سهى هشام الصوفي إبنة اللاذقية صاحبة قلم مرهف يبدع في رسم صور رائعة نشرت ديوانا لها مؤخرا
أخترت لكم القليل من حروفها ...................
- رسالة اعتـذار -
من أشعار سهى هشام الصوفي
أعتذر منك يا أبي
لأن الصبح ما زال
يقبل خدي
كل نهار
ودموعي
لم تشكل نقطة من ماء
البحار
وحبي لك
فشل في الاختبار
فلم أمت
أو أجن
أو أصب بانهيار
أعتذر منك يا أبي
لأني ما استطعت
أن أجفف
دموع احتضارك
أو أذهب إلى المقبرة
وأقوم بإحضارك
وأني كنت بعيدة
وأنت
تغلق أجفانك
فما استطعت ضمك
أو رمي نفسي في
أحضانك
ولم أجرؤ أن أنزع عنك
أكفانك
أو أطيل النظر إلى
جثمانك
فاعذرني يا أبي
لأني لم أطلق على نفسي
رصاصة الرحمة
بعد فقدانك
ولم أفقد قابلية الحياة
بعد حرمانك
ولم أقنع القدر
أن يأخذ نصف عمري
قربانك
فبيتنا من بعدك
ما عاد له
جدران
وساعي البريد
نسي لنا أي
عنوان
وعماد بعد أن مت على
يده
صار طوال الوقت
بردان
فقد احترق العالم
ولم يبق منه إلا
الدخان
اهتزت الأرض
وأمك العاجزة تقرأ
على روحك
سورا من
القرآن
فغيابك يا أبي
أشعل فينا الحريق
وجعل كل واحد منا
غريق
وميز لنا
الغريب من القريب
حتى بتنا
أمواتا
لولا هذا الشهيق
فأقسم لك
ياأبي
أننا رمينا السعادة
ساعة جنازتك
في قبو سحيق
وأن الربيع
هجرنا
بعد أن أخذت معك
الزهر
والرحيق
وأن وجودك
رغم غيابك
ما زال يلمع
بأعيننا
كأكبر بريق
أقسم لك ياأبي
كأكبر بريق …
- نامي مدينتي واتركيني أثرثر -
من أشعار سهى هشام الصوفي
صباح الخير مدينتي من وراء فجرك الجميل
أعرف أنك ما زلت نائمة
غافية على وسادة خاطتها جدتك قبل الرحيل ..
النهار في مدينة غربتي أفاق منذ ساعات
وأنا مازلت أعدّ كم ساعة بقيت لتفيق مدينتي وتحتسي القهوة
كم ساعة لتفتح أمي نافذة الغرفة وترن لي رنة واحدة على الهاتف :
لقد صحوت يا ابنتي ، فلا تقلقي عليّ ..
إيه مدينتي كم أنت عالقة في البال !
مازلت تضخين في يومي كل يوم دمك
هل تتبرعين بدمك إلى كل مغترب ؟
هل تحملينه دم العشق ؟
هل ترسمين على وجهه ملامحك ؟
هل تعلقين في عنقه اسمك لتكوني هويته إن ضاع في وديان الغربة المظلمة ؟
سأتركك مدينتي نائمة ، لن أثرثر فوق رأسك
نامي حبيبتي ، وحين تستيقظين مدي لي يدك
داعبي شعري ، اطبعي على جبهتي قبلة أبي
تسع سنوات ولم يطبع أحد على جبهتي قبلة ..
نامي حبيبتي ، وحين تستيقظين رددي اسمي
أرجوك ردديه
أريد أن أعرف أني على بالك
رددي اسمي بأعلى صوتك لأعرف أني ما زلت حقيقة ، لا امرأة بلا بصمات ولا آثار خطوات
رددي اسمي حبيبتي لأعرف أنه ما زال لي اسم وكنية ومدينة ووطن لي في مقابره تاريخ ،
وفي شرفاته مواعيد ، وفي لياليه حكايات انتظار ، وفي نهاراته فنجان قهوة ،
وفي حاراته بيت عتيق وحديقة وذاكرة ..
رددي اسمي مدينتي حين تستيقظين
اليوم أحتاج لأعرف أنه لي في العالم وطن ، وفي الوطن مدينة ، وفي المدينة بيت ، وفي البيت أمّ تصلي لي
لأعود ذات يوم وأسقي قبر أبي ، وأقص له حكاية من حكاياتي الطويلة
سأتركك مدينتي تنامين الآن
نامي حبيبتي
سأنتعل الغياب
وأعاود نهار غربة جديد …
عربة اسمها الذاكرة
بقلم: سهى هشام الصوفي
تتسلل سنوات الغياب
من نافذة
الانتظار
كحزمة من شمس
تسقي زهور
النهارات
الذابلة
بدمع فاض
على مفارق الطرقات
ومقاهي اللقاءات
وأعمدة النور
تتسلل سنوات الغياب
من صفحات
الكتب العتيقة
تفتحها السماء
على آخر ورقة
كتبناها في آخر ليل
وآخر لقاء
وآخر عناق
تفوح من تلك
الصفحة رائحة
ليلتنا الأخيرة
تنعي موت الحكاية
فيفوح في الكون
عطر الحلم
على محطة الوداع
تنتظر عودتتا
تسلل سنوات الغياب
من أوراق الشعر
التي كتبتها لك
تتدلى من عيون
الكون المترقب
مجيئك
فتفتح ذراعيها
لاحتضاننا
أنا وأنت معاً
لمرة أخرى
لساعة أخرى
لتحدي آخر
معاً
تحت السماء
التي لم تعطي
فصول السنوات
إجازة حين رحلت
تركتها تسير
تأتي وتغيب
جارة وراءها
عربة
اسمها الذاكرة
أيها الغائب
الموجود
ملاحظه هامه:
احب الاشاره ان الشاعرة سهى هشام الصوفي تعبر في اشعارها عن المعاناة في الغربه وتعبر عن حبها لمدينتها ولوالدها الذي فقدته رحمه الله فالرجل الذي تتكلم عنه في اشعارها هو والدها
المفضلات