اشتهر عصر الحكم العثماني بعنايته الفائقة بالمناسبات والأعياد الإسلامية وخاصة الاحتفال بموسمي رجب وشعبان والعيدين .



أما رمضان فكان له النصيب الأوفر والحظ الأكبر من هذه العناية لما له في نفوسهم من عظيم المنزلة والقداسة . فكان الوالي العثماني يهدي إلى جميع الأمراء وغيرهم من الموظفين وكبار القوم وأسرهم، في غرة رمضان أطباقاً مملوءة بأفخر أنواع الحلوى، وفي وسط كل طبق صرة بها نقود ذهبية حتى تعم البهجة سائر كبار الدولة .

وكان رمضان في ذلك العصر بالنسبة للأطفال والشباب عيداً طويلاً ينعمون فيه بمظاهر الترف والنعيم وألوان الفرح والفنون التي كانت تتجلى في أحياء القاهرة كالسيدة زينب والقلعة والخليفة والأزهر ومصر القديمة وبولاق وأحياء الإسكندرية كالأباصيري والأنفوشي وغيرهما من الأحياء في مختلف المدن والبلدان، حيث يحتشد الشعب ويعلو المآذن ويبرز وجه الشرق بطابعه الإسلامي الزاهي الكريم .

وتشاهد الناس مبتهجين بلياليه الجميلة في ظلال القمر على ضفاف النيل أو شاطئ الخليج وترى مواكب الذكر هنا وهناك تفوح منها روائح البخور الذكية وترى المساجد قد امتلأت بالمصلين، بين عابد وخاشع، وراكع وساجد، كلهم يذكرون الله ويشكرونه، فلا تسمع إلا الدعاء وطلب المغفرة .

من كتاب “شهر رمضان منذ فجر التاريخ إلى العصر الحديث” لخليل طاهر