وقفة إجلال واقتداء في ذكرى ميلاد المصطفى صلى الله عليه وسلم
ما في الوجود بأسره أعظم ولا أفضل ولا أكمل من شخصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو الرحمة المهداة للعالمين جميعاً كما قال ربه تبارك وتعالى ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) .
فلقد استجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم العظمة من جميع أطرافها ، وحاز من الكمالات ذروتها ، حتى قال عن نفسه بكل تواضع واعتراف لله بفضله الغامر عليه : ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ) .
و هذا ما جعل عظماء العالم وكبار قادته قديماً وحديثاً يعترفون ويقرون بفضل وتميز شخصية رسول الله عليه الصلاة والسلام ، و إليك بعضا من هذه الشهادات :
ــ فقول هرقل وثناؤه على رسول الله أمام أبي سفيان ثابت بالنقل الصحيح .
ــ وقال بسمارك القائد الألماني الشهير : ( يا محمد أنا متأثر جداً إذ لم أكن معاصراً لك ، إن البشرية رأت قدوة ممتازة مثلك مرة واحدة في التاريخ وأنا أُعظِّمُك بكمال الاحترام ) .
ــ وقال الفيلسوف والمؤرخ الأمريكي صاحب كتاب قصة الحضارة ويل ديورانت ( إذا حكمنا على العظمة بما للعظيم من أثر في الناس قلنا : إن محمداً هو أعظم رجال التاريخ ) .
و لذلك فقد حُق لرسولنا الأعظم صلى الله عليه وسلم أمام المآثر الجليلة التي قدمها للبشرية على توالي العصور أن يحبه الناس أجمعون ، بل أن يحبه الخلق كلهم في هذا الوجود ، وأن يكون حبه من أركان الإيمان و عراه ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أنت يا رسول الله أحب إلي من ولدي ووالدي والناس أجمعين إلا من نفسي ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تؤمن حتى أكون أحب إليك من ولدك ووالدك والناس أجمعين ومن نفسك التي بين جنبيك ، فقال له عمر : والله يا رسول الله أنت أحب إلي من ولدي ووالدي والناس أجمعين ومن نفسي التي بين جنبي ، فقال له رسول الله عليه الصلاة والسلام : الآن ) أي الآن تمَّ إيمانك .
فحبُّ النبي صلى الله عليه وسلم به يشعر المؤمن ويتذوق حلاوة الإيمان كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( ثلاث مَن كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما ..... ) .
و لذلك وجب علينا أن نسأل أنفسنا بصدق و تجرد ، هل نحب رسول الله عليه الصلاة والسلام ؟ وما هو دليل هذا الحب في حياتنا ؟و ما هي أمارته و علاماته ؟أم أنه دعوى عريضة تفتقر إلى الحقيقة المجردة ؟
إن الحب الحقيقي الذي يعرفه القاصي و الداني يقتضي الاقتداء والاتباع والسير على خطى المحبوب ، و يقتضي الشغف به و الشوق إليه و العمل على بلوغ رضاه و نيل محبته .و أما ما عدا هذا فما هو إلا زعم و افتراء لا رصيد له و لا قيمة .
و خير من ترجم محبة النبي صلى الله عليه وسلم و أقامها واقعا في حياته و عملا في سلوكه و حقيقة في فكره إنما هم خير الأجيال بعد النبيين ، فلقد ترجم الصحابة الكرام حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم اتباعاً صادقاً ، وفداءً وتضحية نادرين , فإذا أردت أن تتعلم حب النبي صلى الله عليه وسلم كما أراده الله تعالى فانظر في حياة الصحابة الكرام و اعجب ما شاء لك العجب من صدق محبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم و تعلم منهم أسس هذه المحبة و أركانها و علاماتها .
الشيخ نذير مكتبي
المفضلات