النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: بين السلطان الفاتح وأستـاذه (آق شمس الدين)

  1. #1
    مشرف
    الصورة الرمزية الخنساء

    الحاله : الخنساء غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2007
    رقم العضوية: 127
    المشاركات: 3,593
    معدل تقييم المستوى : 137
    Array

    بين السلطان الفاتح وأستـاذه (آق شمس الدين)


    كان السلطان (محمد الفاتح) يكن لأستاذه الشيخ (آق شمس الدين) مشاعر الحب ، والإجلال ، والتوقير ، ويزوره على الدوام ، حيث يستمع لأحاديثه ونصائحه ، ويستفيد من علمه الغزير.
    وكان أستاذه هذا مهيباً لا يخشي سوى الله ، لذا فإنه عند قدوم السلطان (محمد الفاتح) لزيارته ، لا يقوم له من مجلسه ، ولا يقف له. أما عند زيارته للسلطان (محمد الفاتح) فقد كان السلطان يقوم له من مجلسه توقيراً له ، واحتراماً ويجلسه بجانبه.
    وقد لاحظ ذلك وزار السلطان وحاشيته ، لذا لم يملك الصدر الأعظم (محمود باشا) من إبداء دهشته للسلطان فقال له : لا أدري يا سلطاني العظيم ، لم تقوم للشيخ (آق شمس الدين ) عند زيارته لك ، من دون سائر العلماء والشيوخ ، في الوقت الذي لا يقوم لك تعظيماً عند زيارتك له ؟!.
    فأجابه السلطان : أنا أيضاً لا أدري السبب … ولكني عندما أراه مقبلاً علي ، لا أملك نفسي من القيام له … أما سائر العلماء والشيوخ ، فإني أراهم يرتجفون من حضوري ، وتتلعثم ألسنتهم عندما يتحدثون معي ، في الوقت الذي أجد نفسي أتلعثم عند محادثتي الشيخ (آق شمس الدين).
    وفي فتح القسطنطينية أراد السلطان أن يكون شيخه بجانبه أثناء الهجوم فأرسل إليه يستدعيه، لكن الشيخ كان قد طلب ألا يدخل عليه أحد الخيمة ومنع حراس الخيمة رسول السلطان من الدخول، وغضب محمد الفاتح وذهب بنفسه إلى خيمة الشيخ ليستدعيه ، فمنع الحراس السلطان من دخول الخيمة بناءً على أمر الشيخ ، فأخذ الفتح خنجره وشق جدار الخيمة في جانب من جوانبها ونظر إلى الداخل فإذا شيخه ساجداً لله في سجدة طويلة وعمامته متدحرجة من على رأسه وشعر رأسه الأبيض يتدلى على الأرض ، ولحيته البيضاء تنعكس مع شعره كالنور ، ثم رأى السلطان شيخه يقوم من سجدته والدموع تنحدر على خديه ، فقد كان يناجي ربه ويدعوه بإنزال النصر ويسأله النصر ويسأله الفتح القريب.
    وعاد السلطان محمد (الفاتح) عقب ذلك إلى مقر قيادته ونظر إلى الأسوار المحاصرة فإذا بالجنود العثمانيين وقد أحدثوا ثغرات بالسور تدفق منها الجنود إلى القسطنطينية ، ففرح السلطان بذلك وقال: ليس فرحي لفتح المدينة إنما فرحي بوجود مثل هذا الرجل في زمني.
    وذكر الإمام الشوكاني صاحب البدر الطالع أن ( ثم بعد يوم – من الفتح - جاء السلطان إلى خيمة ( آق شمس الدين) وهو مضطجع فلم يقم له ، فقبل السلطان يده وقال له : جئتك لحاجة، قال : وما هي ؟ قال: أن ادخل الخلوة عندك، فأبى، فأبرم عليه السلطان مراراً وهو يقول: لا. فغضب السلطان وقال: إنه يأتي إليك واحد من الأتراك فتدخله الخلوة بكلمة واحدة وأنا تأبى علي ، فقال الشيخ : إنك إذا دخلت الخلوة تجد لذة تسقط عندها السلطنة من عينيك فتختل أمورها فيمقت الله علينا ذلك ، والغرض من الخلوة تحصيل العدالة ، فعليك أن تفعل كذا وكذا - وذكر له شيئاً من النصائح - ثم أرسل إليه ألف دينار فلم يقبل ، ولما خرج السلطان محمد خان قال لبعض من معه : ما قام الشيخ لي. فقال له: لعله شاهد فيك من الزهو بسبب هذا الفتح الذي لم يتيسر مثله للسلاطين العظام، فأراد بذلك أن يدفع عنك بعض الزهو).
    روائع من التاريخ العثماني ، لأورخان محمد علي ، ص 47، والدولة العثمانية لعلي الصلابي ، ص185

  2. #2
    المشرف العام
    الصورة الرمزية أبوأيمن

    الحاله : أبوأيمن غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2007
    رقم العضوية: 3
    الدولة: أبوظبي
    الهواية: القراءة والتصفح
    العمر: 44
    المشاركات: 5,392
    معدل تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي رد: بين السلطان الفاتح وأستـاذه (آق شمس الدين)

    كان السلف -رحمهم الله - يحرصون على إجلال العلماء وتوقيرهم ويدل على هذا ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه طاووس، قال: "من السنة أن يوقر أربعة: العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد".

    وهاهو الصحابي الجليل عبد الله ابن عباس -رضي الله عنهما- يجل ويقدر زيد بن ثابت -رضي الله عنه- مع أن زيدا كان مولى، وابن عباس هو ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم. قال الشعبي: "صلى زيد بن ثابت على جنازة، ثم قُربت له بغلة ليركبها، فجاء ابن عباس -رضي الله عنه- فأخذ بركابه، فقال له زيد: خل عنها يا ابن عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال ابن عباس: هكذا يفعل بالعلماء والكبراء".

    قال ابن عبد البر: أنشدني يوسف بن هارون بنفسه في قصيدة له:

    وأجلّه في كل عين علمه *** فيرى له الإجلال كل جليلِ
    وكذلك العلماء كالخلفاء عند *** الناس في التعظيم والتبجيل


    وعلى قدر ما كان السلف الصالح -رضي الله عنهم- يحرصون على أخذ العلم عن العلماء، فقد كانوا يحرصون على إجلال العلماء وتقديرهم والتأدب معهم ومعرفة قدرهم، وكانوا يوصون طلاب العلم بذلك. قال عبيد الله بن جعفر: "العلماء منار البلاد منهم يُقتبس النور الذي يُهتدى به".

    وقال الحسين بن علي -رضي الله عنهما- لابنه: {يا بني إذا جالست العلماء، فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تتعلم حسن الكلام، ولا تقطع على أحد حديثا وإن طال حتى يمسك}.

    فخالط رواة العلم واصحب خيارهم *** فصحبتهم زيـن وخلطتهم غُنم
    ولا تعد عيناك عنهم فإنهم *** نجـوم إذا ما غاب نجــم بدا نجــم
    فو الله لولا العلم ما اتضح الهدى *** ولا لاح من غيب الأمور لنا رسم

المواضيع المتشابهه

  1. السلطان عبد الحميد المفترى عليه وقوى الشر التي تآزرت ضده
    بواسطة Omarofarabia في المنتدى التــاريخ الإسلامي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 27-Oct-2010, 09:54 PM
  2. ذرية الإمام الحسين سبط رسول الله
    بواسطة أيمن السيد في المنتدى التــاريخ الإسلامي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 10-Feb-2010, 09:28 PM
  3. ترجمة الامام زكريا الأنصاري
    بواسطة ابومحمد في المنتدى منتدى التراجم
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 07-Mar-2008, 08:11 PM
  4. الإسلام يتحدى
    بواسطة يوسف ( أبومحمد) في المنتدى المكتبة العلمية
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-Nov-2007, 03:06 PM
  5. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 03-Sep-2007, 04:43 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •