ابوعمارياسر
28-Feb-2022, 06:13 PM
من أهم ما يجب أن يدركه العقل المسلم المعاصر أن إشكاليات الواقع ومأزومياته لها في إرثنا الحضاري وأحداث أمتنا الجليلة وأيامها الخالدة نبراس هداية ومناهج رشد ومسالك نجاة؛ شريطة أن يخرج من دائرة القراءة التقليدية للنصوص والأحداث إلى مستوى أعلى من الفهم؛ وهو "فهم الفهم"، وهو ما يُعرفه الفقهاء بـ "فقه النفس"، وأهل الدعوة بـ "فقه السيرة"، وما أشار إليه بعض مشايخنا بـ "فقه سنن المواقف النبوية"، ومن هذه الأحداث الفارقة حادثة الإسراء والمعراج، فهي مدرسة مشرقة الفصول. ومن أهم ملامح ومعاني صناعة الأمل في رحلة الإسراء والمعراج الآتي:
* عدم اليأس؛ فحادث الإسراء وقع في عام الحزن، عام وفاة عم النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والذي كان يَمنع عنه أذى قريش، ثم وفاة زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، الحانية رفيقة الرسالة والحياة، واشتد إزاء المشركين للرسول وأصحابه، ومع ذلك لم ييأس - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نصر الله.
* الأخذ بالأسباب؛ فالأمة إذا أرادت أن ترسم أملًا لمستقبلها فلا بد من تحصيل أسباب ذلك دون انتظار معجزة، فالله - سبحانه وتعالى- جعل من "البراق" وسيلة للانتقال في رحلة الإسراء والمعراج، برغم قدرته على رفع النبي إلى السماوات في لمح البصر، فأراد أن يعلمنا مسلك الأخذ بالأسباب، فكيف بنا ونحن في مرحلة توقف حضاري وتشرذم عضوي وتخلف معرفي وخلل قيمي؟! وهذا هو الدرس الأعظم من رحلة الإسراء في فقه صناعة الأمل.
* أهمية عنصر الوقت؛ فمن ملامح إعجاز الإسراء والمعراج اختصارها للوقت حتى كاد أن يتوقف، وكذلك الأمة يجب أن تختصر الزمن لتعوض ما فاتها في مرحلة "التوقف الحضاري" لتعيد العجلة إلى مضمار السباق المعرفي.
* الحفاظ على المشاهد الفارقة في إرثنا التاريخي؛ لإبراز التراكم الحضاري، فها هو جبريل – عليه السلام - يتوقف بالنبي – صلى الله عليه وسلم - ليصلي في أرض مدين والطور وبيت لحم؛ حيث تجلى الله على موسى، وَوُلِدَ عيسى؛ ليبرز للنبي أن رسالة التوحيد مرت ببناء تراكمي، مر بإبراهيم وموسى وعيسى عليهم جميعًا السلام حتى كمل على يديك يا محمد، وعليه فإن صناعة الأمل في مجتمعنا مكمنها البناء على ما سبقنا به أسلافنا، وعدم الانبهار بالآخر ونموذجه المعرفي على حساب تاريخنا وهويتنا.
* تقدير أصحاب التضحيات الفارقة، ويؤخذ هذا المعنى من إبراز مكانة "ماشطة فرعون" وكيف أن رائحتها الزكية لفتت قلب الرسول قبل أنفه للسؤال عنها؛ لذلك يجب أن نبرز النماذج الفارقة لمجتمعنا وننثر حولها الرياحين ليتخذها النشء نموذجًا وقدوة.
* تحميل الأمانات للأكفاء، وهذا من معالم صناعة الأمل في الأمة، ونبهت إليها رحلة الإسراء والمعراج عندما أَتَى الرسول – صلى الله عليه وسلم - على رجُلِ قد جمع حُزْمَة حطب لا يستطيع حملها وهو يَزِيد عليها، فقال: "ما هذا يا جبريل؟" قال: " هذا الرجلُ من أُمَّتك تكونُ عنده أماناتُ الناس لا يَقْدِر على أدائها، ويُريدُ أن يَتَحمَّلَ عليها".
* محاربة الفتن من أهم ما نتعلمه من رحلة الإسراء والمعراج في تأصيلنا لصناعة الأمل في الأمة، ويؤخذ هذا المعنى من أحد مشاهد هذه الرحلة، حيث أتى الرسول على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عاد، لا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة من أمتك يقولون ما لا يفعلون.
* توحيد الصفوف خلف هدف واحد من أهم القيم الرفيعة التي تُتَعلم من الإسراء والمعراج، ويؤخذ هذا الملمح الفريد من اصطفاف الأنبياء جميعًا خلف رسولنا الكريم عندما صلى بهم إمامًا، فقد توحدوا واصطفوا خلف من كملت به رسالتهم، وتوحدت به أهدافهم.
* تعرف تجارب السابقين، ويؤخذ هذا المعنى من الزيارات الميدانية الحية التي قام بها الرسول - عليه الصلاة السلام - في الإسراء والمعراج؛ لمواضع أحداث الأنبياء السابقين؛ حيث حل في الطور، واطلع على فصل مهم في تجربة "موسى"، كما حل في مدين تجربة "شعيب"، وبيت لحم تجربة "عيسى" عليهم السلام.
وهذا ما يجب أن نسلكه ونحن نتطلع لصناعة الأمل في بلدنا؛ فيجب علينا أن نطلع على التجارب الحية للآخرين بالزيارات الميدانية، وعقد مؤتمرات لنقل الخبرات، ولا ضير من عقد اتفاقيات ولقاءات ثنائية تعود على البلاد بالخير.
* البناء المرحلي والتخطيط المحكم، فالرسول لم ينتقل مباشرة إلى سدرة المنتهى، بل مر برحلة أرضية تُعد قواعد الأمل وهي رحلة الإسراء، ثم بدأ بالترقي التدريجي؛ حيث صعد للسماء الأولى فالثانية فالثالثة حتى وصل إلى الحضرة الربانية. فلا يتحقق الأمل الفسيح إلا بالعمل الصحيح.
* البناء القيمي والأخلاقي أهم ملمح من ملامح صناعة الأمل المأخوذة من رحلة الإسراء والمعراج؛ حيث المشاهدات العديدة التي تبرز خطورة الزنا والربا ونشر الفتن وأكل الحرام.
* العلم أساس الترقي، فعلى الرغم من أن رحلة العروج رحلة خارقة للعادة؛ لكونها معجزة، إلا أنها أبرزت معنى علميًا؛ وهو أن الصعود إلى الفضاء يكون في مسارات منحنية أو متعرجة، فإذا بالعلم يكتشف هذا الأمر بعد أكثر من 1400سنة على هذه الرحلة، ووضع منصات الانطلاق نحو الفضاء في أماكن معينة لإطلاق السفن الفضائية، وعليه فإن صناعة الأمل تقضي إدراك أن الصعود إلى أعلى يحتاج إلى علم وليس شعارًا يُعلق.
عن الاهرام للدكتور : الشيخ أحمد ربيع الأزهري
* عدم اليأس؛ فحادث الإسراء وقع في عام الحزن، عام وفاة عم النبي- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والذي كان يَمنع عنه أذى قريش، ثم وفاة زوجته السيدة خديجة رضي الله عنها، الحانية رفيقة الرسالة والحياة، واشتد إزاء المشركين للرسول وأصحابه، ومع ذلك لم ييأس - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من نصر الله.
* الأخذ بالأسباب؛ فالأمة إذا أرادت أن ترسم أملًا لمستقبلها فلا بد من تحصيل أسباب ذلك دون انتظار معجزة، فالله - سبحانه وتعالى- جعل من "البراق" وسيلة للانتقال في رحلة الإسراء والمعراج، برغم قدرته على رفع النبي إلى السماوات في لمح البصر، فأراد أن يعلمنا مسلك الأخذ بالأسباب، فكيف بنا ونحن في مرحلة توقف حضاري وتشرذم عضوي وتخلف معرفي وخلل قيمي؟! وهذا هو الدرس الأعظم من رحلة الإسراء في فقه صناعة الأمل.
* أهمية عنصر الوقت؛ فمن ملامح إعجاز الإسراء والمعراج اختصارها للوقت حتى كاد أن يتوقف، وكذلك الأمة يجب أن تختصر الزمن لتعوض ما فاتها في مرحلة "التوقف الحضاري" لتعيد العجلة إلى مضمار السباق المعرفي.
* الحفاظ على المشاهد الفارقة في إرثنا التاريخي؛ لإبراز التراكم الحضاري، فها هو جبريل – عليه السلام - يتوقف بالنبي – صلى الله عليه وسلم - ليصلي في أرض مدين والطور وبيت لحم؛ حيث تجلى الله على موسى، وَوُلِدَ عيسى؛ ليبرز للنبي أن رسالة التوحيد مرت ببناء تراكمي، مر بإبراهيم وموسى وعيسى عليهم جميعًا السلام حتى كمل على يديك يا محمد، وعليه فإن صناعة الأمل في مجتمعنا مكمنها البناء على ما سبقنا به أسلافنا، وعدم الانبهار بالآخر ونموذجه المعرفي على حساب تاريخنا وهويتنا.
* تقدير أصحاب التضحيات الفارقة، ويؤخذ هذا المعنى من إبراز مكانة "ماشطة فرعون" وكيف أن رائحتها الزكية لفتت قلب الرسول قبل أنفه للسؤال عنها؛ لذلك يجب أن نبرز النماذج الفارقة لمجتمعنا وننثر حولها الرياحين ليتخذها النشء نموذجًا وقدوة.
* تحميل الأمانات للأكفاء، وهذا من معالم صناعة الأمل في الأمة، ونبهت إليها رحلة الإسراء والمعراج عندما أَتَى الرسول – صلى الله عليه وسلم - على رجُلِ قد جمع حُزْمَة حطب لا يستطيع حملها وهو يَزِيد عليها، فقال: "ما هذا يا جبريل؟" قال: " هذا الرجلُ من أُمَّتك تكونُ عنده أماناتُ الناس لا يَقْدِر على أدائها، ويُريدُ أن يَتَحمَّلَ عليها".
* محاربة الفتن من أهم ما نتعلمه من رحلة الإسراء والمعراج في تأصيلنا لصناعة الأمل في الأمة، ويؤخذ هذا المعنى من أحد مشاهد هذه الرحلة، حيث أتى الرسول على قوم تقرض ألسنتهم وشفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عاد، لا يفتر عنهم من ذلك شيء، فقال: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة من أمتك يقولون ما لا يفعلون.
* توحيد الصفوف خلف هدف واحد من أهم القيم الرفيعة التي تُتَعلم من الإسراء والمعراج، ويؤخذ هذا الملمح الفريد من اصطفاف الأنبياء جميعًا خلف رسولنا الكريم عندما صلى بهم إمامًا، فقد توحدوا واصطفوا خلف من كملت به رسالتهم، وتوحدت به أهدافهم.
* تعرف تجارب السابقين، ويؤخذ هذا المعنى من الزيارات الميدانية الحية التي قام بها الرسول - عليه الصلاة السلام - في الإسراء والمعراج؛ لمواضع أحداث الأنبياء السابقين؛ حيث حل في الطور، واطلع على فصل مهم في تجربة "موسى"، كما حل في مدين تجربة "شعيب"، وبيت لحم تجربة "عيسى" عليهم السلام.
وهذا ما يجب أن نسلكه ونحن نتطلع لصناعة الأمل في بلدنا؛ فيجب علينا أن نطلع على التجارب الحية للآخرين بالزيارات الميدانية، وعقد مؤتمرات لنقل الخبرات، ولا ضير من عقد اتفاقيات ولقاءات ثنائية تعود على البلاد بالخير.
* البناء المرحلي والتخطيط المحكم، فالرسول لم ينتقل مباشرة إلى سدرة المنتهى، بل مر برحلة أرضية تُعد قواعد الأمل وهي رحلة الإسراء، ثم بدأ بالترقي التدريجي؛ حيث صعد للسماء الأولى فالثانية فالثالثة حتى وصل إلى الحضرة الربانية. فلا يتحقق الأمل الفسيح إلا بالعمل الصحيح.
* البناء القيمي والأخلاقي أهم ملمح من ملامح صناعة الأمل المأخوذة من رحلة الإسراء والمعراج؛ حيث المشاهدات العديدة التي تبرز خطورة الزنا والربا ونشر الفتن وأكل الحرام.
* العلم أساس الترقي، فعلى الرغم من أن رحلة العروج رحلة خارقة للعادة؛ لكونها معجزة، إلا أنها أبرزت معنى علميًا؛ وهو أن الصعود إلى الفضاء يكون في مسارات منحنية أو متعرجة، فإذا بالعلم يكتشف هذا الأمر بعد أكثر من 1400سنة على هذه الرحلة، ووضع منصات الانطلاق نحو الفضاء في أماكن معينة لإطلاق السفن الفضائية، وعليه فإن صناعة الأمل تقضي إدراك أن الصعود إلى أعلى يحتاج إلى علم وليس شعارًا يُعلق.
عن الاهرام للدكتور : الشيخ أحمد ربيع الأزهري