[justify]يشير تقرير منظمة العمل الدولية إلى أن أكثر من 180 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاماً يشاركون في أسوأ أشكال عمل الأطفال ، بما في ذلك الأعمال الخطرة ، كما أن من بين 171 مليون طفل يمارسون عملاً خطراً يوجد نحو ثلثهم دون سن الخامسة عشرة .
وفي العالم العربي ـ وبحسب دراسة حديثة ـ فإن عدد الأطفال العاملين تجاوز 13 مليون طفل وطفلة في البلاد العربية و60 % منهم يتعرضون لأضرار جسدية ونفسية ، و20% منهم أعمارهم دون العاشرة ، ويعملون أغلبهم في مجال زراعة التبغ وصيد الأسماك ودباغة الجلود وصناعة السماد ، وهي أعمال في أغلبها تسبب أضراراً صحية .
وفي إحصائية تقديرية لحجم عمالة الأطفال في بعض الدول العربية أشارت إلى أن عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل في لبنان ممن هم ( 10 ـ 17 سنة) يقدر بنحو 43400 طفل ، وتتوزع النسب ما بين 87.5% للذكور و15,5% للإناث .
وفي مصر قدرت بعض الدراسات عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل في العام 1998بنحو ثلاثة ملايين طفل في الفئة العمرية بين ( 6 ــ 14 ) سنة . وفي الجزائر تشير إلى مليون و800 طفل . (1)
إن تنامي ظاهرة عمالة الأطفال في مجتمعاتنا يعود لعدة أسباب من أهمها:
1ـ الفساد الذي يعرقل تطبيق القوانين بحيث يجري التغاضي عن مخالفات تشغيل الأطفال مقابل الحصول على الرشوة .
2ـ التسرب المدرسي والذي يلعب دوراً كبيراً فيه ، لأن العملية التعليمية ، في أغلب مكوناتها ، غير جذابة للتلاميذ ، وبخاصة ذوي التحصيل الدراسي المنخفض ، كما أن هذا التسرب مرتبط بتقدير المنفعة التي سيأتي بها العلم ، فإذا كان مصير أغلب الشباب المتعلم البطالة ، وفي أحسن الأحوال وظيفة براتب ضعيف ، مما يجعل البعض يفضل العمل على التعلم لاختصار الوقت .
3ـ ضعف انتشار ثقافة حقوق الطفل في المجتمع ، بما فيها حقه في الرعاية والتعليم .
4ـ الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي تدفع العديد من العائلات لتشغيل أطفالها ؛ بسبب تدني مستوى الدخل المعيشي . حيث يجدون أن مساهمتهم البسيطة تخفف من حدة الفقر الذي تعاني منه الأسرة.
5ـ ربما يكون هناك سبب خارج عن إرادة الأسرة كالحروب والنزوح والتهجير والكوارث الطبيعية .
6ـ تدني الوعي الاجتماعي والمستوى الثقافي للأسرة وجهلها بفوائد التعليم .
7ـ رغبة الأسرة بتعليم الطفل حرفة مفيدة ، خاصة إن كانت حرفة الأب.
8ـ سوء المعاملة من قبل المدرسين و العقاب الصارم .
9ـ مناهج التعليم التي تقوم على أسلوب التلقين والحفظ المملين واللذين لا يستندان إلى تطوير الفكر والمعرفة والنقد .
النتائج السلبية المترتبة على عمالة الأطفال :
لعلنا نستطيع أن نقول : إن آثارها السلبية تشمل الناحية النفسية والجسدية والعقلية والمعرفية والنفسية والاجتماعية والأخلاقية .
1ـ تأثُّر صحة الأطفال سلباً ، لأن جهازهم العصبي والمناعي والهضمي ما يزال في مرحلة النمو مما يعرضهم للمخاطر الصحية أكثر من الكبار، فيؤثر على نموهم وتظهر لديهم الأمراض المستعصية .
2ـ حرمانه من حنان الأب والأم ، مما يجعله إنساناً غير مكتمل المشاعر ؛ لأنه لم يلق الرعاية الكافية من أهله ، فالأب ملزم بالإنفاق على أبنائه .
3ـ التوتر والقلق واضطراب السلوك ، بسبب حرمانه من التمتع بطفولته ، والزج به في مرحلة الرجولة المبكرة .
4ـ تدنّي مستوى الطفل المعرفي مما يؤدي إلى انخفاض قدراته على القراءة والكتابة والحساب فيسود الجهل .
5ـ فقدان احترامه لذاته وانعدام ارتباطه بأسرته و عدم تقبله للآخرين .
6ـ التعرض للعنف من قبل صاحب العمل ، مما يؤدي إلى الإحباط والشعور بالدونية والتقوقع والانسحاب الاجتماعي .
7ـ التعرض لأسوأ أنواع الاستغلال ، ليس على مستوى الأجور فحسب بل على مستوى ساعات وشروط العمل أيضاً .
8ـ إن الخروج إلى العمل في سن مبكرة يحرمه من التحصين الأخلاقي مما يدفعه إلى الانحراف وقد ورد في الحديث الشريف : " لَا تُكَلِّفُوا الصَّغِيرَ الْكَسْبَ فَيَسْرِقُ ، وَلَا الْأَمَةَ غَيْرَ ذَاتِ الصَّنْعَةِ فَتَكْسِبُ بِفَرْجِهَا "
9ــ النظر إلى الحياة نظرة مادية .
10 ـ استخدام الأطفال في الترويج لتجارة المخدرات وبيع الخمور ، وعرض تجارة الجنس .
خاتمة :
من الضروري إعطاء الطفل حقه كاملاً غير منقوص ليعيش طفولته البريئة ، بعيداً عن القلق والمخاطر . وتحصينه بالأخلاق الحميدة والتربية الصالحة ، والمثابرة على تثقيفه دينياً وأخلاقياً ، وزيادة حصيلته المعرفية ، والسعي الحثيث لخلق شخصية متوازنة تسعى للنهوض بالمجتمع نحو الأفضل .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
(1) الاقتصاد الإسلامي ص 49[/justify]
المفضلات