أمراض الشتاء
إعداد: د . محمد صفوان الموصلي
ماجستير طب الأطفال والرضّع - زميل الجمعية الطبية الأمريكية – دبي
عشنا في العام الماضي أحداث خدعة عالمية عجيبة سميت بإنفلونزا الخنازير، كانت بلا شك لأطراف عديدة مصالح في تضخيمها، وحشدت جهات عديدة للتصعيد والتصعيد بعد التصعيد، وباعت شركات أدوية أصبحت معروفة لدى جميع الناس كميات كبيرة من الأدوية والمعقمات جنت من خلالها تلك الجهات مبالغ طائلة كسرت ظهر الاقتصاد العالمي (وزادت الطين بلة كما يقولون) فوق الازمة الاقتصادية العالمية .
المشكلة أزعجت جميع البشر في الكرة الأرضية بأجملها وأربكت الجهات الطبية والجهات الوقائية ومعظم الأطباء، وشكلت حقيقة حالة طوارئ مزعجة لكل الطاقم الطبي .
يأتي الاًن الشتاء يقرع الأبواب وكل الناس لا يريدون أن يسمعوا أي شيء عن الوقاية أو عن أي شيء له علاقة بالرشح والسعال والعطاس، ولكن الرشح والعطاس والسعال هي من سمات موسم الشتاء خاصة، وممكنة في كل المواسم .
ولا بد لنا من أن نكون دائماً مستعدين لمقاومة الأمراض عامة والرشوحات وأمراض الشتاء خاصة في هذه الفترة، وذلك بالغذاء الصحي المتوازن والرياضة المنتظمة والعادات الصحية الصحيحة والوعي الصحي بشكل عام دون أن ننحدر في خندق الوهم والخوف والقلق كما حدث العام الماضي، فالحكاية تتكرر والموضوع بسيط .
مشكلة مزعجة
بادئ ذي بدء، البرد مزعج بشكل عام للكبار، ومزعج أكثر للأطفال، والأطفال الرضّع بشكل خاص والحديثي الولادة والخدج أكثر وأكثر وأكثر . ويأتي الشتاء في كل عام محملاً بمختلف الأمراض، ويصاب معظم أفراد المجتمع وخصوصاً الأطفال الصغار، وأطفال المدارس والحضانات حيث تنتشر الأمراض بسهولة أثناء العطاس أو السعال وأحياناً لمس اليد والتماسات الجسدية وغيرها من طرق الغزو والانتقال وتعد الإنفلونزا والتهاب الحلق والتهاب اللوزتين والأذن الوسطى والسعال الحاد والتهاب الرئة والربو الخ، من أكثر هذه الأمراض شيوعاً وانتشاراً .
ما أسباب الرشح؟
إن التهاب القنوات التنفسية العليا له أسباب عديدة ومن أهمها العدوى بالإنفلونزا . وقد تكون نتيجة فيروس الرشح أو ما يسمى بالحمّيات الأنفية الرينوفيروس (نزلات البرد الزكام) وتكون على شكل عطاس وسيلان الأنف وأعراضه غير شديدة، ولهذه الفيروسات أشكال كثيرة قد تصل إلى مئة نمط معروف، وهي تكثر عند الأطفال وحضانة المرض نحو يومين ويكون المريض معدياً قبل المرض الظاهري بيوم إلى 5 أيام بعد ظهور الأعراض ومن هنا يصعب تفاديه .
وقد تكون أعراض الإصابة بالبرد نتيجة فيروس البارا إنفلونزا بأنماطه الأربعة المختلفة، وقد يؤدي إلى اختلاطات مثل التهاب الرئة والأذن الوسطى .
والشكل الأشد لأمراض الشتاء هو نتيجة العدوى بالإنفلونزا (وهو النوع الذي يعطي اللقاح للحماية منه) إذ يتسبب بارتفاع درجة الحرارة مع ضعف عام شديد اًلام مفصلية وعضلية شديدة، وقد تحصل نتيجة العدوى بفيروس الإنفلونزا ضعف في المناعة يؤدي إلى الإصابة بالالتهابات الجرثومية الثانوية التالية للالتهاب الفيروسي وبشكل خاص في الجهاز التنفسي العلوي على شكل التهاب لوزتين، والجهاز التنفسي السفلي، مما قد يؤدي إلى النزلة الرئوية وبشكل خاص عند الأطفال الصغار السن أو الأشخاص المتقدمي السن ومرضى الأمراض المزمنه كالربو وأمراض القلب والكلية والكبد والسكري، وقد يصيب الجهاز الهضمي العلوي عند الأطفال مما يؤدي إلى أعراض هضمية كالقيء والألم البطني .
وللإنفلونزا ثلاثةأنواع أ ب ج والعدوى بواحدة منها لا تعطى مناعة تجاه الاًخر، والأهم من ذلك بأن هذه الفيروسات تتغير مع مرور الزمن لكي تتحايل على الجهاز المناعي البشرى وبشكل خاص النوع (أ) وعادة ما تحصل الجانحات كل 2 إلى 3 سنوات وعادة ما تبدأ الجانحة بكل مفاجئ وتصل إلى ذروتها خلال 8-12 أسبوعاً لتصيب معظم فئات المجتمع . والنمط ب في فيروس الإنفلونزا أقل شدة من النمط أ، لكنه قد يحدث معه اختلاطات مثل متلازمة راي عند الأطفال، والنمط ج واسع الانتشار ويؤدي إلى أعراض أقل شدة من النوعين السابقين .
هل لقاح الإنفلونزا ضروري للوقاية من هذا المرض؟
في تقرير نشر عن اللجنة الاستشارية الأمريكية الخاصة باللقاحات حول مدى فعالية لقاح الإنفلونزا لتقليل نسبة الأمراض والوفيات في المجتمع، وكما هو معروف علمياً ومن خلال الخبرة الطبية فإن الأطفال الرضّع دون السنة من العمر معرضون للمرض أكثر وتبين بأن نسبة دخول المستشفيات نتيجة الأمراض الصدرية والقلبية خلال فترة الشتاء (فترة انتشار فيروس الإنفلونزا) هي أعلى بكثير من باقي أيام السنة وبأن الأطفال المصابين بأمراض الصدر والربو وأمراض القلب والسكري ونقص المناعة، (المرضى عالي الخطورة قد أدخلوا المستشفيات بنسبة تصل إلى 21 مرة أكثر من باقي العينة، ومن هذه الدراسة تم استنتاج حقيقة بأن لقاح الإنفلونزا له دور فعال في حفظ الصحة العامة للمجتمع وبشكل خاص للأطفال دون السنتين والأشخاص من بقية الأعمار، (من ذوي الأمراض المزمنة والعالية الخطورة) كأمراض القلب والأمراض الصدرية المزمنة والربو وأمراض الاستقلاب كالسكري والفشل الكلوي) وأوصى التقرير كذلك بتلقيح أفراد الأسرة المحيطين بالطفل الرضيع دون السنة، لتجنب أصابتهم بالإنفلونزا لخطورتها في هذا العمر لاحتمال نقلهم العدوى إلى الطفل .
لماذا الأطفال معرضون أكثر من غيرهم لالتهابات الأذن؟
تعد الأذن الوسطى أكثر أجزاء الأذن تعرضاً للعدوى نظراً لكونها مفتوحة من خلال قناة اوستاكيوس (Austacian tube) التي تصل الأذن الوسطى بخلفية الحلق، وقد تدخل مواد العدوى عن طريق التهاب الجيوب الانفية واللوز والزكام إلى الأذن الوسطى عن طريق هذه القناة .
تبدأ أعراض التهاب الأذن الوسطى بإحساس بضغط مزعج في داخل الأذن مصحوب بألم حاد وتظهر على المصاب أعراض الحمى وارتفاع درجة الحرارة وفقدان السمع، وإذا لم تعالج العدوى فإن تراكم الضغط في الأذن الوسطى يؤدي إلى انفجارها من خلال طبلة الأذن .
وتكثر مشاهدة حالات التهاب الأذن الوسطى في هذه الايام والضحايا غالباً هم أطفال دون الخمس سنوات ويتكرر المشهد كل يوم، والطامة الكبرى في عدم تشخيص الالتهاب والاكتفاء بإعطاء مضاد حيوي لعدة أيام فقط وبجرعات قليلة، مما يؤدي إلى زيادة شدة الالتهاب وتحوله إلى انصباب سوائل داخل الأذن الوسطى، مما قد يحمل معه خطورة انثقاب في طبلة الأذن يدخل الطفل في سلسلة من المضاعفات والمشكلات الصحية.
وتكمن مشكلة التهاب الأذن الوسطى في الأطفال في عدم نضوج جهاز الأذن لدى الطفل دون الثلاث سنوات، فعمل قناة اوستاكيوس وهي القناة التي تصل الأذن الوسطى بسقف الحلق وتقوم بمعادلة الضغط الداخلي في الأذن الوسطى، وكذلك ادخال الاوكسجين اليها، حيث يكون عمل هذه القناة غير منتظم وناضج، مما يؤدي إلى فرصة انتقال الالتهاب من الحلق إلى الأذن الوسطى عبر هذه القناة، عندما يقوم الطفل الصغير بشفط الافرازات حين يمتلئ انفه بها (ويسمى بالنخر أو الشخر)، مما يجعل الجراثيم المتكدسة في الانف إلى الدخول عبر قناة أوستاكيوس إلى الأذن الوسطى، ويؤدي وجود الجراثيم في الأذن الوسطى إلى تكرار الالتهاب وبشكل خاص في حال عدم معالجتها بشكل ناجح ولفترة كافية لا تقل عن 10 ايام، حيث يتحول التهاب الأذن الوسطى إلى انصباب السائل التهابي فيها، وتترافق هذه المشكلة مع نمو الناميات (Adenoids) نتيجة تكرار الالتهاب ونشاط الجهاز المناعي الموجود داخل الانف، ليقوم بمقاومة الالتهاب ومع الوقت تكبر هذه الناميات مما يؤدي إلى انسداد الانف وصعوبة التنفس .
إن مشكلة التهاب الأذن الوسطى تكمن في تشخيصها منذ البداية وإعطاء العلاج بشكل حاسم ودقيق، حيث تتوافر أجهزة حديثة لفحص الأذن الوسطى مثل جهاز تخطيط الأذن الوسطى (Tympanometry) حيث يقوم بقياس الضغط داخل الأذن الوسطى وتشخيص وجود سائل خلف طبلة الأذن أو وجود انثقاب في الطبلة أو أي عيوب أخرى، مما يجعل التعامل مع الحالة يتم على أساس علمي، وبعض الاجهزة تقوم أيضاً بشكل مدمج بقياس السمع عند الطفل بطريقة سهلة ويسيرة (Audiometry) ويتم كذلك فحص الأذن من خلال المنظار التلفزيوني الخاص بالأذن والانف، مما يجعل تشخيص هذه الحالات سهلاً ويسيراً .
يتم علاج حالات التهاب الأذن الوسطى عند الأطفال باستخدام أدوية خاصة بالاحتقان لفترات مديدة، مع استعمال السوائل الخاصة بتنظيف الانف بشكل دوري والمستخرجة من مياه البحر، ولفترات مديدة، عدا عن أهمية اعطاء المضاد الحيوي لعشرة أيام .
هل يمكن أن يصاب الأطفال بالتهاب الرئة؟ وهل هو خطر؟
إن إصابة الأطفال بالتهاب الرئة (ذات الرئة) من الاشياء التي تشاهد في ممارسات طب الأطفال في هذه الأيام، وذات الرئة مرض خطر يستدعي الحيطة والحذر من قبل الطبيب المعالج، إذ ليس من الضروري أن تأتي الإصابة بشكل واضح في بعض الحالات، ولكن هنالك قاعدة عامة في الممارسة الطبية تحتم إجراء صورة شعاعية للصدر في حال وجود سعال لدى الطفل استمر لأكثر من عشرة أيام إلى أسبوعين للتأكد من سلامة الرئتين، واستبعاد التهاب الرئة .
وأسباب الإصابة عديدة: فقد يكون بسبب الحمّيات (الفيروسات) وهي السبب الأول والأكثر شيوعاً، أو بسبب الجراثيم وبشكل خاص الجراثيم العقدية الرئوية Streptococcus Pneumonia وهي تأتي من حيث الانتشار بعد الفيروسات(في الفئة العمرية أكثر من ست سنوات أطفال المدارس والمراهقين) وهنا تكون الاعراض حادة جداً تتسم بالحرارة الشديدة المعندة مع خوافض الحرارة، مع السعال الجاف وصعوبة التنفس والقشعريرة والإنهاك الشديد وفقدان الشهية وغالباً كل هذه الاعراض تحصل بعد أيام من إصابة الطفل بالتهاب في الحلق أو اللوزتين لم يقم الاهل بعلاجه، أو أن العلاج الذي أعطي لم يكن فعالاً بالشكل الذي يسيطر على انتشار المرض إلى الرئتين، والشيء الذي يميز التهاب الرئة وبإمكان الاهل ملاحظته هو أن التنفس يصبح سريعاً وسطحياً، بحيث يعطي انطباع بأن الطفل المريض يخشى أن يتنفس بعمق نتيجة التهاب أنسجة الرئة والألم في العضلات ما بين الاضلع، وقد يشتكي الطفل من اًلام في البطن وقد يكون بسبب الفطور والريكتسيات . وتعد المفطورة الرئوية Mycoplasma Pneumonia ، من أهم أسباب النزلة الرئوية في هذا الفئة العمرية وتكون الاعراض على شكل سعال ترفع حروري حاد وجاف معنّد مع ألم في الحلق يترافق مع صداع وارهاق عام .
لماذا تتكرر إصابة الأطفال بالتهاب اللوزتين خلال فصل الشتاء؟
إن تكرار التهاب اللوزتين موضوع مهم ويشاهد بكثرة على مدار السنة، والتهاب اللوزتين غالباً ما يكون فيروسي المنشأ، وقد يكون نتيجة الإصابات بالجراثيم كالعنقوديات وغيرها، وهنا تتميز الحالة بارتفاع حاد في درجة الحرارة وضخامة في العقد الليمفاوية تحت الفك والغدد الرقبية وغيرها .
وفي حال تكرار التهاب اللوزات القيحي فهذا يستدعي إجراء بعض فحوص الدم لاستبعاد بعض المضاعفات إذ إنه في حال تكرار الالتهاب وبشكل خاص في الفئة العمرية من 5 إلى 15 سنة فإنه قد يؤدي إلى مضاعفات قد تكون خطرة على الطفل كالتهاب القلب الروماتيزمي والتهاب الكلية والكبب الكلوية .
وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية إعطاء المضادات الحيوية في حال التهاب اللوزات القيحي، وهذا يعتمد على تقديرات الطبيب أو على إجراء مسحة للحلق واللوزات وإجراء زرع للبكتيريا إذا لزم الأمر أحياناً وفحص الدم، ويجب إعطاء الطفل المضاد الحيوي لمدة عشرة أيام مستمرة لتطهير الحلق ولمنع حدوث المضاعفات التي أشرنا إليها سابقاً .
وفي حال وجود التهاب روماتيزمي فإن هنالك بروتوكولاً خاصاً للعلاج ولا يلجأ إلى استئصال اللوزتين إلا ضمن شروط خاصة جداً، مثل تكرار التهاب اللوزات القيحي لأكثر من خمس مرات سنوياً، كذلك في حال خراجة اللوزات أو في حال وجود ضخامة كبيرة جداً في حجم اللوزتين، مما يؤدي إلى صعوبة في التنفس والبلع . ويجب الإشارة إلى أن استئصال اللوزات وحده لا يشفي من المضاعفات كروماتيزم القلب مثلاً، حيث يجب متابعة الطفل وإعطاؤه أدوية خاصة بشكل دوري وفي فترات ثابتة وإجراء فحوص خاصة تحت إشراف طبي دقيق .
* ما أسباب السعال التشنجي المتكرر؟ وهل هو دائماً يعني أن الطفل مصاب بالربو أو الحساسية الصدرية؟
يتصف الربو بنوبات من السعال التشنجي المتكرر، يزداد خلال الليل، وقد يزداد عند بعض الأطفال بعد المجهود العضلي، وتكون الإصابة بالرشح، أو التهاب الجهاز التنفسي العلوي من العوامل المؤهبة لتكرار أزماته الحادة، حيث يؤدي إلى تشنج العضلات الملساء الموجودة في الطرق التنفسية، وتورم الغشاء المخاطي، وزيادة الإفرازات المخاطية وتجمعها داخل القصبات الهوائية، مما يؤدي إلى تضيق الطرق الهوائية، وبالتالي تقل تهوية الرئتين . تختلف التظاهرات السريرية اختلافاً كبيراً بين المرضى، فبعضهم يصاب بنوب خفيفة ونادرة، وبعضهم الاًخر يصاب بنوب حادة متكررة، والنوبة عموماً سريعة الحدوث بعد التعرض للمخرشات والمؤرجات، بينما تكون بطيئة التطور بعد التعرض للانتانات التنفسية الفيروسية . تبدأ النوبة بالسعال الجاف ويزداد السعال مع شدة الحالة وقد يعبّر الأطفال الأكبر سناً عن إحساسهم بضغط على الصدر أو صعوبة بالتنفس هنالك استعداد عائلي للإصابة بأمراض الحساسية كالربو أو الأكزيما الجلدية، حيث تتكرر الإصابات في بعض الأسر بعينها وتلعب الظروف المنزلية المهيئة لحدوث الحساسية دوراً مهماً في إظهار هذا الاستعداد الارثي .
ما العوامل المواتية للإصابة بالربو؟
تكون الإصابة بالرشح أو جهاز التنفسي العلوي من العوامل المهمة لتكرار حدوث الأزمات الحادة، وكذلك فإن ارتفاع نسبة رطوبة الجو واستعمال المكيفات تلعب دوراً مهماً في زيادة فرصة التعرض للإصابة في حال وجود الاستعداد الإرثي لدى المريض ووجود المادة المؤرجة (المحسسة) والتي قد تكون كما ذكرنا سابقاً غبار الطلع، الغبار المنزلي، أو فرو الحيوانات .
معظم الأطفال المصابين هم دون الأربع إلى خمس سنوات من العمر، ولكن قد تظهر الحساسية في الجهاز التنفسي منذ الأشهر الأولى من العمر على شكل التهاب القصبات الشعري والذي يصيب الأطفال الرضّع والذي قد يتطور في المستقبل إلى حساسية صدر .
كيف يتم التأكد من تشخيص الربو؟
يعتمد تشخيص الربو على الفحص السريري للطفل والتشخيص ليس بالمعضلة وقد يلجأ أحياناً لإجراء بعض الفحوص المخبرية، بالإضافة إلى صورة شعاعية للصدر عند الضرورة، ويمكن التعرف إلى المادة التي تثير الجهاز المناعي عن طريق اختبارات خاصة، مثل الاختبارات الجلدية بالإضافة إلى اختبار راست (RAST) على مصل الدم .
ما علاج الربو؟
يعد استعمال الموسعات القصبية عن طريق الاستنشاق هو العلاج الامثل للحالات الحادة من الربو، وذلك حسب المراجع العلمية الحديثة، حيث إن إعطاء الدواء بالاستنشاق يقلل الأعراض الجانبية للموسّعات القصبية التي كانت تعطى سابقاً عن طريق الفم أو عن طريق الزرق في الوريد أو العضل أو تحت الجلد . إذ إن إعطاء الدواء عن طريق الاستنشاق وبجرعات قليلة جداً يؤدي إلى الغرض المطلوب، وهو علاج للتشنج القصبي بشكل أسرع وفي الوقت نفسه يقلل وبشكل ملحوظ الأعراض الجانبية للموسعات القصبية مثل: سالبيوتامول والألبيوترول والسالميترول، والتي قد تؤدي عند إعطائها عن طريق الفم أو الزرق إلى تسرع القلب ورجفان اليدين ونقص بوتاسيوم الدم .
وتعتمد جدوى فاعلية الموسعات القصبية عن طريق الاستنشاق على الطريقة أو الأداة التي تستعمل لإعطاء الدواء، حيث يتوافر في الصيدليات أشكال عدة، منها البخاخ والذي يستعمل من قبل الأطفال فوق الأربع إلى خمس سنوات من العمر والبالغين ويحتاج إلى تدريب على طريقة الاستعمال، حيث يحتاج إلى تزامن بين الاستنشاق وضغط البخة في الفم، وقد يلجأ في حال الأطفال الصغار إلى استعمال اسطوانة صغيرة توضع على الفم والأنف ويثبت بالجهة الأخرى منها بخاخة الدواء، حيث يقوم الأهل بضغط البخاخ بخة واحدة ويخزن الدواء في الأسطوانة والقناع ويقوم الطفل باستنشاق الدواء خلال ثوان عدة .
ويمكن استعمال جهاز البخار أو ما يسمى بالنبيوليزر للأطفال ويعد الطريقة المثلى لعلاج الأطفال الصغار بشكل خاص، حيث يتم وضع الدواء بالإضافة إلى السائل الملحي ويستنشق الدواء خلال دقائق عن طريق قناع خاص يثبت على الوجه .
وقد يلجأ إلى استعمال بعض المركبات الستيروئيدية المضادة للالتهاب عن طريق الاستنشاق، للسيطرة على بعض الحالات المتوسطة إلى الشديدة أحياناً، وهنا يراعى غسل الوجه ومضمضة الفم بعد استعمال الدواء منعاً لأي أعراض جانبية .
وقد يضطر الطبيب إلى استعمال أدوية أخرى عن طريق الفم، لكل منها فائدته الخاصة وذلك حسب شدة الحالة وتقدمها وكذلك تبعاً لكون الحالة حادة أو للوقاية من الهجمات الحادة، وذلك بإعطاء أدوية خاصة ما بين نوبات الربو الحادة . مثل مضادات الليوكوترين وتعطى عن طريق الفم على شكل حبوب، مع التأكد من احتفاظ الطفل بكامل جرعة الدواء وقد يلجأ لاستعمال بعض البخاخات التي تحتوي على المركبات الستيروئيدية المدمجة مع موسعات القصبات طويلة المدى علاجاً وقائياً للحالات الشديدة إلى المتوسطة من الربو ولفترات طويلة .
وعلاج الربو يحتاج إلى متابعة لفترة زمنية طويلة، وأكثر من 50 % من الأطفال يشفون من الربو إذا ما توافرت الظروف المناسبة من حيث المتابعة الصحية وتجنب العوامل التي تؤدي إلى تكرار النوبات، ومن أهمها تجنب دخان السجائر في البيت والحد من الغبار المنزلي وذلك بغسل أغطية الأسرة والبطانيات والستائر بشكل دوري وتنظيف الموكيت باستمرار، ومن الأفضل عدم استعماله في غرف الأطفال على الأقل ويجب استعمال أجهزة تنقية الهواء وبشكل خاص في البيئة الحارة وفي حالة استعمال المكيفات المركزية أوالسبليت يونيت حيث تقوم هذهِ الأجهزة بتنقية الهواء من الجراثيم وكل المواد العالقة، ولهذه الأجهزة أهمية خاصة في سلامة البيئة الداخلية للمنزل من المواد المخرشة والجراثيم وغيرها، وكذلك تجنب تربية الحيوانات ذات الفراء كالقطط والكلاب ويجب معالجة حالات الرشح والتهاب الجهاز التنفسي العلوي الذي يصاب عند الطفل بشكل فوري وتهوية المنزل بطريقة صحية وبشكل يومي، وكذلك انوم الجيد والطعام الصحي يساعد على الحد من هذا المرض، ولقد درجت العادة في العديد من المجتمعات العربية على استعمال الأعشاب لعلاج حساسية الصدر، فشاي الأعشاب علاج فعال لحساسية الصدر، ونشير هنا إلى نوعين من الأعشاب: عرق السوس Licorice) (ويساعد هذا النبات على تطرية المخاط وطرده للخارج مما يساعد على تحسين حالة الربو المصحوب بسعال أو التهاب بالشعب الهوائية . ولهذ الغرض يؤخذ كمية من جذور عرق السوس وتقطع إلى أجزاء صغيرة ثم تغلى في الماء لمدة 10 دقائق، ثم تحفظ في زجاجة ويؤخذ منها ملعقة صغيرة قبل كل وجبة طعام يوماً بعد الاًخر لمدة 6 أيام، وحبة البركة حيث يأخذ الطفل ملعقة صغيرة من زيت حبة البركة على الريق ولا يأكل أو يشرب بعدها لمدة ساعتين، ويكرر العلاج إلى أن تتحسن الحالة وعسل النحل، ولتحاول الأم أن تجعل طفلها يقبل على تناول عسل النحل، لأنه يساعد أحياناً على الشفاء من حساسية الصدر، وتفسير ذلك يرجع إلى احتوائه على حبوب اللقاح التي تختلط به أثناء تجهيزه ،مما يزيد من مناعة الجسم تجاه هذه المادة لزيادة تكوين أجسام مضادة لها، فمن المعروف أن حبوب اللقاح الموجودة في الهواء تتسبب في حدوث حساسية بالصدر عند بعض المرضى . ولا يجوز إعطاء العسل للأطفال أقل من سنة واحدة بسبب عدم اكتمال نضج الأمعاء في هذه السن المبكرة، ولعدم إثارة الجهاز المناعي بشكل مبكر لهذه المادة .
المفضلات