رمضان كريم

بقلم جمال الدويري

نقف على أبواب شهر رمضان المبارك، وبدأ بعض التجار بسن أسنانهم لتحقيق الربح بدلاً من تحقيق الأجر، وأصبح التفنن في العروض واختلاق ما يدر المكاسب هدف كل طامع بغض النظر عن الضحية .

العروض طالت، وستطول كل شيء، ولن تقف عند حد المواد الاستهلاكية على تنوعها وتعدادها، بل ستطول السيارات والملابس وحتى الأحذية، وكأن الصائم يحتاج إلى حذاء جديد ليجري به بسرعة في أيام رمضان .

من زار الجمعيات ومحال بيع المواد الغذائية نهاية الأسبوع يفاجأ بجحافل المستهلكين تجتاح الأخضر واليابس، وكأنهم على أبواب مجاعة لا أبواب رمضان .

الغريب العجيب، أن كل متسوق منهم يؤيدك بأن شهر رمضان للعبادة، ولذكر الله وللتطهر من كل الملذات، وإذا ما نظرت إلى “عربايته” لوجدتها تكذب كل ما يقوله .

من حوّل الشهر الفضيل إلى شهر تسوق؟ ومن زرع في ذهن المستهلكين هذه الطريقة الاستنزافية لكل شيء؟ ومن خطط وهندس طريقة العروض والتجارة؟ حتماً إنهم تجار، يبررون لأنفسهم ما يقدمون عليه، ولسان حالهم أن شهر رمضان هو شهر الفائدة، وإذا لم يستغله فعليه انتظار 11 شهراً أخرى . تجار يؤكدون أنهم يقتاتون من خير رمضان في باقي أشهر السنة، وأن ما يتحقق من ربح يتوزع إيجارات ورواتب عاملين ومصاريف على السنة بكاملها .

ولكن، إزاء ما يبرره التجار لأنفسهم، أين يقف المستهلك من هذا كله؟ ولماذا بعد الفشل الكبير في كبح جماح الأسعار والغلاء، لا يتوجه الخطاب إلى المستهلك نفسه، لتثقيفه وتوعيته بطرائق التبضع وكيفية الشراء والتعامل مع الشهر الفضيل؟

أسواق المنطقة العربية شهدت في العام الماضي انتعاشاً كبيراً للقطاع الاستهلاكي بوجه عام، وقطاع الغذاء على وجه الخصوص، خلال شهر رمضان، وفي نظير ذلك تشهد معظم القطاعات الأخرى تراجعاً ملحوظاً، وتذبذباً فى أسهم بعض الشركات، نتيجة لتزامن شهر رمضان مع الإجازة الصيفية من ناحية، وتراجع أنشطة معظم الشركات من ناحية أخرى .

ووفقاً لدراسة اقتصادية حديثة، وتوقعات الخبراء، من المتوقع أن تنفق المملكة العربية السعودية ما يقارب 25 مليار ريال على السلع الغذائية في رمضان وعيد الفطر ،2012 مقارنة ب 10 مليارات ريال للعام 2011 .

وتوقعت الدراسة أن تنفق مصر ما يقارب 5 مليارات دولار خلال شهر رمضان المقبل، مقارنة ب 3 مليارات للعام ،2011 والإمارات العربية نحو 7 مليارات درهم (9 .1 مليار دولار)، مقابل 1 .1 مليار دولار للعام السابق .

هذه الأرقام كلها في إطار توقعات الدراسات الاقتصادية، لكنها حتماً إما قريبة وإما قريبة جداً من الواقع الذي سنشهده خلال أيام، والمطلوب الآن، ليس كم هو حجم الإنفاق، بل دراسات عن حجم الاستنزاف والإسراف من هذا كله، لأجل تداركه إن أمكن . وكل عام وأنتم بخير .