عبد الغني جابر
05-Aug-2009, 05:35 PM
ضيعت بيدي محراب صلاتك
أخذ بيده سائر لا يدري إلى أين وجهته ! بعد أن فـُقد البصر ، وانحنى الظهر ، (واشتعل الرأس شيبا ) ولم يعلم بأنه يسير على زفرات منيته . سار ولم يعي بأنه على جمر أشعله بثقاب عمله.
خطا بخطواته ، ولم يكن في الحسبان بان خطواته تأخذه إلى الدائرة التي أُغلقت أبوا بها لـتـُفتح من جديد ،، تـُعيد دورتها به ، على أقطارها وأوتارها ، مروراً بأمسياتها.. أجلسه مجلسا حسنا كان يحسبه إخلاصا له ، واعداً إياه بالانتظار ريثما يعود .. وطال مكوثه بانتظاره.. وتسلل صوتٌ غريب محاولاً تلطيف سماء الفكر ، وتطبيب الجرح ببلسم الذكر " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " وأعلمه بالمكان الذي يضمه بين جوانحه الآن.
فأدرك حينها معنى القول الرباني " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعـفو عن كثير”.
خارت به القوى ولم تحمله قدماه ، ولم تتمهل دمعة كانت تسترق السمع ، غير أن خرجت كجمرً ألهب صحن الخد.
تبا لك أيها الزمن ، بل تباً لنا نحن ، كيف جهلنا دورانك ، وطاب لنا لذيذ العيش في غشاوة الوانك.. أهي الصدف ؟ أم الأيام تـُعيد نفسها ؟ أم الدنيا تسير بنا للوراء ؟!!! أم أنها لحظة ( الجزاء من جنس العمل).
نعم إنها قد حانت.. في هذا المكان ترك أمــه تتوسل به وهيهات أن ينسى تلك اللحظات ، وفي هذا الوقت بالذات : ( بـُـني لا تحرمني رؤيتك).
ها هي رسالتك التي استلمتها حين إخراج الجثة من مقبرة الدنيا إلى برزخ الآخرة ، شريطٌ تستعيده ذاكرته ، رسالته التي حوت حكم الدنيا، فتجاهلها ، وأدار لها ظهره التي ارتضاها لنفسه.
بسم الله الرحمن الرحيم
ولدي الغالي الحبيب:
السلام على الذي ما فارق خياله الأذهان ، وما غاب طيفه عن الذاكره..وما برح حبه في الفؤاد ساكنا.. أكتب لك من الدار التي أخشى عليك دخولها ، بقلبٍ ملؤه الأسى على ساكنها ، وبعيونٍ فاضت حزنا دموعها.. اعلم بانني سامحتك ، وبأنين القلب رجوت لك ربك ألا تدور عليك دائرة الزمن.. ولو كان للدمع وعاء لجمعت فيه دموعي ، أُهديك إياها شاهداً لوعة الفراق ، فما يـُنغـص عيشي سوى بـُعدك عني ، وما يـُهونها إلا لأني أفسحت لك المجال لتحيا كما تريد.. فلا تحسب يوما أن حاجتي إليك في البقاء بقربك لأجل نفسي ، إنما لأسعد برؤيتك أمامي حين ذهابك والإياب.. بني هاقد تعودت المكان وألفته ، وغداً عنه مهاجرة ، وأصبحت أعانق الخيال الذي رسمته لـلحظة الرحيل ، وبـُت أقتربُ من تحقيق الأمنية ، وكأن الخيال أمسى حقيقة ، قلبي يـُشعرني بقرب السفر بعـد أن رسمت خطوطه وجالت في خاطري رحلته.
أوصيك وما زلت بتقوى الله ، والعودة إلى حياضه..
بــُـني هل أخطأتُ حينما أغدقت عليك حنان أمومتي ؟! وأطبقتُ عليك جَـفن محبتي .. وفرشت لك بساط العطاء ، وباعدتُ بينك وبين السوء من القرناء ؟!
أم الخطأ عندما دعوتك إلى الله لتقـترب منه ، فـتنصهر في بوتقة العشق الإلهي ؟! أم هذا ما أبغضك فـــيّ ؟؟ ..
لستُ أدري ؟؟
بــــُــــني أن ما عليّ من أمانة في عنقي بحقك قد أديتها ، وان أسـأتُ فمن الله ومنكم العفو . وإن بدر تقصير مني فقد نـلت جزاؤه على يدك ، وأنا في هذه الأرض أحيا ،، فله الشكر على ما أعطى وأبلى..
بـُنــــــــــــي إن عـُدتَ أدراج الحياة المستقيمة ، وأني لأدعو الله لك ، فليكن دعاؤك لي ( اللهم جازهما بالإحسان إحسانا ، وبالسيئات غفرانا).
والسلام عليك ولـــــدي الحبيب ورحمة الله وبركاته.
أمــااااه.... أين أنت الآن ، كي أُقبل التــُرب الذي يتناثر من قدميك ، ليتني أقف على القبر فأبلله بدموعي لعل الله يغـفر لي.. أمــــاه.. ضيعت بيدي محراب صلاتك ، وفقدت أكفأ لطالما ارتفعت بدعائك ، ولسانا ترطب بحلو حديثك.. لقد كنتِ أماً تجود بالغالي والنفيس من أجل وحيدها ، لم تكن هناك وسيلة إلا واتبعتـِها لأكون رجلاً يـُحسن الصحبة ، ويعانق نداء الفطرة ، لكنني بصحبة السوء اقترنت ، وبمعـسول الحديث تأثرت... فكان ما كان..وها انذا يــا أم... على السرير الذي ضم الآمك ، واحتضن أحزانك ، وطوى بين حناياه دموعك.
وما زالت كلمتك ترن وكأنها للتو..بنــي.. (أخشى عليك دائرة الزمن).
بيدِ ولدي سكنت ذات الدار ( دار المسنيــــــــن ) ولعـل في دائرة الزمن تكفير ذنوبي . وتربية روحي ، وصياغة نفسي..
أخذ بيده سائر لا يدري إلى أين وجهته ! بعد أن فـُقد البصر ، وانحنى الظهر ، (واشتعل الرأس شيبا ) ولم يعلم بأنه يسير على زفرات منيته . سار ولم يعي بأنه على جمر أشعله بثقاب عمله.
خطا بخطواته ، ولم يكن في الحسبان بان خطواته تأخذه إلى الدائرة التي أُغلقت أبوا بها لـتـُفتح من جديد ،، تـُعيد دورتها به ، على أقطارها وأوتارها ، مروراً بأمسياتها.. أجلسه مجلسا حسنا كان يحسبه إخلاصا له ، واعداً إياه بالانتظار ريثما يعود .. وطال مكوثه بانتظاره.. وتسلل صوتٌ غريب محاولاً تلطيف سماء الفكر ، وتطبيب الجرح ببلسم الذكر " وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم " وأعلمه بالمكان الذي يضمه بين جوانحه الآن.
فأدرك حينها معنى القول الرباني " وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعـفو عن كثير”.
خارت به القوى ولم تحمله قدماه ، ولم تتمهل دمعة كانت تسترق السمع ، غير أن خرجت كجمرً ألهب صحن الخد.
تبا لك أيها الزمن ، بل تباً لنا نحن ، كيف جهلنا دورانك ، وطاب لنا لذيذ العيش في غشاوة الوانك.. أهي الصدف ؟ أم الأيام تـُعيد نفسها ؟ أم الدنيا تسير بنا للوراء ؟!!! أم أنها لحظة ( الجزاء من جنس العمل).
نعم إنها قد حانت.. في هذا المكان ترك أمــه تتوسل به وهيهات أن ينسى تلك اللحظات ، وفي هذا الوقت بالذات : ( بـُـني لا تحرمني رؤيتك).
ها هي رسالتك التي استلمتها حين إخراج الجثة من مقبرة الدنيا إلى برزخ الآخرة ، شريطٌ تستعيده ذاكرته ، رسالته التي حوت حكم الدنيا، فتجاهلها ، وأدار لها ظهره التي ارتضاها لنفسه.
بسم الله الرحمن الرحيم
ولدي الغالي الحبيب:
السلام على الذي ما فارق خياله الأذهان ، وما غاب طيفه عن الذاكره..وما برح حبه في الفؤاد ساكنا.. أكتب لك من الدار التي أخشى عليك دخولها ، بقلبٍ ملؤه الأسى على ساكنها ، وبعيونٍ فاضت حزنا دموعها.. اعلم بانني سامحتك ، وبأنين القلب رجوت لك ربك ألا تدور عليك دائرة الزمن.. ولو كان للدمع وعاء لجمعت فيه دموعي ، أُهديك إياها شاهداً لوعة الفراق ، فما يـُنغـص عيشي سوى بـُعدك عني ، وما يـُهونها إلا لأني أفسحت لك المجال لتحيا كما تريد.. فلا تحسب يوما أن حاجتي إليك في البقاء بقربك لأجل نفسي ، إنما لأسعد برؤيتك أمامي حين ذهابك والإياب.. بني هاقد تعودت المكان وألفته ، وغداً عنه مهاجرة ، وأصبحت أعانق الخيال الذي رسمته لـلحظة الرحيل ، وبـُت أقتربُ من تحقيق الأمنية ، وكأن الخيال أمسى حقيقة ، قلبي يـُشعرني بقرب السفر بعـد أن رسمت خطوطه وجالت في خاطري رحلته.
أوصيك وما زلت بتقوى الله ، والعودة إلى حياضه..
بــُـني هل أخطأتُ حينما أغدقت عليك حنان أمومتي ؟! وأطبقتُ عليك جَـفن محبتي .. وفرشت لك بساط العطاء ، وباعدتُ بينك وبين السوء من القرناء ؟!
أم الخطأ عندما دعوتك إلى الله لتقـترب منه ، فـتنصهر في بوتقة العشق الإلهي ؟! أم هذا ما أبغضك فـــيّ ؟؟ ..
لستُ أدري ؟؟
بــــُــــني أن ما عليّ من أمانة في عنقي بحقك قد أديتها ، وان أسـأتُ فمن الله ومنكم العفو . وإن بدر تقصير مني فقد نـلت جزاؤه على يدك ، وأنا في هذه الأرض أحيا ،، فله الشكر على ما أعطى وأبلى..
بـُنــــــــــــي إن عـُدتَ أدراج الحياة المستقيمة ، وأني لأدعو الله لك ، فليكن دعاؤك لي ( اللهم جازهما بالإحسان إحسانا ، وبالسيئات غفرانا).
والسلام عليك ولـــــدي الحبيب ورحمة الله وبركاته.
أمــااااه.... أين أنت الآن ، كي أُقبل التــُرب الذي يتناثر من قدميك ، ليتني أقف على القبر فأبلله بدموعي لعل الله يغـفر لي.. أمــــاه.. ضيعت بيدي محراب صلاتك ، وفقدت أكفأ لطالما ارتفعت بدعائك ، ولسانا ترطب بحلو حديثك.. لقد كنتِ أماً تجود بالغالي والنفيس من أجل وحيدها ، لم تكن هناك وسيلة إلا واتبعتـِها لأكون رجلاً يـُحسن الصحبة ، ويعانق نداء الفطرة ، لكنني بصحبة السوء اقترنت ، وبمعـسول الحديث تأثرت... فكان ما كان..وها انذا يــا أم... على السرير الذي ضم الآمك ، واحتضن أحزانك ، وطوى بين حناياه دموعك.
وما زالت كلمتك ترن وكأنها للتو..بنــي.. (أخشى عليك دائرة الزمن).
بيدِ ولدي سكنت ذات الدار ( دار المسنيــــــــن ) ولعـل في دائرة الزمن تكفير ذنوبي . وتربية روحي ، وصياغة نفسي..