وأبناء من مشاهير الأعلام والعلماء " أرجو أن تكون قد نالت إعجابكم واستحسانكم وقد قضيتم معها أوقاتا طيبة فالشكر لكل من مر وعلق وأفاد والشكر لكل من لم يعلق ولم يمر ولم تعجبه هذه السلسلة , وربما لنا عودة إن شاء الله تعالى .
المفضلات