الحاج ناصر الناصر
رحمه الله
1342 - 1426هـ/ 1924 – 2006م

ترجمة الحاج ناصر الناصر -رحمه الله- كما جاءت في كتاب «الدرر الحسان في تراجم أصحاب السيد النبهان» (ج2 صفحة 400).
التاجر الحافظ، عضو جمعية النهضة الإسلامية، الحاج ناصر عبد الحميد ناصر الناصر.
ولد -رحمه الله- عام 1924م في حي (ساحة بزّة) القريب من قلعة حلب، ونشأ في كنف أبوين صالحين، فوالده الحاج عبد الحميد من أعلام العائلة، بل هو تاجر ثري وورع محب للأولياء والعلماء، يتفقد المعوزين والفقراء، مولع بسماع القرآن الكريم مع أنه لا يقرأ ولا يكتب، فدفع بولده ناصر إلى الكتاتيب في جامع جلال الدين الرومي أولًا، ثم نقَله بعد ذلك إلى جامع الكريمية الأقرب إلى مسكنه، فتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم باشر بحفظ القرآن وترتيله.
ومن شيوخه آنذاك: الشيخ عبد الوهاب المصري، والشيخ محمد بايزيد.
ومن رفاقه في التلقي والحفظ: الشيخ عبد الله سراج الدين، وأخوه الشيخ محمد سراج الدين، رحمهما الله تعالى.
دراسته:
وهكذا أشرقت بدايته حتى أكمل القرآن حفظًا متقنًا، ثم التحق بمدارس الدولة وأمضى فترة شبابه في الطهر والعفاف، فلم تتدنس فطرته بصبوة ولم تنخدش جوهرته بزيغ مع كونه من أسرة مترفة، حتى إذا أنهى دراسته الجامعية في كلية الحقوق بدمشق عام 1948م رجع إلى حلب ليمارس عمل والده في التجارة، ولم يشتغل في المحاماة ولم يتقلد وظيفة لدى الحكومة، وقد توفي أبوه بعد عام، فاستلم الزمام وأصبح من التجار الأعلام يستورد ويصدر، وغالب تجارته في الشاي والقهوة والبزورات والخردوات الحديدية متخذًا من الخان الذي يمتلكه تحت القلعة خلف المشفى الوطني مركزًا لإدارة تلك التجارة، وأردفه بمكتب له في منطقة (السبع بحرات) وسط المدينة.
تميّز بمعاملة رشيدة وأخلاق حميدة، فأحبه كل من خالطه أو عامله لما هو عليه من صدق واستقامة وعقل ورزانة حتى صار يشار إليه بالبنان لا في الغنى وحسب بل بصفاته ومبراته، ولم تخدع الدنيا الحاج ناصر بنعومة حريرها ولم تبعده أمواجها عن شاطئ السلامة وبر الأمان، كيف لا والقرآن الكريم على قلبه ولسانه، يردد فيه في الليل والنهار والظعن والقرار حتى إذا أرخى الليل سدوله وغلبه النوم بقي يرتل كشريط مسجل، فإذا أفاق قبل الفجر عرف بأنه وصل إلى الآية كذا من هذا الجزء أو ذاك، وتلك حالة غريبة وعجيبة درج عليها إلى آخر أيامه.
صحبة العارف بالله سيدنا الشيخ محمد النبهان رضي الله عنه:
وذات ليلة وإذ بزوجته تلقي على مسامعه عبارات لم يقرأها في كتاب ولم يتحدث بها أحد من أولي الألباب، إنها بضع تحقيقات فبادرها: «من أين لك هذا؟» -يذكرنا بسؤال سيدنا زكريا عليه السلام للسيدة مريم العذراء حين يجد المائدة عندها وهي معتكفة في مسجده ﴿أَنَّىٰ لَكِ هذا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ﴾ (آل عمران 37). نعم وهكذا وجد الحاج ناصر مائدة، ولكنها من نوع آخر، إنه كلام نفذ إلى شغاف قلبه حديث العهد بربنا من الإلهامات الإلهية على قلب عبده السيد النبهان -رضي الله عنه- الذي أكرم الله تعالى زوجته بسماعه لدى حضورها درسه ضحوة ذلك اليوم- فأجابت وهي متهللة الوجه مطمئنة الجنان بعد أن أمضت ساعات متحيرة بالعذر الذي تقدمه لزوجها إذا سألها أين كنتِ اليوم ضحى؟ مع أنها لا تخرج من البيت إلا وتخبره، وهي قد ذهبت بصحبة أمها على غير عادتها دون علم مسبق منه، وهو مع تقواه شديد الغيرة على أهله والغيرة والتقوى توأم.
قالت: «إنه من كلام سيدنا النبهان -رضي الله عنه- » فما إن سمع بكلمة (النبهان) فكأنّه يسمع بالشيخ لأول مرة، والسيد النبهان معروف في حلب لدى القاصي والداني، فأدخلت إلى قلبه تنبيهًا لا يماثل تأثيره آثار المنبهات التي اعتاد بيعها كالشاي والقهوة، وأجاب: إنه كلام عجيب، ولا بد أن يكون الشيخ الذي نسمع به ولم نحفل برؤيته من طراز فريد غريب.
قالت: «هو في جامعه في الكلتاوية يلقي درسين للنساء في صبيحتي السبت والأربعاء، وما بقي من وقته في سائر الأيام فلكل الناس يتعهدهم بالتذكرة والخدمة والموعظة، ويمكنك أن تذهب إليه».
ولله درّها من زوجة صالحة كانت هي الدليل لزوجها على الشخصية الفذة الحاملة لمرتبتي العبدية والوراثة المحمدية الذي لا يغيب عنه حبيبه المصطفى ﷺ يقظة.
تلك المرأة الصالحة التي لم يتزوج بغيرها هي ابنة المرحوم الحاج علي بن خيرو بن ناصر الناصر المشهور في قومه هو الآخر بل من الرعيل الأول الذين صحبوا سيدنا محمد النبهان -رضي الله عنه- ، وقال عنه -رضي الله عنه- بعد وفاته سنة 1970 م: «الحاج علي نال مرتبة شهادة المحبة، الحاج علي نالها نالها» فهذه الريحانة هي التي كانت تسمع من أبيها وأمها عن المربي والمرجع الذي رضع والدها أنفاس المحبة والاتباع منه، فرافقت والدتها لتسمع الدرس وتعود إلى البيت وتخبر زوجها بما رأت وسمعت، مما دفع بالزوج الصالح الحاج ناصر -رحمه الله- إلى كهف السعداء في الكلتاوية، فما إن وقع عليه بصره لأول مرة حتى أخذ بمجامع قلبه بما هو عليه من جلال وجمال، وإذا بعينيه تلتقي بالقرآن الناطق ليتحفه بما في القرآن الكريم من أنوار، وتفيض عليه من ينابيع قلبه الشريف من تحقيقات وأسرار، فانجذب إليه كما ينجذب الفولاذ للمغناطيس ليولد ولادة جديدة عام 1959م وهو في الخامسة والثلاثين من عمره.
لقد وجد الحاج ناصر في الكلتاوية مبتغاه، بل غاية مناه ومرتجاه، واتخذ من السيد النبهان -رضي الله عنه- أبًا في الروح يستشيره في الأمور، إذ وجد فيه ميزان الاعتدال ومطابقة القول والفعل والخلق والحال والصراط المستقيم، والنعيم المقيم الذي يأخذ بيده إلى الله ورسوله، ويحقق له طموحاته وتمنياته غير مهتم بالمال والتجارة، بل بما يقربه إلى الله ورسوله ومرجعه وخدمة الفقراء والمساكين وعمارة بيوت الله ومدارس العلم.
وربَّ قائل يقول: لماذا كل هذا الاهتمام والاحتفاء بارتباط الرجل بالسيد النبهان؟
أليس هو الحافظ للقرآن الكريم؟
أليس هو التاجر الصدوق المتفقد لأحوال الفقراء والمساكين؟
أليس هو صاحب الوجاهة بين كل من عرفه أو عاشره؟ أليس هو الحقوقي المتفهم والمثقف والمعلم لغيره؟ وهل هو في حاجة إلى جاه أو منزلة؟
ألا تكفيه هذه الأمور والنعوت لكي يكون في المرتبة الأولى بين الناس؟
فنقول وبالله التوفيق: كل ما ورد لا غبار عليه إلاّ أن الإنسان مهما بلغ من علم فإنه يطلب المزيد ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ (طه 114).
ومهما وصل من مرتبة فإنه يتعشق أعلى المراتب والدرجات التي قد لا يحظى بها إلا أفراد الصادقين من العباد، وإن كثيرًا من الزوايا في النفس الإنسانية تحتاج إلى من يتفحصها؛ ليزيل ما خفي فيها من مكر وحظوظ دنيوية قبل أن تتزكى وتتطهر وتترقى على سلم الكمال من أمّارة إلى لوّامة إلى ملهمة إلى مطمئنة إلى راضية فمرضية إلى كاملة بالعبدية، فيكون من أهل المعرفة الإلهية وفي مراتب الشهود، وإن بعض حفظة القرآن الكريم لتأخذه نفسه بالعجب والرياء والمباهاة؛ لذا فإن تزكية النفس من أدرانها من أهم المهام، ولا بد لها من صحبة ولي مرشد مهما بلغ الإنسان من الحفظ والعلم حتى يصل إلى الله تعالى بالهداية الكاملة، قال الله تعالى: ﴿مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا﴾ (الكهف 17) فمفهوم الهداية بإشارة الآية يقتضي ملازمة ولي مرشد يتعهد تربيته وتزكية نفسه والأخذ بيده من إسلام إلى إيمان إلى إحسان، وقد جاءت الآية الكريمة ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾ (الإسراء 71) وورد في الحديث الشريف: (المرء مع من أحب) وحديث آخر: (يحشر المرء مع من أحب)([1]) فلكي يكون الإنسان التقي في المعية العليا ﴿مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا﴾ (النساء 69) وترتبط مقطورته بماكنة القطار على السكة المحمدية، فلا بد أن يفتش عنهم ويصحبهم، ولذلك يحرص الطامحون بفضل الله وبالمزيد من إكرامه لهم بالتعرف على أولياء الله المحبوبين عند الله الصادقين مع الله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ (التوبة 119) وبذلك ينالون ما نالوا وتنعكس أنوارهم على من حولهم من الناس.
وهكذا انعكست صحبة الحاج ناصر -رحمه الله- على أفراد أسرته وأصدقائه ومحبيه وحظي بصدق الصحبة والملازمة لشيخه ومرجعه السيد النبهان -رضي الله عنه- ، فاستفاد وأفاد، فهو لا يجلس في مجلس إلا ويذكر تأثره بهذه الشخصية العظيمة، وبما غمرته من جلال وجمال وهيبة ووقار وأقوال وأفعال وأخلاق وأحوال وتحقيقات ومواقف وبطولات ومبّرات في شتى الميادين والاتجاهات، حتى أصبح الحاج ناصر في تتبعه لمآثر شيخه واقتدائه به كمن هو قائم على ثغور الرباط في سبيل الله يجمع بين رابطته به -رضي الله عنه- برابطته بالله تعالى ورسوله ﷺ والقرآن الكريم، فلا يأمره شيخه بأمر إلا وسارع بتنفيذه دون حرج.
وفي عام 1960م عمد -رضي الله عنه- إلى تأسيس جمعية النهضة الإسلامية في حلب، واختار من بين أصحابه الأعضاء المؤسسين فكانت أمانة الصندوق حقيبة الحاج ناصر -رحمه الله- لما يعهده h فيه من صدق وأمانة، ثم بادر -رضي الله عنه- بتأسيس المدرسة النبهانية ـ دار نهضة العلوم الشرعية ـ بعد أن اشترى -رضي الله عنه- الأرض المجاورة للجامع من ماله الخاص، وباشر -رضي الله عنه- ببناء المدرسة وتطويرها، فكان الحاج ناصر من أوائل المساهمين في تشييد المدرسة إضافة إلى ما ينفقه في الجمعية في كافة توجهاتها الخيرية والإنسانية، وبقي على هذا المنوال مثالًا للمحب المتفاني، وقد تجمعت همومه في هم واحد هي وجهته إلى الله وطلب مرضاته ومتابعته لأوامر شيخه في طاعة الله ورسوله.
وقد حظي وتشرف الحاج ناصر بزيارة السيد النبهان لبيته مرات عديدة كما تعهد سيدنا -رضي الله عنه- بالرعاية والعناية لجميع أفراد أسرته من ذكور وإناث.
وفي عام 1965م/ 1385هـ كانت حجة سيدنا النبهان الثانية التي صحب سيدنا فيها مائتان وستون رجلًا ومائة وأربعون امرأة، والحاج ناصر الناصر في رفقته طيلة خمسة وخمسين يومًا أمضاها في الديار المقدسة، وهو أحد المساهمين بماله حينما غير سيدنا النبهان ملهى المونتانا إلى جامع الفرقان ثم اعقبه تغيير حي المونتانا الى حي الفرقان الذي يسكنه الحاج ناصر وأسرته.
وبقي الحاج ناصر بأجمل أيام حياته حتى جاء السـادس من شعـبان من سنة 1394هـ فقامت الساعة في حلب برحيل الحبيب السيد النبهان، فكان أصعب يوم مرّ عليه في حياته، وعانى ما يعانيه رضيع فقد صدْرَ أمّه، فلم يهدأ ولم ترقأ عينه حزنًا وألمًا، لكنه بقي على العهد ملازمًا لأبنائه من بعده لا سيما السيد أحمد أبا فاروق الابن الأكبر لسيدنا الذي كان يحب الحاج ناصر ويجلّه كثيرًا ويجلسه إلى جنبه، ولقد سألت ابن سيدنا أحمد أبا فاروق -رحمه الله- عام 1979م عن الحاج ناصر وأبنائه فقال: «هم أحب الناس وأقربهم إلي» ثم أغلقت الحدود بين سوريا والعراق فرجعت عام 1997م فأعدت عليه نفس السؤال فأجابني بنفس الإجابة.
وبقي الحاج ناصر -رحمه الله- على ديدنه في رعاية المدرسة النبهانية وطلابها، ومن عباراته المشهورة: «لو لم يبق أحد يدفع للكلتاوية لأقوم بها بنفسي ولو كلفني مالي كله» وكانت الجمعية التي أسسها سيدنا -رضي الله عنه- قد تأممت وألغيت إجازتها في أول كانون الثاني من سنة 1984 لكن تعهدَ المحبون الصادقون الحاج ناصر وأمثالُه بها وبفضل الله تعالى وأنفاس الحبيب السيد النبهان لم تتعثر مسيرتها أبدًا، وبقيت الإشعاعة التي تتجدد، والمنار الذي ينتشر نوره على بقاع المعمورة بمن تخرج فيها
حدثني الحاج ناصر -رحمه الله- قال: «كنت أمين صندوق الجمعية، فإذا جاءنا أمر الصرف موقعًا بتشديد الياء في كلمة ـ السيّد المدير ـ فإن تلك إشارة تحمل كلمة السرّ التي لا تناقش لأنها من سيدنا النبهان، أما إذا وردت كلمة «السيد» بدون تشديد فهي قابلة للأخذ والرد سواء كانت من رئيس الجمعية أو المخّول بالصرف».
وقد زرته مرة -رحمه الله- في الخان فرأيت توافد الفقراء عليه، وعاينت كرمه في عدة مناسبات في بيته يدعو فيها ابن سيدنا أحمد أبا فاروق ومن حوله في إدارتي الجامع والمدرسة، وحينما تبسط الموائد لا تكاد تفتقد نوعًا من أطعمة حلب على طول امتدادها، فإذا كان الجمع عشرين رجلًا وضع عليها ما يكفي لسبعين أو يزيد.
التقى الحاج ناصر الناصر بالشيخ محمد عبد العزيز الشنقيطي -رحمه الله- كما حدثنا بذلك ولده الدكتور نوفل قال: وكان الشيخ يفسر في سورة يوسف و بعد أن أنهى الشيخ تفسيره ذكر له الحاج ناصر تحقيق سيدنا حول قضية سيدنا يوسف وزليخا: فقال الشيخ: «أنا لا أرد على ولي من أولياء الله». فقال له الحاج ناصر: وما أدراك أنه ولي من أولياء الله؟ وهل التقيت به؟ فقال الشيخ: «ما التقيت به جسدًا لكن ما انفككت عنه روحًا، ويوم أحاط به الأعداء عام 1967م يريدون قتله ذهبت بنفسي إلى رسول الله ﷺ -والكلام لا زال للشيخ الشنقيطي- وقلت: يا سيدي يا رسول الله إن ولدك محمد النبهان أحاط به الأعداء البعثيون يريدون قتله فما خرجت من عند رسول الله ﷺ حتى قال لي: اذهب إن ولدنا محمد النبهان في أماننا» وحين عاد الحاج ناصر من الحجاز في تلك السنة تشرف بزيارة سيدنا له مع الأحباب وروى الأمر لسيدنا وهم على مائدة الطعام فقال له سيدنا: وهو كذلك، وأكد الأمر رضي الله عنه.
وبعد وفاة وَلَدَي السيد النبهان أحمد أبي فاروق وأخيه عبد الله أبي الشيخ رحمهما الله تجدد المصاب على الحاج ناصر كما تجدد على بقية محبي سيدنا وأتباعه، وكان الحاج ناصر يكرر عبارة: «كل إخوتي توفوا ولم يبق سوى الفقير لله» يعني نفسه، وما إن يتشرف بزيارة حضرة السيّد النبهان حتى يبادر إلى إدارة المدرسة قائلًا لمديرها ولمن معه: «لا تهتموا؛ خدمة هذه المدرسة أمانة في أعنـاقنا، المدرسة مدرسة سيدنا النبهان، وأنا ما أوتيت من عافية وجهد ومال ففي خدمة طلاب المدرسة النبهانية» وترجم على ذلك قولًا وفعلًا وعملًا وتضحية، و القائمون على ادارة المدرسة و خدمة الطلاب خير شاهد على هذا الواقع.
وتابع خدمته ورعايته للمدرسة حتى سافر إلى دبي سفرته الأخيرة، وودع قبل سفره السيد بشار والشيخ محمود حوت، وأطال الجلوس على غير عادته، ووقف في حضرة سيدنا النبهان h مستغرقًا بالدعاء، ثم مضى ظنًّا منه أنه سيعود لإتمام مسيرته في خدمة طلبة العلم.
وفاته:
وفي دبي وليلة وفاته 25 صفر 1427هـ الموافق 26 آذار 2006م أبى إلا أن يُنهي ختمة من القرآن الكريم في مكتب عمله هناك، ثم مضى إلى بيته في دبي، وصلى العشاء وهجع، وهو لا يعلم أنها آخر ساعة من الدنيا ليلحق إن شاء الله بشيخه سيدنا محمد النبهان -رضي الله عنه- في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ونقل من دبي بالطائرة إلى حلب، وجيء به إلى الكلتاوية الشريفة بحلب، ووضع نعشه إلى جنب المقام الشريف، ومن المعلوم أن المتوفى يوسد في نعشه ويوجه إلى القبلة، فبقي تلك الليلة في حضرة سيدنا، فلما أصبح الصباح وكشفوا عنه نعشه وجدوه قد انقلب جسده إلى يمين المقام الشريف ليواجه بوجهه وجه من أحبه وتبعه، وهذه من الكرامات الباهرة له، ثم شيع في اليوم التالي ودفن.
انتقل الحاج ناصر إلى جوار ربه، وهو مثال للصحبة الصادقة لا للتجار فحسب بل لكل من عرفه أو عامله، وترك خيرات ومبّرات كثيرة، فرحمه الله.
مصادر الترجمة:
الابن الأكبر لسيدنا أحمد النبهان أبو فاروق.
أولاده: علي بن ناصر الناصر، ود. نوفل بن ناصر الناصر.
معاينتي له عدة سنوات.
أعد هذه الترجمة الشيخ هشام الألوسي.
انظر كتاب «الدرر الحسان في تراجم أصحاب السيد النبهان» (ج 2 صفحة 400).
نشر في موقع أحباب الكلتاوية بتاريخ 27-3-2022م.