[justify]لعل سؤالي يبدو غريباً لدى البعض ويثير في النفس الدهشة والاستغراب ، حيث إنه لا شك في فضل الأم ، ووجوب برها ، والإحسان إليها ، وهذا أمر لا ينكره أحد ، وإن أخطأ البعض أو ضل طريق البر .
لكن من أقصدها اليوم هي أم غفل عن برها بعض النساء المسلمات ، تحت وطأة الغيرة تارة أو وساوس الشيطان تارة أخرى ، والدعامة الأساسية في ذلك ما توارثته البنات عن الأمهات من تلك المشاعر والأحاسيس المشحونة بشحنات لم نجن من ورائها سوى زيادة التوتر العالي بين الأسر المسلمة ، في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى التآلف ، والتراحم ، والاحترام المتبادل ، ورد الجميل ولو بالنذر اليسير .
إن من أخصها بقولي ، وأحض على برها بمقالي هي " أم الزوج " تلك الأم التي غفل عن حسن صحبتها بعض الزوجات ، متناسيات المعروف الذي أسدته لنا ؛ ألا وهو ذلك الزوج الذي نعيش تحت كنفه و نتفيأ ظلاله ، وما عانته و ما لاقته من وهن الحمل ، وألم الوضع ، ومشقة التربية حتى غدا رجلاً سوياً !!
وربما ترفض الواحدة منهن وبشدة أي نصيحة أو توجيهٍ مهما كان صائباً ، لا لشيء ؛ فقط لكونه من أم الزوج ، وتعتبره تدخل منها في شؤونها الخاصة التي لا يحق لها التدخل فيها ، حتى اتسع مفهوم التدخل المذموم ، واندرج تحته ما ليس منه ألا وهو النصيحة .
ولعل للمجتمع دور بارز في تأصيل هذه الفكرة في رؤوس بعض الفتيات الصالحات ، اللاتي لو نظرن إلى الأمر نظرة موضوعية ، لتقبلن ذلك ، بل وبصدر رحيب .
لكن من الواجب علينا أن نسعى جاهدين لمحو هذه الفكرة من الرؤوس ، بل وغرس قيم الاحترام والتقدير لتلك المرأة التي قدمت لنا أغلى ما تملك ألا وهو فلذة كبدها ، الذي طالما حلمت به عروساً ورب أسرة . فكيف بمن تحاول اليوم جاهدة لإبعاد الرجل عن بر أمه وصلتها ، تحت مبررات وأعذار لا مسوغ لها في كثير من الأحيان ؟!
وإن من الإنصاف وإحقاق الحق أن نقول : هناك بعض السلوكيات الخاطئة المتبعة من قبل بعض ـ أمهات الأزواج ـ ساهمت في تعقيد المسألة أكثر فأكثر ، وفي رسم صورة قاتمة في أذهان الكثيرات منا .
لكن مقتضى الحكمة و الصحبة بالمعروف يقتضي منا أن نلتزم بالنقاط التالية :
1ـ احترام السن لقوله صلى الله عليه وسلم " إنَّ مِن إجلالِ الله إكرامَ ذي الشَّيبةِ من المسلمين ..." وغرس ذلك في نفوس الأطفال .
2ـ مقابلة الإساءة بالإحسان لقوله تعالى : " ادفع بالتي هي أحسن " .
3ـ التماس الأعذار ، وأهمها فارق العمر و كبر السن وتغير طريقة التفكير من جيل إلى جيل .
4ـ تدريب النفس على حسن السياسة والكياسة ، واللباقة والتلطف في القبول أو الرفض .
5ـ احتساب ذلك كله من باب حسن التبعل ، وإعانة الزوج على صلة رحمه وبر من أمر ببره .
6ـ التفكر بما أعد الله للمحسنين من أجر عظيم ، حيث إن ذلك كله من الإحسان ، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؟! .
7ـ دحض العنصرية ـ أمها نعم أمه لا ـ ما أمكن ، ومغالبة الهوى في ذلك ومخالفة النفس .
8ـ الانصياع للحق ، والنظر للأمور بموضوعية ، والبعد ما أمكن عن التشبث بالرأي .
9ـ أن نؤمن بفكرة " لا مقارنة ولا موازنة بين الأم والزوجة " .
** هذا وإن للزوج دور مهم في التخفيف من وطأة الغيرة المشتعلة في قلب الزوجة من أمه ، فينبغي على الزوج العاقل أن يسلك بزوجته طريق الرأفة والحكمة في معالجة ما يستجد من مشكلات ، ليكون عوناً لها على نفسها والشيطان لأن النار لا تطفئ بالنار ، بل بالماء .
كما ينبغي عليه ألا ينجرف وراء العاطفة لئلا تصيبه تعاسة عبد الزوجة ، وليتذكر أن أعظم الحقوق عليه بعد الله حق أمه ، وأن أعظم حق على المرأة بعد الله حق زوجها .
اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه يا رب العالمين .[/justify]
المفضلات