الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة والتسليم على سـيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
أيها الأخوة المؤمنون :
هنالك موضوع دقيق ويمسنا جميعاً ، ولكن قبل أن أمضي في الحديث عنه ، رأيت من المناسب أن أقدم له مقدمة ، ذلك أن المؤمن آمن بأنه لا إله إلا الله وهذه كلمة التوحيد ، ومـا عرفت العبيد أفضل من التوحيد ، وآمن أن محمداً رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، رسول الله أي لا ينطق عن الهوى ، كلامه لا علاقة له لا بثقافته ، ولا بتجاربه ولا بخبراته ، ولا بمعطيات عصرِه ، ولا بثقافة الدول التي حوله كلامه وحي من الله ، هذا هو الإيمان .
(سورة النجم : 3 ـ 4 ) .
ثلاثة أنا فيهن رجل ، هذا كلام سيدنا سعد بن أبي وقاص ، وفيما سوى ذلك أنا واحد من الناس ، مِن هذه الثلاثة ، ما سمعت حديثاً عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا علمت أنه حق من الله تعالى .
في قلوبنا إيمان ، أنت حينما تؤمن أن هذا الكلام كلام الله ، إذاً كل علم الله ، وكل حكمة الله ، وكل خبرة الله ، وكل رحمة الله ، وكل عدل الله كل هذا في كلامه ، وإذا آمنت أن هذا الكلام كلام رسول الله ، إذاً هو وحي من الله ، وحي غير متلو ، هذا هو الفرق بين المؤمن وغير المؤمن ، غير المؤمن يرى كلام النبي كأيّ كلام ، يعرضه على عقله يقبل بعضه ويرفض بعضه الآخر ، يظنه كلام بشر ، لا تجعلوا دعاء الرسول كدعاء بعضكم بعض ، لا تفكر أن النبي إنسان عادي ، يتكلم من عنده .
(سورة الأنعام : 50 ) .
يتبع الوحي ، والوحي كلام الله ، أو المعاني التي ألقيت في قلب رسـول الله ، إذا تكلم من غير القرآن فكلامه وحيٌ غير متلو ، هذا التمييز هو من بدهيات الإيمان ، أنت حينما تعرض عليك قضية قطع فيها النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهذه القضية إذا كنت مؤمناً إيماناً حقاً غير قابلة للبحث ، الآية الكريمة .
(سورة الأحزاب : 36 )
ليس لك اختيار ، هذا حكم الله ، كلام النبي من عند الله ، وحي غير متلو ، لا ينطق عن الهوى ، وعلة كلام النبي أنه كلام النبي ، سبب اتباع النبي أنه كلام النبي ، لأنه وحده المعصوم والقاعدة كما تعرفون النبي معصوم وحده ، بمفرده ، وأمته معصومة بمجموعها ، أتمنى أن أستزيد في هذا المجال ، يعني أنت كمؤمن إيماناً دقيقاً ، إيماناً كاملاً ، إيماناً متقناً ، إن سمعت كلام رسول الله تقبل على تطبيقه بكل طمأنينة ، وبكل ثقة ، لأنه من عند الله عز وجل .
ثم إن هناك أحاديث كثيرة جداً صنفها العلماء تحت باب دلائل نبوة النبي ، يعني قد تجد حديثاً لا يمكن للعلم أن يكشف حقيقة معناه في عهد رسول الله لكنه الآن توافق مع العلم ، فهذا من دلائل نبوة النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن تؤمن برسول الله ، يجب أن تؤمن أنه يأتيه الوحي من عند الله ، يجـب أن تؤمن أنه معصوم ، لا يخطئ ، لا في أقواله ، ولا في أفعاله ولا في أحواله ، ولا في صفاته ، يجب أن تؤمن أن الله أمرك أن تأخذ عنه ، ما صح من كلامه ، يجب أن تؤمن أنه أحرص الخلق عليك .
(سورة التوبة : 128 ) .
يجب أن تؤمن أن النبي أولى بالمؤمن من نفسه ، وأرحم به من نفسه ، لأنه يمثل كمال الله عز وجل ، ولكن الناس يقدسون النبي تقديساً شكلياً ، أما أن يأخذوا كلامه على أنه وحي غير متلو ، أما أن يأخذوا كلامه على أنه حق ، صرفٌ لا شائبة فيه ، فقليل ما هم ، وهناك مـن يتهم السنة الآن اتهاماً شنيعاً ، على أنها تمثل مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي ولا تصح لهذا العصر ، هناك من يقول هذا الكلام .
وبعد ، فموضوع الدرس اليوم أيها الأخوة :
فضائل الشام .
ونحن في الشام ، يعني قبل أن أمضي في الحديث ، فضائل الشام قد تقول : البيوت غالية هنا ، رغم أن أسعار البيوت غالية فالشام لها فضيلة قد تقول : يوجد بطالة ، فعلاً عندنا بطالة ، ونعاني من شح المياه ؟ أجل لدينا شح مياه ، يعني حينما أقول لك فضائل الشام لا أنفي عنها بعض المشكلات التي تعاني منها أكثر البلاد تقريباً ، ولكن إذا قال لك النبي عليه الصلاة والسلام : إن فضل السكن بالشام فضل كبير ، ماذا تفعل ؟ يجب أن تغتبط بأنك من سكان الشام ، يجب أن تسعد ، على الرغم من كل ما ترى من خشونة العيش أحياناً .
إذا أنت وازنت حياة طالب بالجامعة عنده ساعات دوام طويلة جداً ، وأساتذة متعبين ، يحضر دكتوراه دولة ، وعنده تقريباً 200 مرجع وعليه أن يتقدم بأطروحة فيها إبداع ، وسوف يَمْثُل أمام الأساتذة ، وسوف يحْرجونه ، حتى يشخب دماً ، وازن مع حياة إنسان ينام إلى الظهر ويأكل ما لذ وطاب ، ويذهب إلى السينما ، وإلى الملاهي ، ومع أصدقائه يلعب النرد والورق حتى منتصف الليل ، وينام طويلاً حتى الظهر ، فهذا كما يبدو للوهلة الأولى مرتاح ، لكن مستقبله مظلم ، وأمامه السبل مغلقة ، وغده قاتم .
حياة الاسترخاء والفسق والفجور ليس لها مستقبل أبداً ، ترى بلاداً جميلة جداً ، متميزة عن كل البلاد ، كل شيء ميسر فيها ، لكن الطريق إلى جهنم سالك هناك ، يعني الزنى على قارعة الطريق ، هناك من يفتخر أنه شاذ جنسياً ، والله ذكر لي أخ أن مسيرة جرت في أمريكة ضمت خمسة ملايين شاذ يطالبون بحقوقهم ، أفخم مسيرة بالعالم خمسة ملايين شاذ، ساروا في مسـيرة ورفعوا لافتات ، ولهم مندوبون قابلوا المسئولين ، وطالبوا بحقوقهم بلادهم خضراء جميلة ، مواصلات مريحة ، أبنية فخمة ، حاجات مؤمنة لكن الطريق سالك إلى جهنم ، قد تجد متاعب في بلدٍ نامٍ وأكثر البلاد النامية هكذا ، لكن فيها شيء اسمه دين ، و يرفع فيها الأذان ، وَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ لو حرمتم نعمة الأذان لشعرتم بوحشة .
أخ من إخواننا مقيم في أمريكة ، قال لي عندكم حرارة في العلاقات الاجتماعية ، وودّ ، وروحانية ، لديكم سهرات ممتعة جداً ، تجليات ، سرور أما لو وازنّا بين ما يعانيه الإنسان بالنسبة لبلد متقدم وغني جداً ، وبين بلادنا وما فيها من علاقات حميمة لوجد الفرق كبير إذاَ حاول أن تبحث عن الإيجابيات والسلبيات تجد نفسك مرتاحاً ، العمر قصير لا يحتمل أن يستهلك في موضوعات تافهة ، لا يحتمل أن يستهلك في موضوعات جانبية ، أنت مخلوق لهدف كبير ، فأنت عندك امتحان مصيري ، وتعلق عليه أهمية كبرى ، أن تحقق نجاحك ، وبعد النجاح وظيفتك الراقية ، وبعد الوظيفة الزواج ، ولكن فرضاً بين الامتحانان دخلت لمطعم أكلت شطيرة فما أعجبتك وانزعجت ، فقضية شطيرة ما أعجبتك يعني الإيدام فيها قليل ، والخبز جافر ، فهل هذا يؤثر على أهدافك الكبرى ؟ أما إذا كان طالب طبعاً ينزعج جداً من الشطيرة السيئة ، فإنه يدع الامتحان ويندب حظه فهذا سخيف العقل والنظر ، أما الآخر فقد بدع بالامتحان وتفوق ونجح ، فإن آماله الكبرى التي يعلقها على نجاحه تنسيه كل متاعب الجامعة ، إن الإنسان العاقل له هدف كبير هذا الهدف الكبير ينسيه كل السلبيات ، ينسيه كل الجزئيات ، قد تجد إنساناً أسعد الناس وهو في بلد غير متقدم بلد فيه متاعب ، لكن أهدافه محققة كلها ، فالمؤمن إذا سكن في بلد أثنى عليه النبي فسيلاقي خيراً كثيراً ، فمثلاً هذا الاجتماع نادر وجوده في بعض البلاد ،دروس علم يحضرها المئات بينهم التراحم ، المودة ، والعطف ، والإخاء ، هذا هو العيش .
ذهب شاب من بلادنا إلى فرنسا ، فقابل شاباً فرنسياً مهموماً ، فسأله عن حاله فقال : أريد أن أقتل أبي . فسأله : ولمَ ؟ قال : أحب فتاة فأخذها مني . هذا نوع من علاقات الآباء والأبناء في تلك البلاد التي رفعت رايات التقدم والرخاء .
كذلك أم في أمريكا (وهذه القصة سمعتها لما كنت في أمريكا ، وقعت وأنا هناك ) بكى أولادها ذات ليلة ، فقال لها زوجها : نامي عندهم وأسكتيهم ، وفي اليوم التالي أركبتهم بسيارة ، وعند منحدر يشرف على بحيرة كبيرة أطلقت العنان للسيارة ، ورمت بنفسها خارج السيارة ، فسقط الأولاد في البحيرة وماتوا ، من أجل أن تنام مع زوجها في الليلة التالية ، بينما عندنا الابن أمانة عند والديه ، والوالدان مقدسان عند الأبناء ، والترابط الأسري حميم ، همّ الأب الأول أن يزوج أولاده ، همه الأول أن يطمئن على أولاده ، هم الأم الأول أن تزوج بناتها ، فمجتمعاتنا لها ميزات كثيرة جداً ، لا يعرفها إلا من فقدها ، وهذا كله تمهيد .
لأن النبي عليه الصلاة والسلام في عدة أحاديث صحيحة ، وهو لا ينطق عن الهوى ، يقول :
عن زيد بن ثابت رَضِي اللَّه عَنْه قال : كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقع إذ قال : طوبى للشام قيل له : ولم ؟ قال : إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم .
[ أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والروياني في مسنده وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه ]
وفي بعض الأحاديث طوبى لمن له فيها مربط شاة ، أي بقدر نصف الطاولة لمن له فيها مربط شاة ، يعني مكان يؤوي شاة.
عن عبد الله بن حوالة أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ستجندون أجنادا ، جندا بالشام ، وجندا بالعراق ، وجندا باليمن قال : فقمت فقلت خر لي يا رسول الله ـ يعني اليمن أم العرق أم الشام ـ قـال : عليك بالشام ، فإن الله عز وجل تكفل لي بالشام وأهله .
أخرجه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم ] ]
قال : ربيعة فسمعت أبا إدريس يحدث بهذا الحديث يقول ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه .
يعني إنسـان في هذا البلد الطيب بآخر الزمان قد يجلس بمجلس علم يشعر براحة ، بطمأنينة ، باستقرار ، يشعر بأن الطريق إلى الجنة سالك يشعر أن الله راضٍ عنه ، طبعاً هذا المستقيم ، وليس كل واحد بالمدينة صار مغطى بهذا الحديث ، بل أهل الاستقامة والصلاح هم المقصودون .
بالجامعة الطالب المجتهد المتفوق ينال كل ثمرات هذه الجامعة ، أما إذا كان فيها طالب كسول فما له من ثمرة أبداً ، إذاً طالب العلم المتفوق يقطف ثمار الجامعة كلها .
ومن تكفل الله به فلا ضيعة عليه ، وهو حديث صحيح أخرجه الحاكم وأحمد وأبو داود .
هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام وهو لا ينطق عن الهوى ، ما كل شيء يثني عليه النبي ، ينبغي أن يضم كل ماديٍ جميلٍ لا ، فمثلاً قد تدخل إلى جامعة غرفها عادية ،كذلك محتوياتها بسيطة ، لكن تمنحك دكتوراه ، بينما إذا دخلت لملهى ففيه كل فخم ، ثريات ورخام ، مقاعد وثيرة ، لكنه ملهى ، آخرته لجهنم ، فما كل شيء يمتع العين هو الحق .
ذات مرة شخص قال لي : أنا عملي قذر ، والمكان الذي التقيت به فيه فخامة لا تصدق ، قال لي عملي قذر ، في اليوم التالي سبحان الله أصلحت مركبتي عند أخ وكان الوقت شتاءً ، يلبس (أفرول) أصله أزرق ومن كثرة الشحم والطين صار لونه أسوداً ، فك البواط وصَلَّحه ، رجعه أخذ سعراً معتدلاً ، وعمله متقن ، خطر ببالي كلام الإنسان البارحة ، يعني أن عملي قذر ، قلت والله هذا عمله نظيف ، مع أن الفخامة هناك لا تصدق ، فخامة الغرفة التي جلست فيها تفوق حد الخيال ، وخشونة دكان هذا المُصَّلِح لا تحتمل ، الخشونة ، زيت وشحم ومطر وأفرول ، الأول عمله قذر ، لكنه في طاعة الله ، بينما الآخر في معصية الله ، والمفارقة واضحة .
هناك ملهى بلبنان تكلفة الصالة 30 مليوناً ، شيء فخم ، لكنه مكان للقمار ، وإليكم هذه الأبيات التي تصف هذا الملهى وأمثاله :
هو الداء الذي لا برء منه وليس لذنب صاحبه اغتفار
تشاد له المنازل شاهقـات وفي تشييد ساحتها الـدمار
نصيب النازلين بـه سهاد وإفلاس فيأس فانتــحار
أماكن القمار فخمة جداً ، الملاهي فخمة جداً ، أما المدارس خشنة جداً ، والجامعات أبنية عادية ، لا تدفئة ، ولا تكييف ، ولا في سجاد ، فقط سبورة وأستاذ ومقاعد ، ليس فيها ضيافة ، العبرة ليس بما يمتع العين ، العبرة بالنتائج .
عن عبد الله بن عمر رَضِي اللَّه عَنْهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام .
[ أخرجه الحاكم ]
يأتي زمان الفتن التي تنبأ بها النبي عليه الصلاة والسلام بوحي من الله عز وجل ، وإن بين يدي الساعة أموراً شداداً وزماناً صعباً ، يمسي الرجل مؤمنا ويصبح كافراً ، يصبح مؤمناً ويمسي كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ، في زمن الفتن أفضل مكان هو الشام ، وهذا الشيء ملموس ، يعني والله في رمضان تشعر أن هناك عرساً بالشام فالناس قبيل العشاء بالطرق إلى المساجد ، في بلاد أخرى كل الناس أمام التلفاز ليتابعوا مسلسلات مضحكة ، بعد العشاء يدعون صلاة التراويح ليتابعوا التمـثيليات ، بينما بالشام والحمد لله يعني آلاف مؤلفة يتجهون إلى المساجد ، ألا إن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام ، إذا وقعت الفتن ، إذا رأيت شحاً مطاعاً ، وهوى متبعاً ، و إعجاب كل ذي رأي بريه فالزم بيتك ، وأمسك لسانك ، وخذ ما تعرف ، ودع ما تنكر وعليك بخاصة نفسك ودع أمر العامة ، فالإيمان إذا وقعت الفتن بالشام .
لدينا ملاحظة بسيطة ، إنسان بأمريكا سمع هذه الأحاديث ترك أمـريكة ورجع إلى الشام ، فبالشام إذا اجتهدت تجد الخير الكثير ، كما تجد فيها دروس علم ، صلاحاً ، حياءً ، أدباً ، بقية دين تسعد أنت وأولادك وتحافظ على دينك ، راحتك سلامة مستقبل أولادك .
إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام .
عن أبي ذر رَضِي اللَّه عَنْه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشام أرض المحشر والمنشر.
أخرج أحمد وابن ماجة وابن مردويه ] .]
يعني المحشر في الشام آخر الزمان ، النبي أخبر عن قيام الساعة وعن نزول سيدنا عيسى ، وعن ظهور المهدي ، وكلها بأحاديث صحيحة وهذا كله يحدث بالشام ، أرض المحشر والمنشر .
وحديث خامس .
عن أبي هريرة رَضِي اللَّه عَنْه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن تبرح هذه الأمة منصورين أينما توجهوا .
يعني هذه الأمة التي ارتضى لها الله دينها منتصرة إن شاء الله ، وهذه نقطة مهمة جداً ، قال الله عز وجل :
(سورة النور : 55 ) .
في الآية معنى دقيق جداً " وليمكنن لهم دينهم " أي دين ؟ " الذي ارتضى " الآن لو كان دين بعض المسلمين لا يرتضيه الله فلن يمكنوا في الأرض ، استنباط عقلي ، فإذا لم يمكنوا ، ماذا نستنبط ؟ أن دينهم لا يرتضيه الله عز وجل ، إذا مكنوا فدينهم قد ارتضاه الله لهم ،فالمسلمون اليوم ليسوا على ما كان عليه أصحاب رسول الله وليسوا على ما جاء به النبي ، ليسوا ممن استمع القول فاتبع أحسنه .
" لن تبرح هذه الأمة منصورين أينما توجهوا ، لا يضرهم من خذلهم من الناس حتى يأتي أمر الله ، أكثرهم أهل الشام .
يعني إذا أردنا أن نوسع الدائرة ، فالشام واسعة لاتعني دمشق فقط ، أوسع من دمشق ،أي أهل الشام جغرافياً وتاريخياً .
عن عبد الله بن عمر رَضِي اللَّه عَنْهما قال : صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر ثم أقبل على القوم فقال : اللهم ! بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مدّنا وصاعنا .
نحن في سورية قبل خمس سنوات كان إنتاجنا من القمح 3 ملايين طن ، استهلاكنا مليون ، ثلاثة أمثال حاجتنا ، مرت سنوات كان الإنتاج فيها260 ألف طن ، ثلث حاجتنا ، ما معنى اللهم بارك لنا في مدّنا وصاعنا ؟ يعني أن الله عز وجل إذا أعطى أدهش ، منطقة شمال شرق سورية تنتج 3 ملايين طن سنوياً ، وقد ينخفض الإنتاج إلى 250 ألفاً ، أحيانا ثلاثة أمثال حاجتنا وأحياناً ثلث حاجتنا ، هذا معنى بارك لنا.
مرة سمعت أنهم بغوطة دمشق ضّمنوا المشمش وكان الإنتاج واسعاً وفيراً ، فبيع بسعر خمس ليرات ، من كثرة الإنتاج ، وغزارة الفواكه ، اللهم ! بارك لنا في مدينتنا وبارك لنا في مدنا وصاعنا ، اللهم ! بارك لنا في حرمنا وبارك لنا في شامنا ، هذا كلام النبي عليه الصلاة والسلام ، سافرت إلى عدة بلاد ، وأكثر من التقيت بهم يقولون : الشام لها طعم خاص ، فمثلاً طلاب العلم ، عندهم مصر ، والسعودية ، والشام ، يفضلون الشام ، سألتهم مرة والسبب ؟ قالوا الدين عميق فيها وعندكم روحـانية ، كلام دقيق ، عمق بالدين ، روحانية ، لذلك أكثر طلاب العلم ، يؤثرون الشام .
مرة كنا في ميتم ، دعينا إلى تناول طعام الإفطار في رمضان ، لفت نظري أن الطعام إعداد بيتي ، نفيس جداً ، وليس أكل مطاعم ، فسألت قالوا أكثر من ثلاثين أسرة تنافست في تقديم الطعام للأيتام كل يوم برمضان ، تتنافس الأسر لتقديم الطعام للأيتام فالأسر تهتم بطلاب العلم والأيتام ، يطعمونهم أطيب الطعام في رمضان .
عن عبد الله بن عمر رَضِي اللَّه عَنْهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي فأتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ، ألا وإن الإيمان إذا وقعت الفتن بالشام .
عن سالم بن عبد الله عن أبيه رَضِي اللَّه عَنْه قال : قال عليه الصلاة والسلام : ستخرج عليكم في آخر الزمان نار من حضر موت تحشر الناس فقالوا يا رسول الله أيما تأمرنا ؟ قال عليكم بالشام .
[ أخرجه الإمام أحمد والترمذي وصححه وابن حبان ] .
فالمقصود بالأحاديث مساجد الشام ، والعلماء فيها ، والمعاهد الشرعية ، والأعمال الطيبة التي في الشام ، رغم أن الإنسان قد يجد دور لهو وأماكن لا ترضي الله ، لكن المقصود خير هذه البلاد مساجدها ودور العلم فيها .
عن بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت : يا رسول الله أين تأمرني قال ها هنا . ونحا بيده نحو الشام .
[ أخرجه الترمذي وأحمد ] .
والحديث العاشر .
عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن فسطاط المسلمين ـ والفسطاط المدينة التي فيها مجتمع الناس وكل مدينة فسطاط ، وكذلك الخيمة الكبيرة فسطاط ـ فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام .
أخرجه أبو داود والحاكم ] .]
والحق أنني لا أحتاج إلى شرح أكثر مما سمعتم فكلكم يعلم بركة هذا الدين في هذه البلدة الطيبة .
مرة أخ مصطاف من بلد عربي ، من الحجاز فيما أعتقد ، صلى الفجر عندنا ، وصلى الظهر كذلك ، وحـضر درس الأحد والسبت والاثنين ، كان متعلقاً بالدروس ، وحصل تعارف بيني وبينه ، زارني بالبيت فأنـا عندي عقد قران ، قلت له أتذهب معي ؟ قال : يا لطيف وانتفض ، وكأنني دعوته إلى معصية ، قال أبداً لا أذهب ، قلت له لماذا ؟ لن أحضر مثل هذه الاحتفالات ، قلت : لا يجري فيها إلا ما يسرك ، كلمة القيها ، مع ابتهالات دينة وتوزيع بوظة ، قال : فقط ! قلت له : فقط . فلما ذهب معي فوجئ ، إذ سمع قصيدة عن أسماء الله الحسنى بصوت عذب ، وألقيت كلمة ، ووزعوا بوظة ، قال لي : شيء رائع جداً ، كنت أظن أن الحفل يضم نساء ورقص وراقصات ، قلت له أعوذ بالله ، في كل عقود القران بالشام كلمات تلقى ، ومـديح لرسول الله ،من دون أية معصية لكن بغير بلاد الشام يجب أن يكون هناك رقص ، ونساء ، واختلاط ..إلخ ، فيبدو أن هذا الأخ ورع وصاحب دين ، فلما ذهب دهش ، وقال : والله شيء جميل ، فهذا من فضائل هذه البلدة ، أن عقود القران دعوة خلاصتها دعوة إلى الله ، بما فيها من مدائح وكلمات واعظة .
أخ دعاني إلى احتفال ما المناسبة ؟ قال لي سيارتي سرقت ثم وجدتها ، فعملت مولد ، دعا عدة علماء ألقوا كلمات ، شيء جميل جداً هناك دعوة إلى الله قائمة بذاتها في غير المساجد ، في عقود القرآن هذا كله من فضائل هذه البلدة .
الحديث الحادي عشر .
عن أوس بن أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ينزل عيسى بن مريم عند المنارة البيضاء في دمشق .
[ أخرجه الطبراني ] .
سيدنا عيسى سينزل ، وهذا الحديث يشير إلى أنه سينزل بالشام ، وفي حديث آخر .
عن قرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم .
أخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن ماجه وابن عساكر ] .]
والعياذ بالله عمَّ الفساد كثيراً من البلاد ، ولكن بعض الأماكن في الشام وهذا قليل نسبته ، يفاجأ الإنسان أن فيها نساء كاسيات عاريات ، مائلات مميلات ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم . لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الناس لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة .
الحديث الرابع عشر والأخير .
عن سلمة بن نفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عقر دار الإسلام بالشام .
رواه الطبراني ورجاله ثقات ] .]
هذه الأحاديث تفيد أن النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أثنى على هذه البلدة الطيبة ، وهـناك دلائل كثيرة جداً على فضل أهل هذه البلدة ، ودلائل كثيرة على أن الله قد حفظها ، من الفتن ، وجعلها آمنة مطمئنة وأرجو الله عز وجل أن يديم فضله علينا .والحمد لله رب العالمين
المفضلات