![]()
[align=justify]المقصود بقوله تعالى : كماكتب على الذين من قبلكم
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في الذين عنى الله بقوله:"كما كُتبَ على الذين من قبلكم"، وفي المعنى الذي وَقعَ فيه التشبيه بين فرضِ صَومنا وصوم الذين من قبلنا.
فقال بعضهم: الذين أخبرنا الله عن الصوم الذي فرضه علينا، أنه كمثل الذي كان عليهم، هم النصارى. وقالوا: التشبيه الذي شَبه من أجله أحدَهما بصاحبه، هو اتفاقهما في الوقت والمقدار الذي هو لازم لنا اليوم فرضُه
الطبري 3/410
وجاء في تفسير ابن كثير:
وقد رُوي أن الصيام كان أولا كما كان عليه الأمم قبلنا، من كل شهر ثلاثة أيام -عن معاذ، وابن مسعود، وابن عباس، وعطاء، وقتادة، والضحاك بن مزاحم. وزاد: لم يزل هذا مشروعًا من زمان نوح إلى أن نَسَخ الله ذلك بصيام شهر رمضان.
وقال عباد بن منصور، عن الحسن البصري: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ } فقال: نعم، والله لقد كُتب الصيام على كل أمة قد خلت كما كتب علينا شهرًا كاملا وأياما معدودات: عددا معلوما. وروي عن السدي، نحوه.
وروى ابن أبي حاتم من حديث أبي عبد الرحمن المقري، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، حدثني عبد الله بن الوليد، عن أبي الربيع، رجل من أهل المدينة، عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم.." في حديث طويل اختصر منه ذلك .
وقال أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عمن حدثه عن ابن عمر، قال أنزلت: { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ] } كتب عليهم إذا صلى أحدهم العتمة ونام حرم [الله] عليه الطعام والشراب والنساء إلى مثلها.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن ابن عباس، وأبي العالية، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، ومجاهد، وسعيد بن جُبَير، ومقاتل بن حَيّان، والربيع بن أنس، وعطاء الخراساني، نحو ذلك.
وقال عطاء الخراساني، عن ابن عباس: { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ } يعني بذلك: أهل الكتاب. وروي عن الشعبي والسّدي وعطاء الخراساني، مثله.
ابن كثير 1/497
وجاء في تفسير القرطبي :
قوله تعالى: " كما كتب " الكاف في موضع نصب على النعت، التقدير كتابا كما، أو صوما كما.
أو على الحال من الصيام، أي كتب عليكم الصيام مشبها كما كتب على الذين من قبلكم.
وقال بعض النحاة: الكاف في موضع رفع نعتا للصيام، إذ ليس تعريفه بمحض، لمكان الاجمال الذي فيه بما فسرته الشريعة، فلذلك جاز نعته ب " كما " إذ لا ينعت بها
إلا النكرات، فهو بمنزلة كتب عليكم صيام، وقد ضعف هذا القول.
و " ما " في موضع خفض، وصلتها: " كتب على الذين من قبلكم ".
والضمير في " كتب " يعود على " ما ".
واختلف أهل التأويل في موضع التشبيه وهى: الرابعة - فقال الشعبي وقتادة وغيرهما: التشبيه يرجع إلى وقت الصوم وقدر الصوم، فإن الله تعالى كتب على قوم موسى وعيسى صوم رمضان فغيروا، وزاد أحبارهم عليهم عشرة أيام ثم مرض بعض أحبارهم فنذر إن شفاه الله أن يزيد في صومهم عشرة أيام ففعل، فصار صوم النصارى خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الربيع.
واختار هذا القول النحاس وقال: وهو الاشبه بما في الاية.
وفيه حديث يدل على صحته أسنده عن دغفل ابن حنظلة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان على النصارى صوم شهر فمرض رجل منهم فقالوا لئن شفاه الله لنزيدن عشرة ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فاه فقالوا لئن شفاه الله لنزيدن سبعة ثم كان ملك آخر فقالوا لنتمن هذه السبعة الايام ونجعل صومنا في الربيع قال فصار خمسين).
وقال مجاهد: كتب الله عز وجل صوم شهر رمضان على كل أمة.
وقيل:
أخذوا بالوثيقة فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، قرنا بعد قرن، حتى بلغ صومهم خمسين يوما، فصعب عليهم في الحر فنقلوه إلى الفصل الشمسي.
قال النقاش: وفي ذلك حديث عن دغفل بن حنظلة والحسن البصري والسدي.
قلت: ولهذا - والله أعلم - كره الان صوم يوم الشك والستة من شوال بإثر يوم الفطر متصلا به.
قال الشعبي: لو صمت السنة كلها لافطرت يوم الشك، وذلك أن النصارى فرض عليهم صوم شهر رمضان كما فرض علينا، فحولوه إلى الفصل الشمسي، لانه قد كان يوافق القيظ فعدوا ثلاثين يوما، ثم جاء بعدهم قرن فأخذوا بالوثيقة لانفسهم فصاموا قبل الثلاثين يوما وبعدها يوما، ثم لم يزل الاخر يستن بسنة من كان قبله حتى صاروا إلى خمسين يوما فذلك قوله تعالى: " كما كتب على الذين من قبلكم ".
وقيل: التشبيه راجع إلى أصل وجوبه على من تقدم، لا في الوقت والكيفية.
وقيل: التشبيه واقع على صفة الصوم الذي كان عليهم من منعهم من الاكل والشرب والنكاح، فإذا حان الافطار فلا يفعل هذه الاشياء من نام.
وكذلك كان في النصارى أولا وكان في أول الاسلام، ثم نسخه الله تعالى بقوله: " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " [ البقرة: 187 ] على ما يأتي بيانه (2)، قاله السدي وأبو العالية والربيع.
وقال معاذ بن جبل وعطاء: التشبيه واقع على الصوم لا على الصفة ولا على العدة وإن اختلف الصيامان بالزيادة والنقصان.
المعنى: " كتب عليكم الصيام " أي في أول الاسلام ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عاشوراء، " كما كتب على الذين من قبلكم " وهم اليهود - في قول ابن عباس - ثلاثة أيام ويوم عاشوراء.
ثم نسخ هذا في هذه الامة بشهر رمضان.
وقال معاذ بن جبل: نسخ ذلك " بأيام معدودات " ثم نسخت الايام برمضان.
القرطبي 2/275[/align]
المفضلات