معنى " أنزل القرآن على سبعة أحرف "للدكتور محمود فجال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه " .
متفق عليه ، من حديث عمر - رضي الله عنه - .
وقد نصّ الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام – رحمه الله – على أن هذا الحديث متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم . النشر ( 1 : 19 ) .
قال الداني : " معنى الأحرف التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم أن القرآن أنزل على سبعة أوجه من اللغات ؛ لأن الأحرف جمع حرف في القليل كفَلْس وأَفْلُسٍ ، والحرف قد يراد به الوجه ، بدليل قوله تعالى : " وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ " ( الحج : 11 ) .
قال الحافظ " ابن حجر " في " فتح الباري " ( 9 : 31 ) : " قال مكي بن أبي طالب : هذه القراءات التي يُقْرَأُ بها اليوم وصحت رواياتها عن الأئمة جزء من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن .. ثم قال : وأمَّا مَن ظنَّ أنَّ قراءةَ هؤلاء القرّاءِ ،كنافع وعاصم هي الأحرف السبعة التي في الحديث فقد غلط غلطًا عظيمًا . " اهـ
ومعنى هذا أن الأحرف السبعة أعمّ من القراءات السبع المشهورة الآن .
قال الإمام المحقق " ابن الجزري " في " النشر " ( 1 : 26 ) : " ولا زلت أستشكل هذا الحديث ( أي حديث : أن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف إلخ ) وأفكّر فيه ، وأمعن النظر من نحو نَيِّفٍ وثلاثين سنة ، حتى فتح الله عليَّ بما يمكن أن يكون صوابًا – إن شاء الله تعالى – وذلك أنني تتبعت القراءات صحيحَها وشاذَّها ، وضعيفَها ومنكَرَها ، فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه من الاختلاف ، لا يخرج عنها ، وذلك إما باختلاف في الحركات بلا تغيير في المعنى والصورة ، نحو ( قرح ) بضم القاف وفتحها ( 40 آل عمران ) ، أو في الحركات بتغير في المعنى فقط نحو : ) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ ( ( 45 يوسف ) بضم الهمزة وتشديد الميم ، أي بعد مدة طويلة ، أو بفتح الهمزة وتخفيف الميم مفتوحة وهاء بمعنى النسيان – أو في الحروف بتغير في المعنى لا الصورة نحو: ( تبلو ) و ( تتلو ) في آية : ) هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت ( ( 30 يونس ) ، أو عكس ذلك ، أي : بتغيير في الصورة لا المعنى ، نحو : ) وزادكم في الخلق بسطة ( ( 69 الأعراف ) بالسين والصاد – وإما بتغيرهما ، أي : الصورة والمعنى ، نحو : ) فاسعوا إلى ذكر الله ( ( 9 الجمعة ) قرئ : فامضوا – ومثل ذلك ) كالعهن المنفوش ( قرئ كالصوف ، و) فوكزه موسى ( قرئ : فلكزه – وإمّا بالاختلاف بالتقديم والتأخير ، نحو : ) وَجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالْحَقِّ ( ( 19 ق ) قرئ : وجاءت سكرة الحق بالموت ، ومثل ذلك : ) فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ ( ( 112 النحل ) ، قرئ : لباس الخوف والجوع – وإما الاختلاف بالزيادة والنقصان نحو : ) ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب ( ( 132 البقرة ) ، قرئ : وأوصى بها ( بزيادة الهمزة ) ، وقوله – تعالى – ) وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ ( ( 35 يونس ) ، قرئ : وما عملت أيديهم . فهذه سبعة أوجه لا يخرج الاختلاف عنها " .
المفضلات