[justify]
رسالة موجهة لأهلنا في سورية عامة وحلب خاصة
من الشيخ الدكتور محمود الحوت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولاعدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلنا في سورية عامة وفي حلب خاصة:
هذه رسالتي إليكم في هذا الظرف العصيب الذي تمر به بلدنا سورية ، أوجه رسالتي إليكم وأنا أرى الدماء الإسلامية العطرة البريئة تسيل في بلادنا بغزارة ، ولكن مايعزينا في هذه المحنة أنها تمحيص وابتلاء من الله تعالى لعباده ليرجعوا إليه قال تعالى: { ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون }
وإنني إذ أخاطبكم أوجه رسالتي أولاً إلى السلطة في سورية وأكرر قولي لها كما قلت من قبلُ على منبر الكلتاوية:
كفاكم قتلاً للرجال والنساء للكبار والصغار كفاكم هدماً للبيوت والجوامع والمدارس والمعاهد والتراث العالمي في سورية ، إنني أقول للسلطة في سورية وأخاطبها أن تسحب قواتها المسلحة من المدن والأرياف والقرى أخاطبها أن توقف الطائرات أن توقف سيل الدماء.
لقد دعونا إلى الإصلاح وتلبية مطالب الناس ولكننا للأسف لم نجد إلا قتل الناس، دعونا إلى الحوار فأجابتنا المدافع والدبابات والطائرات.
تكلمنا على منابرنا وطالبنا السلطة في سورية أن تسحب الجيش والآليات من الشوارع ولكن لم يتم شيء من ذلك. فكفى سفكاً للدماء وهدماً للبيوت والمنشآت. فاللهم اشهد أنني أبرأ من كل قطرة دم سفكت في هذا البلد من غير وجه شرعي.
ثم أوجه رسالتي إلى الشعب السوري عامة أن يعتمد على الله وحده أولاً وآخراً، أدعوهم إلى التكاتف في هذه الساعات العصيبة والتلاحم والتعاون، و أن نتشارك في دفع المأساة التي حلت بنا وببلادنا فإن الله سبحانه قال في سورة المائدة: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} ويقول عليه الصلاة والسلام: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه)) ويقول أيضاً: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) .
إنني أدعو الجميع والشبابَ خاصة في كل المدن والقرى والأحياء إلى المسارعة بتشكيل لجان لضبط مداخل الأحياء والعملِ على حراستها وحمايةِ الأهالي والحفاظِ على الممتلكات العامة والخاصة والدفاع عنها. أدعو جميعَ الأطباء والممرضين والمشافي الخاصة والعامة إلى أن يبذلوا قصارى جهدهم في إسعاف الجرحى ومعالجة المرضى وتقديمِ ما يلزم من الإسعافات والمساعدة الطبية، أدعو التجار والموسرين من أبناء بلدنا أن يقوموا بدورهم في تقديم ما يلزم للعائلات النازحة فليمسحوا دموع الأطفال وليساعدوا الرجال والنساء والصغار والكبار.
{ وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم }
وأخصّ السوريين الموجودين في أنحاء العالم فليهبوا ويبذلوا كلَ ما يستطيعون لدعم إخوانهم الذين فقدوا كلَ ما يملكون، أدعو الجميع أن يقوم كل بجهده في رفع هذه المصيبة التي ألمت بنا.
أوجه رسالتي إلى المسلمين عامة في كل أنحاء العالم لنجدة الشعب السوري بجميع الوسائل المتاحة وخاصة الدعمَ المالي في محنته العصيبة لقد فقد المادة والغذاء والدواء.
أكثروا عباد الله من الدعاء وقراءة القرآن والالتجاءِ إلى الله تعالى فهو المنجي من كل كرب ولامنجي سواه والزموا الاستغفار فإنه من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً.
اللهم إنه لاينزل بلاء إلا بذنب ولايكشف إلا بتوبة وهذه أيدينا ونواصينا ممدوة إليك بالتوبة والإنابة اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة.
اللهم إنا نستودعك كل مدينة وقرية في سورية، يا رب احمهم واحفظهم بحفظك يا من لاتضيع عنده الودائع يا خير الحافظين.
اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا اللهم ارحم شهداءنا وفكّ أسرانا وشاف مرضانا، اللهم اكشف البلاء عنا وعن جميع المسلمين، كن لنا ولا تكن علينا، انصرنا ولا تنصر علينا. زدنا ولا تنقصنا. أكرمنا ولا تهنا. أعطنا ولا تحرمنا. آثرنا ولا تؤثر علينا.
اللهم إنا نستودعك الأطفال والنساء نستودعك الأرامل والأيتام اللهم اجبر كسرهم.
اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين، وأنت ربنا إلى من تكلنا إلى عدو يتهجمنا أم إلى بعيد ملكته أمرنا إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي غير أن عافيتك هي أوسع لنا نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك. اللهم إنا نشكو إليك دماء سُفكت ونشكو إليك أعراضاً هُتكت وحُرُمات انتهكت وأطفالاً يتمت ونساءً رُمّلت، وأمهاتٍ ثكلت، ومساجدَ خربت وبيوتاً دمرت ومزارع أتلفت وقرىً أزيلت ربنا إننا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين. ربنا إننا مغلوبون فانتصر. لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين. حسبنا الله ونعم الوكيل. هو مولانا فنعم المولى ونعم النصير. ولا حول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهمّ أرِنا الحق حقاً وارزقنا اتّباعه وحبّبنا فيه، وأرِنا الباطل باطلاً وألهمنا اجتنابه وكرّهنا فيه.
يا رب كن لأهل سورية عوناً وحافظاً ونصيراً اللهم من مكر بهم فامكر به ومن خذلهم فاخذله ومن أراد بهم سوءاً فخذه إليك أخذ عزيز مقتدر.
اللهم هيئ لأهل سورية أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ، اللهم ولِّ علينا خيارنا واصرف عنا الشر والأشرار.
هذا وإن أريد إلا الإصلاح مااستطعت وماتوفيقي إلا بالله
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ الدكتور محمود الحوت
يوم الأحد 12-8-2012
[/justify]
المفضلات