أما الجود والكرم والسخاء والسماحة، فقد كان صلى الله عليه وسلم لا يوازى في هذه الاخلاق الكريمة.
وكان جوده صلى الله عليه وسلم شاملاً كل مراتب الجود، التي اعلاها الجود بالنفس في سبيل الله تعالى كما قيل:
يجود بالنفس ان ضن البخيل بها
والجود بالنفس اقصى غاية الجود
فكان صلى الله عليه و سلم يجود بنفسه في مجاهدة اعداء الله تعالى، فكان اقرب الناس من العدو في المعركة، وكان الشجاع الذي يحازيه او يقف بجواره.
وكان صلى الله عليه وسلم يجود بعلمه، فيعلم اصحابه مما علمه الله تبارك وتعالى، ويحرص على تعليمهم الخير، ويرفق بهم في التعليم، ويقول: "إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً ميسراً" (رواه مسلم).
وقال: "إنما انا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم" (رواه احمد وابو داود وحسنه الالباني).
وكان اذا سأله السائل عن حكم ربما زاده في الاجابة، وهذا من الجود بالعلم، فقد سأله بعضهم عن طهارة ماء البحر فقال عليه الصلاة والسلام: "هو الطهور ماؤه الحل ميتته" (رواه احمد واصحاب السنن).
وأما جوده صلى الله عليه وسلم بوقته وراحته في سبيل قضاء حوائج الناس والسعي في مصالحهم، فهو صلى الله عليه وسلم اجود الناس في هذا الباب، ويكفي في ذلك ان الأمة من اهل المدينة كانت تأخذ بيده صلى الله عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت من المدينة في حاجتها. (رواه ابن ماجة وصححه الالباني).
ويدل على عظم جود النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: "ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً قط فقال: لا". (متفق عليه).
وعن انس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام شيئاً إلا اعطاه. قال: فجاءه رجل، فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع الى قومه فقال: يا قوم اسلموا، فإن محمداً يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة. (رواه مسلم).
قال انس: ان كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون الاسلام احب اليه من الدنيا وما عليها.
واعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفوان بن أمية ثلاثمائة من النعم بعد غزوة حنين. فقال: "والله لقد اعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اعطاني، وانه لأبغض الناس الي، فما برح يعطيني حتى انه لأحب الناس الي" (رواه مسلم).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وكان اجود ما يكون في شهر رمضان، حين يلقاه جبريل - عليه السلام - فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم اجود بالخير من الريح المرسلة (متفق عليه).
وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس مقفلة من حنين، علقت به الاعراب يسألونه، حتى اضطروه الى سَمُرة، فخطفت رداءه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ردوا علي ردائي، فوالله لو كان لي عدد هذه العضاه نعماً، لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلاً، ولا كذاباً ولا جباناً (رواه البخاري).
وكان الجود خلق نبينا صلى الله عليه وسلم حتى قبل البعثة، فإنه لما نزل عليه الملك بحراء، وجاء الى خديجة يرتجف، قالت له: كلا والله لا يخزيك الله ابداً، انك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
وقال انس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئاً لغد. (رواه الترمذي وصححه الالباني).
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: سأل ناس من الانصار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعطاهم ما سألوه، ثم سألوه فأعطاهم ما سألوه، ثم سألوه فأعطاهم ما سألوه، حتى اذا نفد ما عنده قال: "ما يكون عندي فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما اعطي أحد عطاء هو خير له واوسع من الصبر (رواه اصحاب السنن).
@ الأمين العام للبرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة * د. عادل بن علي الشدي * جريدة الوطن