ما هي حقيقة هذه الكناية ؟
تشتهر بعض الكنايات، ويستعملها الجميع، لكنهم لا يسألون عن حقيقتها.
وهذه النافذة تحاول تناول هذا الجزء بالطرح للمناقشة والإثراء.
ولأبدأ أولاً بهذا الحديث :
عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه رِوَايَةً "يُوشِكُ أَنْ يَضْرِبَ النّاسُ أَكْبادَ الإِبِلِ يَطْلُبُونَ العِلْمَ فَلاَ يَجِدُونَ أَحَداً أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ المَدِينَةِ". قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديثٌ حسنٌ.
يضرب الناس أكباد الإبل : كناية عن صفة، وهي طلب العلم.
أما لماذا أكباد الإبل : فلإدراك الغرض خشية فواته لأن الكبد لا تضرب وإنما يضربون آباط الإبل حيث تكون الكبد، أي المحاذي لأكبادها ، وهو كناية عن إسراع الإبل وإجهادها في السير ، لأن من أراد ذلك يركب الإبل ويضرب على أكبادها بالرجل، وفي ذلك تنبيه على أن طلبة العلم أشد الناس حرصاً وأعزهم مطلباً لأن الجد في الطلب إنما يكون بالمكابدة وشدة الحرص وعزة المطلب .
واختار ( الإبل ) للدلالة على طول صبرها وعَنَائها في تحمل مشقة السفر، فهي من أقدر الدواب التي جعل فيها الخالقُ قدرة التحمل والصبر.
قال الطيبي: ضرب أكباد الإبل كناية عن السير السريع لأن من أراد ذلك يركب الإبل ويضرب على أكبادها بالرجل، وفي إيراد هذا القول تنبيه على أن طلبة العلم أشد الناس حرصاً وأعزهم مطلباً لأن الجد في الطلب إنما يكون بشدة الحرص وعزة المطلب.اهـ تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي.
وليس من الغريب أننا - في زمن الطائرات فائقة السرعة - لا نزال نستعمل هذه الكناية ، لأنه لا يعنينا سرعة الأداة بقدر ما يعنينا بيان مقدار المتاعب في رحلة طلب العلم .
المفضلات