ذكر الامام بن رجب رحمه الله في لطائف المعارف (114) :

و كان للنبي صلى الله عليه و سلم في صيامه أربع حالات :.
الحالة الأولى : أنه كان يصومه بمكة و لا يأمر الناس بالصوم ففي الصحيحين [ عن عائشة رضي الله عنه ها قالت : كان عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية و كان النبي صلى الله عليه و سلم يصومه فلما قدم المدينة صامه و أمر بصيامه فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه فترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه و من شاء أفطره ] و في رواية للبخاري [ و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من شاء فليصمه و من شاء أفطر ]
الحالة الثانية : أن النبي صلى الله عليه و سلم لما قدم المدينة و رأى صيام أهل الكتاب له و تعظيمهم له و كان يحب موافقتهم فيما لم يؤمر به صامه و أمر الناس بصيامه و أكد الأمر بصيامه و الحث عليه حتى كانوا يصومونه أطفالهم ففي الصحيحين [ عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ قالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى و قومه و أغرق فرعون و قومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فنحن أحق و أولى بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أمر بصيامه ]


و قد اختلف العلماء رضي الله عنه هم هل كان صوم يوم عاشوراء قبل فرض شهر رمضان واجبا أم كان سنة متأكدة ؟ على قولين مشهورين و مذهب أبي حنيفة أنه كان واجبا حينئذ و هو ظاهر كلام الإمام أحمد و أبي بكر الأثرم و قال الشافعي رحمه الله بل كان متأكد الاستحباب فقط و هو قول كثير من أصحابنا و غيرهم


الحالة الثالثة : أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه و سلم أمر الصحابة بصيام عاشوراء و تأكيده فيه و قد سبق حديث عائشة في ذلك و في الصحيحين ] عن ابن عمر رضي الله عنه هما قال : صام النبي صلى الله عليه و سلم عاشوراء و أمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك ذلك و كان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه



الحالة الرابعة : أن النبي صلى الله عليه و سلم عزم في آخر عمره على أن لا يصومه مفردا بل يضم إليه يوما آخر مخالفة لأهل الكتاب في صيامه ففي صحيح مسلم [ عن ابن عباس رضي الله عنه هما أنه قال حين صام رسول الله صلى الله عليه و سلم عاشوراء و أمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود و النصارى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع ] قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و في رواية له أيضا [ عن ابن عباس رضي الله عنه هما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع مع العاشر ] يعني عاشوراء و خرجه الطبراني و لفظه إن عشت إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني عاشوراء و في مسند الإمام أحمد [ عن ابن عباس رضي الله عنه هما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : صوموا يوم عاشوراء و خالفوا اليهود صوموا قبله يوما و بعده يوما ] و جاء في رواية : [ أو بعده ] فإما أن تكون [ أو ] للتخير أو يكون شكا من الراوي : هل قال قبله أو بعده و روي هذا الحديث بلفظ آخر و هو : [ لئن بقيت لآمرن بصيام يوم قبله و يوم بعده ] يعني عاشوراء و في رواية أخرى : [ لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع و لآمرن بصيام يوم قبله و يوم بعده ] يعني عاشوراء أخرجهما الحافظ أبو موسى المديني