سنة الله تعالى في ابتلاء المؤمنين

الشيخ نعيم عرقسوسي





إن الذنوب والمعاصي و ما يحدثه البشر من أحداث تخالف منهج الله تعالى المرسوم لهذا الكون هي السبب الأكبر فيما يصيب الأمم والشعوب من شرور ونكبات .

فإن الله تبارك وتعالى وضع سنناً و أجرى قوانين كونية لا تتخلف ، تسري أحكامها على المجتمعات البشرية كلها في كل زمان ومكان قال تعالى في سورة فاطر ( هل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً ) .

والمجتمعات الإنسانية تنقسم إلى قسمين : إما مجتمعات كافرة خارجة على أحكام الله وتشريعاته ، وإما مجتمعات مؤمنة طائعة تنفذ أوامر الله وتسير في هذه الحياة على هداه .

و قد يعطي الله المجتمعات الكافرة ما تريده في دنياها من المال والرفاه والتقدم ، ويكون ذلك فتنة لها واستدراجاً للعذاب المهلك ، قال تعالى في سورة الأنعام ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) .

والمجتمعات المؤمنة العاصية - التي تخالف سنة الله تعالى التي أقامها في الدنيا و الآخرة و هي أن الدنيا دار امتحان وعمل ، والآخرة دار الأجر والجزاء - يؤدبها الله في الدنيا بالمصائب والمحن والنوازل لتتذكر وتعود إلى طاعة ربها ، لأن كشف الضر وتفريج الكروب بيده وحده .

فإذا وقرت هذه الحقيقة في ضمير الأمة المؤمنة فينبغي عليها التوبة والرجوع إلى هداية ربها ، وبقاؤها على حالة العصيان والتمرد على منهج الله عزوجل رغم المصائب ودروس التأديب دليل على قساوة القلب وانطماس البصيرة ، وذلك بفعل وسوسة الشيطان وزخرفته ، قال تعالى في سورة الأنعام ( فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزيَّن لهم الشيطان ما كانوا يعملون ) .

فلذلك لا يخرج الأمة مما هي فيه إلا باللجوء إلى الله والضراعة بين يديه ، فهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ولكن بشرط الاستجابة لأوامره واتباع منهجه ، وهذه سنة كبرى من سنن الله تبارك وتعالى التي يُعامل بها المؤمنين العاصين من عباده ، قال تعالى في سورة الأنعام ( ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ) وقال عزوجل في سورة البقرة ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعانِ فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) .