صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

  1. #1
    كلتاوي مميز

    الحاله : د.محمد نور العلي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Sep 2009
    رقم العضوية: 5441
    الدولة: سوريا حلب
    الهواية: البحث الشعر التأليف تحقيق مخطوطات
    السيرة الذاتيه: دكتور في الحديث من جامعة الأزهر
    المشاركات: 667
    معدل تقييم المستوى : 106
    Array

    3 دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    " الشيخ عبد القادر الجيلاني" رحمه الله تعالى
    470 - 561 هـ
    - حـيـاتــه -

    أولاً: اسمه ونسبه وبلده ومولده وطلبه للعلم وعصره
    ثانياً: علوم الشيخ عبد القادر وتبحره في التصوف وغيره من العلوم
    ثالثاً: آثار الشيخ عبد القادر رحمه الله
    رابعاً: تأثره وتأثيره .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

    أولاً : اسمه ونسبه وبلده ومولده وطلبه للعلم وعصره
    اسمه ونسبه:
    ترجم للشيخ عبد القادرالجيلاني رحمه الله كثير من علماء الحديث والفقه والتصوف والتاريخ. بعضهم اقتصر في نسبه وبعضهم بلغ به قمة النسب حيث أوصلوا به إلى أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما. والذين اقتصروا في نسبه (الذهبي ([1]) وابن النجار([2]) وابن رجب الحنبلي([3])) وغيرهم.
    ونسبه عندهم هو :عبد القادر بن أبي صالح (عبدالله) بن جنكي دوست الجيلي الحنبلي).وزاد ابن رجب (بعد جنكي دوست) بن أبي عبدالله (عبدالله الجيلي)
    وأما من بلغ بنسبه إلى أمير المؤمنين الحسن بن علي فهم كثر ومنهم:
    (الحافظ ابن حجر([4]) وابن العماد([5])والشعراني([6])
    ونسبه عندهم: (هو عبد القادر بن أبي صالح (عبد الله) بن جنكي دوست (موسى) ومعناه بالأعجمي (محب للقتال) بن أبي عبدالله (عبدالله) بن يحيى الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبدالله بن موسى (الجون) بن عبدالله (المحض المُجَلّ) بن الحسن المثنى بن أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي العلوي الحسني الجيلي الحنبلي).
    وقد وقعت الرواية بعلو ذكر مولده موصولا إلى أمير المؤمنين الحسن بن علي رضي الله عنهما من طريق مسند ثابت ورجاله ثقات كما أشار الحافظ ابن حجر رحمه الله.حيث قال: قال الشيخ نور الدين (صاحب بهجة الأسرار)(أخبرني أبو المعالي (أحمد , ومحمد) ولدي علي بن محمد بن عبد الرزاق بن عيسى الهلالي أنبأ القاضي (أبو صالح نصر بن عبد الرزاق بن السيد الشيخ عبد القادر..) وذكر النسب حتى أوصله إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. ثم قال الحافظ ابن حجر عقب ذكر نسبه بهذا الاسناد (عبد الرزاق ولد الشيخ من الثقات) وولده (أبوصالح نصر بن عبد الرزاق) من الثقات المسندين وقد وقعت لنا الرواية بعلو ذكر مولده. ([7])
    ولهذا فإن نسبته رحمه الله إلى دوحة النسب هو المعتمد وبالتالي فهو من أبناء فاطمة الزهراء رضي الله عنها, وذلك من جهة نسبه الأبوي.
    أما ما يتعلق بنسبه من جهة أمه فلم أجد أحداً قد استفاض فيه. فكل ما قيل فيه أن أمه فاطمة أم الخير بنت أبي عبدالله الصومعي كانت من أهل صلاح وتقى وكان أبوها من جلـّة مشايخ جيلان ورؤسائهم وكانت له كرامات. ([8])
    بلده ومولده:
    لقد أجمع كل من ترجم للشيخ أنه ولد بجيلان. ([9]) وجِيلان بالكسر: اسم لبلاد كثيرة من وراء بلاد طبرستان, قال أبو المنذر هشام بن محمد:جِيِلان وموقان: ابنا كاشح بن يافث بن نوح عليه السلام. وليس في جيلان مدينة كبيرة إنما هي قرى في مروج بين الجبال وينسب إليها جيلاني وجيلي والعجم يقولون: كِيلان
    وقد فرّق قوم فقيل (إذا نُسب إلى البلاد قيل (جِيلاني) وإذا نُسب إلى رجل منهم قيل (جيلي) وقد نُسب إليها من لا يحصى من أهل العلم, في كل فن وعلى الخصوص في الفقه.
    أما جَيْلان بالفتح فيقول ياقوت: هم قوم من أبناء فارس انتقلوا من نواحي اصطخر فنزلوا بطرف من البحرين فغرسوا وزرعوا و حفروا وأقاموا هناك.
    وأما الجيل بالكسر هم أهل جيلان ([10])
    وجيلان اليوم لا تزال تحتفظ باسمها وهي قريبة من بحر قزوين وهي تابعة للسيادة الإيرانية
    مولده:
    وأما ما يتعلق بتاريخ مولده ففيه اختلاف هيّن.
    فقد ذهب الذهبي ([11]) وابن النجار ([12]) إلى أن مولده سنة 471هـ
    بينما ذهب ابن كثير ([13]) و ابن الأثير ([14]) إلى أن مولده كان سنة 470هـ.
    ولقد نقل الحافظ ابن حجر هذا الاختلاف حيث قال نقلاً عن ابن النجار أنه ولد سنة إحدى وسبعين وأربعمائة, وقال غيره من المؤرخين: ولد سنة سبعين أو في التي بعدها.
    ولقد سئل الشيخ عن مولده فقال لا أعلم حقيقة ذلك لكنني قدمت بغداد وأنا ابن ثمان عشرة سنة في السنة التي مات فيها التميمي (رزق الله بن عبد الوهاب) شيخ الحنبلية وكانت وفاته سنة ثمان وثمانين وأربعمائة. ([15])
    طلبه للعلم:
    ولما دخلت سنة 488هـ قدم الشيخ عبد القادر الجيلاني مدينة بغداد عاصمة الخلافة وله من العمر ثماني عشرة سنة قادماً من مدينته جيلان.
    وما إن حطت قدماه على أرض بغداد وعلم أن طلب العلم فريضة حتى شمّر عن ساق الاجتهاد في تحصيله وسارع في تحقيق فروعه وأصوله وراح يشتغل بالقرآن حتى أتقنه ثم تفقه في مذهب أحمد على أيدي علماء أكفاء ثم سمع الحديث من جماعة وعلوم الأدب من آخرين وبعد أن تعمّق في الدين علماً وفهماً صحب حماد بن مسلم الدباس وأخذ عنه علم الطريقة ولازم الانقطاع والخلوة والرياضة والمجاهدة ثم إن الله تعالى أظهره للخلق وأظهر الله الحكمة في قلبه على لسانه وظهرت علامات ولايته من الله ثم حدّث وصنّف وله الكلام المليح في الحقيقة. ([16])
    ويتلخص من هذا حقيقة مهمة نستفيدها من حياة الشيخ رحمه الله تعالى.
    وهي: أن الانقطاع والخلوة لا تكون إلا بعد التعمق في الفقه والحديث وأصول الدين وفي هذا المجال يقول الجيلاني: (إذا أردت الانقطاع فلا تنقطع حتى تتفقّه في مجالس الشيوخ وتتأدب بهم فحينئذ يحصل لك الانقطاع وإلا فتمضي فتنقطع قبل أن تتفقه وأنت فُرَيْخُ ما رَيّشْت). ([17])
    شيوخه في الفقه:
    لقد تفقه الشيخ رحمه الله في مذهب أحمد بن حنبل وأخذ الفقه ودرسه على عدد من علماء المذهب في عصره.
    ومن أهمهم: ([18])
    أولا ً: (القاضي أبو سعيد المبارك بن علي المُخَرِّمي) ت 513 هـ
    سمع الحديث وتفقه على مذهب أحمد وناظر وأفتى ودرّس وجمع كتباً كثيرة لم يُسْبَق إلى مثلها وناب في القضاء وكان حسن السيرة سديد الأقضية بنى مدرسة بباب الأزَج وهي التي أضيفت للشيخ عبد القادر) ([19])
    ثانيا ً: (أبو الخطاب محفوظ بن أحمد الكـَلـْوَذاني) ت 510 هـ
    وهو تلميذ القاضي أبي يعلى الفرّاء وروى عنه الحافظ ابن ناصر وقال السِّـلفي هو ثقة رضيٌّ من أئمة أصحاب أحمد ([20]) وقد روى عنه خلق كثير وقرأ عليه الفقه جماعة من أئمة المذهب منهم الشيخ عبد القادر الجيلي الزاهد ([21]) وله تصانيف حسان مثل (الهداية في الفقه) و (التهذيب في الفرائض) و (التمهيد في أصول الفقه)([22])
    ثالثا ً: (محمد بن الحسين الفرّاء) ت 526 هـ مقتولاً
    سمع أبا بكر الخطيب وغيره وأجاز له الجوهري وحدّث عنه ابن عساكر وكان متعصباً في مذهبه وكثيراً ما يتكلم في الأشاعرة. له تصانيف في مذهبه وكان ديّنا ً ثقة ثبتا ً. ([23])
    رابعا ً: (علي بن عقيل (أبو الوفا) الحنبلي ت 513 هـ
    أحد الأعلام وفرد زمانه علماً ونقلاً وذكاءً و تفننا ً. له كتاب (الفنون) في أزيد من أربعمائة مجلد. إلا أنه خالف السلف ووافق المعتزلة في عدة بدع, فإن كثرة التبحّر بالكلام أضرّ به. ولكنه أشهد على نفسه أنه تاب عن ذلك وصحت توبته وصنّف في الرد عليهم وقد أثنى عليه أهل عصره ومدحه السمعاني الحافظ. سمع أبا يعلى الفرّاء([24]).
    شيوخه في الحديث:
    لقد تتلمذ الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله تعالى على عدد كبير من علماء الحديث وسمع منهم. ([25]) ومن هؤلاء الشيوخ:
    أولا ً: (أبو غالب الباقلاني) ت500 هـ
    وهو محمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن البغدادي الرجل الصالح. روى عن ابن شاذان والبرقاني وطائفة. توفي عن ثمانين سنة. ([26])
    ثانيا ً: (جعفر بن أحمد السرّاج البغدادي القارئ) ت 500 هـ
    وسمع الكثير من الأحاديث من المشايخ و الشيخات وقد خرّج له الحافظ أبو بكر الخطيب أجزاء مسموعاته وكان صحيح الثبت جيد الذهن ([27])
    ثالثا ً: (أحمد بن مظفر بن سُوسن التمّار) ت 503 هـ
    سمع من أبي بكر البرقاني وجماعة وسمع منه ابن الأنماطي والشيخ عبد القادر الجيلي.قال الذهلي: ضعيف جدّا ً وقال ابن الأنماطي: شيخ مقارب. ([28])
    رابعا ً: (محمد بن علي بن ميمون النرسي أبو الغنائم الحافظ المفيد المسند المقرئ)ت510هـ قال ابن ناصر: كان ثقة حافظا ً متقنا ً ما رأيت مثله. ([29])
    خامسا ً: (أبو القاسم عل بن أحمد بن بيان الرزّاز) ت 510 هـ
    وهو آخر من حدّث عن أبي الحسن بن مخلّد وأبي القاسم بن بشران) ([30])
    سادسا ً: أبو طالب اليوسفي (عبد القادر بن محمد البغدادي) ت 510 هـ
    وكان ثقة عدلا ً رضيا ً عابدا ً. ([31])
    سابعا ً: عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف (ابن عم أبي طالب اليوسفي) ت 511 هـ
    وكنيته أبو طاهر اليوسفي البغدادي البزاز الشيخ الأمين العدل المسند حدّث بسنن الدارقطني عن ابن بشران عنه. حدّث عنه الحافظ ابن ناصر.
    قال السِّلفي: كان من أعيان بغداد وكان من أهل الدين والثقة والسنة. ([32])
    ثامنا ً: أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي ت 509 هـ
    رحل إلى أصبهان وغيرها وحصّل وتعب وجمع معجمه في مجلّد.
    قال ابن السمعاني: ادّعى السماع من شيوخ لم يرهم فرأيت في معجمه " أخبرنا أبو محمد الجوهري قراءة عليه وهذا مُحال. ما لحقه ولا سِنُّه تحتمله.
    وقال ابن ناصر ليس بثقة ظهر كذبه. ([33])
    وذكره الذهبي وقال بضعفه وقال روى عنه (عبد القادر وغيره) ([34])
    وأورده ابن رجب وقال:أثنى عليه السلفي وعدّه من كبار الحفاظ الذين أدركهم. ([35])
    تاسعا ً: (أبو غالب أحمد بن الحسن البنّاء) الحنبلي ت 527 هـ
    سمع أبا محمد الجوهري وتفرّد عنه بأجزاء عالية وسمع من القاضي أبي يعلى بن الفرّاء وغيرهما.حدّث عنه ابن عساكر وغيره. وكان من بقايا الثقات وهو الشيخ الصالح الثقة مسند بغداد.([36])
    عاشرا ً: (أبو الحسين بن المبارك بن الطيوري) ت 500 هـ في بغداد.
    هو المبارك بن عبد الجبار الطيوري. شيخ مشهور مكثر ثقة ما التفت أحد من المحدّثين إلى تكذيب مؤتمن الساجي له. ([37])
    الحادي عشر: (أبو منصور القزّاز) ت535 هـ
    هو عبد الرحمن بن أبي غالب محمد بن عبد الواحد القزّاز راوي تاريخ الخطيب عنه سوى الجزء السادس بعد الثلاثين غاب لوفاة أمه.
    له (مشيخة) حدّث عنه ابن عساكر و السمعاني وكان شيخا ً صالحا ً سمع الكثير وأثنى عليه السمعاني وغيره. ([38])
    الثاني عشر: (طلحة بن أحمد العاقولي) ت 512 هـ
    هو الفقيه القاضي سمع من الجوهري والقاضي أبي يعلى.
    قال ابن الجوزي (كان عارفا ً بالمذهب) وقال ابن شافع (سماعه صحيح)
    وكان ثقة أمينا ً. روى عنه ابن ناصر وعبد القادر الجيلي. ([39])
    الثالث عشر: (أبو العز محمد بن المختار الهاشمي) ت 508 هـ
    سمع الكثير من أبي علي المُذْهِب وغيره. روى عنه أبو طاهر السِّلفي وغيره وكان ثقة صالحا ً ديّنا ً محترما ً. ([40])
    الرابع عشر: (إسماعيل بن ملّة الأصبهاني المحتسب) ت 509 هـ
    صاحب تلك المجالس المشهورة. سمع صاحب الطبراني (أبا بكر بن ريذة) وحدّث عنه ابن ناصر و أبو طاهر السِّلفي. قال الذهبي: روايته عن ابن ريذة حضور. وقال السلفي هو من المكثرين وقال أبو نصر اليُونارتي في معجمه (هو من الأئمة المرضيّين).
    وقال ابن ناصر (وضع حديثا ً أملاه وكان يخلط) ([41])
    الخامس عشر: (محمد بن الحسن (ابن البنّاء البغدادي)) أبونصر ت 510 هـ
    سمع من الجوهري ووالده وطبقتهم وتفقّه على أبيه وحدّث, روى عنه ابن ناصر وأثنى عليه ووثّقه. وكان من أهل الدين والصدق والعلم والمعرفة وكان واعظا ً. ([42])
    شيوخه في الأدب:
    من خلال قراءتي لحياة الشيخ في كثير من المصادر فإني وجدته لم يكثر الأخذ والدراسة عن كثير من علماء الأدب واللغة. وقد اكتفى بالأخذ عن واحدٍ منهم وهو أبو زكريا التبريزي ([43])
    وإن كانت عبارة ابن العماد تفيد بأنه أخذ الأدب عن أكثر من واحد حيث قال: وسمع الحديث من جماعة وعلوم الأدب من آخرين. إلا أنه لم يذكر من هم. ([44])
    التعريف بأبي زكريا التبريزي: ت 502 هـ:
    قال ابن الأثير: هو أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي الشيباني اللغوي صاحب التصانيف المشهورة وله شعر ليس بالجيد. ([45]) وذكره ابن كثير حيث قال هو أحد أئمة اللغة والنحو قرأ على أبي العلاء وغيره وتخرّج به جماعة منهم منصور بن الجواليقي. قال ابن ناصر: كان ثقة في النقل وله المصنفات الكثيرة.وقال ابن خيرون: لم يكن مرضي الطريقة.
    توفي في جمادى الآخرة ودفن بجانب الشيخ أبي إسحق الشيرازي. ([46])
    وذكره ابن العماد بمثل ما ذكره ابن الأثير وابن كثير وزاد قائلا ً: كان شيخ بغداد في الأدب توفي عن إحدى وثمانين سنة. قال ابن خلكان: سمع الحديث من سليم الرازي وغيره وروى عنه الخطيب البغدادي والحافظ ابن ناصر. ([47])
    شيوخه في التصوف:
    لقد اهتم الشيخ الجيلي اهتماما ً كبيرا ً بعلم التصوف والتزكية بعد أن جالس المشايخ وأخذ عنهم الفقه والحديث والعلوم الأخرى .
    ومن خلال ما تـُرْجِم للشيخ رأيت أن الذين أخذ عنهم التصوف هم ثلاثة ([48])
    الأول: (حماد بن مسلم الدباس) ت 525 هـ هوأبو عبد الله الرحبي علم السالكين والشيخ القدم. نشأ ببغداد وكان من أولياء الله صاحب الكرامات.
    انتفع بصحبته خلق كثير وكان يتكلم على الأحوال كتبوا من كلامه نحوا ً من مائة جزء وكان قليل العلم أميّا ً سمع من أبي الفضل بن خيرون وكان ابن الجوزي ينتقده ويقول (إنه يدعي المعرفة والمكاشفة وكان عاريا ً عن علم الشرع ونفق ذلك على الجهال, وكان ابن عقيل ينفّر الناس عنه.وقد نقم ابن الأثير وسبط ابن الجوزي هذا وعظّما حمادا ً وكان الشيخ عبد القادر من تلامذته. ([49])
    الثاني: (يوسف بن أيوب بن الحسن الهمذاني أبو يعقوب) ت 530 هـ
    تفقّه بالشيخ الشيرازي صاحب المهذّب وبرع في الفقه والمناظرة ثم ترك واشتغل بالعبادة وصحب الصالحين وأقام بالجبال ثم عاد إلى بغداد فوعظ فيها وحصل له قبول. ([50])وسمع أبا بكر الخطيب وغيره وكتب الكثير وعني بالحديث وأكثر الترحال وكان من أولياء الله.قال السمعاني (هو الإمام الورع التقي العامل بعلمه) ([51])
    الثالث: (تاج العارفين أبو الوفا) ([52])
    كان من أعيان مشايخ العراق في وقته. له الكرامات الخارقة وقد انتهت إليه رئاسة هذا الشأن في زمانه وتتلمذ له خلق كثير من العلماء والصلحاء.
    وكان عبد القادر يقول (ليس على باب الحق تعالى كردي مثل أبي الوفا)
    وهو أول من سُمّي بتاج العارفين بالعراق.وكان يقول (الأجسام أقلام والأرواح ألواح والنفوس كؤوس والوجد حسرة تلهب ثم نظرة تسلب)
    أقول تعقيبا على ما ذكره تاج العارفين :
    هذه بعض اصطلاحات أهل التصوف ومن هذا القبيل كثير وانني لا أنكر شيئا لم أتذوقه وانني أقول كما قال د.الذهبي في مقدمة كتابه التفسير والمفسرون (التفسير الإشاري)2/374 وعذري في ذلك أني لم أسلك مسلك القوم ولم أذق ذوقهم .


    عصره
    من الناحية السياسية والاجتماعية والعلمية
    يتبع ............

    دراسة منهجية موضوعية بقلم الدكتور محمد نور العلي
    الحقوق محفوظة للباحث
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
    المراجع :
    (1) سير أعلام النبلاء 20/439 رقم 286
    (2) ذيل تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم 125
    (3) الذيل على طبقات الحنابلة 1/290 رقم 134
    (4) غبطة الناظر ص9
    (5) الشذرات 4/198
    (6) الطبقات 1/126 رقم 248
    (7) غبطة الناظر ص9
    (8) شذرات الذهب 4/198
    (9) شذرات الذهب 4/198- سير أعلام النبلاء 20/439 رقم 286- ذيل تاريخ بغداد (المستفاد)21/127- الذيل على طبقات الحنابلة 1/290 رقم 134
    (10) معجم البلدان 2/201
    (11) سير أعلام النبلاء 20/439 رقم 286
    (12) الذيل على تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم 125
    (13) البداية والنهاية 12/337
    (14) الكامل 11/323
    (15) غبطة الناظر ص10
    (16) ذيل تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم125- شذرات الذهب 4/198

    (17) غبطة الناظر ص30

    (18) انظر سير أعلام النبلاء 20/440 رقم 286- ذيل تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم125غبطة الناظر ص24- 25

    (19) البداية 12/125
    (20) سير أعلام النبلاء 19/348 رقم 206
    (21) المنهج الأحمد 2/237 رقم 740
    (22) الذيل على طبقات الحنابلة 1/116 رقم 60
    (23) سير أعلام النبلاء 19/602 رقم 350
    (24) لسان الميزان 4/244 رقم 661
    (25) انظر سير أعلام النبلاء 20/440 رقم 286-ذيل تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم125غبطة الناظر ص24- 25- الذيل على طبقات الحنابلة 1/290 رقم 134
    (26) شذرات الذهب 3/412
    (27) البداية 12/168
    (28) ميزان الاعتدال 1/471 رقم 949
    (29) سير أعلام النبلاء 19/274 رقم 174
    (30) الكامل 10/525
    (31) شذرات الذهب 4/49
    (32) سير أعلام النبلاء 19/386 رقم 228
    (33) ميزان الاعتدال 7/73 رقم 9212
    (34) سير أعلام النبلاء 20/666 رقم 41
    (35) الذيل على طبقات الحنابلة 1/114 رقم 58
    (36) سير أعلام النبلاء 19/604 رقم 352
    (37) ميزان الاعتدال 6/15 رقم 705
    (38) سير أعلام النبلاء 20/69 رقم 42
    (39) الذيل على طبقات الحنابلة 1/138 رقم 63
    (40) سير أعلام النبلاء 19/383 رقم224
    (41) سير أعلام النبلاء 11/532 رقم 4903
    (42) الذيل على طبقات الحنابلة 1/115 رقم 59
    (43) انظر تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم 125- الذيل على طبقات الحنابلة 1/290 رقم 134
    (44) شذرات الذهب 4/198
    (45) الكامل في التاريخ 10/473
    (46) البداية 12/171
    (47) شذرات الذهب 4/5
    (48) انظر ذيل تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم 125- غبطة الناظر ص25- سير أعلام النبلاء 20/440 رقم 286
    (49) سير أعلام النبلاء 11/639 رقم 5025
    (50) البداية 12/218
    (51) سير أعلام النبلاء 20/666 رقم41
    (52) الطبقات الكبرى1/134رقم253







    عصره
    من الناحية السياسية والاجتماعية والعلمية
    عصره من الناحية السياسية
    عاش شيخنا الجيلاني رحمه الله في الربع الأخير من القرن الخامس وفي منتصف القرن السادس وهذه الحقبة من الزمن كانت مليئة بالأحداث الجسام. وكان المسلمون في هذا القرن أسوأ حالا منهم في القرن الذي سبقه حتى أمكن الفرنجة أن يهاجموهم في عقر دارهم بالمشرق ويستولوا على البيت المقدس وكثير من بلاد الشام وحتى أخذوا يهاجمون المسلمين في الأندلس ولولا ابن تاشفين لسقطت الأندلس وضاعت من أيدي المسلمين ورغم ما وصل إليه المسلمون في هذا القرن لا تزال بهم قوة تجعلهم يصمدون أمام الطامعين سواء في المشرق أو في المغرب وكان هذا القرن يشهد تفرقا ً كبيرا ً بين المسلمين حيث تستأثر كل دولة بمدينة ففي بغداد مركز الخلافة ليس لخلفائها إلا الاسم وحتى الدعاء على المنابر لم يكن يعترف لهم به إلا القليل وكان الحال في المغرب العربي الإسلامي أسوأ من ذلك بكثير حيث تستعين دولها وإماراتها المتناحرة بالفرنجة حتى سقطت تلك البلاد أمام أعداء الإسلام.ومع ذلك فلم تكن الأمة تخلو من مواقف مشرفة فقد كانت هناك معركة الزلاّقة حيث انتصر المعتمد وابن تاشفين على القشتاليين وغيرها من الانتصارات لبعض جيوش المسلمين. وسط هذا الخضمّ الهائل من المشاكل والأحداث كان يعيش شيخنا الجيلاني رحمه الله في العراق وفي بلده جِيلان.
    ومن خلال عصره من الناحية السياسية سنقف على أهم الأحداث التي عاصرها الشيخ الجيلاني وذلك من سنة 470 هـ وإلى سنة 561 هـ حيث ولادته ووفاته.
    وإنني سأجمل أهم الأحداث السياسية التي حصلت ما بين هذين التاريخين مقسّمة على عهود الخلفاء العباسيين الذين عاصرهم.
    أولا ً: الخليفة العباسي المقتدي بأمر الله) ت 487 هـ ( 1)
    تقلّد الخلافة سنة 467 هـ وبلغت خلافته 20 سنة.
    وكانت ولادة الشيخ الجيلاني بعد مرور ثلاث سنين على خلافته حيث ولد سنة 470 هـ وقد أدرك سبعة عشر سنة من خلافته وهو مقيم في جيلان.
    أهم الأحداث السياسية في عصره
    1- في سنة 478 هـ: استولى الفرنجة على طليطلة وخروج المعتمد بن عباد منها.
    2- في سنة 479 هـ: انتصار المسلمين في معركة الزلاّقة بقيادة المعتمد وابن تاشفين. وكان عمر الشيخ عند هذا الحدث العظيم 9 سنوات.
    3- في سنة484 هـ: مَلَك ابن تاشفين وقبض على المعتمد.
    4- في سنة 487 هـ: توفي الخليفة المقتدي فجأة وكانت أيامه كثيرة الخير وعظمت في عهده الخلافة.
    ثانيا ً: الخليفة العباسي المستظهر بالله بن المقتدي) ت 512 هـ
    تقلّد الخلافة بعد موت أبيه الخليفة سنة 487 هـ وكان من الحضور للبيعة (الغزالي والشاشي) وبقي في خلافته 25 سنة. ( 3)

    أهم الأحداث السياسية في عصره
    1- في سنة 488هـ: توفي المعتمد بن عباد مسجونا ً بأغمات وكان من محاسن الدنيا. ( 4)
    2- في سنة 492 هـ: أخذ الفرنجة مدينة القدس, وكان هذا الحدث الجلل بعد دخول الجيلاني بغداد بأربع سنين وقد ندب الخليفة العلماء ليحرّضوا الملوك على الجهاد دون فائدة وكان عمر شيخنا عندها 22 سنة. ( 5)
    3- في سنة 512 هـ: توفي الخليفة المستظهر وكانت أيامه خير على الرعية. ( 6)

    ثالثا ً: الخليفة العباسي المسترشد بن المستظهر) ت 529 هـ:

    تقلـّد الخلافة يوم وفاة أبيه وذلك سنة 512 هـ وبقي في الخلافة 17 سنة حتى مات مقتولا ً سنة 529 هـ ( 7)

    أهم الأحداث السياسية في عصره
    ليس هناك الكثير من الأحداث.
    رابعا ً: (الخليفة العباسي الراشد بن المسترشد) ت 532 هـ
    لما قُتل المسترشد على أيدي الباطنية تقلّد ابنه الراشد الخلافة وذلك في سنة 529 هـ وبقي في حكمه مدة سنة فقط حيث عزل سنة 530 هـ (8 )
    أهم الأحداث السياسية في عصره:
    لم يكن في عهده كثير أحداث حيث خُلِع وقُطعت خطبته في بغداد وسائر البلاد.
    خامسا :الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله بن المستظهر) عم الراشد بالله ت 555 هـ
    لما قطعت الخطبة للراشد بالله تقلّد الخلافة عمه المقتفي لأمر الله وذلك سنة ثلاثين وخمسمائة. وكانت خلافته أربعا ً وعشرين سنة وكان حليما ً كريما ً حسن السيرة وهو أول خليفة تمكن من الخلافة وحكم على عسكره. (9 )
    ومما تجدر الإشارة إليه أن الخليفة المقتفي كانت له مواقف مع الشيخ الجيلاني رحمه الله تعالى فقد ذكرابن رجب قال: قرأت بخط الإمام ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم الحنبلي الدمشقي قال: حكى شيخنا أبو الحسن بن غريبة الفقيه أن الوزير ابن هبيرة قال له الخليفة(يريد المقتفي لأمر الله): (قد شكى من الشيخ عبد القادر وقال إنه يستخف بي ويذكرني وله نخلة في رباطه يتكلم ويقول (يا نُخيلة لا تتعدي أقطع رأسك) وإنما يشير إلي تمضي إليه وتقول له في خلوة ما يحسن بك أن تتعرض بالإمام أصلا ً وأنت تعرف حرمة الخلافة.قال الشيخ أبو الحسن: فذهبت إليه فوجدته وعنده جماعة فجلست أنتظر منه خلوة فسمعته يتحدث ويقول في أثناء كلامه: نعم أقطع رأسها, فعلمت أن الإشارة إلي فقمت وذهبت فقال لي الوزير: بلغت. فأعدت عليه ما جرى, فبكى الوزير وقال: لا شك في صلاح الشيخ عبد القادر. (10 )
    أقول : هذه الحادثة التي أوردها الحافظ ابن رجب رحمه الله نستلهم منها عدة أمور:
    الأمر الأول: هيبة الشيخ عند أصحاب النفوذ وفي هذه القضية يقول ابن رجب: وهابه الملوك فمن دونهم. ( 11)
    الأمر الثاني: كان الشيخ يميل إلى التلميح وليس إلى التصريح.
    الأمر الثالث: أن الشيخ قد بلغ من المرتبة ما جعلت الخلفاء يحسبون لتلميحاته ألف حساب.
    أهم الأحداث التي واكبت عهد المقتفي لأمر الله: ( 12)
    1- في سنة 532 هـ: قُتل الخليفة الراشد بعد خلعه وقد قارب التسعين من عمره.
    2- في سنة 541 هـ: قُتل عماد الدين زنكي.
    3- في سنة 545 هـ: حوصرت قرطبة
    4- في سنة 555 هـ: توفي المقتفي لأمر الله (الخليفة)
    وعندها يكون الشيخ الجيلاني قد بلغ من العمر (85 عاما ً)
    سادسا ً: (الخليفة العباسي المستنجد بالله بن المقتفي) ت 566 هـ
    بويع بالخلافة بعد موت أبيه المقتفي وكان رجلا ً صالحا ً.
    وكان يحترم الشيخ عبد القادر ويجلّه حتى كان يخلع عليه ويكرمه.
    يقول ابن الجوزي: خلع المستنجد بالله عند انتهاء شهر والده على أرباب الدولة وخلع عليّ خلعة وعلى الشيخ عبد القادر رحمه الله وأبي النجيب وغيرهم وأذن لنا في الجلوس في جامع القصر. ( 13)
    أهم الأحداث في عصره:
    1- في سنة 558 هـ: توفي صاحب المغرب عبد المؤمن بن علي الذي قضى على ملك ابن تاشفين.
    2- في سنة 566 هـ: توفي الخليفة المستنجد وذلك بعد وفاة الشيخ الجيلاني بخمس سنوات وتقلّد الخلافة بعده (المستضيء ابنه)
    وفي عهده (حُررت القدس على يد صلاح الدين رحمه الله وذلك سنة 583 هـ وكان قد مرّ على وفاة الشيخ اثنان وعشرون عاما ً ( 14)
    عصره من الناحية الاجتماعية
    هناك ارتباط وثيق بين عصره من الناحية السياسية والناحية الاجتماعية لأن الحالة الاجتماعية في الغالب تكون مرتبطة بالحالة السياسية . وبناء على ذلك فالمسلمون في هذا العصر كانوا أسوأ حالا منهم في القرون التي سبقتهم , ومما زاد الأمر سوءا أن امتد الانقسام بين المسلمين إلى معسكرين دينيين " معسكر أهل السنة في الدولة العباسية ومعسكر الشيعة في الدولة الفاطمية " إلى أن انتهت على يد صلاح الدين سنة 567هـ . وزاد الأمر سوءا استفحال التصوف الذي لم يضبط بضوابط الشرع حيث كانت هناك مغالاة في الزهد مما تسبب في تراجع المسلمين عن ركب التقدم حيث أباح لعقولهم التعطل عن العمل في الدنيا وعمارتها . حتى ظهر نجم الجيلاني فأرجع الأمور إلى نصابها وضبط التصوف بضوابط الدين وعمل لدنياه كما عمل لآخرته فكان إماما في الدين والدنيا ووصلت إليه الزعامة الدنيوية والدينية .
    عصره من الناحية العلمية:
    أما عصره من الناحية العلمية فإنه يختلف كل الاختلاف عن الناحيتين (السياسية والاجتماعية) فبالرغم من كل تلك الأحداث نجد أنه لا يخلو شارع أو قرية إلا وفيها عشرات العلماء من الذين سطّر التاريخ أسماءهم وعجزت الكتب عن حصر تلك الأسماء ويومها كانت مكتبات بغداد تغص بملايين الكتب في شتى مجالات الفنون
    وذلك مما يدل دلالة واضحة على النهضة العلمية التي كانت نشطة في هذه الحقبة ولا ننسى أن العلوم المستحدثة قد ضُبطت في هذه الحقبة مثل علم البلاغة على يد الشيخ عبد القاهر وغيرها من العلوم. بل نستطيع القول أن هذه الحقبة كانت تعيش ترفا ًعلميا ًلا مثيل له فقد كتب العلماء في كل شيء.فلا نجد مسألة من المسائل العلمية إلا وقد ألـّف فيها رسالة أو كتاب.وقد انتشرت في كل مدينة من مدن الإسلام عديد من المدارس العلمية
    ومن ضمنها مدرسة الشيخ عبد القادر وكذلك الحال في دمشق وحلب وغيرها من البلاد ( 15)
    ومن حيث المتابعة لعصر الشيخ الجيلاني فإننا نجده قد عاصر قمما ً في العلم والثقافة كأمثال الشيرازي صاحب المهذب في الفقه الشافعي المتوفى سنة 475 هـ.
    وكان من جلساء الخليفة المقتدي بأمر الله. وقد عاصر إمام الحرمين الجويني المتوفى سنة 478 هـ. وكذلك ابن الصباغ صاحب الشامل والكامل المتوفى سنة 477 هـ.
    إضافة إلى حجة الإسلام الغزالي المتوفى سنة 505 هـ وهو صاحب الإحياء.
    وكذلك المفسر الكبير صاحب شرح السنة الإمام البغوي المتوفى سنة 516 هـ.
    وفي ذات السنة توفي الحريري صاحب المقامات حيث كان من معاصري الشيخ.
    وقد عاصر أيضا ً الإمام الزمخشري صاحب الكشاف المتوفى سنة 538 هـ.
    إضافة إلى مشايخه وتلامذته ومرافقيه وغيرهم.
    وفي نهاية المطاف وتلخيصا ً لما مر حول عصر الشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى.
    فإننا نستطيع القول: أن الشيخ عبد القادر قد عاش عصرا ً مليئا ً بالأحداث فقد عاصر ستة خلفاء من العباسيين ابتداء ً بالخليفة المقتدي بالله وانتهاءً بالخليفة المستنجد بالله ولعل أهم ما يميز هذه الحقبة من الزمن أن القدس قد ذهبت من أيدي المسلمين ولمدة 91 سنة .وأن معظم حياة الشيخ قد عاشها والقدس محتلة بأيدي الصليبيين.
    ورغم كل هذه المآسي فإن الشيخ لم يتأثر من حيث التحصيل العلمي والمثابرة والمدارسة حتى أصبح علما ً من أعلام الإسلام.





    علوم الشيخ وتبحره في التصوف وغيره من العلوم .
    يتبع ............
    بقلم د. محمد نور العلي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
    المراجع
    (1) الكامل 10/ 96
    (2) الكامل 10/ 125
    (3) الكامل في التاريخ 10/ 231
    (4) البداية 12/ 156
    (5) البداية 12/ 156
    (6) البداية 12/ 156
    (7) الكامل 10/ 536
    (8) الكامل 11/ 27
    (9) الكامل في التاريخ 11/ 96
    (10) الذيل على طبقات الحنابلة1/ 292 رقم 134
    (11) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 291 رقم134
    (12) الكامل في التاريخ 11/ 96- 256
    (13) المنتظم 18/ 141
    (14) البداية 12/ 260- 345
    (15) انظر كتاب " الدارس في تاريخ المدارس " لمؤلفه عبد القادر النعيمي الدمشقي .


    ثانياً :
    علوم الشيخ الجيلاني وتبحّره في التصوف وغيره من العلوم
    بحق لقد طلب الشيخ الجيلاني رحمه الله العلم واشتغل في تحصيله أصوله وفروعه وخلافه حتى صارعلما من أعلام الإسلام و مَعْـلـَما ً من معالم الدين في عصره. حتى فاق أهل عصره في علوم الديانة وقد شهد له بذلك من عاصره ومن أرّخ له مما جعل كثيرا ً من الفقهاء والعلماء يتتلمذون على يديه ويحضرون وعظه وإرشاده ويقرؤون عليه حتى قال الحافظ ابن حجر في سياق الحديث عن سعة علمه نقلا ً عن ولده عبد الوهاب (وكان يحضر مجلسه العلماء والمشايخ وكان يحضر مجلسه أربعمائة محبرة يكتبون ما يقول). ([1])
    يقول ابن رجب: ومن أحسن ما في كتاب أبي الحسن الشطنوفي ما ذكره المصنف عن قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن الشيخ العماد إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي قال سمعت شيخنا موفق الدين بن قدامة يقول (دخلنا بغداد سنة إحدى وستين وخمسمائة(أي سنة وفاته) فإذا الشيخ عبد القادر ممن انتهت إليه الرئاسة بها علما ً وعملا ً ومالا ً واستفتاءً وكان يكفي طالب العلم عن قصد غيره من كثرة ما اجتمع فيه من العلوم والصبر على المشتغلين وسعة الصدر وكان ملئ العين وجمع الله فيه أوصافا ًجميلة وأحوالا ً عزيزة وما رأيت بعده مثله) ([2])
    ويقول الذهبي: أنبأني أبو بكر بن طرخان أخبرنا الشيخ موفق بن قدامة: وسئل عن الشيخ عبد القادر فقال: أدركناه في آخر عمره فأسكننا في مدرسته وكان يُعْنى بنا وربما أرسل إلينا ابنه يحيى فيُسْرج لنا السراج وربما يرسل إلينا طعاما ً من منزله وكان يصلي بنا الفريضة إماما ً وكنت أقرأ عليه من حفظي من كتاب (الخرقي) غدوة ويقرأ عليه الحافظ عبد الغني من كتاب (الهداية في الكتاب) فأقمنا عنده شهرا ً وتسعة أيام ثم مات وصلينا عليه ليلا ً في مدرسته....) ([3]) قال الحافظ ابن حجر: فهذا السند إلى ابن قدامة موثوق. ([4])
    ولم يقف الأمر عند هذا الحد إنما مال الشيخ إلى التصنيف والتأليف لتبقى زادا ً ومنهلا ً لكثير من طلاب العلم في كل عصر وحين , ولتشعب هذا المبحث اضطررت أن أجعله في عشرة مطالب:

    المطلب الأول: تبحره في الفقه والفتوى
    المطلب الثاني: تبحره في الحديث
    المطلب الثالث: تبحره في الأدب
    المطلب الرابع: تبحره في التصوف
    المطلب الخامس: منهجه في العقيدة
    المطلب السادس: موقفه من علم الكلام
    المطلب السابع: موقفه من المذاهب والفرق
    المطلب الثامن: موقف العلماء منه
    المطلب التاسع: أهم تلامذته
    المطلب العاشر: أهم المصنفات التي صنّـفت حوله

    المطلب الأول
    " تبحره في الفقه والفتوى"
    لقد أخذ الشيخ الجيلي رحمه الله تعالى الفقه على أيدي كبار علماء المذهب الحنبلي في عصره وذلك حين قدم بغداد آتيا ً من بلده جيلان. وما زال يتفقه في مذهب أحمد رحمه الله حتى صار إمام الحنابلة وشيخهم في عصره كما ذكر الحافظ الذهبي نقلا ً عن الحافظ السمعاني حيث قال: كان عبد القادر من أهل جيلان إمام الحنابلة وشيخهم في عصره فقيه صالح تفقه على المُخَرِّمي. ([5]) وبمثله قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى ([6])
    لقد كانت الفتاوى تأتي إليه من بلاد العراق ونحوها فما كان يبيت عنده فتوى بل يكتب عليها عقيب قراءتها من غير تفكّر. وكان يفتي على مذهب الإمام الشافعي وعلى مذهب الإمام أحمد وتُعرض أجوبته إلى العلماء فيكون تعجبهم من إسراعه, كما ذكره الحافظ ابن حجر نقلا ًعن ابن الجوزي رحمهما الله تعالى([7])
    ولقد أورد ابن رجب نقلا ً عن ابن الشطنوفي من طريق نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر عن أبيه قال: جاءت فتيا من العجم إلى بغداد بعد أن عُرضت على العلماء العراقيين فلم يتّضح لأحد فيها جواب شاف. وصورتها (ما يقول السادة العلماء في رجل حلف بالطلاق الثلاث أنه لابد أن يعبد الله عز وجل عبادة ينفرد بها دون جميع الناس في وقت تــَلـَبُّسِه بها), فما يفعل من العبادات ؟ قال فأتي بها إلى والدي فكتب عليها على الفور: يأتي مكة ويُخْلى له المطاف ويطوف سبعا وحده وتـَنـْحَـلُّ يمينه. قال فما بات المستفتي ببغداد. ([8])
    ومما تجدر الإشارة إليه أن الشيخ الجيلي رحمه الله رغم أنه كان إمام الحنابلة وشيخهم في عصره وكما رأينا أن الشيخين العظيمين في الفقه الحنبلي موفق بن قدامة وعبد الغني المقدسي كيف كانا يقرآن عليه.إلا أننا لم نجده قد خصّ كتابا ً من كتبه حول مذهبه الحنبلي بيد أنه صنف مؤلفات كثيرة حول اختصاصات أخرى.
    والذي يظهر والله أعلم أن الشيخ بعدما تفقه وتبحر في الفقه الحنبلي قد مال إلى التصوف أكثر من غيره فأكثر فيه من التصانيف. أو أن الشيخ قد رأى أن كثيرا ً من علماء مذهبه قد ألّفوا المجلدات حول المذهب, فقرر ألا يكثر من المؤلفات حوله واكتفى في كتابه (الغُنْية) أن يجعل القسم الأول منه حول الفقه الحنبلي وكذلك في القسم الرابع من الكتاب وإن كان سماه بـ(فضائل الأعمال) وهذان القسمان وإن كانا مختصرين إلا أن الشيخ كان بارعا ً في اختصاره حيث يغني إلى حد ما عن غيره فقد أتى على مهمات الأمور في الفقه الحنبلي.
    ولا أعلم أن الشيخ قد كتب غير هذا في مجال الفقه إلا أن يكون قد كتب سواه ولم يصل إلينا, والله أعلم.

    المطلب الثاني
    " تبحره في الحديث"
    إن الشيخ عبد القادر كان من المهتمين بالحديث فقد سمع الكثير من المشايخ كما نص على ذلك الحافظ الذهبي وغيره ممن ترجم للشيخ كما تقدم في (مشايخه في الحديث). ولما برع في الحديث تتلمذ عليه كثير من المحدّثين والفقهاء كأمثال الحافظ السمعاني وعبد الغني المقدسي والموفّق بن قدامة وغيرهم كما سيأتي في مبحث (أهم تلامذته) إضافة إلى أن الشيخ الجيلاني قد أجاز للكثيرين في الحديث كأمثال الرشيد أحمد بن مسلمة كما نص على ذلك ابن العماد وغيره. ([9]) وكأمثال محمد بن أبي البركات الدقّاق كما نص على ذلك المنذري. ([10])
    وبالرغم من ذلك وغيره من الأمور كحكمه على بعض الأحاديث صحة وتضعيفا ً إلا أن أحدا ً ممن ترجم له لم يصفه بصفة المحدّث أو الحافظ أو المسند إلى ما هنالك.علما أن المسند: بكسر النون هو أدنى درجات الثلاثة وهو من يروي الحديث بإسناده سواء كان عنده علم به أو ليس له إلا مجرد رواية. ([11])
    والشيخ الجيلاني قد روى عديدا ً من الأحاديث بإسناده كما هو وارد في كتابه الغنية مما يؤكد لنا أنه كان عنده علم بما يروي وكيف لا وقد سمع منه كثير من كبار المحدّثين وأجاز لبعضهم. ومن ثم فإن صفة (المسنِد) جديرة به. إضافة إلى صفة (المحدّث) حيث اشتغل بالحديث وأخذه عن كبار المحدّثين في عصره مما جعل الإمام الذهبي يضعه في طبقات المحدّثين. ([12]) ورغم وضعه في طبقات المحدثين إلا أنه وصفه(بالقطب والشيخ و الإمام) ولم يصفه بالمحدّث أو غيره من صفات المحدثين.
    ولعل هذا الإهمال من قبل المحدثين للشيخ الجيلاني جاء نتيجة طغيان شغله بالتصوف والوعظ والتذكير مما غطّى على معرفته بالحديث إضافة إلى مصنفاته العديدة في التصوف ولم يخصص جزءا ً واحدا ً للحديث وروايته وعلومه فيما أعلم .
    ومما يدل على أن الشيخ عبد القادر كان من المحدثين مايلي:
    أولا: أن الذهبي قد وضعه في طبقات المحدثين.
    ثانيا: أنه سمع من المحدثين وسُمِع منه.
    ثالثا: أن الشيخ قد أجاز لغيره من المحدثين.
    رابعا: أنه أورد في كتابه الغنية لوحده أكثر من ألف حديث لم تسند وهذا النوع من المؤلفات التي لم تسند أحاديثها ازداد كثرة في القرن السادس الهجري.
    خامسا: أنه أسند مائة وعشرة أحاديث وأثرا ً وذلك من طريقين:
    - أولا ً: أسندها عن طريق شيخه (هبة الله بن المبارك السقطي)
    - ثانيا ً: أسندها عن طريق شيخه (أبي نصر محمد بن الحسن البنّاء)
    سادسا: أن الذهبي قد أورد له حديثا ً بإسناده من طريق شيخه (أبي بكر أحمد بن المظفر التمّار) به([13]) وقال عقبه (غريب عال) ([14])
    سابعا: أن الحافظ ابن رجب أورد له حديثا ً من سنده وذلك من طريق شيخه (أبي غالب الباقلاني به) ([15])
    ثامنا: للشيخ تصحيح وتضعيف لبعض الأحاديث. وأمثلة ذلك كثيرة:
    أولا ً:حين أورد حديث عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله r يصوم حتى نقول لايفطر..) ([16]) قال الشيخ عقبة: وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري عن عبدالله بن يوسف عن مالك بن أنس رحمه الله ([17])
    ثانيا ً: وحين أورد حديث عائشة & (إن رسول الله r كفـّن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة) ([18]) قال الشيخ وقد صحّح الإمام أحمد رحمه الله حديث عائشة وبنى مذهبه عليه. ([19])
    ثالثا ً: وحين كان يتكلم عن الفرق قال عقب قول السالمية (إن الله تعالى لما كلم موسى عليه السلام أ ُعجب موسى بنفسه فأوحى الله إليه يا موسى أتعجبك نفسك؟ مُدّ عينيك فمد موسى عينيه فنظر إذا قدامه مائة طور على كل طور موسى).
    قال الشيخ رحمه الله (وهذا منكر عند أهل النقل وأصحاب الحديث فهو حديث باطل)([20])
    فمن خلال هذا كله فإن الشيخ الجيلاني رحمه الله كان من المحدثين والمسندين والله أعلم.


    المطلب الثالث
    " تبحره في الأدب"
    إن دراسة الأدب واللغة بالنسبة لطالب العلم أمر مهم خدمة ً للعلوم الشرعية وهذا ما قام به الشيخ الجيلاني رحمه الله فقد درس الأدب على شيخ بغداد فيه (الخطيب أبي زكريا يحيى بن علي التبريزي) صاحب التصانيف حتى برع وتبحر فيه.وكتب ونظم الشعر الجميل حتى قال ابن العماد (وله نظم فائق رائق) ([21])
    وله كثير من المصنفات حول هذا الأمر حتى إنه نظم أورادا ً للأدعية وكتب قصيدة حول الأسماء الحسنى إضافة إلى نظم القصائد الوعظية والصوفية وغير ذلك من القصائد المختلفة. ونورد بعض النماذج على ذلك:
    أولا ً: بالنسبة لقصيدته حول أسماء الله الحسنى
    فهي قصيدة رائعة جمع فيها أسماء الله الحسنى في ثمان وخمسين بيتا ً, يقول في مطلعها:

    شرعت بتوحيد الإله مـبسـملا
    سأختم بالذكر الحـميد مُجـَمّـلا
    وأشـهـد أن الله لا رب غــيـره
    تنزّه عن حصر العقول تـكمّلا
    وأرسل فينا أحمد الحق مقتدىً
    نبيّا ً به قـام الوجـود وقد حـلا
    فعلّمنا من كــل خيـــر مُؤَيّــد..
    وأظهر فينا العلم والحلم والولا
    فيا طالبا ً عزا ًوكنزا ً ورفعة
    من الله فادعـوه بأسـمائه العُـلا ([22])

    ثانيا : ما يتعلق بشعره الصوفي.
    يقول رحمه الله:

    ولــمــا وردنــا مــديــن نـسـتــقــي
    عـلى ظمأ منّا إلى منهــل النجـــوى..
    نـزلنا عـلى حـيّ كـرام ٍ بـيـوتـهــم
    مقـدسـة لا هند ٌ فـيهـا ولا عـلـــوى
    ولاحت لنا نارعلى البعــد أضرمتْ
    وجدْنـا عليها من نحب ومن نهوى
    سـقـانـا فـحـيـّانـا فـأحـيـا نـفـوسـنـا
    وأسـكـرنـا مـن خمر إجلاله عـفوا
    فـَهـِمـْـنا فـَهـِمـْـنا في مدامـة وجدنا
    وسرنا نجر الذيل من سكرنا زهوا ([23])

    ولا أريد أن أطيل في ذلك فمصنفاته مليئة بمثل هذا الشعر الجميل الذي لو أردنا شرحه لفقد رونقه الشيّق الجميل.


    المطلب الرابع
    " تبحره في التصوف"
    يتبع ...............

    بقلم د. محمد نور العلي

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
    المراجع
    (1) غبطة الناظر ص16- 17
    (2) الذيل على طبقات الحنابلة 1/293 رقم 134
    (3) سير أعلام النبلاء 20/450رقم286
    (4) غبطة الناظر ص29
    (5) سير أعلام النبلاء 20/439 رقم 286
    (6) الذيل على طبقات الحنابلة 1/291 رقم 134
    (7) غبطة الناظر ص16
    (8) الذيل على طبقات الحنابلة 1/294 رقم 134
    (9) الشذرات 5/249
    (10) التكملة 3/203رقم2154
    (11) تدريب الراوي 1/43
    (12) المعين ص169رقم1810
    (13) تاريخ الإسلام (وفيات 561- 570) ص89 رقم 23
    (14) سير أعلام الإسلام 20/441 رقم 286
    (15) الذيل على طبقات الحنابلة 1/301 رقم 134
    (16) صحيح البخاري (الفتح) برقم 1141
    (17) الغنية 1/186
    (18) أورده الشيخ برقم 1334 ( بترقيمي )وهو حديث متفق عليه,
    (19) الغنية 2/138
    (20) الغنية 1/94
    (21) شذرات الذهب 4/198
    (22) المقصد الأسنى ص2
    (23) قلائد الجواهر ص70


    المطلب الرابع
    " تبحره في التصوف"
    إن الشيخ الجيلي رحمه الله تعالى علم من أعلام التصوف وهذا أمر لا يختلف فيه اثنان فلقد أخذ التصوف عن ثلاثة من المشايخ – حسب اطلاعي – وهم: حماد الدباس ويوسف بن أيوب وتاج العارفين أبي الوفا.ولقد صاحب الكثير منهم كأمثال عدي بن مسافر وغيره حتى برع في هذا المجال وفاق أقرانه وصنف فيه الكثير من المصنفات.وربما ساعده على هذا الظهور وهذا التبحر في التصوف تلك المدرسة بباب الأ زَج التي بناها شيخه المخرّمي ثم أضيفت إليه.يقول الحافظ بن العماد (ولما أراد الله إظهاره أضيف إلى مدرسة أستاذه المخرِّمي فعمرها وما حولها وأعانه الأغنياء بأموالهم والفقراء بأنفسهم فكملت في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ثم تصدر فيها للتدريس والوعظ والتذكير وصنف وأملى وسارت بفضله الركبان) ([1]) ويقول ابن النجار (ثم لازم الانقطاع والخلوة والرياضة والمجاهدة وصحب الشيخ حماد بن مسلم الدباس وأخذ عنه علم الطريقة ثم إن الله أظهره للخلق وأظهر الحكمة في قلبه على لسانه وله الكلام المليح في الحقيقة) ([2])وفي هذا المطلب لا بد من الإشارة إلى عدة فروع:

    أولا ً: منهج الشيخ في التصوف.
    ثانيا ً: بعض ما قاله في التصوف.
    ثالثا ً: ما أثر عنه من أوراد وأدعية.
    رابعا ً: ما يتعلق بكراماته.

    الفرع الأول: منهج الشيخ الجيلي في التصوف:
    إن منهج الشيخ في التصوف منهج معتدل مشبّك بالقرآن والسنة وهذا ما يتميز به عن غيره من المتصوفة حيث أخذ الفقه والحديث وأصول الدين وجالس المشايخ ثم سلك هذا المسلك. ولذلك فإن كل شيء عنده خاضع لموازين الشرع وفي هذا الأمر له كلام صريح أورده في مصنفاته وفي وصاياه:
    يقول رحمه الله تعالى (إذا وجدت في قلبك بغض شخص أو حبه فاعرض أفعاله على الكتاب والسنة فإن كانت محبوبة فيهما فأحبه, وإن كانت مكروهة فاكرهه لئلا تحبه بهواك وتبغضه بهواك, قال تعالى { ولاتتّبع الهوى فيضلّك عن سبيل الله }.سورة ص رقم الآية 26 ولا تهجر أحدا ً إلا لله وذلك إذا رأيته مرتكبا ً كبيرة أو مصرا ً على صغيرة) ([3])
    ويقول أيضا ً: (إذا أردت الانقطاع فلا تنقطع حتى تتفقه في مجالس الشيوخ وتتأدب بهم و إلا فتمضي وتنقطع وأنت فُرَيخ ماريّشت) ([4])
    ويقول رحمه الله: (تفقه ثم اعتزلْ , من عَبَد الله بغير علم كان ما يفسده أكثر مما يصلحه خذ معك مصباح شرع ربك من عمل بما يعلم أورثه الله علم مالم يعلم) ([5])
    وحين يتكلم الجيلي عما يجب على المبتدئ في هذه الطريقة يقول : عليه أولا ً الاعتقاد الصحيح الذي هو الأساس فيكون على عقيدة السلف الصالح أهل السنة سنة الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين وعليه التمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما أمرا ً ونهيا ً أصلا ً وفرعا ً فيجعلهما جناحيه يطير بهما في الطريق الواصل إلى الله عز وجل.
    ولا ينبغي له أن يعرّج في أوطان التقصير ولا يخالط المقصرين والبطّالين أبناء قيل وقال أعداء الأعمال والتكاليف. ([6])
    وحين تكلم عن صفة المقتدى به للسلوك يقول (أن يكون عارفا ً بالعلوم الشرعية والطبية ومصطلح الصوفية ولا غناية عن ذلك) ([7])
    فمن خلال هذا كله عرفنا كم كان الشيخ ملتزما ً التزاما ً شديدا ً بالقرآن وتعاليم السنة وهذا هو شأن الصوفي الحق حيث يخضع كل شيء لميزان الشرع الحنيف.
    الفرع الثاني: بعض ما قاله في التصوف:
    لقد تكلم كثيرا ً في التصوف وما يتعلق به. وصنف كتبا ً مفيدة في مجاله وفي هذا المقال سأذكر بعض أقواله متتبعا ً الاختصار في ذلك.
    يقول رحمه الله تعالى: (الخلق حجابك عن نفسك ونفسك حجابك عن ربك ما دمت ترى الخلق لا ترى نفسك وما دمت ترى نفسك لا ترى ربك)
    ويقول : الأولياء عرائس الله تعالى لا يُطلع عليهم إلا ذا مَحْرَم)
    وهذان القولان ذكرهما ابن النجار عقب قوله (وله الكلام المليح في الحقيقة ومنها..)
    وذكر هذين القولين للشيخ الجيلي رحمه الله. ([8])
    ويقول رحمه الله : إذا رأيت الأشياء من الله وإن وفقك لفعل الخير وأخرجت نفسك من البين سلمت من العجب) ([9])
    ويقول رحمه الله: اتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تمرقوا ووحّدوا و لا تشركوا ونزهوا الحق ولا تنتقمواواسألوا ولا تسأموا وانتظروا وترقبوا ولا تشكّواواصبروا ولا تجزعوا ولا تنفروا وتآخوا ولا تعادوا واجتمعوا على الطاعة ولا تتفرقوا وتحابوا ولاتباغضواوتطهّروا ولا تتدنسوا وتتلطّخواوبطاعة ربكم فتزينوا وعن باب ربكم فلا تبرحوا وعن الإقبال عليه فلا تتولوا وبالتوبة فلا تسوّ فوا وعن الاعتذار إلى خالقكم في آناء الليل وأطراف النهار والساعات كلها فلا تملوا فلعلكم ترحموا وتسعدوا وعن النار تبعدوا وإلى الجنة تدخلوا وإلى الله تـُـوْصَـلوا ([10])
    وكلامه في هذا المجال كثير رحمه الله تعالى.
    وأما ما يتعلق بقوله رحمه الله: (قدمي هذه على رقبة كل ولي)
    فقد قال ابن رجب (وأما الحكاية المعروفة عن الشيخ عبد القادر أنه قال قدمي هذه على رقبة كل ولي فقد ساقها المصنف الشطنوفي عنه من طرق متعددة.
    وأحسن ما قيل في هذا الكلام ما ذكره الشيخ أبو حفص السهروردي في عوارفه أنه من شطحات الشيوخ التي لا يقتدى بهم فيها, ولا يقدح في مقاماتهم ومنازلهم فكل أحد يؤخذ عليه من كلامه ويُترك إلا المعصوم r. (11)
    وتعقيبا على الامام السهروردي : أنه ربما كان الشيخ يقصد بالقدم الرتبة التي نالها وحظي بها ولا يقصد بالقدم المعروفة وقد قال تعالى " وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم " يونس رقم (2) وقد قال ابن عربي رحمه الله : كان هذا من باب التحدث بالنعمة فلما احتُضر قال: ليت أمي لم تلدني) ([12])
    ولابد أن نذكر ما قاله الإمام الذهبي حول ما قاله الشيخ الجيلي حيث له وجهة نظر حول هذا الأمر. يقول الذهبي: (وفي الجملة الشيخ عبد القادر كبير الشأن وعليه مآخذ في بعض أقواله ودعاويه والله الموعد وبعض ذلك مكذوب عليه) ([13])
    أما ما تطاول به المدعو (بدوي) متهما ً الشيخ بالسذاجة وأن سَوْرة الكبرياء تقوده إلى الإفصاح بعبارات صبيانية إلى درجة مؤسفة حيث يقول هذا القول (قدمي...) ([14])
    فهذا مما لا دليل عليه. وهو بعيد عن الإنصاف . ويرد عليه شهادات العلماء للشيخ كما سيأتي .
    الفرع الثالث: ما أثر عنه من أوراد وأذكار وأدعية:-
    قد صنف رحمه الله حول هذا الأمر (الأوراد القادرية), فهناك دعاء المجلس ودعاء التوسل وحزب الحفظ وحزب النصر وحزب فتح البصائر إلى ما هنالك.
    وهذا لا يتعارض مع الشرع الحنيف والدين القويم حيث هو إبداع ألهمه الشيخ فدعا به ربه . ترجم البخاري في الصحيح في الأذان " باب " ما يتخير من الدعاء بعد التشهد وليس بواجب " وأورد حديث عبد الله برقم 835 وفيه " ثم يتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو " قال ابن حجر في الفتح 3/ 311 : وقد ورد فيما يقال بعد التشهد أخبار من أحسنها : ما رواه سعيد بن منصور من طريق عمير بن سعد " كان ابن مسعود يعلمنا التشهد في الصلاة ثم يقول : إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل : اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم ..." قال ابن حجر : وهذا من المأثور غير المرفوع وليس هو مما ورد في القرآن ..وقد أخرج أبو داود بإسناد صحيح (إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء) فقال ابن حجر في الفتح 10/224 والإعتداء في الدعاء يكون بأشياء ذكرها.ومنها أو يدعو بمالم يؤثر خصوصا ما وردت كراهته كالسجع المتكلف وترك المأمور. وأرى أن أدعية الشيخ لا تدخل في هذا النهي لأنه لا يتكلف السجع ولا يترك المأثور. بل يعقب المأثور بهذه الأدعية والأوراد , وقد وجدت وردا للإمام النووي رحمه الله وقد علق عليه العلامة البوطي حفظه الله . وإليك بعض الأوراد التي كان يدعو بها الشيخ الجيلاني رحمه الله :
    (الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما ً وأحصى كل شيء عددا ً لا إله إلا هو أهل الكبرياء والعظمة ومنتهى الجبروت والعزة وولي الغيث والرحمة مالك الدنيا والآخرة عظيم الملكوت شديد الجبروت لطيف لما يشاء فعّال لما يريد أول كل شيء وخالق كل شيء ورازقه سبحانه لا إله إلا هو, اللهم اجعل صباحنا صباحا ً صالحا ًً لا مخزيا ً ولا فاضحا ً.اللهم اكفنا شر نوائب الزمان ومكروهه ومصارع السوء ومصايد الشيطان وموارد صولة السلطان ووفقنا في يومنا هذا وفي سائر الأيام لاستعمال الخيرات وهجران السيئات.اللهم أصلحنا وأصلح قلوبنا وأصلح أخلاقنا وأصلح أفعالنا وأصلح آباءنا وأبناءنا وأجدادنا وجداتنا ودنيانا وآخرتنا.اللهم كما أمضيت الليلة بالسلامة والعافية فأمض علينا النهار بالسلامة والعافية برحمتك يا أرحم الراحمين) ([15])
    الفرع الرابع: ما يتعلق بكراماته:
    لقد تحدث الشيخ عن الكرامة فقال : من شروط الولاية كتم الكرامات ومن شروط النبوة والرسالة إظهار المعجزات ليقع بذلك الفرق بين النبوة والولاية) ([16])
    فهو رحمه الله لا يميل إلى ظهور الكرامات إلا عند الحاجة إلى ذلك.
    ولقد اشتهر رحمه الله بظهور الكرامات والمكاشفات وهذا ما ذكره كل من ترجم له.
    يقول ابن رجب : واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته) ([17])
    ويقول الذهبي نقلا ً عن شيخه أبي الحسين علي بن محمد سمعت الشيخ ابن عبد السلام الفقيه الشافعي يقول : ما نقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلا الشيخ عبد القادر)
    فقيل له: هذا مع اعتقاده فكيف هذا ؟ فقال: لازم المذهب ليس بمذهب.
    قال الذهبي : إنه يشير إلى إثبات صفة العلو ونحو ذلك. ومذهب الحنابلة في ذلك معلوم يمشون خلف ما ثبت عند إمامهم رحمه الله إلا من يشذ منهم) ([18])
    ويقول ابن العماد : وكراماته تخرج عن الحد وتفوق الحصر والعد) ([19])
    وقال الذهبي: أنبأني أبو بكر بن طرخان أخبرنا الشيخ موفق بن قدامة وسئل عن الشيخ الجيلي فقال ولم أسمع عن أحد يحكى عنه من الكرامات أكثر مما يحكى عنه ولا رأيت أحدا ً يعظمه الناس للدين أكثر منه. ([20]) وقد مر معنا أن السند إلى الموفق بن قدامة موثوق كما ذكر الحافظ ابن حجر. هذا وإن للإمام الذهبي رأيا ً يختلف عن الآراء السابقة حيث يقول: (ليس في كبار المشايخ من له أحوال وكرامات أكثر من الشيخ عبد القادر, لكن كثيراً منها لايصح وفي بعض ذلك أشياء مستحيلة. ([21])
    فهو من ناحية يثبت الكرامات للشيخ ومن ناحية أخرى ينكر بعضها وأنها من المستحيلات, والله أعلم. وبنحو ما قاله الذهبي قال به الحافظ ابن كثير رحمه الله حيث قال : وكان فيه تزهد كثير وله أحوال ومكاشفات ولأتباعه وأصحابه فيه مقالات ويذكرون عنه أقوالا ً وأفعالا ً ومكاشفات أكثرها مغالاة. وقد كان صالحا ً ورعا ً) ([22])
    وبالتالي نستطيع القول: أن كل من ترجم للشيخ ممن اطلعت على تراجمهم يثبتون الكرامة للشيخ وأن الله قد أظهرها على يديه, وأن الكرامة ثابتة في القرآن والسنة وليس هذا مجال الخوض فيها لكن بعضهم غالى في نسبة الكرامات الكثيرة للشيخ في حين أثبتها بعضهم من غير مغالاة في ذلك ولايهم كثيرا ً كثرة الكرامات للشيخ أو قلتها ما دام أن الله قد أكرمه بذلك. وهذا هو المقصد.

    المطلب الخامس
    منهجه في العقيدة
    يتبع ................

    بقلم د0 محمد نور العلي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع
    (1) شذرات الذهب 4/198
    (2) ذيل تا ريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم 125
    (3) الوصايا ص69
    (4) غبطة الناظر ص30
    (5) قلائد الجواهر ص64
    (6) الغنية 2/163
    (7) قلائد الجواهر ص14
    (8) ذيل تاريخ بغداد (المستفاد) 21/127 رقم 125
    (9) غبطة الناظر ص36
    (10) آداب السلوك ص51- 52
    (11) الذيل على طبقات الحنابلة 1/ 295 رقم 134
    (12) الكواكب الدرية 2/253 رقم 424
    (13) سير أعلام النبلاء 20/451 رقم286
    (14) شطحات الصوفية ص17
    (15) الغنية 2/150
    (16) الغنية 2/163
    (17) الذيل على طبقات الحنابلة 1/291 رقم134
    (18) سير أعلام النبلاء 20/443 رقم 286
    (19) شذرات الذهب 4/198
    (20) سير أعلام النبلاء 20/442 رقم 286
    (21) سير أعلام النبلاء 20/450 رقم 286
    (22) البداية 12/337


    المطلب الخامس
    " منهجه في العقيدة"
    إن منهج الشيخ الجيلاني رحمه الله هو منهج الشيخ الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ولقد ثبت عنه أنه قال : اعتقادنا اعتقاد السلف الصالح والصحابة) ([1])
    وهو يتمثل من وجهة نظره وبالتالي من وجهة نظر المذهب الحنبلي فيما يلي:
    أولا ً: أن الله سبحانه بجهة العلو. واستدل على ذلك بقوله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فاطر رقم 10 ومن ثم لا يجوز وصفه بأنه في كل مكان بل يقال إنه في السماء على العرش كما قال تعالى (الرحمن على العرش استوى) طه (5) وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأنه استواء الذات على العرش لا على معنى القعود والملامسة كما قالت (المجسمة والكرامية) ولا على معنى (العلو والرفعة) كما قالت (الأشعرية) ولا على معنى (الاستيلاء والغلبة) كما قالت المعتزلة
    لأن الشرع لم يرد بذلك ولا نٌقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث ذلك بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق. وقد قال الإمام أحمد قبل موته بقليل (أخبار الصفات تمر كما جاءت بلا تشبيه ولا تعطيل)
    وقال أحمد رحمه الله في رواية عنه في موضع آخر (نحن نؤمن بأن الله عز وجل على العرش كيف شاء وكما شاء بلا حد وبلا صفة يبلغها واصف أو يحدها حاد) ([2])
    ولقد أورد الذهبي منهج الشيخ هذا مستدلا ً بما ذكره في كتابه (الغنية) وذلك ضمن أدلته التي ساقها على القول (بأن الله سبحانه بجهة العلو مستو) وقد بلغت مائة وستة عشر حديثا ً وأثرا ً.وما عليه من الأئمة في هذا الإعتقاد مبتدئا ً بالإمام أبي حنيفة ومعرّجا ً بالشيخ الجيلاني ومنهيا ً بالإمام القرطبي صاحب التفسير. ([3]) ولقد ذكر الشيخ اليافعي أنه أخبره من يثق به من أصحاب شيخ عصره وفريد دهره الشيخ نجم الدين الأصبهاني أنه قال : رجع عبد القادر آخرا ً عما كان يعتقده أولا ً لما بلغه أن الفقيه الإمام البارع تقي الدين بن دقيق العيد المشهور تعجب من شذوذ الشيخ عبد القادر المذكور في اعتقاده عن موافقة الجمهور من المشايخ العارفين والعلماء المحققين في مسألة (الجهة المعروفة) ([4]) وبرغم ما قاله الشيخ الأصبهاني إلا أن الثايت عن الشيخ الجيلي التزامه بجهة العلو لله سبحانه وتعالى. ولقد أثبت ذلك العلماء الأكفاء حتى قال الحافظ ابن رجب : وقد ذكر مذهب الجيلي في ذلك مستدلا ً بما ذكره في (غنيته) ثم قال نقلا ً عن الشيخ يحيى بن يوسف الصرصري الشاعر المعروف عن شيخه العارف علي بن إدريس أنه سأل الشيخ الجيلي فقال (يا سيدي هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل ؟ فقال ما كان ولا يكون).وقد نظم الشيخ يحيى بن يوسف ذلك في قصيدته. ([5])
    وقد يكون هذا مبالغا ً فيه من جانب الشيخ من فرط محبته للإمام أحمد بن حنبل .
    وتعقيبا على هذه المسألة لا بد من الإشارة
    إلى أن هذه المسألة نالت قسطا واسعا من النقاش والجدال حيث تحدد مذهب الجيلاني في العقيدة من حيث التأويل أو التفويض, والذي أراه أنه يمرر الصفات كما جاءت رغم نفي البعض عنه ذلك وذلك لعدة أمور :
    أولا : أنه استفاض عنه ذلك .
    ثانيا : أن المثبتين عنه ذلك أكثر من النفاة . والمثبت يقدم على النافي إذا انتفى الدليل وخاصة من نفى لم يأت بدليل .
    ثالثا : ما ذكره اليافعي أن الشيخ تراجع فيه دليل أن الشيخ كان يقول بالجهة المعروفة , ثم إن خبر رجوعه جاء عن رجل يثق به ولم يبينه حيث الأمر لا تناسبه أية جهالة .
    رابعا : لو كان حقا أنه رجع عن اعتقاده لاستفاض عنه ذلك حيث كان إمام عصره , وهذا وصف كبير الشأن .
    خامسا : أنه حنبلي المذهب وهذا من لازم مذهبه . وقد أثبت هذا العز بن عبد السلام كما تقدم في ما يتعلق بكرامات الشيخ .
    سادسا : ما نقله ابن رجب عن الشاعر الصرصري نقلا عن شيخه علي بن ادريس وهو من تلامذة الشيخ كما سيأتي وكان من العباد الزهاد الصالحين , وقد سأل الشيخ " هل يكون ولي لله على غير اعتقاد أحمد ؟ فنفى الشيخ بشدة , ومن المعلوم : هذا أقرب إسناد إلى الشيخ وقد نظم الصرصري رد الشيخ في قصيدة وقد بحثت عن ديوان الصرصري لأنظر فيما قاله حول هذه المسألة فلم أجد إلى ذلك سبيلا .
    هذا ما أراه في هذه المسألة وأن هذا لا يقلل من شأن الشيخ رحمه الله تعالى .
    ثانيا ً: أن الإيمان قول باللسان ومعرفة بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
    ثالثا ً: أن مرتكب الكبيرة إذا مات مؤمنا ً لا يُخَلّد في النيران.
    رابعا ً: أن النبي r رأى ربه ليلة الإسراء بعيني رأسه. ([6])
    خامسا ً: عدم إيمانه بالحلول ووحدة الوجود.فقد قال في معرض رده على فرقة السالمية القائلين: (إن الله تعالى يقرأ على لسان كل قارئ وأنهم إذا سمعوا القرآن من قارئ فإنهم يسمعونه من الله).وهذا القول يفضي إلى الحلول نعوذ بالله من ذلك. ([7])
    سادسا ً: أن الجنة والنار مخلوقتان عند أهل السنة. ([8])
    سابعا:أنه من المستحب التوسل بالزهاد والصالحين وأهل العلم والفضل والدين ([9])
    فهذه بعض ما كان معتقدا ً عند الشيخ الجيلي رحمه الله تعالى مقتديا ً بمنهج شيخه أحمد بن حنبل.
    وخلاصة القول (إن اختلاف الجيلي في منهجه العقدي مختلف عن منهج الأشاعرة وغيرهم في بحث الصفات فهو يمرّرها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه كما جاء عنه رحمه الله تعالى.


    المطلب السادس
    "موقفه من علم الكلام
    مما هو معروف ومعلوم أن الشيخ الجيلاني رحمه الله كان لا يميل إلى علم الكلام وما يتعلق به معتبرا ً إياه ليس زادا ً للقبر, فلقد قال ابن رجب نقلا ً عن الشيخ تقي الدين أبي العباس بن تيميّة رحمه الله قال: حدثني الشيخ عز الدين أحمد بن إبراهيم الفاروقي أنه سمع الشيخ شهاب الدين عمر بن محمد السهروردي صاحب (العوارف) قال:
    (كنت قد عزمت على أن أقرأ شيئا ً من علم الكلام وأنا متردد هل أقرأ كتاب (الإرشاد) لإمام الحرمين, أو نهاية (الإقدام) للشهرستاني, أو كتابا ً آخر ذكره. فذهبت مع خالي أبي النجيب وكان يصلي بجنب الشيخ عبد القادر, قال: فالتفت الشيخ عبد القادر وقال لي : يا عمر ما هو من زاد القبر. ما هو من زاد القبر ما هو من زاد القبر)
    قال فرجعت عن ذلك. قال الشيخ ابن تيميّة رحمه الله: (ورأيت هذه الحكاية معلّقة بخط الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي رحمه الله تعالى) ([10]) وقد ذكر الذهبي بمثلها سماعا ً عن شيخه ابن تيميّة رحمه الله عنه بها ([11])


    المطلب السابع
    " موقفه من المذاهب الإسلامية والفرق"
    إن موقف الشيخ الجيلاني رحمه الله من المذاهب الإسلامية المعتبرة موقف يتّسم بالاحترام والتقدير والإجلال شانه شأن أولي الفضل من العلماء فقد كان مجلا ّ ً ومقدّرا ً لذوي العلم وأصحاب المذاهب من غير تعصب لمذهبه منتقصا ً من مذاهب الآخرين.
    فقد كان يذكر الإمامين مثلا ً (أبا حنيفة والشافعي) رحمهما الله بالإمامين ويترحم عليهما وينقل خلافهما لمذهب شيخه الامام أحمد من غير انتقاص لرأيهماواجتهادهما.
    وهذا موقف طيب يحسب لهذا الشيخ الجليل رحمه الله.
    فمثلا ً فيما يتعلق بمسألة ترك الصلاة يقول رحمه الله: يكفر عند إمامنا أحمد رحمه الله إذا تركها جاحدا ً لوجوبها ووجب قتله لا خلاف في مذهبه, ويذكر التفاصيل في المسألة في حين تركها تهاونا ً أو كسلا ً وما يتعلق بها من أحكام.
    ثم يعرّج على قولي أبي حنيفة والشافعي فيقول: (وقال الإمام أبو حنيفة رحمه الله: لا يقتل ولكن يحبس حتى يصلي فيتوب أو يموت في الحبس).
    وقال الإمام الشافعي رحمه الله: يقتل بالسيف حدا ً ولا يكفر) ([12])
    فالشيخ رحمه الله كما ترى يذكر الرجلين بالإمامين ويترحم عليهما ويورد أقوالهما المخالفة لرأي شيخه الذي هو يدين به حتى من غير أن يضعّفهما أو ينتقص من فحواهما.
    بل إن للشيخ موقفا ً من المذاهب يعتبر من محاسن منهجه حيث يقول : وأما إذا كان الشيء مما اختلف فيه الفقهاء وساغ فيه الاجتهاد كشرب عامّي النبيذ مقلّدا ً لأبي حنيفة رحمه الله وتزوج امرأة بلا ولي على ما عُرف من مذهبه لم يكن لأحد ممن هو على مذهب الإمام أحمد والشافعي رحمهما الله الإنكار عليه ولا يُشَدّد عليهم) ([13])
    وإن مما يجعل الباحث يتوقف مليا ً وهو مما يجدر ذكره: أن الشيخ الجيلاني رحمه الله وهو المعروف بإجلاله للمذاهب الأربعة وأصحابها.
    قد ذكر في (الغنية): أن الحنفية وهم أصحاب مذهب أبي حنيفة رحمه الله (من فرق المرجئة الضالة المبتدعة) ([14])
    يقول الإمام اللكنوي رحمه الله: وقد استند بهذه العبار ة جمع من الشيعة و السنة ممن لهم تعنّت ظاهر وتعصب وافر للنيل من أبي حنيفة والقدح في معتقده.
    مضيفا ً أن البحث قد طال حديثا ً وقديما ً بين علماء المذاهب الأربعة في عبارة (الغنية) هذه ([15]) واستشكلوا وقوعها من مثل هذا الشيخ الجليل الصوفي النبيل وذلك لوجهين:
    الأول: أن كتب أبي حنيفة كـ(الفقه الأكبر) و (كتاب الوصية) تنادي بأعلى النداء على أنه ليس مذهبه في باب الإيمان وفروعه ما ذهبت إليه المرجئة.
    وكتب الحنفية وإمامهم الأعظم ليسوا منهم فهذه النسبة الواقعة فرية بلا مرية وصدورها من مثل هذا الشيخ بليّة أي بليّة.
    الثاني: أن غوث الثقلين بنفسه (ويقصد الشيخ عبد القادر) قد ذكر أبا حنيفة بلفظ الإمام وأورد ذكره عند ذكر خلاف الأئمة الأعلام.
    فلو كان عنده أن أبا حنيفة من المرجئة الضالة لما ذكر قوله في الأمور الشرعية.
    وبعد ذكره لهذا الإشكال يقول اللكنوي: لقد تفرق العلماء في دفع هذا الإشكال على مسالك:
    1- أن الغنية ليست للشيخ الجيلاني وهو قول الشيخ عبد الحق الد ّهلوي.
    ورد عليه اللكنوي بأن نسبتها للشيخ مذكورة في كتب الأكابر كالحافظ ابن حجر وغيره.
    2- أن هذه العبارة دسّت على الشيخ ممن له بغض وتعصب ظاهر.
    وهذا ما اختاره عبد الغني النابلسي, واستدل على ذلك بكثير من الأشياء دسّت على كبار العلماء وذلك في كتابه (الرد المتين على منتقص العارف محيي الدين)
    3- أن الحنفية وقع تصحيفا ً موضع الغسانية.
    4- أن الشيخ لم يذكر ذلك من عند نفسه بل نقله عن غيره.
    5- أن المراد فرقة من الأحناف وهم المرجئة.
    وكل هذه الإجابات لم تعجب الشيخ اللكنوي باستثناء الأخير حيث استحسنه على ما فيه من سخف قادح كما قال, حيث إن عبارة (الغنية) تحكم بأن المرجئة أصل من فروعه الحنفية.
    والجواب الشافي لهذا الإشكال عند الشيخ اللكنوي: أن المراد بالحنفية هنا هم القائلون بأن الإيمان هو المعرفة بالله وحده ونحو ذلك من خرافات المرجئة.
    فإذا عرفنا هذا فإن مُفاد عبارة (الغنية) أن الحنفية الذين هم فرع من فروع المرجئة الضالة هم أصحاب أبي حنيفة الذين يقولون: أن الإيمان هو المعرفة والإقرار بالله ورسوله وهذا لاينطبق إلا على الغسانية فيكون هو المراد من (الحنفية) لما عرفت أن غسان الكوفي كان يحكي مذهبه الخبيث عن أبي حنيفة ويعدّه من المرجئة. ([16])
    لقد أورد الشهرستاني أن المرجئة أربعة أصناف (مرجئة الخوارج ومرجئة القدرية ومرجئة الجبرية والمرجئة الخالصة).
    وإن من فرق المرجئة الخالصة (الغسانية) أصحاب غسان الكوفي زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله ورسوله وبالإقرار بما أنزل الله وبما جاء به الرسول في الجملة دون التفصيل وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص إلى آخره.
    ثم قال: (و من العجيب أن غسان كان يحكي عن أبي حنيفة مثل مذهبه ويعدّه من المرجئة ولعل السبب أنه كان يقول: (الإيمان هو التصديق بالقلب وهو لا يزيد ولا ينقص)
    وله سبب آخر وهو أنه كان يخالف القدرية والمعتزلة الذين ظهروا في الصدر الأول, والمعتزلة كانوا يلقبون كل من خالفهم في القدر مرجئا ً وكذلك (الوعيدية من الخوارج).
    فلا يبعد أن اللقب لزمه من فريقي المعتزلة والخوارج, والله أعلم. ([17])
    وبعد هذا كله يظهر أن الطعن على أبي حنيفة بالاستناد على عبارة (الغنية) لا يصدر إلا من ذي غباوة ظاهرة وعصبية مقيتة.
    وبالتالي فإن الشيخ الجيلاني رحمه الله شخصيته علمية فذة عَرفت لذوي الأقدار أقدارهم ولذوي الفضل فضلهم, فهو ممن يُجلّ ويحترم أهل العلم ولا يتعصب لمذهب دون آخر وإن كان الرجل قد اتبع مذهبا ً معيّنا ً ونهج منهجا ً معينا ً فرضي الله عنه و أرضاه.
    موقف الشيخ من الفرق:
    إن الشيخ الجيلاني رحمه الله تعالى وإن كان من الموقـّرين
    للمذاهب الإسلامية كما مر معنا إلا أنه بالنسبة للفرق التي ظهرت في ظل الدول الإسلامية له فيها رأي آخر حيث جعلها من الفرق الضالة عن سبيل الهدى باستثناء فرقة أهل السنة والجماعة إذ أنه جعل فصلا ً في علامات أهل البدع وقسّمه إلى قسمين, تكلم في القسم الأول عن الصفات التي لا يجوز إطلاقها على الباري سبحانه وتعالى, والأشياء التي يتنزه الحق جلّ في علاه عن الوصف بها.
    بينما جعل القسم الثاني (وهو ما يعنينا في هذا الأمر) حول بيان (الفرق الضالة عن طريق الهدى), وذكر أن عشرة من الفرق هي من أصل (ثلاث وسبعين فرقة) التي ذكرها الحديث وهي: (أهل السنة والخوارج والشيعة والمعتزلة والمرجئة والمشبّهة والجهمية والضرارية والنجارية والكلابية)
    ثم ذكر أن: (فرقة أهل السنة واحدة)
    (والخوارج خمس عشرة فرقة)
    (والمعتزلة ست فرق)
    (والمرجئة اثنتا عشرة فرقة)
    (والشيعة اثنتان وثلاثون فرقة)
    (والجهمية والنجارية والضرارية والكلابية كل واحدة فرقة)
    (والمشبهة ثلاث فرق)
    فجميع ذلك ثلاث وسبعون فرقة على ما أخبر به النبي ([18]) وأما الفرقة الناجية فهي أهل السنة والجماعة.
    وفي نهاية كلامه رحمه الله أنهى كلامه قائلا ً: أعاذنا الله وإياكم من شر هذه المذاهب وأهلها وأماتنا على الإسلام والسنة في الفرقة الناجية برحمته. ([19])
    فالشيخ من خلال كلامه هذا حول الفرق ومعتقداتها ينص على أن كل هذه الفرق ضالة بعيدة عن جادة الصواب باستثناء فرقة واحدة هي أهل السنة والجماعة فهي الفرقة الناجية.
    وقد ذكر ما تعتقده في (باب معرفة الصانع عز وجل) ([20])
    وقد أوردت بعضها في (ما يتعلق بمنهج الشيخ في العقيدة) الذي تقدم ذكره.


    المطلب الثامن
    موقف العلماء منه
    يتبع ...........

    بقلم دكتور محمد نور العلي
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    المراجع
    (1) سير أعلام النبلاء 20/443 رقم 286
    (2) الغنية 1/55- 56
    (3) مختصر العلو للعليّ الغفار ص284
    (4) مرآة الجنان 3/362
    (5) الذيل على طبقات الحنابلة 1/296 رقم 134
    (6) الغنية 1/62- 66
    (7) الغنية 1/95
    (8) الغنية 1/73
    (9)الغنية 2/ 128
    (10) الذيل على طبقات الحنابلة 1/297 رقم 134
    (11) تاريخ الإسلام (وفيات 561- 570) ص91 رقم 89
    (12) الغنية 2/111
    (13) الغنية 1/53
    (14) الغنية (مخطوط) ورقة 46- 47
    (15) ما يتعلق بعبارة(الغنية) فقد اختلفت من طبعة إلى أخرى.لأن في أصول الكتاب (المخطوط) هناك اختلاف,ففي مخطوط تحت رقم 312 (مستنسخة عن مكتبة الأقصى)عبارتها(وأما الحنفية فهم أصحاب أبي حنيفة)ورقة 17,وكذلك في مخطوط رقم 1677(المكتبة القادرية)
    وفي رقم 37(المكتبة القادرية) ذكرت (الغسانية بدل الحنفية) وفي نسخة (فهم بعض أصحاب أبي حنيفة) وفي ط أولو الألباب/دمشق وكذلك طبعة البابي الحلبي 1956 فيهما (فهم بعض أصحاب أبي حنيفة) والأرجح(فهم أصحاب أبي حنيفة) ولذلك طال الحديث حولها قديما ً وحديثا ً كما قال اللكنوي.
    (16) الرفع والتكميل ص237- 252
    (17) الملل والنحل ص113- 114
    (18) يشير الشيخ بهذا إلى حديث الترمذي (تفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة) وقد أورده الشيخ من عدة طرق في الغنية برقم(412 ـــ413 ــ414) بترقيمي .وهو مستوفى في تخريجه.وهو حسن بشواهده.
    (19) الغنية 1/85- 95
    (20) الغنية 1/ 54


    المطلب الثامن
    موقف العلماء منه
    ما من أحد من العلماء ترجم للشيخ إلا وذكره بخير وأثنى عليه.
    وفي هذا المقال سنذكر بعض ما قاله العلماء بحق هذا الشيخ الجليل رحمه الله تعالى.
    يقول ابن رجب: (عبد القادر الجيلي شيخ العصر وقدوة العارفين وسلطان المشايخ وسيد أهل الطريقة في وقته, صاحب الكرامات والمقامات والعلوم والمعارف والاحوال المشهورة) ([1])
    ويقول ابن النجار: (عبد القادر أحد الأئمة الأعلام صاحب الكرامات الظاهرة) ([2])
    ويقول الذهبي: (هو الشيخ الإمام العالم الزاهد العارف القدوة شيخ الإسلام عـَـلـَم الأولياء شيخ بغداد) ([3])
    ويقول السمعاني: (هو إمام الحنابلة وشيخهم في عصره, فقيه صالح ديّن خيّر كثير الذكر دائم الفكر سريع الدمعة) ([4])
    ويقول موفق بن قدامة: (ولا رأيت أحدا ً يعظمه الناس من أجل الدين أكثر منه) ([5])
    ويقول أحمد الرفاعي: (ومن يستطيع مناقبه ومن يبلغ مبلغه, ذاك رجل بحر الشريعة عن يمينه وبحر الحقيقة عن يساره, من أيهما شاء اغترف لا ثاني له في وقتنا هذا) ([6])
    ويقول ابن كثير: (وكان له سمت حسن وصمت غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان فيه تزهد كثير وكان صالحا ً ورعا ً وكان من سادات المشايخ) ([7])
    ويقول ابن الأثير: (وكان من الصلاح على حالة كبيرة) ([8])
    ويقول ابن تيميّة: (في معرض حديثه عن السماع: وأعيان المشايخ :عابوا أهله كما فعل ذلك عبد القادر وغيره) ([9])
    ويقول: وكذلك أكابر الشيوخ المتأخرين مثل الشيخ عبد القادر فإنهم لم يحضروا السماع البدعي بل كانوا يحضرون السماع الشرعي (كسماع القرآن) ([10])
    ويقول ابن الجوزي: (تكلم الشيخ عبد القادر بلسان الوعظ وظهر له صيت بالزهد وكان له سمت وصمت حتى ضاقت مدرسته بالناس فكان يجلس عند سور بغداد مستندا ً إلى الرباط ويتوب عنده في المجلس خلق كثير) ([11])

    ومما يشار إليه أن ابن الجوزي قد اقتصر في ترجمة الشيخ كثيرا ً مما جعل الذهبي يوجه انتقادات لاذعة إليه حيث قال: (لم تسع مرارة ابن الجوزي بأن يترجمه بأكثر من هذا لما في قلبه له من البغض, نعوذ بالله من الهوى) ([12]) وتعقيبا على هذا فإن ابن الجوزي كان ذا مكانة عالية في العلم والزهد والوعظ والصلاح وكان جليس الخلفاء كما تقدم حيث خلع الخليفة عليه وعلى الشيخ عبد القادر , وبناء عليه فلا أعتقد أنه يحمل للشيخ بغضا .


    المطلب التاسع
    " أهم تلامذته"
    لقد تتلمذ على يد الشيخ الجيلاني كثير من طلاب العلم وسمعوا منه ومنهم من أجاز له.وفي هذا المبحث سنذكر بعضا ً من هؤلاء: ([13])

    1- (عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلاني) ت 603 هـ. قال السيوطي: هو الإمام الحافظ المحدّث الزاهد وكان يقظا ً متحريا ً زاهدا ً ثقة ([14]) وقد ذكره ابن كثير ووثقه وقال لم يكن في أولاد الشيخ خير منه ([15]). لم يدخل فيما دخلوا به من المناصب والولايات, قد سمع الكثير وسُمِع عليه أيضا ً.وقال ابن رجب (سمع الكثير بإفادة والده وبنفسه أيضا ً من ابن ناصر وغيره. حدّث عنه ابن النجار والضياء المقدسي وغيرهما ([16]).
    2- (موسى بن عبد القادر الجيلاني) ت 618 هـ: روى عن أبيه الشيخ وابن ناصر الحافظ وغيرهما, سكن دمشق وكان عريّا ً من العلم([17]).
    3- (عبد الوهاب بن عبد القادر الجيلاني) ت 593 هـ: تفقه على مذهب أحمد على يد والده, وسمع من أبي غالب (أحمد بن الحسن البنّاء) وغيره. ودرّس في مدرسة والده بباب الأزج بعد والده, وحدّث ووعظ ([18]).
    4- (أبو أسعد السمعاني) ت 562 هـ: هو عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني التميمي الخراساني صاحب المصنفات الكثيرة سمع محمد بن عبد الواحد الدقّاق وغيره, لاتوصف كثرة البلاد والمشايخ الذين أخذ عنهم.كان ثقة صدوقا ً ديّنا ً سمع من مشايخه وأقرانه وكان ظريف الشمائل حلو المذاكرة سريع الفهم وكان يلقــّب بتاج الإسلام, درّس وأفتى ووعظ. قال ابن النجار: سمعت من يذكر أن عدد شيوخه سبعة آلاف شيخ ([19])
    5- (عبد الغني المقدسي) ت 600 هـ: الإمام العالم الحافظ الكبير الصادق القدوة العابد عالم الحفّاظ (الجمّاعيلي), صاحب (الأحكام الكبرى والصغرى) سمع الكثير وكتب الكثير, رحل إلى بغداد مرتين وإلى مصر مرتين. ونزل هو وابن خاله الموفق بن قدامة عند الشيخ عبد القادر فأحسن إليهما في بغداد. له تصانيف كثيرة منها (الكمال في معرفة رجال الكتب الستة) والذي هذّبه المزّي في كتابه (تهذيب الكمال) ([20]).
    6- (الموفق بن قدامة) الحنبلي ت 620 هـ: شيخ الإسلام مؤلف (المغني في المذهب) إمام عالم بارع, لم يكن في عصره بل ولا قبل دهره بمدة أفقه منه قرأ القرآن وسمع الحديث الكثير ورحل مرتين إلى العراق وبرع وأفتى وناظر وتبحر في فنون كثيرة ([21]).
    7- (علي بن إدريس اليعقوبي): الزاهد صاحب الشيخ عبد القادر سيد زاهد عابد ربّاني متألـّـه بعيد الصيت ([22]).
    8- (أبو هريرة محمد بن الليث المعروف بابن الوسطاني) ت 624 هـ
    سمع من الشيخ عبد القادر وغيره وحدّث, قال المنذري: ولنا منه إجازة. ([23])
    9- (أكمل بن مسعود الهاشمي) ت 629 هـ: قال المنذري: حدّث بشيء من كلام عبد القادر وغيره. ([24])
    10- (أبو طالب عبد اللطيف القُبيّطي) ت 641 هـ: سمع من جده علي بن حمزة والشيخ عبد القادر وغيرهما. كان ديّنا ً خيّرا ً صادقا ً مأمونا ً لا يحدّث إلا من أصله. ([25])
    11- (الرشيد أحمد بن مسلمة) ت 650 هـ: أجاز له الشيخ عبد القادر وهبة الله الدقاق والكبار وتفرد في وقته وسمع من الحافظ ابن عساكر ([26]).
    12- (محمد بن أبي البركات الدقّاق البغدادي) ت 624 هـ قال المنذري: أجاز له الشيخ عبد القادر وغيره وحدّث. ([27])
    13- (يحيى بن سعد الله التكريتي) ت 618 هـ: سمع ببغداد من الشيخ عبد القادر وأبي النجيب السهروردي وحدّث ببلده وخرّج لنفسه أحاديث وحدّث بها وعمل هناك دارا ً للحديث كان يحدّث بها وأهل بلده يثنون عليه ويصفونه بالصلاح ويتبرّك به ([28])
    14- (عبد الله بن أحمد الخشاب) ت 567 هـ: الإمام المحدّث إمام النحو يضرب به المثل في العربية, سمع من أبي غالب البناء وغيره, وقرأ كثيرا ً وحصّل.حدّث عنه السمعاني والحافظان عبد الغني والموفق وفخر الدين بن تيميّـة.قال ابن النجار: (كان بخيلا ً متبذلا ً يلعب الشطرنج على الطريق ويقف على المشعوذ ويمزح), قال الذهبي: لعله تاب. ([29])
    15- (طلحة بن مظفر العلثمي): تفقه ببغداد على مذهب أحمد على الفقيه أبي الفتح نصر بن فتيان المنّي, وقرأ بلفظه على الشيوخ وحدّث بالعَـلـْث وهي ناحية قريبة من الحظيرة من نواحي دُجَيْـل ([30])
    16- (أبو الفتح نصر بن فتيان بن المنّي الحنبلي) ت 583 هـ: تفقه على أبي بكر الدينوري ولازمه حتى برع في الفقه, وسمع من الحسين بن عبد الملك الخلاّل وتصدّر للعلم وكثرت عليه الطلبة. تفقه عليه الموفق بن قدامة وغيره وحدّث عنه أبو صالح نصر بن عبد الرزاق بن عبد القادر.قال ابن النجار: (كان ورعا ً عابدا ً حسن السمت على منهاج السلف) ([31])
    17- (عبد الملك المارّاني) الكردي ت 605 هـ: قاضي القضاة المنعوت (بالصدر) تفقه في حلب على مذهب الشافعي على الإمام أبي الحسن علي بن سليمان المرادي وسمع منه ومن غيره. وقدم مصر في أول الدولة الأيوبية, ولي قضاة القضاة بالديار المصرية لمدة طويلة وأضيف إليه من الأعمال الشامية بلاد كثيرة وولّى نوابه بها. وحدّث, قال المنذري: سمعت منه, وكان مشهورا ً بالصلاح والخير والغزو وطلب العلم يتبرّك بآثاره المرضى. ([32]) قال الذهبي: هو من جلة العلماء وفضلائهم, سمع ابن عساكر وروى عنه المنذري.([33])
    18- (أحمد بن أبي بكر بن المبارك) المعروف بابن الشبل البغدادي ت 582 هـ
    سمع الشيخ عبد القادر وتخرّج به وصحبه, يقال إنه حدّث. ([34])
    19- (محمود بن عثمان النعّال البغدادي) ت 609 هـ الشيخ الصالح, سمع من أبي الفتح محمد بن عبد الباقي وحدّث. وكان من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر. ([35])
    وهناك غيرهم تركتهم خشية الإطالة .


    المطلب العاشر
    " أهم المصنفات التي صنفت حوله"
    إن كثيرا ً من المصنفين أوردوا للشيخ ما يتعلق بترجمته ولكن ضمن مؤلفاتهم سواء في سير الأعلام أو في الطبقات أو في التواريخ. ولكن هناك من المصنفين من أفردوا مصنفات خاصة حول الشيخ وحياته وما يتعلق به
    من هذه المصنفات ما يلي:
    أولا ً: (غبطة الناظر في ترجمة الشيخ عبد القادر) للحافظ ابن حجر.
    ثانيا ً: (نزهة الخاطر في ترجمة الشيخ عبد القادر) للقارئ الهروي.
    ثالثا ً: (خلاصة المفاخر في أخبار مناقب الشيخ عبد القادر) للإمام اليافعي.
    رابعا ً: (قلائد الجواهر في ترجمة عبد القادر) للتادفي.
    خمساً ً: (بهجة الأسرار ومعدن الأنوار) للشطنوفي.
    سادساً ً: (الجنى الداني في ذكر نبذة من مناقب الجيلاني) لجعفر البرزنجي.
    سابعاً: (الشيخ عبد القادر الجيلاني) للدكتور يونس السامرائي.
    وهناك العديد من المصنفات حول هذا الامر.
    وفي نهاية المطاف لابد من الإشارة إلى أن صاحب كتاب (تاريخ الأدب العربي) بروكلمان قد أوصل الكتب التي كتبت في سيرة الشيخ إلى واحد وعشرين كتابا ً. ([36])
    فكل هذه المصنفات قد أ ُفْردت لحياة الشيخ الجيلاني رحمه الله, وإن كانت هذه الكثرة تدل على شيء فإنها تدل على مكانة هذا الشيخ الجليل وعلى ما حظي به من احترام وتبجيل وتعظيم سواء كان في عصره أو في عصور أخرى وحتى يومنا هذا.
    وليس المقام هنا تقييم هذه المؤلفات وما احتوته من أشياء وأشياء, فهذا له موضع آخر.

    ثالثاً
    "آثار الشيخ عبد القادر الجيلاني"
    بقلم د0 محمد نور العلي
    المراجع
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    (1) الذيل على طبقات الحنابلة 1/290 رقم134
    (2) ذيل تاريخ بغداد (المستفاد)21/127 رقم125
    (3) سير أعلام النبلاء 20/439رقم286
    (4) سير أعلام النبلاء 20/239رقم286
    (5) غبطة الناظر ص26
    (6) طبقات الأولياء (ابن الملقّن) ص100 ترجمة (أحمد الرفاعي)
    (7) البداية 12/337
    (8) الكامل في التاريخ 11/323
    (9) مجموع الفتاوى 6/310
    (10) مجموع الفتاوى 6/327
    (11) المنتظم 18/173
    (12) تاريخ الإسلام (حوادث 561- 570) ص89 رقم23
    (13) انظر سير أعلام النبلاء 20/440 رقم286غبطة الناظر ص25
    قلائد الجواهرص5-6
    (14) طبقات الحفاظ ص488 رقم1083
    (15) البداية 13/46
    (16) الذيل على طبقات الحنابلة 2/40 رقم221
    (17) الشذرات 5/82
    (18) التكملة 1/288 رقم403
    (19) الشذرات 4/252
    (20) سير أعلام الذهبي 21/443رقم235
    (21) البداية 13/99
    (22) الشذرات 5/85
    (23) التكملة 3/202 رقم 2153
    (24) التكملة 3/299 رقم2370
    (25) سير أعلام الذهبي 23/87 رقم 64.
    (26) الشذرات 5/249
    (27) التكملة 3/203 رقم 2154
    (28) التكملة 3/34 رقم 1785
    (29) سير أعلام النبلاء 20/523 رقم 337
    (30) التكملة 1/295 رقم 413
    (31) سير أعلام النبلاء 21/137 رقم70
    (32) التكملة 2/156 رقم 1062
    (33) سير أعلام النبلاء 21/474 رقم 239
    (34) التكملة 1/58 رقم 4
    (35) التكملة 2/240 رقم 1228
    (36) تاريخ الأدب العربي 4/441- 443


    ثالثاً
    "آثار الشيخ عبد القادر الجيلاني"

    لقد رحل الشيخ الجيلاني رحمه الله وقد بلغ من العمر تسعين عاما ً ([1])
    وترك خلفه تراثا ً زاخرا ً بالعلم والمعرفة وآثارا ً خلدت اسمه وذكره على مرّ التاريخ والعصور, وإن من أهم ما خلـّف الشيخ وراءه من آثار وتراث نستطيع أن نجمله في أمرين اثنين:
    الأمر الأول: تلك المدرسة التي كانت لشيخه المخرّمي ثم أضيفت إليه فعمرها وما حولها وأعانه الأغنياء بأموالهم والفقراء بأنفسهم ثم تصدّر فيها للتدريس والوعظ والتذكير حتى صارت مدرسته أشهر من نار على علم, وذلك لمدة أربعين سنة.
    ولما ترجّل الفارس عن جواده تولى التدريس فيها بنوه من بعده ولازالت هذه المدرسة قائمة إلى يومنا هذا يؤمها الزائرون ومازالت الأجهزة الإعلامية تحرص على تصويرها والحديث عنها. ومازال طلابها ينهلون العلم من معينها ويدرسون العلوم في حلق المسجد كما كانت طريقة أخذ العلم في العهد القديم, ولا زال متوارثا ً زعامة المدرسة من ذرية الشيخ عبد القادر رحمه الله.ومما تمتاز هذه المدرسة أنها تضم آلافا ً من الكتب وخاصة ما يتعلق بالمخطوط منها وذلك في مكتبتها العظيمة التي تسمى (المكتبة القادرية).
    الأمر الثاني: المصنفات والمؤلفات .
    لقد رحل الشيخ وترك خلفه عديدا من الكتب والمصنفات التي ألفها أو جمعت من أقواله.
    ومن أهمها ما يلي:
    1- (الغنية لطالبي طريق الحق) وهو كتاب صحت نسبته للشيخ .
    2- (جلاء الخاطر من كلام عبد القادر): وهي مجموعة من الخطب ذكر بروكلمان أنها موجودة في(المكتب الهندي 619/621) ([2]),
    3- (فتوح الغيب) ([3]): وهي مجموعة من المواعظ المختلفة جمعها ابنه عبد الرزاق قبل موت أبيه وهو على فراش الموت. وذكر بروكلمان أن عليه شرحان لابن تيمية ولعبد الحق دهلوي وهو موجود في(ليبرنج 233) ([4])
    4- (رسالة في الأسماء العظيمة للطريق إلى الله) ([5]).
    5- (سر الأسرار ومظهر الأنوار) وقد ذكر بروكلمان أنه موجود في (الجمعية الآسيوية في البنغال 1727) ([6])
    6- (سورة الواقعة ودعاؤها) ([7])
    7- (شرح فتوح الغيب) ([8])
    8- (حكم المواعظ) وذكر بروكلمان أنها موجودة في(برلين 8680) ([9])
    9- (مجموعة من 15 خطبة) ذكر بروكلمان أنها موجودة في (برلين 3401) ([10])
    10- (مجموعة رسائل صوفية): ذكر بروكلمان أنها موجودة في (المكتب الهندي 692) ([11])
    11- (قصيدة الأسماء الحسنى) ([12]) وتسمى (المقصد الأسنى في نظم أسماء الله الحسنى) , وذكر بروكلمان أنها موجودة في (بطرسبرغ 92) ([13])
    12- (آداب السلوك والتوصل إلى منازل الملوك) ([14])
    13- (الأوراد القادرية) ([15])
    14- (أسماء مقامات سلوك الطريق إلى الله) وهو في(برلين رقم 3690) ([16])
    15- (خواص الفاتحة الشريفة) وهو في القاهرة 7/523
    16- (دعاء فتح البصائر) المتحف البريطاني 125/3
    17- حزب الكبير الأعظم) المتحف البريطاني 136/6
    18- (الحزب الشريف والورد المنيف) فيينا 1844/2
    19- (حزب بشائر الخيرات) اسكندرية 1304(1/302)
    20- حزب دعاء حار) برلين 3867
    21- (أوراد أدعية منظومة) برلين 3771
    22- (مناجاة دعاء) برلين 3901
    23- (أدعية) هافينا 52
    24- (خمس قصائد صوفية) برلين 3406
    25- (قصائد وعظية) برلين 7692/7693
    26- (أسنى الذخائر/ موشّح) المتحف البريطاني887/1
    27- (الرسالة الغوثية) الاسكندرية تصوف 45/5
    28- (الكبريت الأحمر) القاهرة ثان 1/344
    29- (فعل الخيرات في فضائل النبي r) القاهرة ثان 1/338
    30- (صلوات) تونس الزيتونة 3/236/1702 (عبد الغني النابلسي)
    31- (حزب النجاة) الجزائر 596/9
    32- (دلائل القادرية) استانبول 1323
    33- (قصائد مختلفة) باريس 3171/15
    34- (السفينة القادرية) ([17])
    35- (الفتح الرباني) ([18])
    36- (الفيوضات الربانية) ([19])
    37- (بشائر الخيرات وبلوغ المسرات في الصلاة على صاحب الآيات البينات) ([20])
    38- (وصايا عبد القادر) وضعها الشيخ جميل إبراهيم حبيب ([21])
    39- (حزب الرجاء والانتهاء) ([22])
    40- (مراتب الوجود) ([23])
    41- (معراج لطيف المعاني) ([24])

    وإضافة إلى ما سبق فإن الشيخ جميل إبراهيم حبيب الذي وضع كتاب (وصايا عبد القادر) قد ذكر في مقدمة كتابه هذا ما يتعلق بمؤلفات الشيخ فقال:
    (إن للشيخ مصنفات منها المطبوع والمخطوط وهي كتب مواعظ وإرشاد في الغالب والموجود منها في المكتبة القادرية حاليا ً ما يأتي: (وذكَر بعض ما ذكرناه سابقا ً من مؤلفات الشيخ)
    مضيفا ً ما يلي (وهي من المطبوع):
    1- (دلائل الحديقة المصطفوية) وهو مطبوع بالفارسية والأردية
    2- (الحجة البيضاء)
    3- (عهدة الصالحين في ترجمة غنية الصالحين) مطبوع بالتركية.
    ومن المخطوط:
    1- (ورد الشيخ عبد القادر)
    2- (مجموع أدعية وأوراد)
    3- (كيمياء السعادة لمن أراد الحسنى وزيادة)
    4- (جلاء الخاطر)
    5- (رسالة في خواص فاتحة الكتاب)
    6- (مجموعة خطب)
    7- (المختصر في علم الدين)
    8- (تفسير القرآن الكريم): مخطوط في جزئين وهو موجود الآن في مكتبة (رشيد كرامة) في طرابلس لبنان, تاريخ نسخه 622. أقول : لقد كنت أبحث عن هذا المخطوط للقيام بتحقيقه فوجدت أن أحد ذرية الشيخ قد سبقني إلى ذلك .



    رابعاً
    تأثره وتأثيره

    تأثر الشيخ الجيلاني رحمه الله:
    مما لاشك فيه أن الشيخ عبد القادر رحمه الله كان لمحيطه الذي عاش فيه تأثيره الكبير على تكوين شخصيته.
    ونستطيع القول: أن الشيخ رحمه الله قد مر بمراحل ثلاثة , كل مرحلة لها تأثيرها البالغ في شخصية الشيخ رحمه الله.
    المرحلة الأولى (الطفولة):
    فلقد عاش الشيخ ونشأ في أسرة ذات دين وتقى وصلاح, فهو سبط أبي عبد الله الصومعي من جلــّة مشايخ جيلان, وأمه أم الخير التي كان لها حظ وافر من الخير والصلاح.
    فلا يرى أمامه إلا خيرا ً وصدقا ً ولا يسمع إلا حكمة وذكرا ً.
    وهذا له شأنه الكبير في مجال التربية, فتربى الشيخ على كل ما هو جميل حسن حيث رضع الصدق والأمانة والفضيلة والخير إضافة إلى أنه نشأ في بلدة جيلان ذات المروج الخضراء والجبال الساحرة مما تضفي على النفس بريق الأ ُنْس وعلى الروح صفاء الإطمئنان. وهذا ما كان عليه الشيخ عبد القادر رحمه الله.
    المرحلة الثانية (دخوله بغداد وطلبه للعلم):
    لما دخل بغداد هذا الشاب النحيف الجسم العريض الصدر ذو السـُمرة مدوّر الحاجبين ربع القامة ذو الصوت الجهوري والسمت البهي (كما وصفه ابن قدامة) ([25])
    رأى كل شيء مختلفا ً عن بلدته جيلان حيث صخب العاصمة وضجيج المارة والعربات وغير ذلك. ولم يأت إلى بغداد لأجل تجارة أو حظوة عند أمير أو خليفة, إنما أتى لطلب العلم حيث علم أنه فريضة, فتفقه على مذهب الإمام أحمد حيث رأى فيه القدوة والأسوة وكيف لا وقد عارض الخلافة والسلطة في مسألة (خلق القرآن) حتى كشف الله به الغمة عن المسلمين. وتفقه على كبار أصحاب المذهب كأبي الوفا بن عقيل وأبي الخطاب الكلوذاني والقاضي أبي يعلى والمبارك المخرّمي. فتأثر الشيخ بمذهب أحمد وكذلك بمنهجه في العقيدة فقال بقوله في الصفات حيث أثبت العلو لله سبحانه (فهو يمرر الصفات كما جاءت). وتأثر بشيخه أحمد في توقير العلماء وأصحاب المذاهب, فالشيخ كان شديد الاحترام لهم ,أما ما يتعلق بالفِرَق فكان شديداً عليهم.
    المرحلة الثالثة: أخذه للطريقة):
    وهذه المرحلة صبغت حياة الشيخ بلونها وحتى نهاية عمره.
    فقد أفنى معظم حياته في مجالها وصنّف معظم كتبه في معالمها وأسسها ولازم الخلوة والرياضة والمجاهدة والسياحة والمقام في الصحراء والخراب وصاحب أولي التصوف ولبس الخرقة من كبار المشايخ حتى لـُقــّب بمجمع الفريقين وموضع الطريقين وكريم الجدين ومـُعـَلـّم العراقـَـيْن إلى ما هنالك من ألقاب أطلقت عليه([26]).
    وفي هذه المرحلة كان له منهجه الخاص من وضع ميزان الشرع نصب عينيه وقد درس الفقه والحديث والخلاف والأدب وغيرها من العلوم .
    حيث لم يتأثر بالمتصوفة الذين أخذوا الطريق دون المدارسة والطلب للعلم فأفسدوا أكثر وكان رحمه الله قد رسم معالم سيره وجعل ميزان أفعاله وأقواله الكتاب والسنة وأقوال وأفعال الصحابة والتابعين. ولهذا كل ما جاء خلاف ذلك فهو منسوب للشيخ . ولهذا نال الثناء من كافة العلماء والفقهاء والمحدثين الذين عاصروه. قال ابن رجب: (كان الشيخ عبد القادر في عصره معظما ً يعظمه أكثر مشايخ الوقت من العلماء والزهاد) ([27])
    تأثير الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله:
    لقد كان للشيخ الجيلاني رحمه الله أكبر تأثير في عصره حيث وقع له القبول التام من الناس واعتقدوا ديانته وصلاحه وانتفعوا به وبكلامه ووعظه وانتصر أهل السنة بظهوره كما ذكر الحافظ ابن رجب رحمه الله ([28])
    ولقد كان لمدرسته بباب الأزج الأثر البالغ في التأثير الإيجابي في نشر الدين وتعاليم الإسلام دون مغالاة ولا تعصب ومن ثم كان محط تقدير القاصي والداني.
    وكان ملجأ ً للمذنبين حيث لم يعنـّـفهم إنما يأخذهم بالرحمة والشفقة حتى قال ابن العماد في شذراته: (وتاب على يده معظم أهل بغداد وأسلم معظم اليهود والنصارى على يديه) ([29])
    أما ما يتعلق بالوسط العلمي فقد كان له تأثير كبير حيث كان يحضر مجلسه أربعمائة محبرة يكتبون ما يقول كما أشار ابن حجر نقلا ً عن سبط ابن الجوزي ([30])
    ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل وصل تأثيره إلى مجالس الحكم والخلافة حيث هابه الملوك فمن دونهم بالرغم أنه كان لا يميل إلى العنف إنما إلى التلميح والإشارة.
    وخلاصة القول: لقد كان للشيخ تأثيره على الخاصة والعامة واستمر هذا التأثير إلى ما بعد وفاته. إذ أن طريقته منتشرة في كافة العالم الإسلامي, وإن شابها بعض المخالفات فليس للشيخ ذنب في ذلك لوضوح منهجه وأن طريقه بيـّـن لذي عينين, إنما الجريرة على من خالف من أتباعه ونسبوا إليه مغالاة فيه . رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته .
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــ

    انتهت هذه الدراسة المتواضعة لحياة الشيخ أرجو من الله أني وفقت فيها إلى حد ما ولا أدعي الكمال فيها فالكمال لله وحده .

    بقلم دكتور محمد نور العلي
    الحقوق محفوظة للباحث
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
    المراجع
    (1) سير أعلام النبلاء 12/249
    (2) تاريخ الأدب العربي 4/441
    (3) البداية 12/337
    (4) تاريخ الأدب العربي 4/441
    (5) تاريخ الأدب العربي4/441
    (6) تاريخ الأدب العربي 4/442
    (7) مركز جمعة الماجد رقم المادة 106691 رقم التصنيف لايوجد
    (8) مركز جمعة الماجد رقم المادة 191264 رقم التصنيف 9/265
    (9) تاريخ الأدب العربي 4/441
    (10) تاريخ الأدب العربي 4/441
    (11) تاريخ الأدب العربي 4/441
    (12) مركز الماجد رقم المادة 106854 رقم التصنيف 06/811
    (13) تاريخ الأدب العربي 4/348
    (14) معجم المؤلفين 5/307 / مركز الماجد رقم المادة 17171 رقم التصنيف 212
    (15) الماجد رقم المادة 16481 رقم التصنيف 3/229
    (16) من رقم 14 إلى 21 مأخوذة من تاريخ الأدب العربي 4/443- 448
    171) مركز الماجد رقم المادة 18973 رقم التصنيف 269
    (18) مركز الماجد رقم المادة 9865 رقم التصنيف 260/معجم المؤلفين 5/307
    (19) مركز الماجد رقم المادة 10744 رقم التصنيف 249
    (20) مركز الماجد رقم المادة 99304 رقم التصنيف لايوجد
    (21) مركز الماجد رقم المادة 89649 رقم التصنيف 2/212
    (22) كشف الظنون 5/480
    (23) كشف الظنون 5/480
    (24) كشف الظنون 5/480
    (25) غبطة الناظر ص10
    (26) الذيل على طبقات الحنابلة 1/293 رقم 134
    (27-28) الذيل على طبقات الحنابلة 1/291 رقم 134
    (29) الشذرات 4/198
    (30) غبطة الناظر ص17


    التعديل الأخير تم بواسطة د.محمد نور العلي ; 04-Jan-2011 الساعة 06:39 AM
    اطّلاعك على فكر غيرك إثراء لفكرك
    احترامك للرأي الآخر هو احترام لرأيك أولا
    ليكن نقاشك للفكر لا لصاحبه
    د. محمد نور العلي

  2. #2
    كلتاوي نشيط
    الصورة الرمزية نور76

    الحاله : نور76 غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: May 2008
    رقم العضوية: 1373
    الدولة: سورية
    الهواية: المطالعة
    السيرة الذاتيه: العلم
    العمل: خادم العلم
    المشاركات: 390
    معدل تقييم المستوى : 114
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    جزاك الله خيراً أخي
    ونفعنا الله تعالى بالشيخ العارف بالله الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني "رضي الله عنه"
    نسأل الله تعالى أن يجعل ما كتبت في ميزان حسناتك...
    وننتظر منك المزيد أخي الفاضل

  3. #3
    كلتاوي نشيط

    الحاله : لؤلؤة النبهان غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Jan 2010
    رقم العضوية: 5642
    الدولة: على الارض تحت السماء
    الهواية: ارضاء الله عني
    السيرة الذاتيه: طالبة لرضاء الله
    العمل: خويدمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيدنا النبهان
    المشاركات: 197
    معدل تقييم المستوى : 100
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    نفعنا الله بسيدنا عبد القادر الجيلاني وامدنا بمدده
    جزاك الله كل خير
    [justify]
    بالله يازوار قبر الحبيب محمد
    من كان منك رائحا او غادي
    فبلغ المختار مني الف تحية
    من عاشق متفتت الكبادي
    [/justify]


  4. #4
    كلتاوي مميز

    الحاله : د.محمد نور العلي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Sep 2009
    رقم العضوية: 5441
    الدولة: سوريا حلب
    الهواية: البحث الشعر التأليف تحقيق مخطوطات
    السيرة الذاتيه: دكتور في الحديث من جامعة الأزهر
    المشاركات: 667
    معدل تقييم المستوى : 106
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور76 مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيراً أخي
    ونفعنا الله تعالى بالشيخ العارف بالله الشيخ الإمام عبد القادر الجيلاني "رضي الله عنه"
    نسأل الله تعالى أن يجعل ما كتبت في ميزان حسناتك...
    وننتظر منك المزيد أخي الفاضل
    الشكر الجزيل لك على مرورك الكريم جزاك الله خيرا
    اطّلاعك على فكر غيرك إثراء لفكرك
    احترامك للرأي الآخر هو احترام لرأيك أولا
    ليكن نقاشك للفكر لا لصاحبه
    د. محمد نور العلي

  5. #5
    كلتاوي مميز

    الحاله : د.محمد نور العلي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Sep 2009
    رقم العضوية: 5441
    الدولة: سوريا حلب
    الهواية: البحث الشعر التأليف تحقيق مخطوطات
    السيرة الذاتيه: دكتور في الحديث من جامعة الأزهر
    المشاركات: 667
    معدل تقييم المستوى : 106
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لؤلؤة النبهان مشاهدة المشاركة
    نفعنا الله بسيدنا عبد القادر الجيلاني وامدنا بمدده
    جزاك الله كل خير
    كل الشكر لك على المرور والمتابعة جزاك الله خيرا
    اطّلاعك على فكر غيرك إثراء لفكرك
    احترامك للرأي الآخر هو احترام لرأيك أولا
    ليكن نقاشك للفكر لا لصاحبه
    د. محمد نور العلي

  6. #6
    كلتاوي فضي

    الحاله : Omarofarabia غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Nov 2007
    رقم العضوية: 448
    المشاركات: 706
    معدل تقييم المستوى : 119
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    شكرا جزيلا على هذه الترجمة الرائعة الموثقة لعلم كبير من اعلام التصوف الاسلامي

    ولقد ترجم له الدكتور عبد الرزاق الكيلاني رحمه الله فكتب عن
    الشيخ عبد القادر الجيلاني - رحمه الله تعالى - كتاباً قيماً، صدر عن دار القلم في سلسلة أعلام المسلمين

    لكم كل الشكر فضيلة الدكتور محمد نور العلي ونحن بانتظار الجزء الثاني

  7. #7
    المشرف العام
    الصورة الرمزية أبوأيمن

    الحاله : أبوأيمن غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Apr 2007
    رقم العضوية: 3
    الدولة: أبوظبي
    الهواية: القراءة والتصفح
    العمر: 44
    المشاركات: 5,392
    معدل تقييم المستوى : 10
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    جزيتم خيراً دكتور محمد وبارك الله في جهودكم وأتمنى أن تكون هذه الدراسة شاملة لكل جوانب حياة سيدنا العارف بالله الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره العزيز

  8. #8
    كلتاوي مميز

    الحاله : د.محمد نور العلي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Sep 2009
    رقم العضوية: 5441
    الدولة: سوريا حلب
    الهواية: البحث الشعر التأليف تحقيق مخطوطات
    السيرة الذاتيه: دكتور في الحديث من جامعة الأزهر
    المشاركات: 667
    معدل تقييم المستوى : 106
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    اقتباس:
    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Omarofarabia
    شكرا جزيلا على هذه الترجمة الرائعة الموثقة لعلم كبير من اعلام التصوف الاسلامي

    ولقد ترجم له الدكتور عبد الرزاق الكيلاني رحمه الله فكتب عن
    الشيخ عبد القادر الجيلاني - رحمه الله تعالى - كتاباً قيماً، صدر عن دار القلم في سلسلة أعلام المسلمين

    لكم كل الشكر فضيلة الدكتور محمد نور العلي ونحن بانتظار الجزء الثاني


    شكرا جزيلا أخي على المرور الكريم والتعليق الرائع
    بالنسبة لكتاب الدكتور الكيلاني لم أطلع عليه وأرجو الحصول عليه للافادة منه وأكيد أن كل دراسة تمتاز عن الأخرى في بعض مفرداتها وأرجو إن كنت اطلعت على كتاب الدكتور أن تقارن بين الدراستين وتفيدنابما تميزت كل دراسة وذلك بعد الانتهاء من إرسال الأجزاء الباقية لهذه الدراسة . شكرا جزيلا مرة أخرى
    اطّلاعك على فكر غيرك إثراء لفكرك
    احترامك للرأي الآخر هو احترام لرأيك أولا
    ليكن نقاشك للفكر لا لصاحبه
    د. محمد نور العلي

  9. #9
    كلتاوي مميز

    الحاله : د.محمد نور العلي غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Sep 2009
    رقم العضوية: 5441
    الدولة: سوريا حلب
    الهواية: البحث الشعر التأليف تحقيق مخطوطات
    السيرة الذاتيه: دكتور في الحديث من جامعة الأزهر
    المشاركات: 667
    معدل تقييم المستوى : 106
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    اقتباس:
    المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوأيمن
    جزيتم خيراً دكتور محمد وبارك الله في جهودكم وأتمنى أن تكون هذه الدراسة شاملة لكل جوانب حياة سيدنا العارف بالله الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره العزيز


    شكرا جزيلا أخي أبو أيمن على المرور الرائع الطيب جزاك الله خيرا
    اطّلاعك على فكر غيرك إثراء لفكرك
    احترامك للرأي الآخر هو احترام لرأيك أولا
    ليكن نقاشك للفكر لا لصاحبه
    د. محمد نور العلي

  10. #10
    كلتاوي جديد

    الحاله : alrim غير متواجد حالياً
    تاريخ التسجيل: Oct 2010
    رقم العضوية: 6193
    المشاركات: 3
    معدل تقييم المستوى : 0
    Array

    افتراضي رد: دراسة منهجية لحياة الشيخ عبد القادرالجيلاني

    اسمح لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. بركة الشام العالم الرباني الشيخ أحمد الرفاعي الشهير بالحبال
    بواسطة Omarofarabia في المنتدى منتدى التراجم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17-Mar-2014, 01:42 PM
  2. مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 06-Oct-2010, 07:42 PM
  3. العلامة الشيخ الداعية محمد عوض رحمه الله تعالى
    بواسطة Omarofarabia في المنتدى منتدى التراجم
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-Oct-2010, 10:18 AM
  4. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-Apr-2010, 06:22 PM
  5. وفاة الشيخ الدكتور محمد عوض رحمه الله
    بواسطة فياض العبسو في المنتدى منتدى التراجم
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 26-Oct-2009, 07:39 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •