مقتطفات من الرسالة القشيرية - باب مخالفة النفس و ذكر عيوبها
قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى غ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} أخبرنا على بن أحمد بن عبدان، قال: حدثنا أحمد بن عبيد، قال أخبرنا تمتام ، قال: حدثنا محمد بن معاوية النيسابورى، قال: حدثنا علي بن أبي على بن عتبة بن أبي لهب عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم، قال "أخوف ما أخاف على أمتى اتباع الهوى و طول الأمل فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق و أما طول الأمل فيُنسى الآخرة". ثم اعلم أن مخالفة النفس رأس العبادة و قد سئل المشايخ عن الإسلام فقالوا ذبح النفس بسيوف المخالفة. و اعلم أن من نجمت طوارق نفسه أفلت شوارق أنسه*.
و قال ابن عطاء: النفس مجبولة على سوء الأدب و العبد مأمور بملازمة الأدب فالنفس تجرى بطبعها في ميدان المخالفة و العبد يردها بجهده عن سوء المطالبة، فمن أطلق عنانها فهو شريكها معها في فسادها.
و قال أبو حفص: من لم يتهم نفسه على دوام الأوقات و لم يخالفها في جميع الأحوال و لم يجرها إلى مكروهها في سائر أيامه، كان مغرورا؛ و من نظر إليها باستحسان شيء منها فقد أهلكها، و كيف يصح لعاقل الرضا عن نفسه و الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق ابن إبراهيم الخليل يقول:" وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ".
و قال أبو بكر الطمستاني: النعمة العظمى الخروج من النفس لأن النفس أعظم حجاب بينك و بين الله عز و جل، و قال سهل بن عبد الله: ما عٌبد الله بشيء مثل مخالفة النفس و الهوى.
و قال يوسف بن أسباط: لا يمحو الشهوات من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق، و قال الخواص: من ترك شهوة فلم يجد عوضها في قلبه فهو كاذب في تركها.
--------------------------------------------------------
* (نجمت): أي طلعت
*(طوارق نفسه)أي آثار خواطرها
*(أفلت) أي غربت من قلبه
*(شوارق أنسه) بالله-- أي علاماته.
المفضلات