عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله : الشهيد لا يجد من القتل إلا كما يجد أحدكم القرصة يقرصها
التخريج (برموز السيوطي): (ن) [ورواه عنه الديلمي أيضا]ـ
التخريج (مفصلا): النسائي عن أبي هريرة [ورواه عنه الديلمي أيضا]ـ
تصحيح السيوطي: صحيح
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله : الشهيد يغفر له في أول دفعة من دمه ويزوج حوراوين، ويشفع في سبعين من أهل بيته. والمرابط إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة، وغدي عليه وريح برزقه، ويزوج سبعين حوراء، وقيل له: "قف فاشفع" إلى أن يفرغ من الحساب
التخريج (برموز السيوطي): (طس) عن أبي هريرة
التخريج (مفصلا): الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة
تصحيح السيوطي: حسن
اختلف في سبب تسمية الشهيد شهيدا، فقال النضر بن شميل: لأنه حي فكأن أرواحهم شاهدة أي حاضرة.
وقال ابن الأنباري: لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة.
وقيل لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد له من الكرامة.
وقيل: لأنه يشهد له بالأمان من النار.
وقيل لأن عليه شاهدا بكونه شهيدا.
وقيل لأنه لا يشهده عند موته إلا ملائكة الرحمة.
وقيل لأنه الذي يشهد يوم القيامة بإبلاغ الرسل.
وقيل: لأن الملائكة تشهد له بحسن الخاتمة.
وقيل: لأن الأنبياء تشهد له بحسن الاتباع.
وقيل: لأن الله يشهد له بحسن نيته وإخلاصه.
وقيل: لأنه يشاهد الملائكة عند احتضاره، وقيل: لأنه يشاهد الملكوت من دار الدنيا، ودار الآخرة، وقيل لأنه مشهود له بالأمان من النار، وقيل لأن عليه علامة شاهدة بأنه قد نجا.
وبعض هذه يختص بمي قتل في سبيل الله، وبعضها يعم غيره، وبعضها قد ينازع فيه
انظر فتح الباري
سمي الشهيد شهيدا لأن روحه شهدت دار السلام وروح غيره لا تشهدها إلا يوم القيامة، أو لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة، أو لأنه أشهد عند خروج روحه ما له من الثواب والكرامة، أو لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه، أو لأنه يشهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله، أو لأن عليه شاهدا يشهد بكونه شهيدا وهو دمه، أو لغير ذلك الجامع الصغير للسيوطي
أعلم أن الشهيد ثلاثة: شهيد في الدنيا والآخرة، وشهيد في الدنيا فقط، وشهيد في الآخرة فقط، فالأول من قاتل الكفار لتكون كلمة الله هي العليا، والثاني من قاتلهم لغرض من أغراض الدنيا، والثالث هو من ذُكر. وسُمِّي الشهيد شهيداً لأنَّ روحه شهدت حضرة دار السلام وروح غيره إنما تشهدها يوم القيامة، وقيل غير ذلك من وجوه، كذا في رسالة "الشهداء" لعلي الأجهوري.الموطأ للامام مالك
انواع الشهداء
أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله (2) بن عبد الله بن جابر بن عتيك، عن عتيك (3) بن الحارث بن عتيك - وهو جَدّ (4) عبد الله بن عبد الله بن جابر (5) - أي أخبره أن جابر (6) بن عتيك أخبره: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء يَعُود عَبد الله (7) بنَ ثابت (8) فوجده قد غُلب (9)، فصاح (10) به فلم يُجِبْه، فاسترجع (11) رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: غُلبنا (12) عليك يا أبا الربيع (13) فصاح النسوة (14) وبَكَيْنَ، فجعل ابن عتيك يُسْكِتُهُنَّ (15)، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: دَعْهُنَّ فإذا وجب (16) فلا تَبْكِيَنَّ (17) باكية، قالوا: وما الوجوب (18) يا رسول الله؟ قال: إذا مات، قالت ابنته (19): والله إني كنتُ لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك قد كنتَ قضيتَ (20) جِـَهَازَك (21)، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن الله تعالى قد أوقع (22) أجرَه (23) على قدر (24) نيَّته، وما (25) تعدّون الشهادة؟ قالوا: القتلُ (26) في سبيل الله، قال رسول الله (27) صلّى الله عليه وسلّم: الشهادة (28) سَبْع (29) سوى القتل في سبيل الله: المطعون (30) شهيد، والغريق (31) شهيد، وصاحب (32) ذات الجَنْب شهيد، وصاحب الحريق (33) شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة (34) تموت بجمع شهيد، والمبطون (35) شهيد.
---------------------------
(1) قوله: ما يكون من الموتِ شهادة، قد ورد في الأخبار عدد كثير لمن يجد ثواب الشهادة، فمن ذلك (1) المقاتل (في الأصل القاتل، وهو خطأ) المجاهد وهو أعلى الشهداء، (2) والمطعون، (3) والمبطون، (4) والغريق، (5) وصاحب ذات الجنب، (6) والحريق، (7) والتي تموت بجُمع، (8) والذي يموت بهدم، (9) ومن يقصد الشهادة ويعزم عليه ولا يتفق له ذلك كما هو ثابت في حديثي الباب، (10) وصاحب السّلّ، أخرجه أحمد من حديث راشد بن خنيس والطبراني من حديث سلمان، (11) والغريب أي المسافر بأي مرض مات، أخرجه ابن ماجه من حديث ابن عباس والبيهقي في "الشُّعَب"، من حديث أبي هريرة والدارقطني من حديث ابن عمر والصابوني في "المائتين" من حديث جابر والطبراني من حديث عنترة، (12) وصاحب الحُمّى، أخرجه الديلمي من حديث أنس، (13) واللَّديغ، (14) والشريق، (15) والذي يفترسه السَّبع، (16) والخارّ عن دابّته، رواها الطبراني من حديث ابن عباس، (17) والمتردِّي، أخرجه الطبراني من حديث ابن مسعود، (18) والميت على فراشه في سبيل الله، رواه مسلم من حديث أبي هريرة، (19) والمقتول دون ماله، (20) والمقتول دون دينه، (21) والمقتول دون دمه، (22) والمقتول دون أهله، أخرجه أصحاب السنن من حديث سعيد بن زيد، (23) أو دون مظلمته، أخرجه أحمد من حديث ابن عباس، (24) والميت في السجن وقد حُبس ظلماً، رواه ابن مندة من حديث عليّ، (25) والميت عشقاً وقد عفَّ وكتم، أخرجه الديلمي من حديث ابن عباس، (26) والميت وهو طالب العلم، أخرجه البزّار من حديث أبي ذرّ وأبي هريرة، (27) والمرأة في حملها إلى وضعها إلى فصالها، ماتت بين ذلك، أخرجه أبو نعيم من حديث ابن عمر، (28) والصابر القائم ببلد وقع به الطاعون، أخرجه أحمد من حديث جابر، (29) والمرابط في سبيل الله، (30) ومن قُتل بأمره الإِمَام الجائر بالمعروف ونهيه عن المنكر، (31) ومن صبر من النساء على الغَيْرة، أخرجه البزّار والطبراني من حديث ابن مسعود، (32) ومن قال كلَّ يوم خمساً وعشرين مرة: اللهم بارك لي في الموت وفي ما بعد الموت، أخرجه الطبراني من حديث عائشة، (33) ومن صلّى الضحى وصام ثلاث أيام من الشهر ولم يترك الوتر في السفر ولا الحضر، أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر، (34) والمتمسِّك بالسُّنَّة عند فساد الأمة، أخرجه الطبراني من حديث أبي هريرة، (35) والتاجر الأمين الصدوق، أخرجه الحاكم من حديث ابن عمر، (36) ومن دعا في مرضه أربعين مرة: لا إله إلاَّ أنت سبحانك إني كنتُ من الظالمين ثم مات، أخرجه الحاكم من حديث سعد، (37) وجالب طعام إلى بلد، أخرجه الديلمي من حديث ابن مسعود، (38) المؤذن المحتسب، أخرجه الطبراني من حديث ابن عمر، (39) ومن سعى على امرأته أو ما ملكت يمينه يُقيم فيهم أمرَ الله ويطعمهم من الحلال، (40) ومن اغتسل بالثلج فأصابه بَرد، (41) ومن صلّى على النبي صلّى الله عليه وسلّم مائة مرة، أخرج الأول ابنُ أبي شيبة في "المُصَنَّف" عن الحسن، والثاني الطبراني في "الأوسط" من حديث أنس، (42) ومن قال حين يصبح ويمسي: "اللهمّ إني أُشهدك أنّك أنتَ اللهُ الذي لا إله إلاّ أنتَ وحدك لا شريكَ لك وأن محمداً عبدك ورسولك، أبوء بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب غيرك" أخرجه الأصبهاني من حديث حذيفة، (43) ومن قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، ويقرأ ثلاث آيات من سورة الحشر، أخرجه الترمذي من حديث معقل، (44) ومن مات يوم الجمعة، أخرجه حُمَيد بن منجويه من حديث رجل من الصحابة، (45) ومن طلب الشهادة صادقاً، أخرجه مسلم.
فهذه خمسة وأربعون (45) ورد فيهم أن لهم أجر الشهداء (وبلغ إلى قريب من ستين. انظر أوجز المسالك 4/269)، وقد ساق الأخبار الواردة فيها السيوطيُّ في رسالته "أبواب السعادة في أسباب الشهادة" مع زيادة.
(2) تابعيّ مدنيّ أنصاريّ، وثّقه ابن معين وأبو حاتم والنسائي، كذا في "الإِسعاف".
(3) مقبول قاله في "التقريب".
(4) أبو أمِّه.
(5) الأنصاري، المدني.
(6) صحابيّ جليل، مات سنة (61)، كذا ذكره الزرقاني.
(7) قوله: عبد الله بن ثابت، هو أوسيّ، ويقال ظفري، مات في العهد النبوي، وقال الواقدي وابن الكلبي: هو عبد الله بن عبد الله له ولأبيه صحبة، قال الكلبي: دَفَنَه صلّى الله عليه وسلّم في قميصه وعاش الأبُ
إلى خلافة عمر، كذا ذكره الزرقاني.
(8) ابن قيس الأنصاري.
(9) بصيغة المجهول أي غلبه الألم حتى منعه مجاوبةَ النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(10) أي رفع صوته في الكلام معه.
(11) أي قال: إنا لله وإنا إليه راجعون.
(12) بصيغة المجهول، وفيه إيماء إلى قوله تعالى: {والله غالب على أمره} إن المخلوق مأسور في قبضه وقضائه.
(13) قوله: يا أبا الربيع، فيه تكنية الرئيس لمن دونه ولم يستكبر عن ذلك من الخلفاء إلاّ من حُرم التقوى.
(14) اسم جمع لا جمع.
(15) قوله: يُسْكِتُهُنَّ، لأنه سمع النهيَ عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وحمله على عمومه.
(16) أي مات، وأصله ومن وجب الحائط إذا سقط، ووجبت الشمس أي غابت.
(17) قوله: فلا تبكِيَنّ، أي لا ترفع صوتها، أما دمع العين وحزن القلب فالسنة ثابتة بإباحة ذلك في كل وقت، وعليه جماعة العلماء بكى صلّى الله عليه وسلّم على ابنه إبراهيم، وعلى ابنته، وقال: هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده، ومرَّ بجنازة يبكى عليها فانتهرهنَّ عمر، فقال: دعهن فإن النفس مصابة، والعين واسعة، والعهد قريب، قال أبو عمر (في الأصل: أبو عمرو، وهو خطأ).
(18) الذي أردت بقولك إذا مات.
(19) أي ابنة المريض.
(20) أي أتممت.
(21) بالفتح والكسر ما يُعدُّ الرجل للسفر، والمعنى إنك قد هيَّأتَ أسباب السفر وزاد الحرب للغزاة.
(22) أي أوجب ثواب غزوة.
(23) أي ولو كان هو في بيته.
(24) قوله: على قدر نيته، قال ابن عبد البر: فيه أن المتجهِّز للغزو إذا حيل بينه وبينه يُكتب له أجر الغزو على قدر نيَّته، والآثار بذلك متواترة صحاح.
(25) استفهام.
(26) بالنصب على تقدير "نعدّ"، وبرفعه على تقدير "هي".
(27) زاد ابن ماجه: إن شهداء أمتي إذن لقليل.
(28) أي الحكمية.
(29) قال السيوطي: هم أكثر من ذلك وقد جمعتهم في جزء فناهز الثلاثين.
قوله: سبع، أعلم أن الشهيد ثلاثة: شهيد في الدنيا والآخرة، وشهيد في الدنيا فقط، وشهيد في الآخرة فقط، فالأول من قاتل الكفار لتكون كلمة الله هي العليا، والثاني من قاتلهم لغرض من أغراض الدنيا، والثالث هو من ذُكر. وسُمِّي الشهيد شهيداً لأنَّ روحه شهدت حضرة دار السلام وروح غيره إنما تشهدها يوم القيامة، وقيل غير ذلك من وجوه، كذا في رسالة "الشهداء" لعلي الأجهوري.
(30) أي الذي يموت بالطاعون. قوله: المطعون، قال أبو الوليد الباجي في "شرح الموطأ": الطاعون مرض يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات بخلاف المعتاد من أمراض الناس يكون مرضهم واحداً، وقال عياض: أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد، والوباء عموم الأمراض، فسُمِّيت طاعوناً لشبهها بالهلاك بذلك، وإلاَّ فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعوناً. وقال النوويّ في "تهذيب الأسماء واللغات": الطاعون مرض معروف، وهو بثر وورم مؤلم جدّاً، يخرج مع لهب ويسوّدُّ ما حواليه أو يخضرُّ أو يحمرُّ حمرة بنفسجية، ويحصل معه خَفَقان القلب ويخرج في المراق والآباط غالباً وفي الأيدي والأصابع وسائر الجسد، كذا في "بذل الماعون في فضل الطاعون" للحافظ ابن حجر.
(31) قوله: والغريق، أخرج ابن ماجه عن أبي أمامة: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: إن الله وكَّل ملكاً بقبض الأرواح إلاَّ شهداء البحر، فإنه يتولّى قبضَ أرواحهم، كذا في "الحبائك في أخبار الملائك" للسيوطي.
(32) قوله: وصاحب ذات الجنب، هو مرض معروف وهو ورم حارّ يعرض في الغشاء المستبطن الأضلاع.
(33) الذي يُحرق بالنار.
(34) قوله: والمرأة تموت بجمع، قال ابن عبد البرّ: هي التي تموت من الولادة ألقت ولدها أم لا. وقيل: هي التي تموت في النفاس، وولدها في بطنها لم تلد، وقيل: هي التي تموت عذراء لم تفتض، قال: والقول الثاني أكثر وأشهر، وقال في "النهاية": تموت بجُمع أي وفي بطنها ولد، وقيل: هي التي تموت بكراً، والجُمع: بالضم بمعنى المجموع، والمعنى أنها ماتت بشيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة، وما اقتصر من الضم هو إحدى اللغات، فقد ذكر في "القاموس" أنه مثلَّث الجيم مع سكون الميم، كذا في رسالة "الشهداء" لعلي الأجهوري.
(35) قوله: والمبطون، قال في "النهاية": هو الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه، وفي كتاب "الجنائز" لأبي بكر المروزي عن شيخه شُرَيح أنه صاحب القولنج، وقال غيره هو صاحب الإِسهال، كذا في رسالة "الشهداء" للأجهوري.
انظر الموطأ
المفضلات