اعلام علماء الشام
[]ترجمة العلامه العارف بالله الشيخ الحافظ محمد يحيى مصطفى بستنجي الحنفي اللاذقي بركة اللاذقية ومربيها
[size="6"][color="blue"]
بركة اللاذقية العلامة العارف بالله الحافظ الشيخ محمد يحيى بن الحافظ الشيخ مصطفى بستنجي رحمه الله واحسن مثواه
ولد الشيخ رحمه الله تعالى في مدينة اللاذقية عام 1903 م من أسرة عريقة في العلم و النسب والادب .
طلبه للعلم:
ترعرع الشيخ الفاضل في اسرة علمية عريقة اشتهرت بالعلم والادب فوالده الشيخ العلامه الحافظ مصطفى محمد بستنجي رحمه الله اول معلم لنجله حيث حفظ الشيخ الجليل القرآن الكريم في سن مبكر على يديه وتلقى علوم القرآن الكريم مع القراءات واحكام التجويد والتفسير منه، تربع الشيخ الجليل في مجالس العلم ينهل من علوم اكابر علماء البلدة ويطلب العلوم الدينيه المختلفه في مجالسهم العامرة من فقه وتفسير وعقيدة وحديث وتزكية للنفس فكان رحمه الله على صلة طيبة مع كبار علماء البلده من آل الازهري وآل الصوفي وآل الطويل وآل المحمودي وآل المفتي وكان ابرز اشياخه العلامة الكبير القاضي محمد صالح الصوفي رحمه الله تعالى الذي لازمه بصغره وتلقى عنه الفقه الحنفي وعلوم الحديث الشريف واجازه اجازات علمية، وممن تلقى عنه ولم يكن لاذقيا العالم الازهري الشيخ الجليل الفقيه الشافعي حسن رضوان المصري الذى قدم الى اللاذقية واقام بها وكانت له حلقة علمية بجامع الشواف حيث لازمه الشيخ الجليل في حلقات القراءات والفقه وحصل منه على الاجازات المختلفة بالقراءات، ثم لازم شيخ اللاذقية لوقته العارف بالله العلامه الكبير الشيخ عبد الله الدهلوي البغدادي دفين اللاذقيه رحمه الله وكان عالما كبيرا اشتهر بالعلم الغزير والصلاح فلقد كان موسوعة علمية جمعت شتى انواع العلوم فتربع الشيخ بحلقته العلمية ونهل من علمه الغزير من فقه وحديث وتفسير وعلم تزكية النفوس واخذ الشيخ عنه الطريقة النقشبنديه وخلفه بها في سن مبكرة كما اخذ عنه الاجازات الكثيره في انواع العلوم كلها من فقه وتفسير وحديث حتى جاء اليوم الذي قال له شيخه يا شيخ يحيى لقد انتهى المشوار عندي اريدك ان تصعد الى جامع سيدي المغربي بعد صلاة الجمعه لحضور درس احد علماء الشام ولقد اطاعه بهذا وذهب الى الجامع وكان يجلس في المحراب شيخ مهاب على وجهه نور وما ان دخل الشيخ حرم المسجد حتى ناداه ذاك الشيخ المهاب قائلا يا شيخ يحيى اقترب اقترب وهكذا كانت بداية الرحلة العلميه الروحية التربوية الثانيه ملازما معلمه الروحي الثاني مرافقا له الى دمشق المحروسه ملتزما شيخه العارف بالله العلامه الشيخ ذو الفقار الحسكة رحمه الله ولقد صام الشيخ سبعة عشر عاما لايفطر الا بالاعياد صائما النهار قائما الليل وبتوجيه من مربيه طالبا العلم متربعا في حلقات اكابر علماء دمشق، واجلهم واكبرهم محدث الديار الشاميه شيخ مشايخ الشام على الاطلاق سيدي بدر الدين الحسني رضي الله عنه حيث اجازه باجازات عديده وكان يحضر دروسه الخاصة والعامه برفقة اكابر العلماء الذين نبغوا واصبحوا بدورهم مدارس تربوية فيما بعد امثال العلامة الكبير الشيخ حسن الحبنكه الميداني والعلامه العارف بالله محمود شقفه الحموي والعلامة الشيخ صالح فرفور والعلامة الشيخ محمود الرنكوسي والعلامة الداعية عبد الكريم الرفاعي وغيرهم كثيرون لا يعدوا حيث رافقهم بطلب العلم في دمشق. وتربع الشيخ في حلقات العلامه العارف بالله الفقيه الحنفي الكبير الشيخ ابو الخير الميداني رئيس جمعية علماء بلاد الشام
حيث تلقى عليه الفقه الحنفي وعلم الفرائض والنحو في جامع العقيبة ويسمى جامع التوبة ايضا وقد ضم هذا الجامع الشريف نخبة من اعلام المذهب الحنفي امثال العلامة العارف بالله الشيخ سعيد البرهاني والعلامة الكبير حنفي زمانه الشيخ عبد الوهاب دبس وزيت وعلامة حمص الشيخ عبد العزيز عيون السود رحمهم الله اجمعين، ثم لازم الشيخ الجليل الشيخ العارف بالله العلامة محمد الهاشمي رحمه الله وتربع في حلقاته العلمية وخلفه بالطريقة الشاذليه وكما اجازه بكتبه التي الفها بعلوم التوحيد والتصوف والحديث ومن اقرانه بطلب العلم عند سيدي الهاشمي الشيخ العارف بالله عبد الرحمن الشاغوري والشيخ العلامة الكبير الفقيه سعيد البرهاني رحمهما الله وثلة كبيرة من العلماء ممن كانوا من مريدين الشيخ الهاشمي رحمهم الله اجمعين.
ثم ارسله شيخه الى احد كبار العارفين والعلماء في بلاد الشام الشيخ ابو النصر خلف الحمصي رحمه الله فلازمه الشيخ واخذ عنه وتلقى منه الاجازة بالطريقة النقشبنديه وكانت حلقته تعج بالمريدين من علماء اكابر من محافظات مختلفة منهم صديقه واخاه بالطريقه بركة حماة ومربيها الشيخ المجاهد محمد الحامد رحمه الله وغيره من علماء حماة من آل المراد الكرام كما كان من اقرانه من علماء حلب الشيخ العلامه الشاعر عبدو رجب والعلامه ناجي ابو صالح والعلامة عيسى البيانوني وغيرهم من الاعلام رحمهم الله.
وارسله شيخه بعدها الى العارف بالله الشيخ ابراهيم حقي رحمه الله شيخ الجزيرة وكان يسكن قرية الحلوة من قضاء القامشلي وتلقى عنه واخذ منه الاجازات العلمية والتربوية. وهنا التقى صديقه واخيه العلامة الشيخ منلا رمضان البوطي الذي كان يتردد على الشيخ الجليل ابراهيم حقي.
ونذكر انه رحمه الله اجتمع بكبار علماء دمشق اثناء اقامته بها ومنهم على سبيل المثال لا الحصر العلامة الكبير علي الدقر والعلامة الكبير محمد هاشم الخطيب والعلامه العارف بالله مفتي قطنا الشيخ ابراهيم الغلاييني والعارف بالله المربي الشيخ امين كفتارو وتلقى عنهم واخذ منهم الاجازات في شتى العلوم رحمهم الله اجمعين.
وكان الشيخ يحيى يعتبر العلامة الفقيه الكبير المعمر مفتي الشام الشيخ ابو اليسر عابدين شيخه وعمدته بالافتاء حيث كان على صلة جيدة معه وعاصره حتى وفاته رحمه الله. ولقد ذكر اكثر من مرة انه يقبل يده احتراما لعلمه الغزير.
وظائفه الدينية:
استلم الشيخ الجليل الامامة والتدريس في جامع البازار والخطابة بجامع الشيخ ضاهر ثم انتقل الى جامع صوفان ليكون هناك اماما حتى وفاته وكان يقيم مجالس للذكر والصلوات على النبي تحضرها عامة الناس ويدرس الفقه الحنفي وعلوم القرآن الكريم.
مناقبه:
اشتهر الشيخ الجليل بالورع والصلاح والتواضع وكان مهابا محترما من اهالي البلده حيث كانت الناس تقبل يده احتراما لعلمه ومكانته وتبركا به، كما كان يستشار من العامة ومن علماء البلده بامور كثيرة دينية ودنيوية حيث كان موقع احترامهم وثقتهم ومرجعا فقهيا لهم. من مناقب سيدي الشيخ يحي اسم على مسمى فلقد احيا الشعائر الدينيه على اكمل وجه واقام الاحتفالات الدينيه كالمنتصف من شعبان والمولد النبوي الشريف وكان مسجد الشيخ ضاهر يمتلئ بهذه المناسبات الشريفه وبها يحث الناس على حب المصطفى الهادي الامين عليه افضل الصلاة والتسليم ويشبع قلوب العاشقين بحب سيد الاولين والاخرين وبعد اقامة المولد الشريف يدعوا الناس جميعا لتناول الحلويات في جامع صوفان حيث يفرش النايلون في المسجد وتوزع الكنافه عن روح من ارسله الله رحمة للعالمين فمولده صلى الله عليه وسلم هو تذكير للناس برسالته الخالده ونهجه القويم ويكون هذا الاجتماع اجتماعا على حب سيد الخلق لذكراه الشريفه العطره وترى الناس فرحة مبتهجه تصلي وتسلم على خير البريه وسبحان الله رب العرش العظيم ما اجمله من اجتماع على حب فخر الكائنات فوج ينتهي واخر يتناول وصدور الكنافه تحمل من عدة محلات يكون الشيخ قد اوصاهم وطلبهم من قبل من اجل هذه المناسبه العظيمه على نفقته الخاصه
لقد كان سيدي الشيخ متشبعا بحب المصطفى صلى الله عليه وسلم يحث الناس على حبه والاقتداء به فمن لم يذق حب هذا الرسول العظيم يبقى قلبه مظلما معتما.
كراماته:
وله رحمه الله كرامات ظاهره معروفه عند اهل البلده
واشهرها دعاء الاستسقاء بعد القحط الذي اصاب اللاذقيه الذي اقامه على شاطئ رمل الفلسطينيه مع ثلة من علماء البلدة والمريدين وبعد عودتهم طافت البلده بالامطار الغزيرة.
والثانيه ميلان العماره القريبه من جامع البازار بعد ان انكر صاحبها الامانه التي وضعها الشيخ الجليل عنده بعد عودته من الحج.
مؤلفاته:
نظم الشيخ الجليل مولدا مباركا يحث المسلمين فيه على حب الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم وعلى اتباع سنته وعدم مخالفته. لقد قدم للمولد وقرظه ثلة من العلماء الثقات من اقرانه بطلب العلم كالشيخ العلامه عبد الحليم محمودي مفتي اللاذقيه وصديقاه الاجلين الشيخ العلامه الشاعر عبدو رجب الحلبي والعلامه الشيخ ناجي ابو صالح رحمهما الله وقرظه ايضا الشيخ الشاعر عبد اللطيف فرفور ابن العلامه الشيخ صالح فرفور والشيخ العالم الورع الشيخ عمر ملاحفجي الذي كان من
مريدين الشيخ والذي اجازه الشيخ اجازات كثيره.
اشرف على طبع وتصحيح المولد الشريف شافعي اوانه العلامة الشيخ محمد هاشم المجذوب حفظه الله امام ومدرس جامع السنجقدار انذاك وطبع المولد على نفقة الحاج المحب المخلص ابراهيم بلاش رحمه الله.
ان هذا النظم المبارك ان دل على شئ فيدل على مدى حب الشيخ لسيد الكائنات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فلقد اختتم كل بيت به بالاسم المحمدي الشريف لتزداد الصلاة عليه بالمجلس
مكتبته العامرة:
كان لدى الشيخ الفاضل رحمه الله مكتبة عظيمة عامرة تحوي امهات الكتب والمخطوطات النادرة والكتب المخطوطة ورثها عن والده الشيخ الحافظ مصطفى بستنجي وعن اخيه العلامة الشيخ بهاء الدين بستنجي رحمهما الله كما زاد عليها من الكتب الحديثة الطباعة ومؤلفات علماء عصره. كان رحمه الله يعيش بين الكتب في بيته وفي غرفة الامامة في جامع صوفان لحبه وشغفه بالكتب والقراءة، وكان له اعتناء خاص بها ولذا كان احد المريدين المقربين له وهو الرجل الصالح المخلص محمد منلا صاحب الوجه النير رحمه الله كان يعتني ويجلد كتب الشيخ لحفظها من التلف والحفاظ عليها وكان الرجل الصالح محمد منلا يعمل في مطبعة الإرشاد منذ نعومة اظافره فلقد كان خبيرا بالطباعة وتجليد الكتب، وفي كل يوم جمعة يأخذ معه عددا من الكتب لتجليدها ويعود بها بالجمعة المقبله جعل الله هذا في ميزان حسناته ورحمه رحمة واسعة. وهنا احب ان اقص ما جرى مع احد الاحباب اثناء زيارته للشيخ العارف بالله عبد الرحمن الشاغوري رحمه الله سأله الشيخ عبد الرحمن عن مكتبة الشيخ يحيى العامرة وماذا حل بها فأجابه صاحبنا ان معظم الكتب قد ضاعت بعد وفاة الشيخ يحي فتأسف على ذلك الشيخ عبد الرحمن اسفا شديدا قائلا كم لنا من الذكريات مع هذه المكتبة العظيمة التي يقدر ثمنها بالذهب للنفائس التي تحويها فلقد كنا ننقح الكتب ونتدارسها فيما بيننا اثناء زيارتي لحضرة الشيخ يحيى ونكتب عليها الشروح والتعليقات وزعل زعلا شديدا لفقدان معظم الكتب. رحم الله الشيخين الجليلين فلقد تربعا سويا في حلقات العلم في دمشق المحروسة عند العلامة الشيخ محمد الهاشمي رحمه الله وغيره من اعلام دمشق. والجدير بالذكر انه لم يزل يوجد قسم من المكتبة في جامع صوفان ولقد اخبرني احد الاحباب ان المؤرخ الاستاذ ياسر صاري حفظه الله اعتنى بتنظيم وترتيب الكتب وتبويبها جزاه الله خيرا.
اخلاقه وصفاته:
كان رحمه الله ذا همة عالية وصبر وجلد وتحمل في العبادة ، محافظا على صلاة الجماعة اماما والصيام والقيام وقراءة القرآن وختمه، كثير الدعاء والتضرع ، والنوافل وقيام الليل والتهجد والأذكار والأوراد وكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباع سنته بالصغيرة والكبيرة وفي كل الامور ، وكان طيب النفس متواضعا محبا للناس ذو اخلاق عالية وادب جم مادا يد العون للفقراء وخصوصا المنسيين منهم يرسل لهم المعونة بالتستر والخفاء، مواظبا على مطالعة الكتب التي كانت تصدر ومعتنيا بالكتب القديمة والمخطوطات بتجليدها والمحافظة عليها . وللامانة العلمية اضيف لترجمة الشيخ الجليل يحيى بستنجي رحمه الله انه كان يتكلم لغات اجنبية عدة بطلاقة التركية والفرنسية والفارسية وكان له اهتمام شديد بالطب والاعشاب الطبية وكان يظهر هذا في مناقشاته مع بعض الاطباء او الصيادلة الذين كانوا يزوروه مرارا فكان يناقشهم في فوائد وتركيبات الادوية ومفعولها وربما لانه عمل عطارا وكان يعرف فوائد الاعشاب والنباتات... وجانب اخر احب ان انوه اليه وهو انه كان رحمه الله عالما بتفسير الاحلام والكثيرون من الناس كانت تتوافد عليه لتفسير احلامها... كان رحمه الله واسكنه فسيح جناته على صلة متينة ورابطة قوية بعلماء بلاد الشام حيث كان يزورهم ويزوروه في المحافظات المختلفة كصديقه العلامة محمد الحامد والعلامة محمود الشقفة وعلماء ال المراد من حماة وكعلماء حلب الاجلاء كالعلامة الشيخ ناجي ابو صالح وابنائه والعلامة الشاعر عبدو رجب والشيخ العلامة رشيد الراشد التاذفي ومن دمشق صديقه الجليل الشيخ عبد الرحمن الشاغوري وصديقه العلامة منلا رمضان البوطي وغيره من الاعلام رحمهم الله جميعا.
تلاميذه ومريديه:
كان له تلاميذ كثر من المثقفين شغلوا الخطابة والتدريس بعدة مساجد منهم ابن اخته الشيخ حسن صاري خطيب ومدرس جامع صوفان والشيخ المتكلم الفقيه عمر زهر الفول اول خطيب لجامع الروضة والشيخ الصالح الاديب محمد الصالح رحمه الله خطيب جامع المشاطي والشيخ الاديب محمد منلا رحمه الله خطيب جامع الصليبة انذاك والشيخ الأستاذ عبد اللطيف جسري حفظه الله الذي كان ينوب عنه بالخطابة عندما يكون فضيلة الشيخ غائبا عن البلدة وغيرهم من طلبة العلم والجامعيين والاكاديميين.
وفاته رحمه الله:
توفى رحمه الله بالتحديد يوم الاربعاء الواقع في ٦ ربيع الثاني ١٤٠١ الموافق ١١ شباط ١٩٨١ وما ان سرى نبأ وفاته رحمه الله حتى اعلموا له في جميع الجوامع وقد شيع جثمانه الطاهر في موكب رهيب وقد حمل على الاكف وشيع جثمانه الطاهر في جنازة رهيبة خرجت بها البلدة كلها صغيرهم وكبيرهم لوداع شيخ مشايخهم رحمه الله واسكنه فسيح جناته وصلي عليه بجامع صوفان حيث وقف ابن اخته الشيخ حسن صاري اماما بالناس ومن ثم الى مقبرة الشيخ ضاهر حيث تم الدفن فيها.
تزوج الشيخ الجليل رحمه الله مرتين ولكنه لم يرزق بأولاد وتوفى ولم يعقب.
رحم الله الشيخ العلامه العارف بالله الفقيه الحافظ محمد يحيى بستنجي واسكنه فسيح جناته ونفعنا ببركاته وجعل لنا في مسيرته أسوة حسنة.
ze]
المفضلات