مجموع غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه تقارب المئة أو تفوقها ، وأما الغزوات التي قاتل فيها بنفسه فهي تسع غزوات

يفرق كثير من العلماء الذين كتبوا في السيرة النبوية بين الغزوة والسرية .


فالغزوة ، هي ما خرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، وقاد المسلمين بنفسه ، سواء حدث فيها قتال أو لم يحدث .


والسرية ما لم يخرج فيها النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد يحدث فيها قتال ، وقد لا يحدث .


والغالب أن عدد السرية يكون قليلا .


ينظر : "غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم - دروس وعبر"


ولا يخرج عن هذا الاصطلاح إلا غزوة مؤتة ، فإن النبي صلى الله عليه وسم لم يخرج فيها ، ومع ذلك فإن المشهور تسميتها بـ "غزوة" ؛ ولعل ذلك بسبب عظم شأنها ، وكثرة عددها ، وحصول قتال عظيم فيها ، واهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بها ... وغير ذلك من الأسباب .


ثانيًا :


اختلف العلماء من أهل السير وغيرهم في عدد الغزوات التي غزاها النبي صلى الله عليه وسلم .


فمنهم من ذكر أنها تسع عشرة غزوة .


ومنهم من ذكر أنها إحدى وعشرون .


وقيل: ست وعشرون . وقيل : سبع وعشرون .


وقيل غير ذلك ، وقيل : مجموع غزواته وسراياه تفوق المئة ! قاتل بنفسه في ثماني أو تسع غزوات .


وأصح ما ورد في ذلك ما رواه البخاري في "صحيحه" (3949) عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قال : " كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، فَقِيلَ لَهُ : كَمْ غَزَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةٍ ؟


قَالَ : تِسْعَ عَشْرَةَ .


قِيلَ : كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ ؟


قَالَ: سَبْعَ عَشْرَةَ.


قُلْتُ: فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ؟


قَالَ: العُسَيْرَةُ أَوِ العُشَيْرُ " . فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ : العُشَيْرُ .


قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (7/ 280) : " ومراده : الغزوات التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه ، سواء قاتل أو لم يقاتل .


لكن روى أبو يعلى من طريق أبي الزبير عن جابر : أن عدد الغزوات إحدى وعشرون . وإسناده صحيح ، وأصله في مسلم .


فعلى هذا : ففات زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها ، ولعلهما الأبواء وبواط ، وكأن ذلك خفي عليه لصغره .


ويؤيد ما قلته : ما وقع عند مسلم بلفظ : " قلت : ما أول غزوة غزاها ؟ قال : ذات العشير أو العشيرة ...