دراسات حديثية لبعض الأحاديث المتعلقة بالحج
بقلم " محمد نور العلي "

الحديث العاشر ( عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يجتمع البري والبحري, يعني إلياس والخضر عليهما السلام كل عام بمكة) قال ابن عباس رضي الله عنهما: وبلغنا انه يحلق أحدهما رأس صاحبه, فيقول أحدهما للآخر: قل بسم الله ما شاء الله و لا يأتي بالخير إلا الله ؛ بسم الله ما شاء الله, لا يصرف السوء إلا الله ؛ بسم الله ما شاء الله, وما بكم من نعمة فمن الله ؛ بسم الله ما شاء الله, ولا حول ولا قوة إلا بالله. قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قالها كل يوم أمن من الغرق والحرق والسرق ومن كل شيء, يكرهه حتى يمسي, ومن قالها حين يمسي كان في حرز الله حتى يصبح).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

تخريج الحديث
أخرجه العقيلي في الضعفاء في ترجمة (الحسن بن رزين البصري)
1/ 224 رقم 273 عن ابن عباس رضي الله عنه بقريب منه من طريق محمد بن أحمد بن زيد المزاري حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا الحسن بن رزين حدثنا ابن جريج عن عطاء عنه به. ثم قال: حدثنا محمد بن خزيمة بن راشد حدثنا محمد بن كثير العبدي حدثنا الحسن بن رزين عن ابن جريج عن عطاء عنه نحوه موقوفا. ولا يتابع عليه مسندا ولا موقوفا.
وابن عدي في الكامل في ترجمة (الحسن بن رزين) 2/ 740 عنه بألفاظ متقاربة من طريق محمد بن أحمد بن زيد به.ثم قال: ولا أعلم يروي هذا عن ابن جريج بهذا الإسناد غير الحسن بن رزين هذا. وليس بالمعروف. وهذا الحديث بهذا الإسناد منكر.
وأخرجه عبد القادر في الغنية 2/ 39 -40 رقم 798 ( بترقيمي ) عنه مرفوعا واللفظ له , من طريق هبة الله بإسناده
عن أحمد بن عمار, أنبانا محمد بن مهدي, قال: حدثني ابن جريج, عن عطاء عنه به

رجال إسناد العقيلي
بعد دراسة الاسناد يتبين أنه منكر لأجل الحسن بن رزين. قال العقيلي: مجهول لا يتابع عليه مسندا ولا موقوفا.وقال ابن عدي: حديثه منكر. وقد أورده ابن حجر في الفتح 8 / 241 ولم يضعفه بالحسن بن رزين. إنما ضعفه لأجل محمد بن أحمد بن زيد المذاري. ويبدو أنه لم يضعفه بابن رزين لأنه مشهور بالجهالة, فأضاف للحديث علة أخرى أن في سنده هذا المذاري, علما أن ابن حبان ذكره في الثقات 9 / 123

وأما إسناد الجيلاني فآفته هبة الله شيخه فهو متهم وأحمد بن عمار الدمشقي: أخو هشام. روى عن مالك. قال الدار قطني: متروك.
اللسان 1 / 234 رقم 738 وفي إسناده مجاهيل. وقد أورده الحافظ في الإصابة 2/60
من طريق أحمد بن عمار حدثنا محمد بن مهدي حدثنا مهدي بن هلال. وهذا اسقط من إسناد الجيلي. حدثني ابن جريج به, ثم قال: أخرج ابن الجوزي بإسناد واه جدا. قال ابن الجوزي: " أحمد بن عمار " متروك عند الدار قطني. ومهدي بن هلال مثله. قال ابن حبان: يروي الموضوعات.

شواهد الحديث
يشهد للحديث ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه في ترجمة الخضر 16 / 427 رقم 1965عن علي مرفوعا ولفظه ( يجتمع في كل يوم عرفة بعرفات جبريل وميكائيل وإسرافيل والخضر عليهم السلام, فيقول جبريل: ما شاء الله ولا حول ولا قوة إلا بالله, فيرد عليه ميكائيل فيقول ماشاء الله, كل نعمة من الله ؛ فيرد إسرافيل فيقول: ما شاء الله الخير كله بيد الله ؛ فيرد عليهم الخضر فيقول: لا يدفع السوء إلا الله ؛ ثم يتفرقون ولا يجتمعون إلى قابل ذلك اليوم ) من طريق الخطيب بإسناده حدثنا علي بن الحسن الجهضمي حدثنا ضمرة بن حبيب المقدسي حدثنا أبي حدثنا العلاء بن زياد القشيري عن عبد الله بن الحسن عنه به.
وأخرجه عبد القادر في الغنية 2/40 رقم 799 ( بترقيمي ) عن علي موقوفا عليه بمثله من طريق هبة الله بإسناده
عن عباس الدوري, قال أنبأنا عبيد بن إسحق العطار, قال أنبأنا محمد بن المبشر القيسي, عن عبد الله الحسن, عن أبيه عن جده, عن علي رضي الله عنه به

درجة الإسناد
بعد دراسة الإسناد لهذا الحديث تبين أنه متروك. في إسناده ضعفاء ومجاهيل وقد أورده الحافظ في الإصابة 2/ 60من طريق عبيد بن إسحق العطار به موقوفا بمثل الشيخ. ثم قال: (وعبيد بن إسحاق) متروك الحديث.
وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات (ذكر ما روى من اجتماع الخضر وجبريل وميكائيل وإسرافيل) 1/ 196من طريق الخطيب به مرفوعا. وقال هو باطل. فيه عدة مجاهيل.
وفي تنزيه الشريعة 1 / 235 رقم 17 أورده ابن عراق وعزاه إلى الخطيب من حديث علي. وقال (فيه عدة مجاهيل) إلا أنه تعقب بأن ذلك لا يقتضي الحكم بالوضع. وله طريق آخر أخرجه ابن الجوزي في الواهيات.
أقول: يعل هذا الحديث بضمرة بن حبيب المقدسي فهو مجهول في التقريب 1/260 رقم 3067. وقد ترجم له الحافظ في اللسان 7 / 250 رقم 3377 ثم قال: جاء في إسناد مجهول بمتن باطل. والعلاء بن زياد القشيري: لم أجده.
درجة الحديث
بناء على ما تقدم يتبين أن الحديث من المنكرات ولا يصل إلى درجة الموضوع .

وقد جاء هذا الحديث موقوفا بأسانيد جيدة. فقد أورده الحافظ في الإصابة 2/ 61عن عبد العزيز بن أبي رواد قال (يجتمع الخضر وإلباس ببيت المقدس في شهر رمضان من أوله إلى آخره ويفطران على الكرفس وإقبال الموسم كل عام) من طريق عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد لأبيه. عن الحسن بن عبد العزيز عن السري بن يحيى عنه به. والحسن بن عبد العزيز الجروي: وثقه أبو حاتم في الجرح 3 / 24 رقم 102 والسري بن يحيى: من الثقات. كما في التقريب 1 / 198 رقم 2297 وعبد العزيز بن أبي رواد: صدوق ربما وهم. في التقريب وقد أورده الحافظ في الفتح 8 / 241 وقال: إسناده حسن.
وأورده ابن جرير في تاريخ الأمم والملوك 1 / 193 عن ابن شوذب بنحوه. ولفظه (الخضر من ولد فارس وإلياس من بني إسرائيل. يلتقيان كل عام بالموسم) من طريق عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم حدثنا محمد بن المتوكل حدثنا ضمرة بن ربيعة عنه به. وعبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم: ترجم له ابن أبي حاتم في الجرح5 / 257 رقم 1213 وقال: قال أبو حاتم: صدوق. ومحمد بن المتوكل. هو (محمد بن أبي السري العسقلاني) قال الحافظ في التقريب2 / 550 رقم 6514 صدوق له أوهام كثيرة. وضمرة بن ربيعة: صدوق يهم قليلا في التقريب . وثقه ابن معين والنسائي. وعبد الله بن شوذب: صدوق. في التقريب , وثقه ابن معين والنسائي وقد أورده الحافظ في الإصابة وقال: إسناده جيد من رواية ضمرة بن ربيعة عن شوذب به.
درجة الحديث
بناء على ما جاء في التخريج يتقوى الحديث ويعتضد لكنه لا يرتقي عن الضعيف ولا يصل إلى الموضوع , وأرى عدم رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم , والأشبه وقفه. والله أعلم