[color=#0000FF]الأمثال التي هي وشي الكلام، وجوهر اللفظ، وحلى المعاني، والتي تخيرتها العرب، وقدمتها العجم، ونطق بها " في " كل زمان، وعلى كل لسان، فهي أبقى من الشعر، وأشرف من الخطابة، لم يسر شيء مسيرها، ولا عم عمومها، حتى قيل: أسير من مثل. " وقال الشاعر " :
ما أنت إلا مثل سائر ... يعرفه الجاهل والخابر
وقد ضرب الله عز وجل الأمثال في كتابه، وضربها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلامه، قال الله عز وجل: " يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له " .
وقال: " وضرب الله مثلا رجلين " .
ومثل هذا كثير في آي القرآن.
فأول ما نبدأ به أمثال رسول الله صلى الله عليه وسلم
أمثال رسول اللهقال النبي صلى الله عليه وسلم: ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبي الصراط أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخية، وعلى رأس الصراط داع يقول: ادخلوا الصراط ولا تعوجوا. فالصراط الإسلام، والستور حدود الله، والأبواب محارم الله، والداعي القران.
وقال " النبي " صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن كالخامة من الزرع، يقلبها الريح مرة كذا ومرة كذا؟ ومثل الكافر مثل الأرزة المجذية على الأرض " حتى " يكون انجعافها بمرة.
وسأله حذيفة: أبعد هذا الخير شر يا رسول الله؟ فقال: جماعة " على " أقذاء وهدنة على دخن. وقوله حين ذكر الدنيا وزينتها فقال: إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم.
وقال لأبي سفيان: أنت أبا سفيان كما قالوا: كل الصيد في جوف الفرا: وقال حين ذكر الغلو في العبادة: إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى. وقال صلى الله عليه وسلم: إياكم وخضراء الدمن. قالوا: وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء. وذكر الربا في آخر الزمان، وافتنان الناس به، فقال: من لم يأكله أصابه غباره. وقال: الإيمان قيد الفتك.
وقال صلى الله عليه وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر.
وقال في فرس: وجدته بحرا.
وقال: إن من البيان لسحرا.
وقال: لا ترفع عصاك عن أهلك.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.
وقال: الحرب خدعة.
أمثال روتها العلماء
قال عبد الله بن الزبير لأهل العراق: وددت والله أن لي بكم من أهل الشام صرف الدينار بالدرهم. قال له رجل منهم: أتدري يا أمير المؤمنين ما مثلنا ومثلك ومثل أهل الشام؟ قال: وما ذاك؟ قال: ما قاله أعشى بكر حيث يقول:
علقتها عرضا وعلقت رجلا ... غيري وعلق أخرى ذلك الرجل
أحببناك نحن، وأحببت أنت أهل الشام، وأحب أهل الشام عبد الملك " بن مروان " .
من ضرب به المثل من الناس
قالت العرب: أسخى من حاتم، وأشجع من ربيعة بن مكدم، وأدهى من قيس بن زهير، وأعز من كليب وائل، وأوفي من السموأل، وأذكى من إياس بن معاوية، وأسود من قيس بن عاصم، وأمنع من الحارث بن طالم، وأبلغ من سحبان وائل، وأحلم من الأحنف بن قيس، وأصدق من أبي ذر الغفاري، وأكذب من مسيلمة الحنفي، وأعيا من باقل، وأمضى من سليك المقانب، وأنعم من خريم الناعم، وأحمق من هبنقة، وأفتك من البراض.
من يضرب به المثل من النساء
قال: أشأم من البسوس، وأمنع من أم قرفة، وأحمق من دغة، وأقود من ظلمة، وأبصر من زرقاء اليمامة -
البسوس: جارة جساس بن مرة بن ذهل بن شيبان، ولها كانت الناقة التي قتل من أجلها كليب بن وائل، وبها ثارت بين بكر بن وائل وتغلب " الحرب " التي يقال لها حرب البسوس.
وأم قرفة: امرأة مالك بن حذيفة بن بدر الفزاري، وكان يعلق في بيتها خمسون سيفا كل سيف منها لذي محرم لها.
ودغة: امرأة من عجل بن لجيم، تزوجت في بني العنبر بن عمرو بن تميم. وزرقاء بني نمير: امرأة كانت باليمامة تبصر الشعرة البيضاء " في اللبن، وتنظر الراكب على مسيرة ثلاثة أيام، وكانت تنذر قومها الجيوش إذا غزتهم، فلا يأتيهم جيش إلا وقد استعدوا له، حتى احتال لها بعض من غزاهم، فأمر أصحابه فقطعوا شجرا وأمسكوه أمامهم بأيديهم، ونظرت الزرقاء، فقالت: إني أرى الشجر قد أقبل إليكم؛ قالوا لها: قد خرفت ورق عقلك وذهب بصرك، فكذبوها، وصبحتهم الخيل، وأغارت عليهم، وقتلت الزرقاء. قال: فقوروا عينيها فوجدوا عروق عينيها قد غرقت في الإثمد من كثرة ما كانت تكتحل به
العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي
المفضلات